+ A
A -
رسالة بكين - محمد حربي
أعرب تشو بياو، المسؤول بإدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية الصينية، عن تطلعاتهم للتعاون بين دولة قطر والصين في مجال المشروعات الاستثمارية على المستوى العالمي، وخاصة في إفريقيا، موضحا أنه من الممكن أن تكون هناك شراكة مالية قطرية مع الخبرات الصينية، خاصة في مجال شق الطرق والأنفاق عبر الجبال الصخرية التي حقق فيها الصينيون نتائج كبيرة، مشيرا إلى أن دولة قطر تلعب دورا نشيطا وفاعلا في منطقة الشرق الأوسط.
وقال إن هناك ترابط مصالح وتفاهمات وثقة متبادلة مشتركة قطرية - صينية، حيث إنه منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين وهي تشهد تطورا كبيرا ومستمرا، مشددا على جهود تعزيز التعاون، وتطوير العلاقات في ضوء الظروف الإقليمية والدولية الجديدة، والتوصل إلى توافق كبير بين القيادتين، مشيرا إلى أهمية زيارات حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى -حفظه الله- للصين من أجل إعطاء دفعة قوية لتعميق الشراكة الاستراتيجية التي تحققت بين قطر والصين منذ 2014، ويوجد حاليا تعاون وثيق بين البلدين في مجالات عديدة، من أبرزها: الطاقة، والاقتصاد والتجارة، والبنية التحتية، والاستثمارات، كما يوجد تنسيق وثيق في الشؤون الاقليمية والدولية، وتطبيق وتفعيل، ما يجرى الاتفاق بشأنه بين القيادتين القطرية والصينية، والعمل على استمرار تبادل الزيارات والوفود على مختلف المستويات بين البلدين، بجانب تعزيز التعاون في مجال مبادرة «الحزام والطريق».. هذه بعض القضايا التي جرى الحديث عنها مع وفد من ممثلي الصحف القطرية.. فيما يلي نصه:
} بداية، حدثنا عن إسهامات الصين في التحضيرات والاستعدادات القطرية لاستضافة كأس العالم 2022؟ وكيف تنظرون إلى استضافة دولة عربية مثل قطر لهذا الحدث الكروي العالمي لأول مرة في المنطقة؟
- هناك حضور صيني من خلال الشركات الصينية التي ساهمت وما زالت تساهم في عمليات البنية التحتية اللازمة لاستعدادات استضافة هذا الحدث الكروي العالمي، ومنها الشراكة مع دولة قطر، في إنشاء استاد كبير، وكذلك المساهمة في وسائل النقل الحديثة، كالباصات السياحية، وقد حققت قطر إنجازا كبيرا بنجاحها في استضافة مثل هذا الحدث الرياضي العالمي، ويعبر عن مقومات وقدرات خاصة يتمتع بها القطري، جعلته يستطيع توظيف ما لديه من إمكانيات مادية ومهارات، وفنون إدارة، لتحقيق حلم العرب والمنطقة في أن تقيم كأس العالم بها.
} ما المكاسب والفوائد التي ستتحقق؟
- الشهرة الدولية التي تتحقق لدولة قطر بعد ذلك، حيث سيشاهد كل العالم هذا الحدث الرياضي، وتزيد حركة السياحة والمنافع الاقتصادية والتجارية، بل ويزداد الحضور السياسي دوليا.
} ماذا عن التعاون بين البلدين في مجال الموانئ؟
- إن جمهورية الصين الشعبية تعتبر دولة قطر نقطة محورية ورئيسية لموقعها الاستراتيجي بحريا وجويا، ضمن مبادرة «الحزام والطريق» في منطقة الشرق الأوسط، كما أن هناك رحلات مباشرة، و6 خطوط جوية قطرية للمدن الصينية المختلفة، ونسعى لتعزيز التعاون بين البلدين.
} حدثنا عن التنسيق بين دولة قطر والصين داخل المنظمات الأممية بالأمم المتحدة؟
- دولة قطر مواقفها مقدرة تجاه الصين في المنظمة الأممية، وهناك تنسيق مشترك بين الدولتين على الصعيدين الإقليمي والدولي، ونسعى لمزيد من التعاون.
} ماذا بعد اللقاء بين القيادتين؟
- نحن نسعى إلى تعزيز وتفعيل العلاقات لمزيد التقارب بين الشعبين القطري والصيني، ووفود لتبادل الزيارات المتبادلة بين الجانبين.
} شهدنا بالأمس القريب التوقيع بين قطر والصين، على توريد الغاز الطبيعي المسال لمدة عشر سنوات قادمة، وقبلها كانت هناك عقود بين البلدين في مجال الطاقة، فكيف ترى ذلك؟
- الصين تعتبر دولة قطر شريكا استراتيجيا لها في مجال الطاقة، نظرا لحجم السوق الصيني الكبير، كما أن الصينيين يتطلعون إلى حياة أفضل، والحكومة في بكين تعمل من أجل تحقيق آمال وتطلعات الشعب الصيني، عبر برامج وخطط طموحة وكبيرة، وهذا بدوره يحتاج إلى مزيد من تعزيز التعاون في مجالي الطاقة والغاز، لا سيما مع دولة قطر، وهذا مستقبله واعدا، وقبل أيام استضافة مدينة شنغهاي الصينية، المعرض الصيني الدولي الثاني، للواردات من الخارج فقط، وهو حدث مهم جدا ويحظى باهتمام رسمي على مستوى القيادة نفسها، ويحضره رئيس الصين، ويلقي فيه كلمة، وتم عقد صفقات بقيمة
71 مليار دولار أميركي لاستيراد سلع وخدمات، بزيادة 22 بالمائة عن العام الماضي، مما يؤكد على نجاح الدورة الأولى السابقة، وزيادة إقبال الموردين على المشاركة، وكانت دولة قطر من بينهم، وحاضرة بقوة، بجانب 181 دولة ومنظمة دولية.
} كيف كانت مشاركة قطر في «إكسبو الصين»؟
- كانت مشاركة قطر قوية وفعالة، وقد تسلمت قطر رئاسة الدورة القادمة، التي سوف يتم الإعداد لها، والجانب الصيني بدوره يمد يد العون للجانب القطري للتنسيق والتعاون، وتبادل الخبرات الصينية في مجال تنظيم هذا الحدث المهم، من خلال تجربة الصينيين في التنظيم السابقة، حتى تخرج النسخة القطرية في أفضل صورة لها، ونتطلع أن تحقق نجاحا كبيرا بالدوحة.
} ما تقييمكم لمشاركة قطر في معرض البستنة؟
- هذا المعرض الذي أقيم بإحدى ضواحي بكين، كان فرصة ليتعرف الصينيون على التنوع الموجود في دولة قطر، بيئيا وثقافيا، حيث شهد الجناح القطري إقبالا كبيرا، وانبهر الزائرون الصينيون وغيرهم بنموذج الخيمة العربي، وكرم ضيافة القطريين.
} كيف تنظرون إلى أداء الدبلوماسية القطرية على الصعيدين الإقليمي والدولي؟
- الدبلوماسية القطرية فاعلة ونشيطة، ودولة قطر تلعب دورا رئيسيا سواء في منطقة الخليج أو بإقليم الشرق الأوسط، وعلى الصعيد الدولي، لا سيما في دور الوساطة الفعال، حيث حقق الدبلوماسي القطري شهرة كبيرة في هذا المجال، من خلال النجاحات الكثيرة في العديد من الملفات، وأهمية ذلك في حفظ الأمن والسلم، وتحقيق الاستقرار إقيميا ودوليا.
} من وجهة نظركم، ما مقومات نجاح دبلوماسية الوساطة؟
- مقوماتها الأساسية تتمثل في ضرورة أن تتسم بالحيادية والشفافية، وأن تكون بعيدة عن أي مصالح شخصية، وهذه المبادئ كلها تتوافر في دبلوماسية الوساطة القطرية، مما يجعلها تجد قبولا وترحيبا من أطراف الخلاف والمشكلة، الذين يرتضون بالدور القطري، ويرحبون بكل جهد دبلوماسي، يسعى لحسم الخلافات بالطرق السلمية، وعبر طاولة الحوار والمفاوضات.
} على الرغم من التهديدات التي قد تصيب خطوط إمداد الطاقة للصين، إلا أن الجانب الصيني لم يظهر أي موقف في التصعيد الحالي بين أميركا وإيران، وما ينتج عنه من تأزيم المنطقة، بماذا تفسرون ذلك؟
- الصين دائما تعرب عن قلقها الشديد من هذا التصعيد، وأي توتر قد يؤثر على خطوط إمداد الطاقة في الخليج، والجانب الصيني فاعل على الصعيد الدولي في هذه القضية، وهناك تحرك نشط داخل المنظمة الأممية، وننسق مع الجانب الروسي لرفض الموقف الأميركي المتشدد، خاصة في ملف الاتفاق النووي الإيراني، الذي له بعد دولي، وهناك تعهدات، من الضروري أن تحترمها أطرافه، سواء الأميركية أو الإيرانية، وانسحاب أميركا المفاجئ، هو غير مقبول، وهذا ما دفع الجانب الصيني، إلى تقديم مبادرة بالأمم المتحدة، كما لدينا مبعوث للشرق الأوسط، يتولى مهمة تلطيف الأجواء بين طهران والرياض.
} هل بالإمكان أن تطلعونا على ملامح المبادرة الصينية التي قدمتها الصين للأمم المتحدة بشأن أزمة الملف النووي الإيراني؟
- تتمثل بصفة أساسية في ثلاثة نقاط، وهي: ضرورة العمل على الدفع بملف قضية النووي الإيراني على الطريق الصحيح، والنقطة الثانية تشجيع بلدان الخليج لتسوية الخلافات بينهم عبر مسارات الحوارات والمفاوضات الدبوماسية والسياسية، وأخيرا ينبغي أن يقوم المجتمع الدولي والدول الأخرى، بالمساعدة من أجل تحقيق كل ذلك، لضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة والعالم.
} كيف يمكنكم تأمين إمدادات الطاقة من الخليج للصين؟ وما موقفكم من دعوة ترامب لحث الدول على المشاركة بقوات لحماية ناقلاتها النفطية؟
- نحن نؤمن بالحلول الدبلوماسية، واستخدام أسلوب المفاوضات، لتحقيق الأمن والاستقرار، ولذلك لسنا مع دعوة الرئيس الأميركي ترامب، بمشاركة قوات عسكرية، لأن القوة لن تكون هي الحل، وهذا هو موقف دول أخرى، ومن بينها روسيا، وهذا هو الفرق بين الدبلوماسية الأميركية، التي تميل دائما للصدام والتصعيد، دون النظر لما قد يترتب عليه من زيادة توتر واشتعال في المنطقة، بينما موقفنا يدعو للتهدئة.
} في ظل الخلافات الأميركية الصينية.. هل احتمالات الصدام واردة؟
- الصينيون يضعون الخلافات الأميركية الصينية في إطارها المحدد، وهو التنافس الاقتصادي، دون التصعيد إلى التصادم العسكري، والصين حريصة على ألا تعطي للرئيس الأميركي دونالد ترامب الفرصة، مهما كانت الأساليب الاستفزازية، المستندة للقوة العسكرية، ولكننا ندرك أيضا أننا قوة مستقبلية صاعدة، ولن نستدرج إلى معركة لا يرغب فيها الجانب الصيني، أو نكون سببا في اشتعال فتيل حرب عالمية ثالثة، لأن الصينيين لن يتحملوا أخلاقيا مسؤولية دمار العالم، لذا نميل لتغليب العقل، والتعامل بحكمة وحنكة، وتسوية الخلافات مع الأميركان عبر التفاهمات والحوار، حتى ننزع هواجس القلق من قلب المجتمع الدولي.
} حدثنا عما حققه منتدى الحوار العربي الصيني منذ تأسس عام «2004»؟
- هو منتدى مهم، وقد حقق كثيرا من التعاون المشترك على الجانبين العربي - الصيني، وتوظيف الإمكانيات المشتركة، ماديا، وموارد طبيعية، وثقافيا وحضاريا، وتبني رؤى واحدة في نبذ دعوة الصدام، وتغليب أفكار ومبادئ الحوار، ونعتقد أن الحفاظ على دورية انعقاد دوراته بشكل سنوي، هي نجاح في حد ذاته.
} كيف تنظرون لدور قطر في منتدى الحوار العربي - الصيني؟
- نحن نقدر جهود دولة قطر الفاعلة في التعاون العربي الصيني، خاصة أن الدبلوماسية القطرية تمتلك كثيرا من المقومات والقدرات والمهارات، التي تسهم في التقارب بين الجانبين.
} أخيرا، ماذا تريد الصين من إحياء طريق الحرير؟ وكيف تنظرون لدور دولة قطر؟ وماذا عن فكرة تصفير الخلافات مع الجيران؟
- المبادرة التي طرحها فخامة الرئيس الصيني بشأن الحزام والطريق، تحقق منفعة اقتصادية جماعية، ودولة قطر، كانت في مقدمة من أيدوا المبادرة، وفيما يتعلق بالخلافات مع الجيران، وخاصة النزاع مع الجانب الياباني، حيث ننحي الخلافات جانبا في قضية تتباين حولها الرؤى، ونتعاون فيما يحقق المصلحة للشعبين، والعمل على إعادة بناء الثقة بين بكين وطوكيو، وكلا الجانبين حريص على عدم التصعيد.
copy short url   نسخ
16/11/2019
2153