+ A
A -
تواصل الفعاليات الشعبية والوطنية بمدينة القدس المحتلة نضالها لإفشال مخطط الاحتلال الإسرائيلي الهادف للسيطرة على التعليم في المدينة، عن طريق ما يسمى بـ«الخطة الخماسية» التي طرحتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بزعم تحسين نوعية التعليم شرقي القدس المحتلة.
ويشدد مختصون على أن إسرائيل تسعى للسيطرة والإشراف على جميع مسارات التعليم في مدينة القدس، في الوقت الذي قالت فيه مؤسسات تعليمية: «إن التعليم في المدينة المحتلة يعاني إهمالاً حاداً وعجزاً كبيراً، مشيرين إلى أن سعي الاحتلال إلى تطبيق «الخطة الخماسية» يكشف عن المخططات والمحاولات الرامية لضرب مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية».
وكانت الحكومة الإسرائيلية صادقت، مؤخراً، على توسيع استخدام المنهاج الدراسي الإسرائيلي في المدارس الفلسطينية في القدس المحتلة، من خلال زيادة عدد صفوف الصف الأول التي ستخضع للمنهاج الإسرائيلي وزيادة عدد المستحقين للحصول على شهادة «البجروت» الإسرائيلية الموازية لشهادة التوجيهي الفلسطينية.. ويقضي قرار حكومة الاحتلال بتطبيق هذه الخطة على مدار السنوات الخمس المقبلة.
وتقضي هذه الخطة، التي بادر إليها وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، نفتالي بينيت، ووزير شؤون القدس، زئيف إلكين، بحصول المدارس على محفزات اقتصادية مقابل تدريس المنهاج الإسرائيلي، بينما لا تحصل المدارس التي تطبق هذه الخطة على زيادة بميزانياتها.
وتعتزم الحكومة الإسرائيلية تشكيل طاقم يعمل على تقديم خطة عمل لتطبيق المنهاج الدراسي في مدارس القدس المحتلة ومصادر تمويل لها، في غضون شهر.
وزعمت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، أن هدف الخطة «تحسين جودة حياة سكان الأحياء العربية في القدس وتعزيز قدرتهم على الاندماج في المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي، وبذلك تقوية مناعة العاصمة كلها».
وبحسب الخطة، سيزيد عدد صفوف الصف الأول في مدارس القدس المحتلة التي يدرس فيها المنهاج الإسرائيلي، الذي يركز على موضوعي اللغة الإنجليزية والرياضيات، 100 صف آخر بصورة تدريجية.
وتسعى دولة الاحتلال إلى رفع نسبة خريجي المدارس الفلسطينية المستحقين لشهادة البجروت من 12 % إلى 26 %، وزيادة نسبة المستحقين لشهادات تخرج تكنولوجية من 11 % إلى 33 %.. وتدعي وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية أن الخطة تسعى إلى خفض نسبة التلاميذ المتسربين من الدراسة في الصفوف الثانوية من 28 % إلى 25.5 %.
ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن مصدر مطلع في وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية قوله: «إن البرنامج الدراسي للحصول على شهادة بجروت هي اختيارية وليست إلزامية؛ لكن في المقابل، سيحصل المنضمون إلى هذه الخطة على محفزات اقتصادية، مثل تمويل زيادة حصص التدريس وتوسيع برامج التعليم في المدرسة وتحسين البنية التحتية في المدارس، وذلك إضافة إلى الميزانية الأصلية المخصصة لهذه المدارس».
من جانبه، لم يخف بينيت الهدف من وراء هذه الخطة، وقال إن «القدس يجب أن تكون موحدة بالأفعال وليس بالكلام.. وكلما يتم تعميق التعليم بموجب المنهاج الدراسي الإسرائيلي، كلما نواصل تقوية جهاز التعليم في شرقي المدينة».
ضرب مقومات الهوية الفلسطينية
وتثير هذه الخطة غضبا في الجانب الفلسطيني كونها تسعى إلى أسرلة القدس المحتلة، حيث قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي: «إن «هذه الخطة غايتها تحويل القدس إلى يافا أو عكا، فقد أدخلوا جهاز التعليم في أزمة، والآن هم يبتزون».
وقالت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية: «إن الخطة الخماسية التي طرحتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بزعم تحسين نوعية التعليم شرقي القدس المحتلة، يكشف عن المخططات والمحاولات الرامية لضرب مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية».
وشددت الوزارة الفلسطينية، على أن إسرائيل تحاول فرض مشروع يستهدف تهويد المناهج التعليمية في القدس، محذرة من تداعيات ومخاطر خطط الاحتلال.
وأكدت أن تهويد التعليم بالقدس دليل جديد على السياسات القمعية والعنصرية المخالفة لكافة القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، داعيةً لفضح مخططات الاحتلال التي تطال التعليم في القدس، وتكريس كل الجهود لحماية التعليم في المدينة المحتلة والتصدي لمحاولات محاربة الهوية الوطنية.
وأردفت: «من حق طلبة وأطفال القدس التمسك بهويتهم الوطنية عبر تلقي تعليم وطني نوعي، وفق ما كفلته المواثيق والقوانين الدولية»، مشيرة إلى أن محاولات أسرلة التعليم في القدس «سياسات تهويدية بحق المدينة المقدسة والتعليم فيها، وجريمة بشعة».
يذكر أن المناهج الفلسطينية في القدس المحتلة تتعرض لحملة تشويه من قبل أعضاء نافذين في الحكومة الإسرائيلية وأحزاب يمينية، والتي تتهمها بممارسة التحريض ضد الاحتلال.
وفي الآونة الأخير طالب وزراء ونواب في الكنيست الإسرائيلي وجمعيات يمينية يهودية بوقف تعليم المناهج في المدارس الفلسطينية بالقدس المحتلة، وفرض المنهاج الإسرائيلي الذي يهدف إلى تعميق تهويد المدينة من خلال التعليم، إضافة إلى فرض عقوبات مالية على المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني وتقديم إغراءات مالية إلى المدارس التي تعلم وفق المنهاج الإسرائيلي.
ترصد مستمر
بدوره، اعتبر الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى أن مساعي سلطات الاحتلال للمصادقة على اقتراح تمويل خطة خماسية حكومية لتحسين نوعية التعليم في القدس الشرقية المحتلة، استهداف جديد للتعليم في المدينة المحتلة وتهويده.
وأكد أن التعليم هو من أكثر القطاعات استهدافاً في القدس المحتلة، حيث تترصد سلطات الاحتلال للمناهج الدراسية بين يدي الطلبة الفلسطينيين في المدينة المحتلة، وذلك لخلق جيل بعيد عن قضيته.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال باستهدافها للمناهج الدراسية تخترق بنداً كاملاً من معاهدة جنيف الرابعة التي تنص على أن الوضع التعليمي في البلاد المحتلة يقع على عاتق الدولة المحتلة، وذلك بتوفير الأجواء التعليمية المناسبة للطلبة دون المساس في مجرى العملية التعليمية أو منع استمرارها.
وأكد أن دائرة المعارف الإسرائيلية تسرق المناهج الفلسطينية وتجري عليها التعديلات التي ترغب فيها وتشطب كل ما يتعلق بتاريخ القضية الفلسطينية، فعلى سبيل المثال: ألغت مصطلحات مثل «النكبة» و«النكسة» كما وأدخلت على المنهاج مصطلحات جديدة للتأكيد على يهودية المدينة والأراضي الفلسطينية بأكملها مثل «حائط المبكى» بدلاً من «حائط البراق» و«يهودا والسامرة» بدلاً من «فلسطين».
كما واستبدلت إسرائيل ترويسة السلطة الفلسطينية على الكتب بلاصق يحمل شعار بلدية الاحتلال، بالإضافة إلى منع الطلاب إلقاء النشيد الوطني الفلسطيني من خلال الإذاعة المدرسية».
وأيضاُ تفتقر الكتب إلى أي إشارة إلى أن القدس هي مدينة محتلة، كما وأسقطت كل إشارة إلى الانتفاضة الفلسطينية، وذلك من خلال حذف كل من قصائد وأناشيد الانتفاضة.
تحدٍ للعالم
من ناحيته، شدد أمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم مراد السوداني على أن إسرائيل تقوم بتهويد التعليم في القدس المحتلة، متحدية بذلك قرارات مؤسسات المجتمع الدولي، خاصة منظمة «اليونيسكو» التي اعتبرت مدينة القدس ومعالمها الحضارية والثقافية تحت الاحتلال.
وحذر السوداني من تداعيات ومخاطر «الخطة الخماسية» التي تهدد وعي وثقافة أكثر من 109 آلاف طالب وطالبة موزعين على 26 مدرسة تم إلزام 5 آلاف منهم سابقاً بالمناهج الإسرائيلية.
وبينت أن إسرائيل تسعى إلى تعميم هذه الخطة قسراً على المدارس المتبقية، الأمر الذي يخالف كافة المواثيق والمعاهدات الدولية ويعبر عن عنصرية الاحتلال، وتدخله بشؤون الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه وحريته في اختيار ما يناسب وطنيتهم.
وأشار إلى أن ممارسات حكومة الاحتلال من حيث محاولات تهويد المنهاج الفلسطيني وفرض مواد تعليمية على المدارس يشكل خطراً على كافة مناحي الحياة التربوية والثقافية والحضارية في القدس بهدف تصفية الوجود الفلسطيني في المدينة وطمس للحقائق وتسميم للعقول واستكمال مخطط الهيمنة الكاملة على الأرض والإنسان الفلسطيني وحرمانه من ثقافته وتاريخه واستهداف الهوية الوطنية الفلسطينية.
وطالب السوداني الأمة العربية والإسلامية وكافة الجهات والمؤسسات والأطراف المختصة والمؤسسات العربية والدولية وعلى رأسها مجلس «الأمن» ومنظمة «اليونيسكو» وأسرة المجتمع الدولي «بتحمل مسؤولياتهم إزاء هذا التصعيد وضرورة التدخل العاجل والفوري للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لاحترام الشرعية الدولية والقوانين والقرارات الخاصة بحماية مدينة القدس، ووقف سلسلة الانتهاكات المتواصلة بحق المدينة وأهلها».
وضع صعب
من جهته، شدد مدير التربية والتعليم في القدس المحتلة سابقاً سمير جبريل من محاولات حثيثة لسلطات الاحتلال للنيل من المنهاج الفلسطيني، إما بالتحريف أو بالترغيب.
وقال: «سياسات الاحتلال تستهدف التعليم في المدينة المقدسة بشكل مباشر»، مبيناً أن سلطات الاحتلال لا تسمح ببناء مدارس جديدة، وهي التي تشرف على منح تراخيص البناء، وأنها لا توفر بصفتها جهة احتلال خدمات التعليم لأبناء القدس الواقعين تحت الاحتلال. وعلى الرغم من قيام الاحتلال بجني الأموال الطائلة من مواطني القدس، فإنه حسب التقديرات الإسرائيلية هناك نقص في الغرف الصفية يصل إلى 1300 غرفة، أما القائم حالياً، فهو غير صحي وغير ملائم في معظم مدارس المدينة، لأن معظمها بيوت سكنية أو «كرفانات»، قامت وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية الاحتلال في القدس بإضافتها للمدارس كغرف صفية وتستخدم الملاجئ في المباني للتدريس، كما أن معظم المدارس تفتقر للساحات العامة والمختبرات والمكتبات وغرف الحواسيب.
وأوضح جبريل أنه خلال السنوات الماضية حاولت المديرية استصدار رخص لبناء مدرسة أو إضافة صفوف لكن للأسف دون جدوى، فقد وصلت مدة اجتياز إجراءات الترخيص أكثر من 10 سنوات وتكون النتيجة بالأغلب سلبية «عدم منح التراخيص»، إضافة إلى أن إجراءات الحصول على ترخيص معقدة ورسومها باهظة، علماً بأن تراخيص بناء المدارس في الدول الأخرى يعفى من الضرائب، مؤكداً أن هناك مساحات من الأراضي يمكن من خلالها بناء مدارس لكن بلدية الاحتلال تحول دون ذلك.
وذكر أنه في بعض الحالات تقوم لجنة أولياء الأمور في المدارس ببناء غرف صفية على نفقتها الخاصة وهذا يعرضنا لإجراءات عقابية من قبل البلدية وإصدار أوامر هدم أو مخالفات بناء، مشيراً إلى أن هناك قرارات هدم لأجزاء من ثلاث مدارس بالمدينة، كما تم إغلاق طابق كامل في إحدى المدارس.
وحذر من خطورة تطبيق المنهاج الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إسرائيل تريد تعليم الطلاب أنها «دولة ديمقراطية فيها حقوق متساوية لكل سكانها، وأن القدس هي عاصمتها وليست مدينة محتلة، كما ستلزمهم بدراسة برنامج ثقافي عن شخصيات صهيونية باعتبارهم قادة للدولة وهم من ارتكبوا المجازر والجرائم بحق شعبنا، أمثال ديفيد بن غوريون ومناحيم بيغن واسحق شامير وغيرهم».
وقال: «لقد تم التغرير بأهالي الطلبة على أساس فرضيات غير صحيحة، منها إتاحة الالتحاق بالمؤسسات والجامعات الإسرائيلية بشكل أسهل وأسرع».
من جانبها، تشير إحدى المعلمات إلى أنها تهرب كتاب التربية الوطنية الفلسطيني إلى المدرسة من أجل تعليم الأطفال، خوفاً على مستقبلهم وأن الحياة الأكاديمية والتعليمية في القدس أشبه بحرب يومية أخطر من السلاح وهي الإرادة والتعبئة الفكرية والتربية الوطنية. وتضيف: «رغم ما تحاول قوات الاحتلال القيام به من رقابة وتشديد ومتابعة للمدارس من أجل تدريس المنهاج إلا أن هناك أساتذة يأخذون على عاتقهم حماية الطفل الفلسطيني من التهويد بعد أن هودت أرضه ومدينته ومقدساته».
ولفتت إلى أن التحذير من استمرار الوتيرة القائمة مع الزمن حيث لا نجد معلماً لا يخرج عن المنهاج بسبب ضعف دعم السلطة للمقدسيين وقوة الاحتلال وتراجع التعبئة الوطنية أصلاً للمعلمين.
ويشدد مختصون على أن إسرائيل تسعى للسيطرة والإشراف على جميع مسارات التعليم في مدينة القدس، في الوقت الذي قالت فيه مؤسسات تعليمية: «إن التعليم في المدينة المحتلة يعاني إهمالاً حاداً وعجزاً كبيراً، مشيرين إلى أن سعي الاحتلال إلى تطبيق «الخطة الخماسية» يكشف عن المخططات والمحاولات الرامية لضرب مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية».
وكانت الحكومة الإسرائيلية صادقت، مؤخراً، على توسيع استخدام المنهاج الدراسي الإسرائيلي في المدارس الفلسطينية في القدس المحتلة، من خلال زيادة عدد صفوف الصف الأول التي ستخضع للمنهاج الإسرائيلي وزيادة عدد المستحقين للحصول على شهادة «البجروت» الإسرائيلية الموازية لشهادة التوجيهي الفلسطينية.. ويقضي قرار حكومة الاحتلال بتطبيق هذه الخطة على مدار السنوات الخمس المقبلة.
وتقضي هذه الخطة، التي بادر إليها وزير التربية والتعليم الإسرائيلي، نفتالي بينيت، ووزير شؤون القدس، زئيف إلكين، بحصول المدارس على محفزات اقتصادية مقابل تدريس المنهاج الإسرائيلي، بينما لا تحصل المدارس التي تطبق هذه الخطة على زيادة بميزانياتها.
وتعتزم الحكومة الإسرائيلية تشكيل طاقم يعمل على تقديم خطة عمل لتطبيق المنهاج الدراسي في مدارس القدس المحتلة ومصادر تمويل لها، في غضون شهر.
وزعمت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية، أن هدف الخطة «تحسين جودة حياة سكان الأحياء العربية في القدس وتعزيز قدرتهم على الاندماج في المجتمع والاقتصاد الإسرائيلي، وبذلك تقوية مناعة العاصمة كلها».
وبحسب الخطة، سيزيد عدد صفوف الصف الأول في مدارس القدس المحتلة التي يدرس فيها المنهاج الإسرائيلي، الذي يركز على موضوعي اللغة الإنجليزية والرياضيات، 100 صف آخر بصورة تدريجية.
وتسعى دولة الاحتلال إلى رفع نسبة خريجي المدارس الفلسطينية المستحقين لشهادة البجروت من 12 % إلى 26 %، وزيادة نسبة المستحقين لشهادات تخرج تكنولوجية من 11 % إلى 33 %.. وتدعي وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية أن الخطة تسعى إلى خفض نسبة التلاميذ المتسربين من الدراسة في الصفوف الثانوية من 28 % إلى 25.5 %.
ونقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن مصدر مطلع في وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية قوله: «إن البرنامج الدراسي للحصول على شهادة بجروت هي اختيارية وليست إلزامية؛ لكن في المقابل، سيحصل المنضمون إلى هذه الخطة على محفزات اقتصادية، مثل تمويل زيادة حصص التدريس وتوسيع برامج التعليم في المدرسة وتحسين البنية التحتية في المدارس، وذلك إضافة إلى الميزانية الأصلية المخصصة لهذه المدارس».
من جانبه، لم يخف بينيت الهدف من وراء هذه الخطة، وقال إن «القدس يجب أن تكون موحدة بالأفعال وليس بالكلام.. وكلما يتم تعميق التعليم بموجب المنهاج الدراسي الإسرائيلي، كلما نواصل تقوية جهاز التعليم في شرقي المدينة».
ضرب مقومات الهوية الفلسطينية
وتثير هذه الخطة غضبا في الجانب الفلسطيني كونها تسعى إلى أسرلة القدس المحتلة، حيث قالت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حنان عشراوي: «إن «هذه الخطة غايتها تحويل القدس إلى يافا أو عكا، فقد أدخلوا جهاز التعليم في أزمة، والآن هم يبتزون».
وقالت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية: «إن الخطة الخماسية التي طرحتها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بزعم تحسين نوعية التعليم شرقي القدس المحتلة، يكشف عن المخططات والمحاولات الرامية لضرب مقومات الهوية الوطنية الفلسطينية».
وشددت الوزارة الفلسطينية، على أن إسرائيل تحاول فرض مشروع يستهدف تهويد المناهج التعليمية في القدس، محذرة من تداعيات ومخاطر خطط الاحتلال.
وأكدت أن تهويد التعليم بالقدس دليل جديد على السياسات القمعية والعنصرية المخالفة لكافة القوانين والأعراف الدولية والإنسانية، داعيةً لفضح مخططات الاحتلال التي تطال التعليم في القدس، وتكريس كل الجهود لحماية التعليم في المدينة المحتلة والتصدي لمحاولات محاربة الهوية الوطنية.
وأردفت: «من حق طلبة وأطفال القدس التمسك بهويتهم الوطنية عبر تلقي تعليم وطني نوعي، وفق ما كفلته المواثيق والقوانين الدولية»، مشيرة إلى أن محاولات أسرلة التعليم في القدس «سياسات تهويدية بحق المدينة المقدسة والتعليم فيها، وجريمة بشعة».
يذكر أن المناهج الفلسطينية في القدس المحتلة تتعرض لحملة تشويه من قبل أعضاء نافذين في الحكومة الإسرائيلية وأحزاب يمينية، والتي تتهمها بممارسة التحريض ضد الاحتلال.
وفي الآونة الأخير طالب وزراء ونواب في الكنيست الإسرائيلي وجمعيات يمينية يهودية بوقف تعليم المناهج في المدارس الفلسطينية بالقدس المحتلة، وفرض المنهاج الإسرائيلي الذي يهدف إلى تعميق تهويد المدينة من خلال التعليم، إضافة إلى فرض عقوبات مالية على المدارس التي تدرس المنهاج الفلسطيني وتقديم إغراءات مالية إلى المدارس التي تعلم وفق المنهاج الإسرائيلي.
ترصد مستمر
بدوره، اعتبر الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات حنا عيسى أن مساعي سلطات الاحتلال للمصادقة على اقتراح تمويل خطة خماسية حكومية لتحسين نوعية التعليم في القدس الشرقية المحتلة، استهداف جديد للتعليم في المدينة المحتلة وتهويده.
وأكد أن التعليم هو من أكثر القطاعات استهدافاً في القدس المحتلة، حيث تترصد سلطات الاحتلال للمناهج الدراسية بين يدي الطلبة الفلسطينيين في المدينة المحتلة، وذلك لخلق جيل بعيد عن قضيته.
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال باستهدافها للمناهج الدراسية تخترق بنداً كاملاً من معاهدة جنيف الرابعة التي تنص على أن الوضع التعليمي في البلاد المحتلة يقع على عاتق الدولة المحتلة، وذلك بتوفير الأجواء التعليمية المناسبة للطلبة دون المساس في مجرى العملية التعليمية أو منع استمرارها.
وأكد أن دائرة المعارف الإسرائيلية تسرق المناهج الفلسطينية وتجري عليها التعديلات التي ترغب فيها وتشطب كل ما يتعلق بتاريخ القضية الفلسطينية، فعلى سبيل المثال: ألغت مصطلحات مثل «النكبة» و«النكسة» كما وأدخلت على المنهاج مصطلحات جديدة للتأكيد على يهودية المدينة والأراضي الفلسطينية بأكملها مثل «حائط المبكى» بدلاً من «حائط البراق» و«يهودا والسامرة» بدلاً من «فلسطين».
كما واستبدلت إسرائيل ترويسة السلطة الفلسطينية على الكتب بلاصق يحمل شعار بلدية الاحتلال، بالإضافة إلى منع الطلاب إلقاء النشيد الوطني الفلسطيني من خلال الإذاعة المدرسية».
وأيضاُ تفتقر الكتب إلى أي إشارة إلى أن القدس هي مدينة محتلة، كما وأسقطت كل إشارة إلى الانتفاضة الفلسطينية، وذلك من خلال حذف كل من قصائد وأناشيد الانتفاضة.
تحدٍ للعالم
من ناحيته، شدد أمين عام اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم مراد السوداني على أن إسرائيل تقوم بتهويد التعليم في القدس المحتلة، متحدية بذلك قرارات مؤسسات المجتمع الدولي، خاصة منظمة «اليونيسكو» التي اعتبرت مدينة القدس ومعالمها الحضارية والثقافية تحت الاحتلال.
وحذر السوداني من تداعيات ومخاطر «الخطة الخماسية» التي تهدد وعي وثقافة أكثر من 109 آلاف طالب وطالبة موزعين على 26 مدرسة تم إلزام 5 آلاف منهم سابقاً بالمناهج الإسرائيلية.
وبينت أن إسرائيل تسعى إلى تعميم هذه الخطة قسراً على المدارس المتبقية، الأمر الذي يخالف كافة المواثيق والمعاهدات الدولية ويعبر عن عنصرية الاحتلال، وتدخله بشؤون الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط حقوقه وحريته في اختيار ما يناسب وطنيتهم.
وأشار إلى أن ممارسات حكومة الاحتلال من حيث محاولات تهويد المنهاج الفلسطيني وفرض مواد تعليمية على المدارس يشكل خطراً على كافة مناحي الحياة التربوية والثقافية والحضارية في القدس بهدف تصفية الوجود الفلسطيني في المدينة وطمس للحقائق وتسميم للعقول واستكمال مخطط الهيمنة الكاملة على الأرض والإنسان الفلسطيني وحرمانه من ثقافته وتاريخه واستهداف الهوية الوطنية الفلسطينية.
وطالب السوداني الأمة العربية والإسلامية وكافة الجهات والمؤسسات والأطراف المختصة والمؤسسات العربية والدولية وعلى رأسها مجلس «الأمن» ومنظمة «اليونيسكو» وأسرة المجتمع الدولي «بتحمل مسؤولياتهم إزاء هذا التصعيد وضرورة التدخل العاجل والفوري للضغط على الاحتلال الإسرائيلي لاحترام الشرعية الدولية والقوانين والقرارات الخاصة بحماية مدينة القدس، ووقف سلسلة الانتهاكات المتواصلة بحق المدينة وأهلها».
وضع صعب
من جهته، شدد مدير التربية والتعليم في القدس المحتلة سابقاً سمير جبريل من محاولات حثيثة لسلطات الاحتلال للنيل من المنهاج الفلسطيني، إما بالتحريف أو بالترغيب.
وقال: «سياسات الاحتلال تستهدف التعليم في المدينة المقدسة بشكل مباشر»، مبيناً أن سلطات الاحتلال لا تسمح ببناء مدارس جديدة، وهي التي تشرف على منح تراخيص البناء، وأنها لا توفر بصفتها جهة احتلال خدمات التعليم لأبناء القدس الواقعين تحت الاحتلال. وعلى الرغم من قيام الاحتلال بجني الأموال الطائلة من مواطني القدس، فإنه حسب التقديرات الإسرائيلية هناك نقص في الغرف الصفية يصل إلى 1300 غرفة، أما القائم حالياً، فهو غير صحي وغير ملائم في معظم مدارس المدينة، لأن معظمها بيوت سكنية أو «كرفانات»، قامت وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية الاحتلال في القدس بإضافتها للمدارس كغرف صفية وتستخدم الملاجئ في المباني للتدريس، كما أن معظم المدارس تفتقر للساحات العامة والمختبرات والمكتبات وغرف الحواسيب.
وأوضح جبريل أنه خلال السنوات الماضية حاولت المديرية استصدار رخص لبناء مدرسة أو إضافة صفوف لكن للأسف دون جدوى، فقد وصلت مدة اجتياز إجراءات الترخيص أكثر من 10 سنوات وتكون النتيجة بالأغلب سلبية «عدم منح التراخيص»، إضافة إلى أن إجراءات الحصول على ترخيص معقدة ورسومها باهظة، علماً بأن تراخيص بناء المدارس في الدول الأخرى يعفى من الضرائب، مؤكداً أن هناك مساحات من الأراضي يمكن من خلالها بناء مدارس لكن بلدية الاحتلال تحول دون ذلك.
وذكر أنه في بعض الحالات تقوم لجنة أولياء الأمور في المدارس ببناء غرف صفية على نفقتها الخاصة وهذا يعرضنا لإجراءات عقابية من قبل البلدية وإصدار أوامر هدم أو مخالفات بناء، مشيراً إلى أن هناك قرارات هدم لأجزاء من ثلاث مدارس بالمدينة، كما تم إغلاق طابق كامل في إحدى المدارس.
وحذر من خطورة تطبيق المنهاج الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إسرائيل تريد تعليم الطلاب أنها «دولة ديمقراطية فيها حقوق متساوية لكل سكانها، وأن القدس هي عاصمتها وليست مدينة محتلة، كما ستلزمهم بدراسة برنامج ثقافي عن شخصيات صهيونية باعتبارهم قادة للدولة وهم من ارتكبوا المجازر والجرائم بحق شعبنا، أمثال ديفيد بن غوريون ومناحيم بيغن واسحق شامير وغيرهم».
وقال: «لقد تم التغرير بأهالي الطلبة على أساس فرضيات غير صحيحة، منها إتاحة الالتحاق بالمؤسسات والجامعات الإسرائيلية بشكل أسهل وأسرع».
من جانبها، تشير إحدى المعلمات إلى أنها تهرب كتاب التربية الوطنية الفلسطيني إلى المدرسة من أجل تعليم الأطفال، خوفاً على مستقبلهم وأن الحياة الأكاديمية والتعليمية في القدس أشبه بحرب يومية أخطر من السلاح وهي الإرادة والتعبئة الفكرية والتربية الوطنية. وتضيف: «رغم ما تحاول قوات الاحتلال القيام به من رقابة وتشديد ومتابعة للمدارس من أجل تدريس المنهاج إلا أن هناك أساتذة يأخذون على عاتقهم حماية الطفل الفلسطيني من التهويد بعد أن هودت أرضه ومدينته ومقدساته».
ولفتت إلى أن التحذير من استمرار الوتيرة القائمة مع الزمن حيث لا نجد معلماً لا يخرج عن المنهاج بسبب ضعف دعم السلطة للمقدسيين وقوة الاحتلال وتراجع التعبئة الوطنية أصلاً للمعلمين.