+ A
A -
متابعة: يوسف بوزيه- منصور المطلق- أنس عبدالرحمن
قال المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة، إن قرارات دول الحصار ضد قطر، لم تتخذ حتى في الحروب، لما تضمنته، من منع الغذاء والدواء، مشيرا إلى ان حصار قطر، هو تصفية حساب معها لدعمها الثورات العربية. وأن استجابة قطر لتحدي الحصار ستكون عبر بلورة هوية وطنية قطرية وتحريراً لإرادة قطر السياسية وسعياً للاعتماد على النفس في كل المجالات. وتناول بشارة في حديثه لبرنامج «تقدير موقف» بالتليفزيون العربي، أمس، العديد من الملفات، والقضايا التي يموج بها العالم العربي.

وحول إجراءات دول الحصار ضد قطر، وما يراه من أسباب للأزمة الخليجية، أرجع الدكتور عزمي بشارة الحصار الذي تفرضه ثلاث دول خليجية ومصر ضد دولة قطر، إلى تصفية الحسابات مع إرث العام 2011م، في إشارة إلى ثورات الربيع العربي، وقال في حوار بثه التليفزيون العربي، أمس، إن الثورات المضادة ومحاولات التحشيد للقوى الاجتماعية التي تقف خلف الأنظمة من خلال نبرة تنشر خطاب الكراهية ضد القطاعات الاجتماعية التي أحدثت ثورات الربيع العربي يعود للعام 2014م، وقد صاحب ذلك محاولة تصفية الحساب مع الإرث الثوري بما في ذلك محاولة تصفية الحساب مع حرية الإعلام القطري الذي تبنى إلى حد كبير قضايا الحركات الشعبية بشكل عام، بالإضافة إلى سياسة قطر الخارجية التي راهنت على التغيير.
وأوضح بشارة أن هذه الدول ومنذ الانقلاب في مصر ترى أن هناك انحسارا لقوى التغيير وبالتالي فشل رهانات السياسة الخارجية لقطر، وبالتالي بات بالإمكان تصفية الحساب معها، وقد بدأت هذه الخطوات بعد أن شعر الانقلابيون في مصر بثقة في النفس، وكذلك القوى التي تمولهم والمتمثلة في بعض الدول الخليجية التي تريد الحفاظ على طابع وتراتبية النظام العربي القائم كما هو، وتخشى وتقلق من أي تغيير، في الوقت الذي نرى فيه طموحات أكبر لبعض الدول مثل دولة الإمارات التي لديها طموحات بأن تصبح دولة إقليمية، وهو أمر واضح ومعلن، فهم يبحثون عن قواعد عسكرية، ويشاركون في عدة حروب حول العالم، لذلك تتجاوز عندهم المساءلة الحفاظ على الاستقرار كما هو الحال بالنسبة للسعودية إلى لعب دور إقليمي، وهو ما يتطلب التقرب إلى الغرب، الذي يتطلب بدوره أمرين: العداء للتيار الإسلامي وأحيانا يختلط بالعداء للإسلام، والأمر الثاني هو التطبيع مع إسرائيل.
وقال عزمي إن السياسة الخارجية التي اتبعتها قطر ولاسبابها، تناقضت مع دول المنطقة وفقاً لوجهة نظر هذه الدول، فسعوا إلى تصفية الحسابات معها، المحاولة الأولى كانت في العام 2014 بسحب السفراء التي كان عليها ردة فعل قوية؛ ولكن في ظل التغيرات التي شهدها النظام السعودي في ذلك الوقت، وتمدد الدور الإيراني في المنطقة، واقصد اليمن، حدثت رغبة في استعادة العلاقة مع قطر، وقد لعبت قناة الجزيرة دورا مهما مع التحالف العربي الإسلامي، وقد كسبت هذه الدول من ذلك.
واشار عزمي بشارة إلى أن التقارب السعودي الإماراتي الراهن وبهذه الطريقة له علاقة بالوضع الداخلي للمملكة، مشيراً إلى أن الامارات دعمت ولي العهد الحالي على مستوى الولايات المتحدة، وتقديمه للإدارة الأميركية عبر اللوبيات التي سمعنا عنها الكثير في الآونة الأخيرة.
مشيرا إلى ان كثيرا من الأمور الداخلية في المملكة، تحتاج إلى اصلاح، وسيقومون باصلاحها، وسوف تؤدي إلى ردود فعل قوية،، لذلك فانها تحتاج إلى هذا التحالف، الذي تمثله فئة من المثقفين والمستشارين، الذين ينقسم ولاؤهم بين السعودية والامارات.
وتابع بشارة: انه لا يوجد أي دليل، على أن سياسة قطر، تعارض هذا التغيير، واعتقد ان سياسة قطر الخارجية المستقلة، أثارت مشكلة بالنسبة لهم، كما نشعر احيانا بان مشكلتهم مع الدور القطري، ليست في السياسة فحسب، وانما حتى في الرياضة، ومستوى الحياة المرتفع، وهو ما يزعج البعض.
منحى حاد
واوضح المفكر العربي، ان المنحى الذي اتخذته دول الحصار محير حتى للمراقبين السياسيين، فالخلافات السياسية لا تبرر هذا النوع من الخطوات، التي لا ينقصها إلا اطلاق النار، حتى انه في بداية الأزمة، اعتقد البعض ان هذه الخطوات، سيتلوها هجوم عسكري حربي، لأن مثل هذه الخطوات، تتخذ في زمن الحرب. وحتى في زمن الحرب لا تتخذ، قال معلقون اميركيون، انهم عندما كانوا في حالة شبه حرب مع إيران، فكروا في كل شيء الا قطع الغذاء والدواء، هذا لا تفعله الدول حتى في زمن الحرب، ففي غزة على سبيل المثال، لم تقم قوات الاحتلال بذلك، ويسمح بالخروج للعلاج. وأضاف: هذه الخطوات فيها شيء انتقامي، لا يمكن تفسيره بالخلاف السياسي.
وتابع الدكتور عزمي بشارة، تمني الفشل للدولة الأخرى، وبث خطاب كراهية فلسفي وحتى في الأخير يجلس الناس للحوار، ولا يقطعون الحدود أو يطردون الناس من العمرة.
هي خطوات تضرب البلاد واقتصادها، هناك رصد يومي لاقتصاد قطر وماذا حدث له، ورصد يومي للناس هل يعانون أم ماذا، واذا لم يعانوا بشكل كاف يجب أن يضغطوا أكثر.
واضاف الدكتور عزمي بشارة انه في الأرجح أن القطريين سوف يحولون مصادر قوتهم المتمثلة في مراكز الأبحاث والتعليم الحر إلى قوة ناعمة، اذا كان مبدأ حرية الإعلام هو الذي دافع عنهم في كل العالم فإنهم سوف يعملون على تعميق حرية الإعلام والبحث العلمي والعلاقة مع المؤسسات المدنية في العالم، وتحويل هذه الأزمة من مشكلة إلى فائدة واستغلالها بقدر الإمكان في بناء الاستقلال الاقتصادي والأمني بمعنى الأمن الاقتصادي والأمن الوطني وقال دكتور بشارة اننا نرى الهوية الوطنية تتبلور أمامنا في مقابل ما يفرض من حصار.
مشيرا إلى ان الحصار يدفع إلى البحث عن خيارات سياسية، وهو أمر تأتي معه قوة نافعة واستراتيجية على المدى البعيد وبناء منظومة اقتصادية فيها تبادل وفيها أيضاً مقومات إنتاجية محلية، وبالطبع يبقى خيار الحوار والعودة الطبيعية للعلاقات مطروح.
وأضاف: لا أعتقد أن الأمور ستعود إلى طبيعتها بعد أن ظهرت النوايا بهذا الشكل، دائماً سيكون هناك حذر من الدول التي قامت يوما بقطع الغذاء والدواء وهذا لن يحل بسهولة.
رئاسة ترامب
وحول الموقف الاميركي بعد وصول ترامب إلى الحكم، قال بشارة: الحقيقة كان هناك ارتباك بشأن الرئيس ترامب لأنه لم يكن لديه برامج سياسة واضحة أو ايدلوجية معينة، واتبع اسلوب التحالف الشعبوي بدعاية الأجانب والإسلام، والدعاية إلى إعادة العظمة لأميركا بالمعنى المالي الاقتصادي والصرف للكلمة والميزان التجاري وتلقي الأموال من الخارج.
واضاف: كل الأمور التي استند إليها الرئيس ترامب في دعايته الانتخابية سواء على صعيد السياسة الخارجية أو الداخلية وحديثه عن توفير فرص العمل، كل هذه الأمور لم ترسم صورة واضحة لما سيكون عليه هذا الرجل، ومع الوقت اتضح أنه لدينا رجل دون تقاليد فكرية أو ايدلوجية من النوع الذي مثلته لدينا الولايات المتحدة في الغرب، سواء من الناحية الديمقراطية أو المواقف المركزية الغربية المعادية بكثير من الاحيان للإسلام.
المصلحة المجردة
وتابع المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة: الرئيس ترامب برغماتي بمعنى الواقعية السياسية والمصلحة المجردة المحض، وبالنسبة إليه السياسة هي لعبة العدو والصديق بمعنى من هو معي فهو جيد ومن هو ضدي فهو سيئ، ولفت بشارة، إلى أنه بهذا نقترب من صورة الرئيس بوتين الذي يأتي من خلفية وطنية قومية لإعادة العظمة لروسيا، ولكن ايضا الأيدلوجيا الاشتراكية التي كانت قائمة دون القيم التي ادعى السوفيات أنه كان يمثلها، بقينا مع سياسة العدو والصديق، بمعنى من معي هو جيد ومن ضدي هو سيئ، وان كان الرئيس ترامب ديقراطي أم يحترم حقوق الإنسان أم لا لم تعد هذه ذات علاقة للدول العظمى وتحديدا الولايات المتحدة، وتليها روسيا، وطبعا الصين كانت كذلك في العقد الأخير أو العقدين الأخيرين.
وبين الدكتور عزمي أن المؤسسات الديمقراطية الاميركية، هي التي تمنع ترامب من الجنوح نحو الاستبداد، وان التوجه الآن هو سياسة الدولة والصراع على النفوذ، ولذلك نشعر لأول مرة بفقدان البوصلة المنتشر في أوساط واسعة من البشرية، لأن هناك فقدانا للمعنى وهناك فقدانا للهدف وعدم الامكانية بالتنبؤ، لأن كل شيء متوقف على صراعات نفوذ بين الدول، وفي مثل هذه الظروف من الطبيعي أنه مواضيع اعتبرت في الاجماع الدولي إلى حد ما الذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية مثل جرائم الحرب أو الوقوف ضد جرائم الحرب، فهذا أمر مفروغ منه ولدينا مثال على ذلك النظام السوري الذي يرتكب جرائم حرب بشكل واضح للمجتمع الدولي.
القضية الفلسطينية
وحول الشأن الفلسطيني أشار د. بشارة إلى تبني إسرائيل القيام بعملية تهويد زاحف في مدينة القدس منذ احتلالها عام 1967 وحتى قبل ذلك منذ احتلال 1948 لتصبح منطقة غير قابلة للتفاوض، ويتم تحويل العرب الفلسطينيين إلى أقليات في مدينة يهودية كبيرة، مع مصادرة وسحب الهويات المقدسية ومعاملة الفلسطينيين، كأنهم دخلوا إلى إسرائيلي، وليس هي من دخلت عليهم، لافتا إلى قيام إسرائيل بالعمل على تحويل مدينة القدس إلى مجموعة احياء داخل مدينة يهودية، علما ان المقدسيين كانت لديهم – فيما عدا الاحساس الوطني– موضوع ديني بحيث التفوا مؤخرا مثل المعضلة حول الحرم القدسي الشريف، لأنه رمز وجودهم ويجمعهم جميعا، وقد حاولت إسرائيل لفترات ان تتجنب المس بالمشاعر الدينية لكنها باستمرار كانت تحفر تحت الحرم القدسي وتحاول اقامة مناطق سياحية وتهويد الأحياء المحيطة بالحرم القدسي، وقد تسارعت الاجراءات الإسرائيلية لانهم باستمرار يتجرأون اكثر فأكثر، مع تزايد قوة اليميني الديني تحديدا في الشارع الإسرائيلي، وهنالك طموح إسرائيلي معلن لتطبيق التقسيم الزمني في الحرم القدسي الشريف، ومعاملته على غرار الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، حيث تعتبر الحكومة الإسرائيلية ان الفرصة مواتية نتيجة لحالة الضعف العربي وانشغال الأنظمة العربية في قمع شعوبها، وانشغال دول اخرى في حروبها الطائفية وصراعات الهوية في بعض الدول العربية والأزمات المحيطة، هم يستغلونها للتوسع، ولكن المقدسيين في السنوات الاخيرة تولد لديهم شعورا مفاده بأن ليس لديهم ما يخسرونه، وليس لديهم سوى انفسهم، وقد شاهدنا في السنوات الاخيرة تزايد عمليات المقاومة الفردية في مدينة القدس، مع تحرر المقدسيين من الرقابة الأمنية للسلطة الفلسطينية..
وأكد بشارة على ان تنافس بعض الأنظمة العربية على تبني حل أزمة المسجد الأقصى هو فولكلور معروف، مع محاولة بعض الأنظمة استغلال أزمة القدس للاتصال مع إسرائيل.
الأزمة السورية
وحول الأزمة السورية أوضح د. بشارة انه لم يتحدث حولها كثيرا في السنوات الاخيرة لأنه رأى تحولها منذ عام 2013 إلى حرب اهلية ناجمة بالأساس من قمع النظام وفتح النار على الناس وتبني الخيار الأمني الشامل والعقاب الجماعي للقضاء على مظاهر الثورة المدنية، والحركات الراديكالية هي الأكثر قدرة على الصمود في هذه الظروف وقد صادرت الثورة، وهي غالبا حركات غير ملتزمة في مبادئ الثورة ودخلت في صراع مع التيار العسكري الملتزم بمبادئ الثورة والذي يمثله الجيش الحر وساهمت في تصفيته عمليا، وهذه الحركات ليست ولم تكن قادرة ان تكون موحدة، ولكنها كانت قادرة حتى بوضعها الفوضوي على هزيمة النظام، دون ان تكون قادرة على بناء نظام بديل، وهكذا انتقلنا من ثورة مدنية حملت السلاح نتيجة لقمع النظام الشامل وغير المسبوق، ثم حرب اهلية استخدمت فيها كافة وسائل الابادة والتهجير، ثم التدخل الروسي الذي استقبله العالم اما بترحيب أو بدون مبالاة، مشيرا إلى موقف الإدارة الأميركية الحالية كامتداد لمواقف إدارة اوباما دون تغيير كبير عمليا، والهدنات هي تعبير عن قبول أميركي للتعاون روسيا.. يتم تطبيقها في جزر مبعثرة وهنالك جلسات تنسيق استراتيجي تشارك فيها احيانا إسرائيل، مع وجود حديث لبناء دستور جديد مع رغبة أميركية للعمل مع روسيا وموقف خليجي للعمل معها كذلك.
copy short url   نسخ
14/08/2017
1956