+ A
A -
كتب - محمد أبوحجر
أكد قانونيون أن موافقة مجلس الوزراء على إصدار ميثاق نزاهة الموظفين العموميين يأتي لتحقيق أعلى مؤشرات الشفافية والنزاهة في الدولة، وإسباغ مزيد من الحماية للمال العام، موضحين أن الميثاق يهدف إلى تعزيز السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة للموظفين في الدولة.
وأضاف القانونيون، خلال تصريحات لـ الوطن، أن الميثاق يعد حائط صد يمنع تغلغل الفساد في مؤسسات الدولة، ويصون المال العام، ويعزز في الوقت نفسه الثقة في موظفي الدولة، مشيرين إلى أن الميثاق يساعد مؤسسات الدولة على تأدية مهامها بكفاءة واقتدار.
وأكدوا أنه يخدم الموظف العام والمؤسسة التي يعمل فيها، كما يصب في مصلحة جمهور المتعاملين مع المؤسسة، ومصلحة الدولة، ويجعل الموظف يتحلى بالسلوك الحميد المطلوب لأداء جميع الوظائف.
هذا وكان مجلس الوزراء وافق الأربعاء الماضي على مشروع قرار بإصدار ميثاق نزاهة الموظفين العموميين. ويأتي إعداد مشروع القرار لتحقيق أعلى مؤشرات الشفافية والنزاهة في الدولة، وإسباغ مزيد من الحماية للمال العام، ويهدف الميثاق إلى تعزيز السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة للموظفين العموميين في الدولة.
حماية المال العام
في البداية، قال الخبير القانوني والمحامي محمد ماجد الهاجري إن التزام الموظف العام بميثاق النزاهة يجعله يتحلى بالسلوك الحميد المطلوب لأداء جميع الوظائف، مؤكدا أن ميثاق النزاهة سيضع حداً للممارسات التي يكون فيها تعارض مصالح، ويقصد بها الأعمال التي قد يؤديها الموظف خارج وظيفته، وتتعارض مع مصلحة العمل.
وأوضح أن إصدار ميثاق للنزاهة والشفافية يصب في الصالح العام من خلال وضع مبادئ أخلاقية ومعايير محددة لإنجاز الوظائف الحكومية، لأنك لا تستطيع محاسبة الموظف العمومي إذا لم تحدد له الطريقة المثلى لإنجاز المهام الوظيفية.
وأكد أن ميثاق النزاهة يضمن لكل موظف عام فرصا متساوية في الترقي والتحفيز والحصول على دورات تدريبية تؤهله لأداء عمله بمهنية واحترافية عالية، على أن يؤدي عمله بمهنية وأخلاق عالية، وبذلك يتحقق الهدف من وضع الميثاق في زيادة الشفافية وصيانة المال العام من الفساد.
وأشار الهاجري إلى أن إصدار ميثاق للنزاهة والشفافية في قطر يأتي في إطار استكمال منظومة تمكين مؤسسات الدولة من أداء مهامها بكفاءة واقتدار، وتعزيز الثقة في الوظيفة العامة وحماية المال العام، إلى جانب منظومة القوانين الأخرى التي تحدد شروط الاختيار للوظيفة العامة من حيث القدرة والكفاءة على إنجاز الأعمال والمهام المناطة بالموظف العام في مؤسسات الدولة المختلفة، وتكامل منظومة القوانين والمواثيق هذه من شأنها تهيئة الأجواء لتحقيق التنمية الشاملة وفق رؤية قطر 2030.
وقال إن المهام الوظيفية في المؤسسات تختلف باختلاف طبيعة المؤسسة، فهناك مؤسسات خدمية ترتبط ارتباطا مباشرا بالجمهور وتتطلب مواصفات معينة في الموظف العام الذي يتولى هذه الوظائف، كما توجد وظائف في مؤسسات إنتاجية وهذه أيضا تتطلب موظفا بمواصفات محددة، لذلك فإن ميثاق النزاهة يفترض أن يحدد الأطر العامة لواجبات وحقوق الموظف العام، على أن تفصل كل مؤسسة المهام الإضافية حسب طبيعة العمل التعارض في المصالح بشكل دقيق.
يقضي على تضارب المصالح
من جانبه، قال المحامي علي الخليفي: تابعنا باهتمام موافقة مجلس الوزراء على إصدار ميثاق نزاهة الموظفين العموميين لتحقيق الشفافية والنزاهة وحماية للمال العام، وتعزيز السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة، مما يحتم علينا جميعاً كل في موقعه التمسك بالقيم الوطنية المعززة لسيادة القانون وترسيخ العدالة ومحاربة الفساد.
وأضاف: يجب أن يحدد الميثاق معايير الشفافية والنزاهة وأخلاقيات الوظيفة التي يتعين على كل من يشغلها الالتزام بها، وأن يقوم بالإفصاح المالي، وأن لا يمتهن العمل التجاري، وأن يحافظ على ما يتوصل إليه من معلومات، وأن لا يلجأ إلى استثمار وظيفته لتحقيق منافع خاصة.
وتابع الخليفي: إن إطلاق قواعد السلوك على شكل ميثاق يعتبر مظهرا حضاريا يعمق الشفافية والمحاسبة في سلوكيات الموظفين، فضلاً عن أنه تعبير صادق عن الإرادة السياسية لنشر معايير النزاهة والشفافية على أرض الواقع، ويرسخ معايير العدالة والانضباط للعاملين في الأجهزة الحكومية.
وأوضح أن الإصلاح لا يتحقق بوضع التشريعات، وإنما يتحقق بممارسة المكلفين بإنفاذها من خلال وضع إطار سلوكي مراقب ذاتياً ورئاسياً، ويرتكز على أساس الارتقاء الذي يتسع مفهومه ليشمل منظومة العمل ومعايير الأداء.
وأكد أن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تنضم قطر لها وضعت مدونات قواعد سلوك للموظفين العموميين، وهي أن تعمل كل دولة طرف على تعزيز النزاهة والأمانة والمسؤولية بين موظفيها العموميين، وفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني. وعلى وجه الخصوص، تسعى كل دولة طرف إلى أن تطبق، ضمن نطاق نظمها المؤسسية والقانونية، مدونات أو معايير سلوكية من أجل الأداء الصحيح والمشرّف والسليم للوظائف العمومية، وعلى كل دولة طرف، حيثما اقتضى الأمر ووفقا للمبادئ الأساسية لنظامها القانوني، أن تحيط علما بالمبادرات ذات الصلة التي اتخذتها المنظمات الإقليمية المتعددة الأطراف، ومنها المدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين، وأن تنظر كل دولة طرف أيضا، وفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، في إرساء تدابير ونظم تيسر قيام الموظفين العموميين بإبلاغ السلطات المعنية عن أفعال الفساد، عندما يتنبهون إلى مثل هذه الأفعال أثناء أداء وظائفهم، وأن تسعى كل دولة طرف، عند الاقتضاء ووفقا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، إلى وضع تدابير ونظم تلزم الموظفين العموميين بأن يفصحوا للسلطات المعنية عن أشياء منها ما لهم من أنشطة خارجية وعمل وظيفي واستثمارات وموجودات وهبات أو منافع كبيرة قد تفضي إلى تضارب في المصالح مع مهامهم كموظفين عموميين.
نسبة الفساد الأقل عالميا
وفي سياق مواز، توقع المحامي عبدالله المطوع أن يتضمن ميثاق نزاهة الموظفين مجموعة القيم والمبادئ الواجب توافرها في الموظف العام، موضحا أن الميثاق يأتي في إطار التزام دولة قطر بمكافحة الفساد.
وأضاف المطوع أن نسبة جرائم الفساد في قطر هي الأقل عالميا، ولكن وجود الميثاق ضروري لأنه يحدد سلوكيات الموظف العمومي تجاه زملائه ورؤسائه في العمل من جهة وجمهور المتعاملين مع جهة عمله من الجهة الأخرى، وكذلك يشكل مرجعية يمكن من خلالها محاسبة المقصرين.
وأكد المطوع أن الميثاق الذي وافق مجلس الوزراء على إصداره خلال اجتماعه الأسبوعي يخدم الموظف العام والمؤسسة التي يعمل فيها، كما يصب في مصلحة جمهور المتعاملين مع المؤسسة، ومصلحة الدولة، ويجعل الموظف يتحلى بالسلوك الحميد المطلوب لأداء جميع الوظائف.
معايير سلوكية
هذا وأكدت هيئة الرقابة الإدارية والشفافية، عبر موقعها الرسمي، أنه روعي في إعداد الميثاق العديد من المرجعيات الوطنية والدولية، وتم إشراك الجهات المعنية وعلى رأسها الفريق الوطني المعني بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
وأكدت الهيئة أن ميثاق نزاهة الموظفين العموميين عبارة عن معايير سلوكية يجب على الموظف العام أن يؤدي أعماله في ضوئها، تتمحور هذه المعايير حول قيم الجدية، والصدق، والأمان، والموضوعية، والحيادية، والكفاءة، والريادة، والنزاهة، والتجرد، والعدالة، والمساواة، والشفافية، وتترجم هذه القيم في كافة مجالات عمل الموظف العام، وفي كافة العلاقات التي تربطه في محيط العمل ومتلقي الخدمة والمجتمع ككل، فتغطي أداء الاختصاصات الوظيفية، والتزامات الحفاظ على الأموال والممتلكات العامة، والحفاظ على المعلومات والوثائق الرسمية، وتجنب ومعالجة تضارب المصالح، والالتزام تجاه جهة العمل، والعلاقة مع الرؤساء، والعلاقة مع الزملاء، والعلاقة مع المرؤوسين، والتعامل مع متلقي الخدمة، والتعامل مع تكنولوجيا المعلومات، والتعامل مع البريد الإلكتروني، وواجبات جهة العمل، والأعمال المحظورة.
وتابعت الهيئة: على المستوى الوطني، يأتي هذا الميثاق في ضوء تحقيق رؤية قطر الوطنية 2030، وتركيزها على بناء قوة عمل كفؤة وملتزمة بأخلاقيات العمل، وتأكيدها على الاستخدام الأمثل للموارد العامة، كما أن الميثاق يعتبر تأسيسًا على ما نص عليه الدستور الدائم لدولة قطر من أن الوظائف العامة خدمة وطنية، ويستهدف الموظف العام في أداء واجبات وظيفته المصلحة العامة وحدها.
أما على المستوى الدولي، فيأتي الميثاق متسقًا مع أعلى المعايير الدولية في هذ المجال، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والمدونة الدولية لقواعد سلوك الموظفين العموميين الصادرة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومدونات ومواثيق السلوك الوظيفي وأخلاقيات الوظيفة العامة للعديد من دول العالم.
ويهدف الميثاق إلى تعزيز الإطار التشريعي للوظيفة العامة فيما يتعلق بتحديد السلوكيات الوظيفية، وتعزيز أخلاقيات الوظيفة العامة، بما من شأنه أن يصب في تحقيق أعلى مؤشرات الشفافية والنزاهة في الدولة، وتعزيز الثقة في الوظيفة العامة، وإسباغ مزيد من الحماية للمال العام.
copy short url   نسخ
17/11/2019
4173