+ A
A -
يقول أصحاب مكاتب استقدام العمالة المنزلية إن كل بيت قطري اليوم لا يخلو من أربع خادمات على أقل تقدير وهو أمر جيد إذا تم استغلال طاقة تلك الخادمات بشكل إيجابي لمساعدة الأسرة على قضاء حوائجها بسهولة ويسر.. لكن على الجانب الآخر فإن خبراء التربية وعلم النفس وعلماء الدين يرون أن وجود الخادمات في المنزل رغم أهميتهن الشديدة إلا أنه أمر لابد من التعامل معه بحذر حماية للأطفال والنشء القطريين من التغريب أولا عن ثقافتهم العربية والإسلامية وحماية لأطفالنا من قسوة الخادمات، خاصة أن الجرائم التي ترتكبها الخادمات تجاه الأطفال والصغار منهم تزايدت بشكل مخيف في الفترة الأخيرة.. الوطن ترصد من خلال التحقيق التالي آراء الخبراء والعلماء في كيفية الحفاظ على هوية أبنائنا وحمايتهم من مخاطر الاختلاط بخدم المنازل بشكل عام والخادمات بشكل خاص.
بداية تقول المربية والداعية شيخة راشد مفتاح: نحن نعترف أن وجود الخادمات في منازل المواطنين القطريين أصبح أمراً لا غنى عنه في ظل تعدد مهام ومسؤوليات ربة الأسرة التي أصبحت بجانب عملها مسؤولة عن منزل وزوج وأطفال ولهذا فقد أصبح وجود الخادمة في المنازل شيئا حيويا وضروريا للغاية ولكن هذا لا يعني أن نترك كل ما يخص أطفالنا في يد الخادمات مهما كنا نثق فيهن..
فيكفي أن نعرف مثلا أن عدم متابعتنا للطفل وتركه في عهدة الخادمة يعني أن ابننا سيتأثر سلبا وإيجابا بكل ما جاءت به الخادمة من بلادها من عادات وتقاليد وهي تختلف كلية عن عاداتنا وتقاليدنا، خاصة أن معظم الخادمات غير مسلمات وبالتالي فاحتكاكهن المستمر بالطفل دون رقابة لصيقة من الأم والأب سيؤدي إلى نشوئه على قيم وعادات تخالف القيم الأخلاقية الإسلامية والتقاليد القطرية والعربية والتأثر بهويات أخرى قد تتسرب إليهم حتى دون قصد الخادمات.
مراقبة الخادمة
تضيف شيخة مفتاح: من هنا تكمن أهمية وضرورة مراقبة الخادمة وهي تتعامل مع الطفل وليس الخادمة فحسب، بل لابد من مراقبة كل أجنبي يتعامل مع الطفل حماية لأطفالنا ولابد أن يكون الإشراف الأكبر على الطفل في كل شؤون حياته للأم والأب حتى نزرع فيهم القيم والأخلاقيات..
فالجزء الأكبر من التربية يجب أن يقع على عاتق الوالدين ولابد أن تعي الأسرة القطرية والعربية بشكل عام أن مسؤولية تربية الأبناء اليوم مسؤولية كبيرة للغاية خاصة في ظل العالم المفتوح الذي نحيا فيه حاليا.. فلابد من متابعة الأسرة لأطفالها والنظر فيمن يصادقون وفيمن يعاملون وحتى الجوال الذي بين يدي أبنائنا علينا أن نتابعهم جيدا وهم يتعاملون معه لا أقول إن نراقب الجوال ولكن أقول إننا لو زرعنا فيهم قيم وفضائل الإسلام والعادات والتقاليد القطرية الرشيدة فسوف يبتعد النشء والأطفال عن مطالعة كل ما يخالف تلك التعاليم والتقاليد وسينشأ أطفالنا وهم يراقبون أنفسهم ويخافون من الله تعالى ولا يرتكبون الخطأ وحتى لو وسوس لهم الشيطان ووقعوا في الخطأ مرة فسوف يتوبون إلى الله تعالى ولن يكرروا الخطأ مرة أخرى.
التربية السليمة
قالت الداعية الإسلامية إن الحوار مع الطفل هو الطريقة الصحيحة لتقويمه من خلال زرع مخافة الله فعندما يتربى الطفل على الأخلاقيات الإسلامية سينشأ يخاف الله ولا يخطئ لا أقول إنه سيكون طفلا معصوما ولكن على الأقل لن يقع في الأخطاء القاتلة ونحن عندما نربي أطفالنا على أخلاقياتنا لا نقول ذلك لأننا نعادي هوية الخادمات أو السائقين أو غيرهم.. ولكننا في الحقيقة نعادي المبادئ غير الإسلامية ونناهض أفكارهم التي ترفضها قيمنا وتقاليدنا، خاصة أن ديننا يحثنا على ذلك ويؤكد لنا أن الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع فإذا صلح حال الأسرة صلح حال المجتمع.. والأسرة السليمة من وجهة نظري هي التي تستقي قيمها ودعائمها من ديننا الإسلامي الحنيف بتوجهاته السامية.. والذي لا بد أن يكون محور حياتها ونحن اليوم نرى في الإعلام ونسمع أن هناك من يريد أن يفرض علينا ثقافة غير ثقافتنا، وهذا لا يمكن تقبله وعلينا مواجهته بكل الوعي والفهم والمعرفة لما يحيط بنا حتى نستطيع مواجهة هذه التحديات الخطيرة؛ فالأسرة المسلمة المتمسكة بدينها سيشكل هذا الدين حصنا منيعا يمنعها من أن تذوب وتنسى دينها وقيمها.. وترضى بالثقافة بديلا.
مخاطر كبيرة
الداعية بدرية الجفيري تؤكد من جانبها أن هناك مخاطر كبيرة يتسبب فيها ترك الطفل وكل شؤونه بصحبة الخادمات ولعل من أبسط تلك المخاطر تشويه لغة الطفل «العربية» بما يشوبها من الكلمات الأجنبية بسبب كثرة احتكاكه بالخادمة أو السائق اللذين لا يجيدان اللغة العربية فينشأ الطفل بمركب نقص يضره أثناء العملية التعليمية أيضا يساهم الاحتكاك المستمر للطفل مع الخادمة غير المسلمة في نقل معتقدات مرفوضة شرعا إلى الأطفال عن طريق خدم المنازل..
فالخادمة غير المسلمة على سبيل المثال قد تصحب معها تمثالا لمعبودها ويراها الطفل وهي تصلي لهذا التمثال الحجر والمصيبة أنه بمرور الوقت قد يتأثر بها دون أن ندري وحتى لو ظل يذهب بصحبة والده إلى المسجد فإن هذا لا يعني عدم وجود مخاطر من تركنا الطفل بصحبة الخادمة وهي تؤدي طقوسها الوثنية لهذا فلابد أن تسعى الأسرة إلى حماية أطفالها بمراقبة كل ما تفعله الخادمات وهن بصحبة الأطفال حتى نضمن أن الطفل لن يتم غسل مخه بأي عادات أو تقاليد تخالف عاداتنا وتقاليدنا.
مناعة فكرية
تضيف الجفيري: لابد أيضا أن يحرص الأهل وبشكل خاص الأب والأم على تأهيل الطفل منذ الصغر كي يصبح لديه مناعة فكرية ضد أي محاولة لتغريبه عن هويته الوطنية أو الدينية أو الثقافية.. فقد كشفت الدراسات الاجتماعية والإحصاءات عن أن في مواجهة كل قطري يعيش اليوم على أرض قطر هناك أربعة مواطنين غير قطريين بل وغير عرب والأدهى أن ثلاثة من هؤلاء الأربعة غير كتابيين أي لا يدينون بأي من الأديان السماوية أي أنه وباختصار شديد فإن المجتمع القطري يواجه هجمة شرسة وإن كانت في صورة تدريجية تستهدف هويته.. لهذا فنحن والدولة من ورائنا نعمل على ترسيخ كل ما يؤدي لحماية هوية أبنائنا ونحن ننطلق في هذا من رؤية سمو الأمير (حفظه الله) الذي أكد مرارا وتكرارا أهمية الحفاظ على الهوية في ظل هذا الزخم وهذه الثقافات الدخيلة علينا والتي تجعلني أقول إن هويتنا تكاد تسيح تماما.. فالإسلام أمرنا بحسن رعاية أبنائنا خاصة في المراحل الأولى من العمر باعتبارها فترة تكوين الفكر واكتساب المهارات وأصول التربية التي تشكل حياته فيما بعد.. وتربية الأطفال العمل الرئيسي لأي أم.. فرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والرجُلُ راعٍ على أهل بيته وهو مسؤولٌ عن رعيتهِ، والمرأة راعيةٌ على أهل بيت زوجها وولدِهِ وهي مسؤولة عنهم».. فأين إذن مسؤولية الأم إذا لم ترع أطفالها؟
سلوكيات الأطفال
الدكتور طاهر شلتوت خبير علم النفس يقول من جانبه إن متابعة الطفل ومراقبة سلوكيات الخادمة معه أمر في غاية الأهمية ولكن على أن يتم ذلك بحرص شديد حتى لا ينشأ الطفل ولديه شعور بالضعف أمام أي مؤثر خارجي ومطلوب من الأم دائما أن تكون هي ورب أسرتها المسؤولين الأساسيين عن تربية الطفل وزرع التعاليم الإسلامية في ذهنه وحتى إذا توفرت في المنزل خادمة مسلمة فلا يعني ذلك أن نأمن تماما أن الطفل لن يتعرض لمشكلات في هويته سواء الثقافية أو الدينية فاختيار مربية إسلامية ليس كافيا وحده فليست كل مربية مسلمة تربي أبناء صالحين لذلك يشترط في المربية أن تكون ملتزمة بتعاليم الإسلام في سلوكياتها وملابسها وتعاملاتها.. لذلك يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه» فالأب والأم مسؤولان عن اختيار المربية الصالحة الملتزمة بتعاليم الإسلام لضمان تخريج أجيال قادرة على تحمل أعباء الريادة في المستقبل، خاصة في هذا العصر الذي أصبح فيه الإسلام والمسلمون هدفا دائما لكل المخططات والمؤامرات التي تدبر وتحاك للنيل من الإسلام والإساءة إليه والإنقاص من شأن المسلمين.
لابد أن نعي أيضا أن الأسرة هي الوسط في تكوين الشخصية فما يكتسبه الطفل في مرحلة الطفولة من معتقدات، وقيم، وعادات، واتجاهات، تمثل عوامل ثابتة لا تتغير فيما بعد إلا بمحدودية، وبصفة مؤقتة.. ذلك أن نتصور أثر عشر ثقافات تختلف جذرياً عن ثقافة منطقنا في الدين واللغة والعادات والتقاليد ولك أن تتصور لو وضعنا بدلاً من الأم مربية أجنبية ماذا ستكون صياغة طفلنا القطري خاصة في المستقبل ناهيك عن الصراعات النفسية التي تنشأ من نموذج ثقافي قيمي سيريلانكي مرة، وهندي مرة وفلبيني مرة ثالثة وهكذا من عشر أو خمس عشرة جنسية أخرى كيف سيتفاهم هؤلاء الأطفال إذا اجتمعوا بعد عشرين عاما في مجتمعاتهم وأي القيم سيكون لها الغلبة والأفضلية في تبنيها سلوكيا، هل عن الإعاقة اللغوية، أم الإعاقة الفكرية، أم الانحرافات الجنسية أم تفشي ظاهرة العنف التي نناقشها الآن؟ فنحن في حاجة إلى أن نعي وندرك تماماً أن المربية الأجنبية عندما تعطي الطفل شيئاً ما، فيتحول إلى طفل هجين مزدوج الولاء وقد يصيح مزدوج الشخصية فيما بعد.
copy short url   نسخ
27/09/2016
5960