+ A
A -
فلسطين - الوطن - أمين بركة
وفي الوقت الذي شنت فيه طائرات الاحتلال العديد من الغارات على قطاع غزة، أطلقت المقاومة الفلسطينية عشرات القذائف الصاروخية تجاه المدن الإسرائيلية، الأمر الذي أدى إلى إصابة عدة مستوطنين بجراح وفرار العشرات من مستوطنات غلاف غزة تجاه العمق الإسرائيلي.
ونعت سرايا القدس القائد بهاء أبو العطا (42 عاما) وزوجته، معلنة حالة الاستنفار القصوى. وتوعدت «بأن الرد على هذه الجريمة لن يكون له حدود وسيكون بحجم الجريمة التي ارتكبها العدو المجرم وليتحمل الاحتلال نتائج هذا العدوان».
وأكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن الاحتلال يتحمل المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذه الجريمة وما يترتب عليها، والمقاومة بكافة الأذرع العسكرية لن تتوانى في الرد على جريمة الاغتيال والتصدي للعدوان.
بدورها، قالت كتائب الناصر صلاح الدين الجناح العسكري لحركة المقاومة الشعبية في فلسطين إن «الجريمة النكراء التي استهدفت الشهيد أبو العطا وعائلته لن تمر دون عقاب».. مشددة على أن معركتها مع الاحتلال الإسرائيلي مستمرة وعلى مستوطنيه الهروب فورا إلى الملاجئ.
أما حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فقد شددت على أن الاحتلال يتحمل كل التبعات والنتائج المترتبة على هذا التصعيد والاستهداف الخطير، وأن «جريمة اغتيال القائد أبوالعطا لن تمر دون عقاب».
تطور خطير
في السياق، يؤكد متابعون ومحللون سياسيون فلسطينيون أن اغتيال الاحتلال الإسرائيلي للقيادي بهاء أبوالعطا يمثل التطور الأخطر منذ انتهاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة صيف 2014.. مشيرين إلى أن إسرائيل تدرك خطورة اغتيالها للقيادي أبوالعطا، الأمر الذي دفعها إلى تعزيز منظومة القبة الحديدية في جميع المدن الإسرائيلية، بالإضافة إلى نشر تعزيزات عسكرية على حدود قطاع غزة بصورة كبيرة تثبت بما لا يدع مجالا للشك حجم التخوف الإسرائيلي من رد قوي من قبل الفصائل الفلسطينية على هذه الجريمة.
وينوه هؤلاء إلى أن الجميع يدرك أن قطاع غزة سيكون أمام تصعيد كبير أو مواجهة واسعة إذا استمرت الأوضاع على ماهي عليه وتواصل القصف المتبادل بين فصائل المقاومة والاحتلال الإسرائيلي.
وأكد المحلل السياسي منصور ريا أن إسرائيل قد ارتكبت حماقة كبيرة باغتيالها القيادي في سرايا القدس بهاء أبوالعطا.. متوقعا أننا سنكون أمام مواجهة شاملة لاسيما في ظل تأكيد معظم الفصائل الفلسطينية على أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام العنجهية الإسرائيلية.
وقال ريا «إن جريمة اغتيال أبوالعطا أعطى نتانياهو الضوء الأخضر بتنفيذها لأنه يواجه ملفات صعبة ويريد إفشال بني غانتس في تشكيل حكومة إسرائيلية موحدة، كما أن هناك العديد من ملفات الفساد المتهم فيها نتانياهو وهي موجودة على طاولة القضاء، وهو أراد من خلال هذه العملية الخروج بصورة المنتصر أمام الجمهور الإسرائيلي خاصة في ظل الفشل الإسرائيلي في التصدي لصواريخ المقاومة، بالإضافة إلى الفشل في التعامل مع مسيرات العودة وكسر الحصار المستمرة منذ مارس 2008».
بدوره، يشير المحلل السياسي ناصر ناصر إلى أن إسرائيل تريد قدر الإمكان امتصاص ردود المقاومة في غزة لأنها حققت الهدف الذي تريده المتمثل في اغتيال القائد بهاء أبوالعطا، فمصلحة إسرائيل ما زالت تجنب المواجهة مع غزة، فالأمر متعلق حاليا وبالدرجة الأولى بتقدير المقاومة للرد المناسب على جريمة الاغتيال وبتدخل وإصرار الوسطاء لتهدئة الأمور، إضافة إلى عامل الإصابات في الطرفين.
وتابع ناصر «بناء على ما سبق يمكن القول إن التصعيد لن يستمر طويلا، ولن يزيد عن يومين أو ثلاثة، فقد كان واضحا أن إسرائيل سوف تستهدف القائد أبو العطا، حيث تم التركيز على دوره في التصعيد في الأشهر الأخيرة من قبل مسؤولين ووسائل إعلام إسرائيلية».
وأشار ناصر إلى أنه من المستبعد أن تعود إسرائيل لسياسة الاغتيالات المكثفة ضد قادة المقاومة الفلسطينية، فهي تعتقد أن الشهيد القائد أبوالعطا هو حالة خاصة جدا، لذا استعدت على ما يبدو لدفع ثمن كبير على شكل تصعيد محدود يشمل إطلاق مئات الصواريخ على قلب إسرائيل مقابل اغتياله.
دوافع شخصية
من ناحيته، يؤكد المحلل السياسي سعيد بشارت أن عملية اغتيال أبوالعطا هي الأولى منذ اغتيال القائد القسامي أحمد الجعبري عام 2012، ويبدو أن نتانياهو ومن دوافع سياسية قرر تنفيذ هذا الاغتيال في لحظة حاسمة، حيث سيقرر غانتس الذهاب لتشكيل حكومة ضيقة قد تطيح بنتانياهو وهذا ما لا يريده الأخير.
وأضاف بشارت أن الاحتلال الإسرائيلي وعلى مدى برهة من الزمن حاول إيهام أكثر من طرف أن أبوالعطا معزول وأن المقاومة غير راضية عن تصرفاته لذلك سيكون من السهل تنفيذ اغتيال ولن تكون تبعات هذا الاغتيال كبيرة.. مشيرا إلى أن المقاومة في غزة لن تمرر عملية اغتيال القائد أبوالعطا وسيكون الرد بحجم العنجهية الإسرائيلية، وسريعا جدا سيدرك نتانياهو أنه أخطأ خطأ فادحا وأساء التقدير.
استعداد إسرائيلي
في المقابل، يدرك المتابع لوسائل الإعلام العبرية أن القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل لا تستبعدان اندلاع حرب شاملة مع قطاع غزة لاسيما في ظل سقوط صواريخ المقاومة في عدة مدن إسرائيلية خاصة في محيط ضواحي تل أبيب، وهذا الأمر بدا جليا في كلمة نتانياهو خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده للتعقيب على اغتيال أبوالعطا، حيث طالب نتانياهو من الإسرائيليين الالتزام بقرارات الجبهة الداخلية تجنبا للأخطار، فيما قال قائد الأركان الإسرائيلي كوخافي إنهم مستعدون لأي تصعيد.
وتجمع وسائل الإعلام العبرية، على أن اغتيال أبوالعطا فاجأ الجميع، وأنه على الإسرائيليين أن يهيئوا أنفسهم لتحمل تبعات أي مواجهة مع قطاع غزة والتحسب لسقوط صواريخ المقاومة في المدن الإسرائيلية وعلى رأسها مدينة تل أبيب وسط إسرائيل.
وقال المحلل السياسي الإسرائيلي عميت سيغل إن قرار اغتيال القيادي في سرايا القدس بهاء أبو العطا اتخذ منذ حادثة هروب بنيامين نتانياهو من حفله الانتخابي في «أسدود» على وقع إطلاق الصواريخ.
وبين سيغل أن القرار اتخذ حينها لتصفية أبو العطا، الا أنه تم تأجيل التنفيذ لتكون الظروف ملائمة، في حين صادق «الكابينت» الأسبوع الماضي على تنفيذ العملية. وتداول الاعلام العبري، قبل شهرين، مقطع فيديو لحظة هروب رئيس وزراء الاحتلال أثناء انطلاق صفارات الانذار في محيط غلاف غزة، وذلك خلال تواجده في مؤتمر انتخابي في أسدود.
أما موقع «والا» العبري، فلفت إلى أن استهداف أبو العطا جاء عبر صواريخ موجهه بشكل موضعي، بعد ورود معلومات بتواجده في منزله بحي الشجاعية، في الوقت الذي كان يتابع فيه رئيس الشاباك نداف أرغمان العملية من قاعدة الشاباك وسط إسرائيل. بينما قال الجيش إنه استعد جيدا للعملية وما سيتبعها من تصعيد وأنه متأهب لعدة أيام من القتال.
من هو أبوالعطا؟
ولد أبو العطا في مدينة الشجاعية بقطاع غزة ودرس علم الاجتماع ومتزوج وله خمسة أبناء، والتحق في صفوف حركة الجهاد الإسلامي منذ عام 1990 وتدرج في العمل التنظيمي حتى أصبح قائد المنطقة الشمالية بسرايا القدس.
قبل أيام ذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن «حسن نصر الله وقاسم سليماني وبهاء أبو العطا»، الأمين العام لحزب الله وقائد قوة قدس الإيرانية وقائد سرايا القدس– على التوالي -هم من أخطر ثلاث شخصيات على الأمن الإسرائيلي.
وزعمت الصحيفة أن «أبو العطا شارك في التخطيط لهجمات ضد إسرائيل، وأشرف على صنع الأسلحة، وتحسين قدرات إطلاق الصواريخ بعيدة المدى، وينظر له في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كعنصر تصعيد، حيث إنه هو من أعطى الأوامر لإطلاق الصواريخ نحو جنوب إسرائيل في إبريل الماضي وأن سرايا القدس بقيادته تسعى لشن هجمات منخفضة المستوى والحفاظ على مستوى محدود من التصعيد من أجل تقويض التفاهمات طويلة الأمد من جهة وحتى لا تصطدم مع حماس من جهة أخرى».
أما الناطق باسم جيش الاحتلال فقد قال إن أبو العطا كان عبارة عن قنبلة موقوتة وكان يهدف خلال أيام للإشراف على عمليات مختلفة، أولها إمطار مستوطنات غلاف غزة بالقذائف.
وسبق أن تم وضع اسمه في قائمة «الإرهاب» الأميركية المزعومة، بجانب عدد من قيادات الجهاد وحماس وحزب الله. كما تعرض أبو العطا للاعتقال على يد أمن السلطة الفلسطينية عدة مرات على خلفية نشاطاته العسكرية.لم تهدأ حدة القصف المتبادل بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية، منذ إعلان الجيش الإسرائيلي تمكنه من اغتيال القائد الميداني في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بهاء أبو العطا، من خلال غارة استهدفت منزله شمال قطاع غزة.
copy short url   نسخ
13/11/2019
696