+ A
A -
عقد الملتقى القطري للمؤلفين، بالتعاون مع معهد الدوحة للدراسات العليا، ندوة فكرية بعنوان «رؤى في الهوية الوطنية» بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني لدولة قطر.
شارك في هذه الندوة التي احتضنتها مكتبة معهد الدوحة للدراسات العليا كل من الكاتبة مريم ياسين الحمادي مدير عام الملتقى القطري للمؤلفين، والإعلامي الدكتور ماجد الأنصاري أستاذ علم الاجتماع السياسي والخبير الأكاديمي في جامعة قطر، والكاتب والإعلامي الأستاذ عبد العزيز آل إسحاق، وحضرها عدد من الإعلاميين والكتاب والفاعلين في الساحة الثقافية.
البداية كانت للدراسة الأكاديمية، التي قدمها الدكتور ماجد الأنصاري والتي قال فيها إن موضوع الهوية موضوع شائك نظرا لخلط المفاهيم بين الهوية الاجتماعية والهوية الوطنية.
وعرض الدكتور الأنصاري في حديثه بنتائج مشروع مسح الهوية الوطنية لسنة 2018 الذي قام معهد البحوث الاجتماعية والاقتصادية بجامعة قطر بتنفيذه سنة 2018 والذي خرج بعدة نتائج، واستنتاجات أهمها أن الهوية تخضع لمجموعة من المحددات المشتركة لشعب يتم الاتفاق عليها، اجتماعيا تتمثل في اللغة والدين والتاريخ والثقافة المحلية التي هي عبارة عن مجموع العادات والممارسات الاجتماعية.
وفي عرض الدكتور الأنصاري، أكد على أن الإطار الجغرافي، كونه ليس محددا للهوية الاجتماعية، لا ينعكس عليها بأي شكل، بل أن الهوية، تبنى على أساس التوافق الشعبي، ويتم توظيفها على شكل اتفاق وليست سابقة لوجود الكيان المجتمعي، كما أنها غير ثابتة بل تتغير تماشيا مع المتغيرات الاجتماعية والسياسية، مبينا أن الهوية الوطنية شاملة، لا تغلب ثقافة مجموعة صغيرة على أخرى بل يجتمع تحت مظلتها المجموعات والقبائل بمختلف ممارساتهم وعاداتهم الخاصة.
كما خرج البحث الذي أجراه الدكتور مع عدد من الباحثين والأخصائيين في جامعة قطر بعدة استنتاجات أهمها أن هناك علاقة بين الدين والهوية، فكلما زاد التدين زاد الشعور بالانتماء كما أن النساء أكثر ارتباطا بهويتهم في حين ينقص هذا الشعور بالانتماء والوطنية لدى الشباب أقل من 24 سنة كما أن الانعزال لا يعزل الأشخاص على الشعور بالانتماء والهوية الوطنية.
في ذات السياق اختلفت مقاربة الأستاذ عبد العزيز آل إسحاق لموضوع الهوية الوطنية إذ اعتبر أن الدولة انتهجت سياسة محددة في إطار جهودها لتعزيز الهوية على مستوى العادات والتقاليد للأفراد والمؤسسات تهدف أساسا إلى التمسك بمقومات الهوية، معتبراً أن النتائج التي خرج بها البحث الإحصائي، غير ثابتة نظراً لكون البحث أجري في فترة ما بعد الحصار، وهي فترة توهج الروح الوطنية واتقاد شعلة التعاضد والتكافل لدى الشعب القطري.
وقال في السياق ذاته، إنه كلما زاد تمسك الشخص بعناصر الهوية، كلما أصبح انعكاسا لها وكلما نقصت العناصر كلما خرج من دائرتها، معتبرا أن هذه العناصر يمكن أن تكون مرنة وقابلة للتغيير تماشيا مع التغيرات الحاصلة، سواء سياسية اجتماعية أو ثقافية خاصة في ضوء العولمة وما تعيشه دولة قطر من تمازج ثقافي، تجمع مختلف الأعراق والثقافات والعادات.
واعتبر الكاتب والإعلامي آل إسحاق أنه يجب تقبل تغير ملامح الهوية الوطنية وتقبل الاختلاف لا سيما في ظل التغيرات الحاصلة في المجتمع وميول أغلب القطريين إلى المدارس الخاصة التي تتبع سياسة بعيدة على ترسيخ الهوية الوطنية وتدعو إلى الانفتاح، وهو ما قد يؤثر على اللغة مثلاً، ولكن هل سيؤثر ذلك على قوة الهوية ؟.
وفي الندوة دعت الكاتبة مريم ياسين الحمادي، للتركيز على القيم الرئيسية للهوية الوطنية القطرية،وأشارت إلى أهداف خطة وزارة الثقافة والرياضة لتعزيز الهوية القطرية وهي: تعزيز قيمة العمل الصالح واتقانه وعدم قصره على جانب دون آخر، زيادة التكاتف المجتمعي من خلال تعزيز الحوار، والتأكيد على حوار الثقافات والحضارات، إعلاء قيمة العلم، والبحث العلمي، وتشجيع اكتساب التكنولوجيا، حماية البيئة والحفاظ على المقدرات الطبيعية بما يحفظ الحياة السليمة للمجتمع والأجيال القادمة، الاهتمام بالوقت والانتفاع به في جميع مناحي الحياة، تعزيز المواطنة باعتبارها شرط التقدم وصمام الأمان للجميع.
وبينت أن الهوية يجب أن تتميز وتتماشى مع التغيرات دون الذوبان في المجتمعات الأخرى،وأشارت إلى الجاليات التي تعيش في مشارق الأرض ومغاربها، وتحافظ على هويتها، وتلتزم نحوها، في الشكل والمضمون.
وقالت الحمادي إن التوجه المجتمعي العام على الأغلب، متوافق مع توجهات الدول، وما تتطلع له نحو شعوبها، فعلى سبيل المثال في دولة قطر، يتماشى التوجه العام في المجتمع مع رؤية الدولة للهوية الذي تم تحديده في الرؤية الوطنية العامة 2030، إذ أن دور الدولة يتمثل في توجيه الدفة في حين دور المواطنين، تحديد اختياراتهم، المبنية على الثبات على القيم والهوية الداخلية والخارجية، وتوجد أمثلة لكيف تؤثر الدولة في إحداث التغيير في الهوية الوطنية وفقاً لتطلعاتهم، وهو يتوقف على توجهات هذه الدول.
وأكدت في السياق ذاته أن الرؤية الوطنية رسمت ملامح المواطن وحددت هويته، وصفاته وخصائصه في علاقته مع الآخر، داعية إلى الحفاظ على نفس التوجهات المؤسساتية وأثنت على الجهود المتواصلة لدراسة الهوية بطريقة واسعة ومعمقة، لما لهذه الدراسة من دور في ترسيخ المبادئ والقيم المتعلقة بالهوية، واعتبرت كثرة مناقشة مسألة الهوية الوطنية، مؤشرا إيجابيا للهوية المشتركة، وهي الهوية الوطنية وشعور الأفراد وظهور بشكل واحد، والحماس المصاحب، يعتبر هوية وطنية.
وقالت إن الهوية الوطنية، تأتي بالمشاعر المشتركة التي ظهر فيها المجتمع القطري بعد حصار قطر، وأنها على يقين بأنها ليست ظاهرة وإنما ستكون عملية مستمرة، ومن ناحية أخرى أشارت إلى الهويات المختلفة والتي ظهرت بصفاتها، وما يترتب عليها من صورة ذهنية، لدى الشعوب المختلفة، لذا دعت إلى التركيز على القيم الرئيسية للهوية الوطنية القطرية، وأشارت إلى أهداف خطة وزارة الثقافة والرياضة لتعزيز الهوية القطرية وهي: تعزيز قيمة العمل الصالح واتقانه وعدم قصره على جانب دون آخر، زيادة التكاتف المجتمعي من خلال تعزيز الحوار، والتأكيد على حوار الثقافات والحضارات، إعلاء قيمة العلم، والبحث العلمي، وتشجيع اكتساب التكنولوجيا، حماية البيئة والحفاظ على المقدرات الطبيعية بما يحفظ الحياة السليمة للمجتمع والأجيال القادمة، الاهتمام بالوقت والانتفاع به في جميع مناحي الحياة، تعزيز المواطنة باعتبارها شرط التقدم وصمام الأمان للجميع، ويرتبط بمسألة القيم، وهي عملية متكاملة بين الجميع، خاصة أن دولة قطر دولة، دينها الإسلام، وتستمد تشريعاتها منه، وأكدت أن كثيرا من الأمور المرتبطة بالهوية، تراوحت بين الصفات الطبيعية، التي تتراوح بين الزيادة فيها، والنقص، وهو ما يؤدي إلى المبالغة، وتقود إلى التطرف، وهذا التطرف، قد يكون بالصفات لتكون كثيرة، أو قليلة، وكلاهما خطر.
مثال واضح مسألة الدين وهو أساس في هويتنا، وقد يكون سببا لما يعلن عن المسلمين في مسألة الإرهاب، كمسألة تطرف، وهنا يتم تحويل الإسلام سمة للهوية، بشكل سلبي، غير أن التأكيد على أن الإسلام دين معتدل، وهذا ما يجعل هويتنا، هوية متوازنة، تلتزم بدينها، ووضوح الحلال والحرام فيه، وتقبل الآخر، على اختلاف معتقداتهم، ففي النهاية، لا يمكن لعاقل أن يختلف في حسن الخلق، فالصحيح صحيح للجميع، ويكون للمجتمع دور كبير في تحديد العمل الصالح وعمل الصواب.
فالأمور واضحة في عمل الصواب يشمل ذلك الحقوق والواجبات، والاتجاه العام لتعزيز روح المبادرة والإنتاج والكفاءة، والالتزام بالقانون، وتعتبر هذه السمات، سمات متوازنة، تحدث في العمق الذي يكون في القيم بداية من تصديقها، والشعور بها، للتحول إلى سلوك، هذا السلوك، نوعه يتوقف على القيم التي تعززت في الهوية سواء الفردية أو التي تعززت لدى المجتمع ليكون صفة جماعية، فهناك شعوب، أصبحت لها سمعة إيجابية بناء على تراكم سمات هذه الشعوب، سلباً أو إيجاباً، وهو ما يتحول لعلامة لاصقة بالشعوب.
copy short url   نسخ
14/12/2019
1659