+ A
A -
الدوحة - قنا ــ أكد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع، ضرورة التصدي للمعلومات الكاذبة والمصادر التي تعمل على تزييف الحقائق، مستنكراً عدم وجود عقوبة أو محاسبة للدول التي تمارس هذا النوع من الجرائم.
وقال سعادته خلال مشاركته في افتتاح فعاليات اليوم الثاني لمنتدى الأمن العالمي 2019 «إن الصراع في هذه المنطقة بدأ بهذه المعلومات المزيفة»، مشيراً إلى أنه قد يتفهم تزييف المعلومات عندما يتم التحدث عن «الحروب الهجينة» التي تعتمد على المعلومات المزيفة، ولكن لا يمكن تفهم استخدام تلك المعلومات المزيفة في المنطقة، من أجل تمرير أو نقل أجندة منحرفة وملتوية، تبرر المعاملة غير العادلة للشعوب، وبث هذا الكم الكبير من المعلومات المضللة والمزيفة من أجل تضليل الشعب لصالح طرف ثالث، وفي تلك الحالة يمكن اعتبار المعلومات المزيفة «أداة خطيرة» في الصراعات، وتابع «المشكلة تكمن في أن هذا النوع من الجرائم لا توجد عقوبة أو محاسبة للدول التي تمارسه».
وحول الرد الأفضل على هذا النوع من المعلومات المضللة، قال سعادته «إن تثقيف شعبنا والعمل على نقل قصتنا وروايتنا هو الحل، ومواصلة التصدي لمحاولات التزييف عبر إظهار عدالة قضيتنا والخطوات التي اتخذناها من أجل مواجهة تلك المعلومات المزيفة والمضللة، هو الحل الوحيد خاصة في غياب أي نوع من الأدوات القانونية لمحاسبة أولئك الذين يستخدمون تلك الأساليب الخادعة».
وحول إمكانية طرح دولة قطر لمبادرة أو دعوة من أجل وضع مبادئ عامة فيما يتعلق بالأمن السيبراني، أوضح سعادته أن دولة قطر تأخذ هذا الأمر في اعتبارها، ولكنها تنتظر أن يتبدد غبار هذه الفوضى العارمة التي تسود المنطقة، كما أن هناك أمورا أكثر إلحاحاً في الوقت الحالي يجب أن تعمل الدول على الالتزام بها.
وشدد سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية على أن دولة قطر عملت من أجل إعادة بناء قواتها المسلحة وتعزيز قدراتها، لذا فإنها قامت بوضع سقف لتحقيق هذا الأمر من خلال دراسة أوضاع القوات المسلحة في الدول المشابهة لها، من حيث كونها دولة ذات مساحة صغيرة تحاط بدول جوار كبيرة.
وأوضح ان مثل تلك الدول ينبغي أن تكون لها مقاربة مختلفة، حتى واذا لم تكن هناك نية من قبل دول الجوار لإيذائها، إلا نه يجب أن تكون لديها سياسة مرنة لتجنب دول الجوار، وأضاف «يجب أن يكون لديك مقاربة مختلفة لبناء قدراتك، ولهذا السبب نحن قمنا بدراسة عدة دول متشابهة مع قطر، وبهذه الطريقة قمنا ببناء القوات المسلحة».
ونوه بأن الجيل الجديد من الحروب هو «الحروب الهجينة»، وهذا النوع من الحروب بحاجة إلى كل الأدوات والموارد ليس فقط المعدات العسكرية، وإنما الجوانب الاقتصادية والبعد الاجتماعي، وكذلك استخدام المعلومات المزيفة؛ لأنها حرب من «منظور شمولي». متوقعاً أنه بعد 20 عاما ستكون التكنولوجيا هي أحد الأمور التي يجب التركيز عليها وكذلك الأمن السيبراني.
وأشار سعادته إلى أنه في هذا النوع من الحروب «لا ينبغي أن تكون لديك حملات مزيفة لدرء عدوك، لكن في نفس الوقت يجب أن تكون مجهزا ومعدا بشكل جيد بكل الوسائل التي تتاح لك من أجل أن تتصدى للهجوم إذا ما تحتم عليك الأمر».
وحول سيطرة الكيانات الدولية الضخمة وإمكانية تقلص نفوذ الدول في ظل تواجد تلك الكيانات، قال سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية «إن المسرح الخلفي لكل النجاحات للدول كانت تدار ويشرف عليها تلك الكيانات الدولية»، مضيفا أنه «من الصعوبة أن يتم التمييز بين الدولة والكيانات العملاقة، لأنه في نهاية المطاف تلك الكيانات هي التي تمتلك التكنولوجيا التي تحاول أن تحمي الدول بها أنفسها».
وبشأن المورد الأفضل لدولة قطر فيما يتعلق بالأسلحة، أجاب سعادته إن قطر منفتحة على الجميع أياً كان ما يخدم مصالحها أو يفيدها، فقطر تسعى للتعامل معه، وقال «قطر دائماً أكثر توجهاً للغرب، والمعدات الغربية، ولكن هذا لا يعني أننا لن نذهب لأي مكان إذا رأينا أن هذا سيخدم هدفنا وهو حماية بلدنا».
وحول المشهد السياسي في المنطقة ووجود نوايا للولايات المتحدة الأميركية للانسحاب العسكري من المنطقة، قال سعادته «إن دولة قطر أحد الحلفاء المقربين للولايات المتحدة، وسيكون خطأ كبيراً إذا فكرنا بأن هذه المنطقة ليست منطقة جديرة بالاهتمام ووجود مصالح كبيرة فيها». وتابع بالقول «في هذا الصدد الانسحاب من المنطقة لا أرى أنه يمكن استخدامه لأهداف سياسية أو لحملة انتخابات، لكن في النهاية لن تتخلى الولايات المتحدة عن المنطقة».
وحول الدولة الأكثر تأثيرا في المنطقة، أجاب سعادته إنه لا يمكن القول بأن هناك طرفا محددا هو الأكثر تأثيراً، فالعلاقات الدولية هي علاقة قائمة على معاهدات وصداقة وتحالف.
وبشأن الوضع في سوريا والتحرك التركي الأخير، أفاد سعادته بأن هناك العديد من اللاعبين في القضية السورية منذ 2013 وتحاول أطراف عديدة أن تلحق الضرر بتركيا، وأضاف «أنا لا أدافع عن أحد ونحن في قطر نريد أن نتعامل مع الوقائع كما هي، وتركيا تستضيف قرابة 4 ملايين لاجئ، ويمكنهم أن يفتحوا أبوابهم ليغرق هؤلاء اللاجئون أوروبا، ولكن محاولة استخدام حقهم تبقى موجودة، وحماية أنفسهم من المجموعات الإرهابية، وفي الوقت نفسه، فإن محاولة إعادة هؤلاء اللاجئين لدولهم وبلادهم لا تعتبر جريمة». وأردف «أنا رأيت جرائم كبرى تحدث في سوريا ترتكب من قبل أطراف في النزاع ولم تتم مساءلتهم».
وأضاف سعادته «أن المدن التي يحاول الأتراك إخلاءها من مقاتلي تنظيم (داعش) ما تزال قائمة، بعكس مدن أخرى أبادها أطراف آخرون في الصراع السوري ولم تتم مساءلتهم».
واستنكر الزج بالأكراد في هذا التحرك التركي، مؤكداً أن الاكراد «مكون مهم في نسيج الدولة التركية والسورية ولا يمكن أن تميز دولة قطر بين مواطنين في سوريا أو تركيا، كونهم أكرادا أو عربا أو غيرهما، لأنهم في النهاية هم من صميم النسيج الاجتماعي في هذين البلدين».
وقال «نحن نتحدث عن محاربة الجماعات الإرهابية؛ لذا ينبغي أن نركز على تنظيم (داعش) أو (القاعدة)، وهناك العديد من المجموعات الإرهابية المختلفة؛ لذا فمن الخطأ أن نستخدم كل مرة كلمة، الأكراد، لأننا بذلك نستفز ظاهرة الأقليات، والأكراد يمثلون نحو 20 بالمائة من سكان تركيا».
وأضاف سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع «أن ما تقوم به تركيا الآن لم تقم به جامعة الدول العربية، فهي تحاول أن تحافظ على وحدة سوريا، وما حدث مؤخرا في اجتماع الجامعة العربية يجعلنا نعتقد أننا في هيئة غير عربية، لأن جميع القرارات التي اتخذتها هذه الجامعة تؤدي إلى تقسيم سوريا».
وعن علاقة دولة قطر مع روسيا، رغم علاقة دولة قطر القوية بالولايات المتحدة الأميركية، قال سعادته «تجمعنا علاقات جيدة مع روسيا، ونحن نحكم علاقاتنا مع الدول الأخرى من منطلق الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، وقطر طالما كانت منصة لمد أيادي التواصل مع الجميع؛ لذلك ترانا ناجحين في الكثير من الوساطات وننوي الإبقاء على ما نحن عليه بأن تكون لدينا علاقات جيدة مع الجميع، فإذا لم يكن هناك أي ضرر يأتينا من روسيا، فلا يوجد سبب يدفعنا لاتخاذ أي مواقف عدائية معها، والكلام ينطبق على أي دولة أخرى».
وأضاف سعادته «أن قطر تحاول أن تكون وسيطا موثوقا به والجميع يعلم بأنه ليس لدينا أي أجندات خفية، ففي كل وساطاتنا ليست لنا أي مصالح وهذا ثابت للجميع، ورغم أن العديد من دول العالم يفضل المصالح، إلا أن قطر من الدول النادرة التي تتعامل مع أي مسألة من منطلق مبادئها ومصالحها، وهذا من الأسباب التي تجعل دولة قطر ناجحة في أغلب وساطاتها».
وعن وجود وسطاء يتدخلون لحل الأزمة الخليجية، قال سعادة نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدولة لشؤون الدفاع «منذ بداية الأزمة وصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة هو الشخص الوحيد الذي يمكنه لعب دور الوساطة، لأنه المقبول من الجميع». واستدرك سعادته قائلا «لكن قبل أن يتصالحوا معنا ويدخلوا في حوارات ومشاورات يجب عليهم أن يتصالحوا مع أنفسهم، فنحن منفتحون على أي شيء ولا يوجد ما نخاف منه، لكن علينا ان نذهب للتفاوض دون أي شروط مسبقة، وأن نضع كل شيء على الطاولة قبل الدخول في أي عملية سلام». وتابع «نحن نركز الآن على ازدهارنا في قطر وتركنا ملف التصالح في يد أمير الكويت، وسواء حصل التصالح اليوم أو غدا أو بعد سنين طويلة، فلدينا التزام بتطوير أنفسنا وتثقيف شعبنا وتنويره، لأنه الأمر الأكثر أهمية بالنسبة لدولة في حجم دولتنا». وعن أدوار الوساطة التي تقوم بها دولة قطر في الإفراج عن المختطفين أو الأسرى، قال سعادته «كل شيء لصالح قضية عادلة سنشارك فيه، وعلى الجميع أن يعرف ويدرك خطورة الخطف وأسر المدنيين»، مشيرا إلى «أن عددا من الجهات أساءت لدولة قطر بالمعلومات المزيفة».
وشدد سعادته على أن أي خطوة أو نهج تسلكه قطر في وساطاتها يعلمه شركاؤها الذين يعملون معها خطوة بخطوة حتى تتم هذه الوساطة، مضيفا «حين نقوم بمثل هذه الوساطات نكون في غاية الحذر حفاظا على مسار وسلامة هذه الجهود».
وأكد أن دولة قطر لم تدفع أي فدية لإطلاق سراح أي أحد حتى حادثة اختطاف المواطنين القطريين في الجمهورية العراقية متابعا بالقول «تعرضنا للكثير من الأخبار الكاذبة والحملات المضللة بأن قطر دفعت أموالا ضخمة وأرسلت طائرات وغير ذلك من أكاذيب وكأننا نعيش في هذا العالم بمفردنا».
وحول التفاهمات المشتركة لاستخدام القواعد العسكرية الأميركية في قطر وتركيا ضد إيران قال «هناك اتفاقات تجمعنا مع واشنطن ونحن دولة ذات سيادة تحترم سيادة الدول الأخرى، وهناك علاقة مميزة لنا مع أميركا وننسق معها بشكل يومي، وتركيا من أكبر الدول في حلف شمال الأطلسي ولها مع أميركا اتفاقيات وتفاهمات ثنائية وعلاقات مشتركة، ولا أظن أن الأميركيين سيتحركون دون إذن الدولة المضيفة»، لافتا إلى «أن هناك تنسيقا رفيع المستوى وبشكل يومي سواء على المستوى العملياتي أو المستوى التكتيكي».
وعن مسار الأزمة بين أميركا وإيران شدد سعادته على أهمية الحوار ووضع الملف الأمني على الطاولة، مثنيا على حكمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التعامل مع هذه القضية.
وأكد أنه «لا حرب ستقع بين واشنطن وطهران في المستقبل المنظور رغم أن هناك جهات تسعى لإشعال الحرب، وبذلت كل ما في وسعها بما في ذلك إنتاج ألعاب فيديو لدفع أميركا لتوجيه ضربة عسكرية لإيران».
وعن أفضل تخمين له في الأزمة الأميركية-الإيرانية، قال سعادة الدكتور العطية «أفضل تخمين لي هو أن الرئيس الأميركي ترامب يود اللقاء مع الرئيس الإيراني حسن روحاني أو مع المرشد الأعلى للدولة في إيران».. وأضاف «لو حصلت بعض الأمور البسيطة مثل توسيع الإذْن بتصدير النفط أظن أن الجانب الإيراني سيكون مرنا للجلوس وهذا تخمين وليس معلومات متوافرة لدي، فإذا كانت هناك مبادرة حسن نية فإن الطرف الآخر سيستقبل هذه الإشارة بشكل جيد وربما يلتقيان في منتصف الطريق، فالمواجهة واللقاء والنقاش وجها لوجه هي أفضل طريقة لجلب الاستقرار للمنطقة».
وعن التهديد الذي يواجه قطر في تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 قال سعادته ساخرا «التهديد الوحيد الذي يواجهنا في هذه البطولة هو عدم تأهل فريقنا للنهائيات» وتابع «أنا لست قلقا من أي أمور أخرى، فلا أحد يستطيع أن يلعب معنا بعد الآن؛ فقطر بعد 2017 أصبحت دولة مختلفة بالكامل».{ تصوير - عباس علي
copy short url   نسخ
17/10/2019
1090