+ A
A -
تحقيق – آمنة العبيدلي
لا تزال شبكة الانترنت تقحم في لغات الشعوب مصطلحات وتراكيب لغوية جديدة لم تكن معروفة أو مألوفة من قبل، ولم تسلم لغة من اللغات من هذا الأمر، لكن اللغة العربية هي التي تحظى بالنصيب الأوفر من الضرر الذي لحق بها، جراء استخدام الشباب العربي لهذه المصطلحات الجديدة حتى لو كان البديل العربي موجودا من قبيل التظاهر والمباهاة، وتؤكد دراسات عديدة أن أكثر من ألفي كلمة ومصطلح غير عربي فرضها التعامل مع الانترنت على مستخدميه، حتى ظهرت في العالم الافتراضي وأخذت تتسلل إلى عالم الواقع لغة جديدة تسمى «الفرانكو أراب»، وهي تتكون من اللغة العربية واللغة الانجليزية.
وللإنصاف لم تدخر المؤسسات التعليمية والمجامع اللغوية جهدا في سبيل الحفاظ على اللغة العربية، غير أن التيار شديد، ومع ذلك يبقى الأمل دائما موجودا، وفي هذا التحقيق تقوم «الوطن» باستطلاع آراء عينة من الجمهور حول ما إذا كانت اللغة العربية مهددة بالفعل من جراء الانترنت أم لا، ثم لماذا الإصرار من الشباب على استخدام مصطلحات أجنبية لها مقابل عربي.
في البداية قال السيد جابر الشاوي: لا أرى مبررا أبدا لتجاهل لغتنا العربية، وأرفض استخدام مصطلحات أو أسماء غير عربية طالما لها البديل العربي، فمثلا كلمة موبايل كلمة إنجليزية لها بديل عربي هو جوال أو متحرك، فلماذا لا نستخدم كلمة جوال، وكلمة انترنت لها الترجمة العربية شبكة، وكثيرون يطلقون على الإنترنت الشبكة، كما أنني لا أفعل مثل البعض باستبدال الحروف العربية بأرقام إنجليزية.
وعن مواجهة هذه المشكلة قال: أرى من الضروري أن تعقد مجامع اللغة العربية في الوطن العربي اجتماعا وتشكل لجنة مشتركة من كبار أساتذة وعلماء اللغة ووضع معجم جديد يتضمن الكلمات الجديدة التي ترقى إلى جمال اللغة العربية، لأننا نخشى أن ينشأ لدينا جيل لا يستطيع كتابة اللغة العربية، وأعتقد أنه موجود أو على الأقل بدأ يتكون، وأرى أن من واجبي الحفاظ على لغتي الأم، وأن أجبر المتواصلين معي على استخدامها، وبالتالي لا أرد على أي محادثات أو مناقشات عبر الإنترنت مكتوبة بلغة الفرانكو.
وقال السيد راشد الأسود: مهما تدخل إلى اللغة العربية مصطلحات جديدة لا أخشى عليها من الانقراض أو الاندثار لأنها لغة القرآن الكريم الذي تعهد الله بحفظه فقال: «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، أما لماذا الإصرار على استخدام مصطلحات الانترنت فنحن لم نتعمد تجاهل اللغة العربية أو أن هذا الاستخدام للمصطلحات الجديدة بهدف الإضرار باللغة العربية، ولكن من باب السهولة والسرعة في الكتابة، فمثلاً بدلاً من استخدام كلمة أنت نقول (u) وهو حرف انجليزي والانجليز أنفسهم والأميركان يستخدمونه بدلا من كلمة (you) لأن النطق واحد أيضا نستخدم الرقم (2) بدلا من كلمة too بمعنى أيضاً أو to بمعنى إلى، والانترنت جاء لنا بالرقم (7) بدلا من حرف الـ (ح) وقس على ذلك الكثير من هذه التراكيب، وفي تقديري أنها لن تضر اللغة العربية في شيء، لأن اللغة العربية مرنة وقادرة على احتواء أية لغات أخرى.
وواصل الحديث قائلا: على العموم أحترم رأي من يخالفني وجهة النظر وأعرف أن الآراء تتناقض فيما يخصّ مصير اللغات الأم إزاء مواجهة لغة الإنترنت، فبينما يعتبر البعض أن هذه اللغة الموازية قد تساعد على ضياع اللغة والهوية، يرى آخرون أن لغة التخاطب العصرية هذه لا يمكن أن تقتل فكراً أو ثقافة أو تاريخا، بل هي مجرد كلام بين أفراد يجمعون على المصطلح نفسه، وهذا الأمر بالتأكيد لا يجعل منها لغة تنازع، إذ تبقى للغة العربية مكانتها وقيمتها وعمقها وقدرتها على التعبير.
وأكد السيد خالد الدرويش أن لغة الإنترنت بين الشباب جاءت مع الانترنت وبمرور الوقت تتلاشى بعض الكلمات وتظهر كلمات أخرى، الشباب هم من يبتكرونها للتفاهم فيما بينهم، وفي رأيي الشخصي لا مانع من استخدامها في المحادثات عبر الإنترنت عبر الشات والماسنجر والواتس، وإن كنت أفضل استخدام اللغة العربية أو العامية، وقال إن الفرانكو كانت أوشكت على الاندثار، وهذه اللغة عبارة عن خليط بين اللغتين العربية والإنجليزية، لكنها تكتب بأحرف وأرقام لاتينية، فنجد أن الرقم 3 يعبر عن حرف العين، و5 حرف الخاء، و7 حرف الحاء، و8 حرف الغين»... ولغة الفرانكو التي انتشرت مع بدايات دخول الإنترنت إلى الوطن العربي، جاءت تحايلاً على الجيل الأول للهواتف المحمولة، التي لم تكن تحتوي على اللغة العربية، وبالتالي لجأ الشباب إلى لغة وسطى بين العربية والانجليزية، ومن ثم انتشرت الفرانكو على الإنترنت.
واستطرد قائلا: ما يحدث الآن هو خلط اللغة العربية مع الإنجليزية والفرانكو، لتظهر لدينا مصطلحات جديدة وكلمات لم نسمع بها من قبل، مثل (lol) وهي اختصار لعبارة lough out loud أو معنا أضحك بصوت عال، و(btw) وهي اختصار لعبارة By the way والتي تعني بالمناسبة، وأعتقد أن كثيرا من المصطلحات الجديدة يمكن في يوم ما تصبع عربية مع كثافة استخدامها وهذا من باب تلاقح الثقافات.
وقالت السيدة أمل النعيمي: الاعتداء على اللغة العربية والإضرار بها عبر الانترنت له صور وطرق كثيرة، وأنا أسأل البعض وأقول: إذا كنت مضطرا لاستخدام المصطلحات والتراكيب الجديدة التي جاء بها الانترنت فهل أنت مضطر لأن تكتب الكلام العربي بالحروف الإنجليزية؟!.
أعتقد أن الجواب هو: (لا) ولكن هذا نوع من الإضرار العمد بلغة الضاد التي هي الأجمل بين لغات العالم، ولكن مما يخفف من وطأة هذا الضرر أن مثل هذه التصرفات الغريبة لا تكون إلا في أحاديث الشات، أما المواقع الخبرية والمعلوماتية فلا تلجأ لهذا العبث، وإن كان كثير منها لا يهتم بقواعد النحو، وهذا يعيب بعض المناهج التعليمية في الوطن العربي ككل، وليس في دولة بعينها.
وأضافت: أستخدم اللغة الوسطى ما بين العامية والفصحى، نظراً إلى اعتزازي باللغة العربية، ورفضي القاطع لما تسمى لغة الفرانكو، ولا ألجأ أبدا إلى استخدام كلمة غير عربية طالما لها بديل عربي بحجة السهولة، وأدعو الشباب العربي على الانترنت إلى الاهتمام باللغة العربية وعدم الجنوح إلى غيرها، وإذا كان الفرد لا يتقن العربية الفصحى فليتعامل باللهجة العامية التي يتحدث بها في حياته اليومية.
copy short url   نسخ
19/09/2019
3109