+ A
A -
اليمن- الوطن- محيي الدين الشوتري
أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قراراً رئاسياً قضى بتشكيل هيئة إدارية جديدة للبنك المركزي اليمني ونقل مقره من العاصمة صنعاء حيث يخضع لسيطرة الحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن في قرار وصفه الكثير من المراقبين للمشهد في اليمن بأنه سيكون قاصما للمتمردين الذين أوصلوا البنك المركزي والاقتصاد في اليمن لحالة من الإفلاس، ناهيك عن توجه المتمردين لطباعة أوراق نقدية جديدة كما ذكر محافظ البنك المركزي حديثا منصر القعيطي في مؤتمره الصحفي بالعاصمة السعودية الرياض عقب قرار تعيينه..
ونقل المصرف اليمني إلى عدن ويرى المتابعون للملعب اليمني أن قرار البنك سيسحب البساط من تحت أقدام الحوثيين وهو ما سيضاعف من كاهل الأزمة الخانقة التي ستشهدها العاصمة صنعاء من قرار كهذا لاسيما بعد قيام الحوثيين بتوظيف عشرات الآلاف من أتباعها في السلكين المدني والعسكري عقب سيطرتها على مقاليد المؤسسات في العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر من العام 2014م.
الاستعداد لمعركة طويلة
يقول مصطفى نصر رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي في اليمن إن قرار نقل البنك المركزي يعني انسداد الحل السياسي في الأجل القريب واستعدادا لمعركة طويلة وقد تأخر كثيرا ربما لحرص الجميع أن يظل بعيدا عن الصراع لاسيما مع الآمال بالتوصل لحل سياسي وأيضا تجنبا لمحاذير النقل التي لا تخلو من مخاطر. واستدرك نصر: ثمة نقاط جوهرية لابد من توضيحها حيث إنه من غير المنطقي أن تتم مطالبة الحكومة الشرعية بأن تعود إلى اليمن وتتحمل مسؤوليتها في إدارة الأوضاع والبنك المركزي خارج سيطرتها ومسؤوليتها، مضيفا في كل الأحوال ستتحمل الحكومة الشرعية الحالية والتي ستأتي نتيجة حل سياسي النتائج الكارثية للتجريف الذي حصل للاقتصاد والبنك المركزي سواء في استنزاف الاحتياطي أو زيادة المديونية وغيرها من الأزمات وفي حال تأخر قرار نقل البنك ستتضاعف الفاتورة أكثر ومن الخطأ التفكير بعقلية المقامر حيث يريد الحوثيون أن يجهزوا على كل شيء لكي يصطدموا بالشارع ويخرج الناس ضدهم في أن مخاطر ذلك سيتحملها المجتمع قبل الحوثيين.. وتابع مصطفى نصر: ظلت جماعة الحوثي تمارس الابتزاز ضد الموظفين المدنيين والعسكريين الذين يقفون ضدها سواء بوقف المرتبات أو بوضع اشتراطات كالحضور إلى المناطق التي تسيطر عليها واستمرار هذا الوضع في ظل تحرير العديد من المحافظات لا معنى له سوى معاقبة كل الموظفين مدنيين وعسكريين الذين وقفوا مع الحكومة الشرعية.
وأشار نصر إلى أن سيطرة الحوثيين على المركز المالي لليمن المتمثل بالعاصمة صنعاء وأهم ميناء إيرادي كميناء الحديدة الذي بلغت إيراداته العام الماضي47 مليار ريال لا يعفيهم من المسؤولية في تسليم المرتبات والنفقات التشغيلية إذا ما استمروا في جباية الإيرادات وإلا فإن جميع تلك الأموال دون أي التزامات ستكون قرصنة علنية تجرمها القوانين والمواثيق الدولية، منوها أن بقاء البنك المركزي بصنعاء تحت سيطرة سلطة الأمر الواقع غير المعترف بها إقليميا ودوليا يحد من سهولة التعامل مع العالم الخارجي لاسيما في التعاملات المصرفية والمالية وكل يوم نشهد تضييقا أكثر في هذا الجانب الذي ينذر بعزلة كاملة وبالتالي فإن الحكومة الآن مطالبة باستعادة الثقة مع الخارج بالقطاع المصرفي وهذا يتطلب كفاءة وجهدا كبيرا.
قرار متوقع
اعتبر نصر قرار الرئيس عبدربه منصور هادي بتعيين قيادة جديدة للبنك المركزي اليمني ونقل مقره للعاصمة المؤقتة عدن قرارا متوقعا لاسيما عقب التصريحات التي أطلقتها الحكومة الشرعية قبل أشهر بوقف الإيرادات للبنك المركزي بصنعاء عقب اتهامها لإدارة البنك الواقع تحت سيطرة الحوثيين بالعديد من التجاوزات منها استنزاف الاحتياطي النقدي والسحب على المكشوف ومراكمة الدين الداخلي ووقف مرتبات المحسوبين على الحكومة الشرعية وإنفاق 25 مليار ريال شهريا على وزارة الدفاع التي يسطر عليها الحوثيون، لكن نصر يرى أن القرار يشكل أخطر قرار اقتصادي تم اتخاذه خلال الأزمة اليمنية منذ عامين تقريبا وستكون له تداعيات كبيرة خلال المرحلة المقبلة إذ أن نجاح هذا القرار يعتمد بصورة رئيسية على كفاءة الحكومة في إدارة الأزمة ومستوى التنسيق والدعم من قبل دول مجلس التعاون الخليجي والدول الراعية للمبادرة وكذلك البنك وصندوق النقد الدوليين. منوها أن ثمة متطلبات أساسية لنجاح هذه الخطوة تتعلق بتعزيز الاستقرار الأمني والسياسي في عدن كعاصمة لكل اليمنيين وتفعيل استقطاب الموارد بكفاءة وتشغيل الموانئ وتنشيط الحركة التجارية والاقتصادية وقبل ذلك عودة نهائية للحكومة إلى عدن والسرعة في تجهيز البنية المصرفية التحتية اللازمة لتسيير أعمال البنك وانتعاش الاقتصاد بالإضافة إلى تحمل الحكومة مسؤوليتها في إدارة البلد سياسيا واقتصاديا وسيكون على الحكومة مسؤوليتها في إدارة البلد سياسيا واقتصاديا كما سيكون على دول التحالف مساندة الحكومة الشرعية عبر تقديم دعم مالي مباشر سواء كودائع تغذي عملية استيراد المواد الأساسية أو دعم نفقات المرتبات والنفقات التشغيلية.
إعادة الثقة للقطاع المصرفي والتجاري
من جانبه قال الخبير في الشأن اليمني السيد علي الجرادي إن قرار النقل كان صائبا ويحتاج إلى تحرك سريع من قبل الحكومة والإدارة الجديدة للبنك المركزي لطمأنة القطاع المصرفي اليمني والدولي وإعادة الاعتبار له وفك الحصار المالي.. وأضاف الجرادي: الفوائد التي سيجنيها الاقتصاد اليمني على المدى القصير تتمثل في عودة الثقة للقطاع المالي والمصرفي واجتذاب الدعم الدولي والمساعدات وفك الحصار عن ترحيل النقدية بالعملة الأجنبية للقطاع المصرفي وتغطية فواتير الواردات للقطاع الخاص ودعم الاحتياطي النقدي من دول التحالف بالودائع والحسابات الخارجية وإعادة تصدير النفط والغاز.. وأشار الجرادي إلى أنه يتوجب أن يرافق هذه القرارات تحرير شركة النفط والغاز من سطوة الانقلابيين وتصحيح مسار التدفقات النقدية لهذه الشركات، كذلك أن يصاحب هذا القرار إنشاء إدارة الخزينة في وزارة المالية لتكون مسؤولة عن حسابات الدولة في البنك المركزي وإيجاد حلول لفرع البنك المركزي بصنعاء وإعادة هيكلته ونقل الكفاءات إلى عدن. ونوه الجرادي أنه لن يتم النجاح إلا إذا أعيدت الثقة للقطاع المصرفي والقطاع التجاري لإعادة ضخ أموال الودائع والشركات للبنوك.
copy short url   نسخ
27/09/2016
1964