+ A
A -
نور سلطان-قنا - أكد سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الدولة، أن الدبلوماسية الثقافية هي صمام حوار الحضارات والثقافات، وأن الوفاق العالمي يتحقق بتعزيز دور الثقافة في بناء العلاقات الدولية.
جاء ذلك خلال محاضرة لسعادة الدكتور الكواري ألقاها أمس في جامعة نزارباييف بكازاخستان، حيث أكد أن السياسة وحدها غير كفيلة بحل المشاكل والنزاعات وسبل التقدم بالإنسانية، وأن تحقيق السلام يحتاج إلى الدبلوماسية الثقافية،
مشيرا إلى وجود تجارب أدبية من مختلف الثقافات ساهمت في إثراء الروح الإنسانية بالأمل وبقيم التسامح، ومن ذلك ما تزخر به الثقافة الأدبية الكازاخية، مستدلا لذلك بأعمال الشاعر الكازاخي أباي كونانبايف الذي استلهم قيمه من الدين الإسلامي، وآمن بقيمة الإنسان وناضل في سبيله، ونادى بالسلم في أشعاره.
وقال سعادته إن الآداب والفنون وهي من أعمدة الثقافة تنشر قبول الاختلاف والقيم المشتركة وتحول دون اتساع رقعة التطرف والتعصب والجهل، لافتا إلى أهمية الترجمة في نقل الأدب العالمي إلى الثقافات الأخرى ما يساهم في تحقيق التقارب بين الشعوب.
وأوضح أن الثقافة القطرية لها اهتمام كبير بالترجمة من خلال أضخم جائزة دولية في هذا المجال، وهي جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي التي تكرم المترجمين وتقدر دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين أمم العالم وشعوبه، مشيرا إلى أهمية ترجمة الآداب المختلفة إلى العديد من اللغات، للإسهام في بناء حوار ثقافي مثمر.
كما تناول الدكتور الكواري في محاضرته دور الأديان في نشر المحبة بين الناس وقيم التسامح، مؤكدا أن دولة قطر وجمهورية كازاخستان كان لهما السبق في إنشاء صروح معرفية وثقافية تدعم هذا الاتجاه، وأهمها مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ومركز نور سلطان نزارباييف لتطوير حوار الأديان والحضارات، مؤكدا أنه بقدر ما تعمر صروح التسامح فإن التطرف يكون مآله الفناء، وكلما انتشرت قيم قبول الآخر تراجعت الصراعات، وتحقق السلام على كوكبنا.
وأضاف أن كلا من دولة قطر وجمهورية كازاخستان، ترسمان أنموذجا رائعا في بناء الحوار بين الثقافات فيظل بمثابة البوصلة التي تهتدي بها الأجيال، وداعما للتنمية المستدامة للدول والمجتمعات القائمة على السلام والتسامح والاحترام المتبادل والوئام، مؤكدا أننا بحاجة اليوم إلى مزيد تحويل النوايا الطيبة إلى مبادرات ومشاريع إبداعية تكرس تبادل الثقافات واحترامها لفائدة الأجيال القادمة.
وتحدث عن دور الرياضة المميز في التقارب بين الشعوب، مشيرا إلى أن تنظيم قطر لكأس العالم 2022، يعتبر أبرز فعالية دولية يثبت من خلالها المجتمع القطري قدرته على مد الجسور مع مجتمعات العالم بأسره، منوها باستعداد قطر لاستقبال هذا الحدث العالمي على جميع المستويات كتوفير البنية التحتية والملاعب، والأهم من ذلك كله أن المجتمع القطري على استعداد تام لاستقبال الملايين من المشجعين، من ثقافات مختلفة.
وأشار سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الدولة خلال محاضرته، إلى عمق ومتانة العلاقات القطرية الكازاخية التي شهدت تطورا خلال العقدين الأخيرين، نتيجة الإيمان المشترك بين قيادتي الدولتين بأهمية التقارب على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، فقد قامت دولة قطر بدعم النهضة العملاقة التي شهدتها دولة كازاخستان، وسارعت في بناء جسور التواصل الثقافي من خلال إنشاء المراكز الثقافية والمدارس التعليمية.
وأوضح أن العلاقات المتطورة بين البلدين لم تنشأ من خلال رؤية مشتركة للعمل الاستراتيجي فحسب بل لها مقومات أساسية في القيادة الحكيمة للبلدين، فالقواسم المشتركة بين المجتمعين، زادت في تمتين التقارب بين الشعبين، وهي مبنية على قاعدة الاستفادة من التنوع الثقافي، فقد استطاعت كازاخستان أن تبني لنفسها نموذجها الفريد الخاص بمجتمع من الوئام بين الأعراق وبين الطوائف المختلفة، والمعروف باسم «طريقة الكازاخ»، فهي وطن التنوع الإثني، حيث يعيش بها أكثر من 130 عرقا إثنيا، وأكثر من 40 طائفة مختلفة، وكذلك شأن قطر فهي بلد التنوع الثقافي، حيث يقيم بها أكثر من 180 جنسية، يحملون لغات وثقافات مختلفة تتفاعل مع الهوية الوطنية للشعب القطري. ويسمح لنا هذا المشهد بالقول، إن البلدين يتمتعان بتجربة فريدة في تحقيق العيش المشترك الذي هو رهان عالمي ويمثل الآن تحديا أكبر يواجه الحضارة الإنسانية في ظل امتداد رقعة النزاعات وحلول شبح التطرف والتعصب بدل المحبة والسلام، ولا يمكن أن يتحقق العيش المشترك إلا بفضل الإيمان بالدبلوماسية الثقافية.
حضر المحاضرة سعادة السيد عبدالعزيز بن سلطان الرميحي، سفير دولة قطر لدى جمهورية كازاخستان، كما حضرها عدد من أعضاء هيئة التدريس وطلاب الجامعة.
تلاها حوار مع المحاضر تركز على أهمية العلاقات الثقافية والتعليمية والرياضية والتعاون بين المؤسسات المعنية بهذه الموضوعات المهمة في البلدين.
copy short url   نسخ
14/11/2019
991