+ A
A -
هناك معالم بارزة في تاريخ رحلة المرأة الأميركية في انتخابات الرئاسة الأميركية للنضال من أجل الوصول إلى مقعد البيت الأبيض…
في عام 1789م عندما وصل جورج واشنطن، أول رئيس للولايات المتحدة الأميركية إلى نيويورك على ظهر أحد الزوارق، قادمًا من مونت فيرنون، واستقبل في موكب عظيم، وكانت تمشي وراءه سيدة ممتلئة، لم تكن سوى زوجته مارثا واشنطن، التي اعتاد الناس على رؤيتها معه أيام الثورة الأميركية.
فيما كان الرئيس رذرفورد هايز أول مَن استخدم تعبير «السيدة الأولى»، في إشارة إلى زوجته LUCY HAYES – لوسي هايس في خطابه خلال حفلة تسلمه منصبه عام 1877م. ولا يحمل لقب السيدة الأولى أو السيد الأول أي امتيازات، ولا يعرّف الدستور دورها أو دوره. ولكن في مطلع القرن التاسع عشر، كان من المتوقع من السيدة الأولى أن تساهم في تنظيم المناسبات الاجتماعية في البيت الأبيض.
أما أول امرأة تخوض غمار الانتخابات الأميركية، فهي الناشرة وسمسارة البورصة فيكتوريا وودهول، كمرشحة عن حزب الحقوق المتساوية، لكن يوليسيس جرانت فاز آنذاك بالمنصب، وقد قالت وودهول حينها: «ما يبدو سخيفاً اليوم سيتخذ طابعًا جديًا غدًا». في عام 1887 انتخبت سوزانا مادورا سولترم كـرئيسة لبلدية مدينة أرغونيا في ولاية كنساس لتصبح بذلك أول رئيسة لبلدية في الولايات المتحدة قبل سنوات من حصول المرأة على حق التصويت في عموم البلاد. بينما كانت جانيت رانكين، اول امرأة منتخبة للكونغرس الأميركي في عام 1916م، حيث انتخبت لفترتين غير متتابعتين، حتى قبل التعديل التاسع عشر في عام 1920م، والذي أعطى كل النساء الأميركيات حق التصويت في الانتخابات، وقد أدلت بالصوت الوحيد في الكونغرس ضد الحرب على اليابان إثر الهجوم على بيرل هاربور عام 1941م.
حق التصويت
وبعد ذلك في عام 1920م، صُدِّق التعديل التاسع عشر للدستور الأميركي الذي منح المرأة حق التصويت، ليصبح قانوناً نافذ المفعول بعد تصديق ثُلثي الولايات عليه. ففى يوم الثاني من نوفمبر من عام عشرين، ولأول مرة في التاريخ، توجه أكثر من ثمانية ملايين امرأة أميركية إلى صناديق الاقتراع لممارسة حقهن في التصويت عبر الدوائر الانتخابية في جميع أرجاء أميركا.
وفي عام 1933 حققت إليانور روزفلت تحولاً كبيرًا في دور السيدة الأولى خلال فترة رئاسة زوجها فرانكلين ديلانو روزفلت من عام 1933م إلى 1945م. فكانت أول زوجة رئيس للولايات المتحدة تعقد مؤتمرات صحفية منتظمة وتشارك في سلسلة من المحاضرات. وقد أعطى نشاطها الاجتماعي صوتاً للمستضعفين: الأقليات، والنساء، والمحرومين.
في عام 1964 سعت مارجريت تشايس سميث، وهي سيناتورة جمهورية من ماين، إلى الحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لرئاسة الجمهورية، لتصبح بذلك أول امرأة تترشح لرئاسة الولايات المتحدة على قائمة انتخابية لحزب رئيسي، إلا أنها خسرت أمام سيناتور أريزونا باري غولدووتر.
وشهد عام 1984م ترشح جيرالدين فيرارو، ممثلة نيويورك في مجلس النواب الأميركي، لمنصب نائب الرئيس الديمقراطي إلى جانب والتر مونديل. واعتبرت أول امرأة تترشح لمنصب وطني على لائحة حزب رئيسي بارز (الحزب الديمقراطي)، وعند قبول ترشحها، قال نائب نيويورك: «باختياركم امرأة للترشح لثاني أعلى منصب في الدولة، أرسلتم إشارة قوية إلى جميع الأميركيين بأن ليس هناك أبواب لا نستطيع فتحها. لن نضع أية قيود على الإنجازات». إلا أن مونديل وفيرارو انهزما أمام رونالد ريجان وجورج بوش الأب.
وفى عام 1992م باتت كارول موزلى براون من إيلينوي أول عضوة أميركية أفريقية في مجلس الشيوخ الأميركي، وبعدها في عام 2004م، أنهت سباقها للفوز بترشيح حزبها بعد إخفاقها في تحقيق النصر في الانتخابات الأولية.
أما نانسي بيلوسي من سان فرانسيسكو، وهي سياسية أميركية مُحنكة، واستثنائية في تاريخ السياسية الأميركية، فتُعد أول امرأة تصبح زعيمة للديمقراطيين في مجلس النواب، بالإضافة إلى أنها أول امرأة في تاريخ الولايات المتحدة تصبح رئيسة للمجلس، وهو من المناصب الأكثر نفوذاً في الحكومة الأميركية، حيث يأتي في المرتبة الثانية لخلافة الرئيس بعد نائب الرئيس.
فقد وضعها الحزب الديمقراطي على رأس مجلس النواب الأميركي منذ عام 2007م إلى 2011م، ثم أصبحت زعيمة الأقلية في مجلس النواب الحالي، بعد أن حصل الحزب الجمهوري على أغلبية مقاعده.
وبعام 2008م كانت سارة بالين وهي سياسية أميركية وملكة جمال ولاية ألاسكا وإعلامية ونجمة تليفزيونية شغلت منصب حاكم الولاية، وهي جمهورية تصنف من تيار المحافظين، قد اختيرت لتخوض المعركة الانتخابية إلى جانب المرشح الجمهوري لسدة الرئاسة جون ماكين. تُعتبر بالين ثاني امرأة تترشح لمنصب نائب الرئيس على لائحة حزب بارز، وأول جمهورية تترشح لمنصب نائب الرئيس.
وفى يونيو عام 2008م خاضت هيلاري كلينتون، التي كانت آنذاك ممثلة نيويورك في مجلس الشيوخ الأميركي، سباقاً محتدماً ضد باراك أوباما للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة، في محاولتها التاريخية للفوز بالرئاسة الأميركية، إلا أنها خسرت، حيث أن الـ 18 مليون صوتًا التي حصلت عليها في الانتخابات التمهيدية في يونيو لم تكن كافية لتأمين ترشيح الحزب الديمقراطي لها.
قالت كلينتون لمؤيديها وقتها: «فكروا بمدى التقدم الذي حققناه بالفعل، من الآن فصاعدًا لن يكون من غير المألوف أن تفوز المرأة بأصوات الولايات في الانتخابات التمهيدية، ولن يكون من غير المألوف أن تخوض المرأة سباقًا متقاربًا لتكون مرشحتنا، ولن يكون من غير المألوف أن نفكر في أن المرأة يمكنها أن تكون رئيسة للولايات المتحدة»..
وقد تبوأت كلينتون بعدها منصب وزيرة الخارجية، وهي زوجة الرئيس السابق بيل كلينتون، والسيدة الأولى الوحيدة التي انتُخبت لتحتل منصبًا عامًا، ففي عام 2009م، أدت القسم لتسلم منصب وزيرة الخارجية، وأصبحت أول سيدة أولى سابقة تخدم في المجلس الوزاري للرئيس.
لكنها لم تكتف بذلك، ففي منتصف العام الحالي 2016م أعلنت هيلاري كلينتون نفسها فائزة بترشيح الحزب الديمقراطي الأميركي لانتخابات الرئاسة الأميركية المقررة في نوفمبر القادم، لتصبح بذلك أول امرأة تخوض هذا السباق عن حزب كبير.
تبدو المرأة في الجو السياسي السائد اليوم أفضل وضعاً للترشح لمنصب الرئيس… فما المانع في أن تصبح امرأة رئيسة للولايات المُتحدة الأميركية؟! ففي النهاية، تشكّل النساء نحو 51% من الشعب الأميركي.. وهذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة…
copy short url   نسخ
28/08/2016
1385