+ A
A -
أكدت الدكتورة لطيفة النعيمي الأستاذة بقسم الكيمياء وعلوم الأرض بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، أنه من المفترض إعادة النظر في تقسيم تخصصات كلية الآداب والعلوم بالجامعة، مشيرة إلى أن هنالك أقساما مهمة مثل: «الرياضيات، الجيولوجيا، علوم البحار» يجب أن تكون لها أقسام قائمة بذاتها وليست مدمجة مع بعض الأقسام الأخرى، وأضافت في حديثها مع الوطن : وجود قسم للجيولوجيا في الجامعات الأخرى لا يمنعنا من المطالبة بتوفير قسم مستقل للجيولوجيا في جامعة قطر باعتبارها الجامعة الأم، وأشارت الأستاذة بقسم الكيمياء وعلوم الأرض بكلية الآداب والعلوم بجامعة قطر، إلى أن مسألة تقسيم التخصصات في كلية الآداب والعلوم يجب أن تخضع لمعايير إستراتيجية، وألا تتم وفقاً لأمزجة البعض. وفي سياق متصل، أشارت النعيمي إلى أن عملية التقطير في مجال التعليم تمضي بشكل أفضل من ذي قبل، بفضل وجود كلية التربية التي أصبحت تغذي المنظومة التعليمية، مبينة أن هذا أمر مشجع للغاية، خصوصاً أن هنالك زيادة في عدد المدرسات أكثر من التقطير في عدد المُدرسين الذي ما زال على استحياء.
في البداية نرجو أن توضحي لنا لماذا اخترت مجال الجيولوجيا بالذات؟
- إذا عاد بي الزمان إلى الوراء كنت سأدرس الطب وتحديداً طب الأعصاب، لأن الأعصاب أهم شيء في الإنسان، فيتوقف على صحتها التفكير والهدوء والإبداع والكيفية التي يبدي بها الإنسان رأيه، والقدرة على الحركة والتعبير عن القوة، كما أن أعصاب الإنسان يمكنها أن تفقده حياته، لأنه بكلمة واحدة تنفلت من بين أعصابه يمكن أن يفقد الإنسان توازنه، أو يصاب بمرض خطير، ولهذا فإن حياة الإنسان ومستقبله وعلاقاته بالغير، بل وعلاقة الإنسان بذاته، تتوقف على صحة أعصابه وقوتها، وهذا التصور يجعلني أربط بين الجيولوجيا وعلم الأرض من جهة، والطبقات البشرية العمرية من جهة أخرى، والعلاقة بين الطبقات الجيولوجية التي اخترتها مجالاً للدراسة والطبقات العمرية البشرية فيما يتعلق بالأعصاب تكمن في أن الأرض تتوتر وتغضب، تماماً كما الإنسان يتوتر ويغضب، فالأرض حينما تتوتر تحدث الزلازل، والإنسان حينما يتوتر يرتعد وتقشعر فرائسه، وحينما تغضب الأرض تحدث البراكين، فتطلق الحمم والصخور المنصهرة، والإنسان أيضا حينما يغضب، يعبر عن هذا الغضب بالكلام القاسي، أو بالضرب، بل ويمكن أن يفضي به غضبه إلى أكثر من ذلك، فيحطم الأشياء، ولهذا فإنني أسمي مجازاً الزلازل والبراكين التي تحدث بأنها: «علم نفس الأرض».
ما المهام الإدارية التي توليتها خلال مشوارك الحافل بالإنجازات؟
- طبعاً إلى جانب عملي كأستاذة في جامعة قطر توليت عدة مناصب منها مديرة مشروع البساط الأخضر التابع لمجلس الوزراء الموقر لمدة سنتين، وكنت أيضاً رئيسة للجنة التنفيذية لمشروع قطر الخضراء التابع للمجلس الأعلى للأسرة لمدة سنتين أيضاً، وكذلك نائبة رئيس اللجنة التوجيهية لذات المشروع لمدة سنتين، بالإضافة إلى عملي كرئيسة لوحدة الدراسات البيئية بجامعة قطر لمدة ست سنوات.
ما المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية التي شاركتي فيها؟
- شاركت في العديد من المؤتمرات والندوات والدورات التدريبية، لكن أهمها حلقة إقليمية حول توظيف الإعلام في خدمة البيئة، بالتعاون مع جامعة الدول العربية ومجلس البيئة وجامعة قطر في اليوم العالمي للمياه، بالإضافة إلى ندوة في يوم البيئة القطرية كانت بعنوان: «الشباب والبيئة معا من أجل قطر»، وأيضاً الندوة التنسيقية الأولى لبحث مشاكل الغذاء والتغذية برعاية وزارة الصحة العامة، وكذلك أزمة المياه في العالم العربي وأبعادها المستقبلية كانت في جامعة قطر، ثم أثر مشروعات التشجير على البيئة القطرية في المجلس الأعلى للبيئة، بالإضافة إلى المرأة والسياسة ودورها في التنمية في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، وأيضاً شاركت في إدخال المفاهيم البيئية في المناهج القطرية في المجلس الأعلى للبيئة والمحميات الطبيعية، ولا أذيع لك سراً إذا قلت لك إنني كنت أول من تقدم بفكرة إدارة مشروع متكامل لتنمية الموارد المائية واستغلالها في زراعة المسطحات الخضراء مع حفظ وإيداع مؤلف فكرة مشروع البساط الأخضر «للمحافظة على الموارد المائية من الهدر في البحر».
حدثينا عن أهم البحوث والمشاريع القادمة؟
- قمت بمشروع أم الأفاعي، ومشروع البساط الأخضر، وكذلك مشروع تطوير وادي الوجبة، بالإضافة إلى مشروع الصرف الصحي «غرب الدوحة»، أما المشاريع القادمة، فهنالك مشروع استخدام المياه المعالجة والسطحية والجوفية بتقنيات جديدة لتحقيق الأمن المائي والأمن الغذائي والحفاظ على البيئة من خلال جامعة قطر.
ما تقييمك للوضع الآن في جامعة قطر؟
- جامعة قطر مرت بمراحل مختلفة، في بداياتها كانت عبارة عن كلية التربية فقط، ثم بعد ذلك بدأت تتشعب وتكبر ونحن طبعاً مواكبون لها منذ سنوات، لكن في مرحلة من المراحل بعد ما كبرت الجامعة وتشعبت، وأصبحت كل التخصصات التي يحتاجها البلد متوافرة، تغيرت السياسات المتبعة وبدأ هنالك تقليص واضح وغير مبرر لبعض التخصصات، حيث تمت عملية دمج عدد من التخصصات بالرغم من أنه لا علاقة مباشرة فيما بينها، والبعض الآخر من التخصصات تم إيقافه نهائياً، فالسياسات هذه أحدثت ربكة وخلقت خللا واضحا للعيان في جامعة قطر، فإذا رجعنا إلى الوراء قليلاً فسنجد أن القرار بإغلاق كلية التربية في مرحلة من المراحل لم يكن صائباً، لأنه جعلنا نضطر إلى استقطاب المدرسين والمدرسات من الخارج مرة أخرى بعد أن وصلنا في وقت من الأوقات إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي بسبب توافر الكادر الوطني.
ماذا عن الوضع في كلية العلوم بالتحديد؟
- إذا تحدثنا عن قسم الرياضيات في كلية الأداب والعلوم مثلاً فسنجد أنه مغلق، وكذلك الجيولوجيا، وعلوم البحار، والجغرافيا والتاريخ، كل هذه مغلقة، حيث دمجها مع بعض الأقسام الأخرى مثلاً الجيولوجيا، مدمجة مع الكيمياء مع أن الجيولوجيا وعلوم الأرض من المفترض أن تحتوي على كليات، خصوصاً أن دولة قطر تتكون من الماء والبترول، حيث يحيط بها البحر من ثلاث جهات، لذلك نحن في حاجة إلى علوم البحار، وأيضاً هي دولة نفطية، مما يجعلها في حاجة إلى الجيولوجيا، فكما أن هناك كلية هندسة تخرج مهندسا مدنيا أو معماريا أو كيميائيا فيجب أن يكون هناك مهندس جيولوجي أيضاً، بالتالي نحن أغفلنا جانبا مهما جداً في مسألة دمج التخصصات هذه، لذلك معظم المشاريع في الدولة لا توجد بها هيئة استشارية قطرية لمتابعتها، وأنا عن نفسي شخصياً كثير من الشركات الأجنبية التي تنفذ مشاريع على أرض الوطن، استعانت بخبراتي في مجال الجيولوجيا وأخذت أجزاء من رسالتي للماجستير أو الدكتوراة لعمل الماستر بلان، وكنا نقوم بزيارة هذه المشاريع لنوضح لهم أماكن التضاريس، على الرغم من أن الدكاترة الجيولوجيين في قطر يمكن عدهم على أصابع اليد، لأن معظم الذين تخرجوا لم يعملوا في المجال فمنهم من ذهب إلى التدريس ومنهم من ذهب إلى العمل بمستشفى حمد.
منذ متى تم دمج قسم الجيولوجيا مع قسم الكيمياء؟
- لا يحضرني التاريخ بالضبط، لكن منذ أكثر من سبع أو ثماني سنوات، والواقع الآن يفرض علينا إعادة قسم الجيولوجيا كقسم مستقل، نعم يوجد في جامعة تكساس وغيرها من الجامعات الأخرى في مؤسسة قطر لكن هذا لا يكفي، لأنه يمكن أن تكون لهم معايير معينة أو أنهم يدرسون البترول فقط، لكننا نحتاج إلى أشياء كثيرة، يعني البنية التحتية مثلاً تحتاج إلى استشاريين قطريين لدراسة هذه المشاريع، ومشكلتنا في الدولة أنه لا توجد شركات محلية تشرف على مشاريع البنية التحتية، أو تتحمل صيانتها، وليس المهم إنشاء مشروع فخم بمليارات، ولكن المهم أن تجد من يقوم بصيانة الأعطال التي يتعرض لها هذا المشروع مستقبلاً لأن الشركات الأجنبية تسلم المشاريع وتذهب إلى حال سبيلها، لذلك وجود الشركات المحلية والخبرات المحلية مهم جداً.
كيف تنظرين لمسيرة التقطير في التعليم؟
- بحمد الله مسيرة التقطير في التعليم تمضي في تقدم أكثر من السابق، بوجود كلية التربية حالياً، التي أصبحت تغذي العملية التعليمية، وهذا شيء مشجع، ويمكن بالنسبة للمدرسات هناك تقدم أكثر، وفيما يتعلق بالمدرسين أشعر أن التقدم مازال على استحياء، بالرغم من أن الشباب هم الذين يحتاجون للقطري لكي يكون مدرساً لهم، لذلك يجب أن تكون هنالك إغراءات للمدرسين بتوفير المنح والمحفزات، لأن الطلاب محتاجون إلى أن تكون قدوتهم من نفس جنسيتهم، خصوصاً في ظل التطرف الموجود حالياً في العالم وداعش وما شابه ذلك، وهذا كله يرجع إلى غياب المدرس القدوة، فإذا أصبح هنالك تسيب في بعض المدارس فالطلاب لن يقبلوا على التعليم، لذلك لابد من توفير التشجيع للطالب أيضاً وليس المُدرس فقط من خلال المسابقات التعليمية والجوائز.
ما أبرز التحديات التي تقف في طريق تطوير المنظومة التعليمية؟
- هناك تحديان أمام تطوير المنظومة التعليمية في الدولة، أولهما الكوادر المحلية المؤهلة: حيث كان في البدايات المعلمون كلهم مواطنون أو معظمهم، لكن بدأت العملية التعليمية تتغير شيئاً فشئياً بعد إلغاء كلية التربية كما ذكرت لك أنفاً، الأمر الذي فتح الباب على مصراعيه للاستعانة بالأجنبي لفترة ليست بالقصيرة، مما أدى إلى تراجع نسبة الكوادر المحلية المؤهلة إلى أن أعيدت كلية التربية مرة أخرى، أما التحدي الآخر فيكمن في تطوير المناهج التعليمية، فيجب أن تجلس جميع الوزارات مع بعضها البعض في مجلس الوزراء لوضع خطة حول ما الذي تريده الدولة من أبنائها خلال السنوات العشر المقبلة، وأقصد هنا الموجودين الآن على مقاعد الدراسة في المراحل الأولى سواء في المرحلة الابتدائية أو حتى في الروضة، وماذا نرغب أن نعلمهم للخروج بمنظومة جديدة لتطوير المناهج التعليمية التي تحتاج إلى عصف ذهني كامل، في اعتقادي يجب أن يقوم به المتقاعدون من الخبراء الوطنيين.
ما أقرب المحطات العلمية والعملية إلى قلبك؟
- أقرب شيء إلى قلبي هو موضوع التشجير والتخضير، لأن تخصصي في الأساس هيدرولوجي أو علم المياه، والمياه طبعاً هي أصل الحياة، وإذا لم نستفد منها في توفير الأمن الغذائي فستكون هنالك مشكلة كبرى، لذلك أنا أحاول بقدر الإمكان في مشروع استخدام المياه المعالجة والسطحية والجوفية بتقنيات جديدة لتحقيق الأمن المائي والأمن الغذائي والحفاظ على البيئة من خلال جامعة قطر، ففي اعتقادي أن التشجير أيضاً مسألة مهمة كونه يساعد على تلطيف الأجواء بالإضافة إلى أن التخضير يريح البصر ويحقق المتعة والراحة النفسية للإنسان.
ما أبرز العقبات التي وقفت في طريق مبادراتك المجتمعية؟
- أبرز العقبات تكمن في عدم تفهم بعض المسؤولين لوجهة نظري في أن دولة قطر يمكن أن تتحول إلى جنة خضراء في يوم من الأيام، خاصة أن معظم الناس يعتقدون أن المياه الجوفية مالحة وأن الماء لا يكفي الاحتياجات كلها لذلك من الصعب بل من المستحيل تحقيق ذلك الحلم، هنالك العديد من التحديات التي تواجهني، وأنا الآن أشتغل على التجارب التي يمكن من خلالها أن أتغلب على كل هذه التحديات، وأتمنى أن تتم إعادة النظر في تقسيم تخصصات قسم العلوم، حتى تصبح الجيولوجيا قسما قائما بذاته، بدلاً من أن تكون عبارة عن قسم هامشي مدمج مع قسم الكيمياء ويطلق عليه الكيمياء وعلوم الأرض، بل من المفترض أن تكون كلية علوم الأرض وليس مجرد قسم مدمج.
copy short url   نسخ
28/08/2016
3290