+ A
A -
تقرير- عبدالرحمن زروق
طوال سنوات عملها في مستشفى بولاية كارولينا الشمالية كانت الممرضة المسلمة أسومان عنتيبلي ترتدي الحجاب، ولم يكن ذلك محل استغراب الكثيرين أو مدعاة للتعليق عليها، فقط من حين لآخر قد تصدر إساءة ما من مريض، لكنها كانت تتجاهل ذلك، وفي إحدى المرات بعد مقتل أسامة بن لادن كانت تسمع عبارات مسيئة من رجال أثناء عودتها إلى المنزل.. ولكن عندما بدأ صعود نجم المرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترمب واجهت أسومان الأسوأ حيث كان المرضى أو مرافقوهم يشيحون بوجوههم عنها، بينما يعمد البعض إلى ارتداء قمصان وقبعات ترامب مضمرين إرسال إشارة ما، وقد رفض آخرون أن تقوم بمعالجتهم حتى وهي تعمل في قسم الطوارئ، حسبما ذكر تقرير لــ «نيويورك تايمز».
ويقول زوجها عبدالله عنتيبلي: لقد كان ذلك مؤلما.. وسمع الزوج نفسه (أستاذ للدراسات الإسلامية في جامعة ديوك) الكثير من العبارات المسيئة من طلابه.
غير أن هذا الألم سرعان ما تحول بصورة درامية إلى فرحة استمطرت دموع الزوجين عندما كان يستمعان إلى المهاجر خضر خان وهو يوجه في مؤتمر الحزب الديمقراطي بفلادلفيا ردا مفحما على هجمات دونالد ترامب الدائمة ضد المسلمين. وقد أشار خان إلى مقتل ابنه الجندي «هيومايون» في حرب العراق عام 2004 وقد أحدثت كلماته هزة عنيفة في المشهد السياسي الأميركي خاصة بعد أن أخرج خان نسخة من الدستور الأميركي من جيبه ملوحا بها وموجها السؤال لترامب «هل قرأت هذا الدستور؟»، غير أن رد ترامب لاحقا تم وصفه بالقبيح، ما أثر سلبا على موقفه الانتخابي، وهو يبذل قصارى جهدة للخروج من تلك الورطة، بينما شهد موقع ( أمازون) اكتظاظا شديدا بطلبات لنسخ من الدستور ليحتل مركز الصدارة للمطبوعة الأكثر مبيعا.
وبالنسبة لمسلمين أميركيين كثيرين، مثل السيد عنتيبلي، فإن حديث خضر خان كان بمثابة طوق نجاة لهم، وقد كان الرد المفحم على ترامب أمرا مهما جدا في انتخابات جرى فيها تصوير المسلمين كأناس غير مخلصين وفي بعض الأحيان كأشخاص خطرين وغير جديرين بالثقة، وقال عبدالله: لقد جاءت كلمات خان مثل لمسة مواساة حانية سخرها لنا المولى عز وجل، فقد أكد أنه لا يمكن إنكار كوننا مسلمين، كما لا يمكن إنكار أننا مهاجرين وبنفس القدر لا يمكن إنكار أننا أميركيون، وأننا مكون أساسي في المجتمع الأميركي، وأننا نتمسك بكل ذلك.
ويعتبر التركيز على المسلمين جزءا من مشكلة كبيرة حول الهوية شملت العرق والدين والنوع لازمت مراحل انتخابات تتميز بالاستقطاب الشديد.. وقد كانت كلمات ترامب التي تنطلق مثل الرصاصات الطائشة مثار جدل شديد فقد تسببت في انقسامات حادة ورسمت على الأرض خطوطا للحرب، حيث وجدت مناهضين ومؤيدين.
وحدثت الكثير من الأمور غير المتوقعة..
ففي فبراير الماضي نشر النائب كيث اليسون عن ولاية مينسوتا، وهو أحد نائبين مسلمين في الكونغرس، إعلانا في صفحة كاملة دعا فيه الأميركيين إلى الترفع عن الكراهية والتعصب الأعمى.. وجاء في الإعلان: علينا الرد على كل موقف يخلو من التسامح، والوقوف بشدة في وجه عبارات الكراهية الموجهة ضد المسلمين.
وعلى الرغم من أن السيد اليسون ينتمي للحزب الديمقراطي، فقد دفع قيمة الإعلان رجل أعمال جمهوري، وقال أليسون عن ذلك: في الحقيقة فإن المواطنين لا يمكن أن يصمتوا إزاء ما يجري، ليس المسلمين فقط، بل كل الأميركيين الذين لديهم معتقدات بما في ذلك اليهود والمسيحيين، والآخرون، فقد شمر الجميع عن سواعدهم.
أما السيد خان فباعتباره (والدا ذهبيا) وفقا للتعبير الأميركي الدارج الذي يطلق على من فقد ابنا في المعارك، فقد كان هو الشخص المناسب جدا لشن هذا الهجوم الصاعق على ترامب. لقد تسببت تصريحات ترامب المنفلتة في خلق أجواء مضطربة في الساحة الأميركية، ويذكر الجميع مناداته بحظر دخول المهاجرين المسلمين لأميركا، وإغلاق بعض المساجد، وإصدار بطاقات هوية خاصة للمسلمين، مع إنشاء قاعدة بيانات فيدرالية خاصة بهم لرصد تحركاتهم.
ولعل اخطر ما في الأمر أن بعضا مما يدعو إليه ترامب وجد آذانا صاغية ما أدى إلى أعمال عنف ضد المسلمين. وقد جاء في تقرير صدر مؤخرا عن مركز التفاهم الإسلامي المسيحي التابع لجامعة جورجتاون إن حملات ترامب واكبها تصاعد العنف ضد المسلمين في أنحاء البلاد، بما في ذلك هجمات على مساجد.
copy short url   نسخ
28/08/2016
2454