تشهد الأسواق والمجمعات التجارية إقبالاً كبيراً من المواطنين والمقيمين لتوفير احتياجاتهم من الخضراوات المحلية، في ظل وفرة منتجاتها، بفضل أصحاب المزارع القطرية، الذين كثفوا جهودهم لبحث سبل تطوير الأداء، وزيادة الإنتاج الزراعي بالدولة، وتعزيز الاعتماد على النفس، لضمان تحقيق الاكتفاء الذاتي، وزيادة مساحة المنتج المحلي على منصات الأسواق، وفي المجمعات التجارية.

وفي السياق استطلعت الوطن آراء عدد من أصحاب المزارع المحلية المنتجة، باعتبار أن مزارعهم شهدت نقلة نوعية كبيرة في عمليات الإنتاج الزراعي، باستخدام أحدث التقنيات والتكنولوجيا الزراعية، الأمر الذي كان له بالغ الأثر في إحداث طفرة انتاجية، ساهمت في توفير احتياجات السوق المحلي، خاصة مع تقديم العديد من المحفزات السوقية والحكومية، لدعم المنتجين والمستهلكين للمنتجات الوطنية.

وأعرب عدد من المستهلكين عن سعادتهم بتوافر الإنتاج المحلي للخضراوات بكميات كبيرة وجودة عالية، خاصةً في ظل استخدام المزارع القطرية لطرق زراعية حديثة ومواصفات قياسية، مشددين على أهمية زيادة الإنتاج المحلي، من الخضراوات والفاكهة دون الاعتماد على الاستيراد، مؤكدين على تشجيع المزارعين وتمكينهم من كل أدوات الإنتاج، للمشاركة بقوة في تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي للدولة.

رفع الإنتاج

بداية يقول ناصر الخلف، خبير تطوير زراعي، وصاحب مزرعة «أجريكو»، إن تطبيقات الزراعة الحديثة ساهمت في رفع الإنتاج الزراعي المحلي بجودة وكفاءة عالية، وهي طريقنا في دعم ومساندة الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي، مشيراً إلى أنهم يستهدفون النمو والتوسع وتواصل مسيرة الإنتاج بمزرعتهم التي تبلغ مساحتها حوالي «700» ألف متر مربع، ويبلغ حجم انتاجها السنوي «3000» طن من الأصناف المختلفة، كما أنها تقوم بتقديم الاستشارة لأصحاب المزارع الأخرى، حيث ساهمت في تطوير العديد من المزارع، مؤكداً أن الدعم الذي تقدمه الدولة للمزارع يشكل فرصة كبيرة للمزارعين القطريين، ويتيح المجال للابتكارات والتطوير الزراعي، كما يساهم في زيادة المحصول اليومي الذي يتم توريده إلى الأسواق.

وأعرب الخلف عن مدى اقتناعه بجدوى الزراعة المائية وقدرتها على تزويد السوق القطري بما يحتاجه من خلال المنتج المحلي، مدللاً على ذلك بعد أن باتت طاقة المزرعة الإنتاجية مضاعفة، مبيناً أن مزايا «الأكوابونيك» و«الهيدروبونيك» تشمل زيادة الإنتاج في وحدة المساحة وقلة العمالة المطلوبة مع الاستغناء عن العمليات المكلفة مثل الحرث والتعقيم والتسميد وإزالة الحشائش والبعد التام عن أمراض التربة وملوثاتها وآفاتها، وكذلك الحصول على محصول مبكر وسريع الإنتاج، ما يتيح القيام بعدد أكبر من الزراعات في الموسم الواحد مع تحكم أفضل في الري والتسميد، مع تحقيق نفس الكفاءة في إنتاج أنواع متعددة من الخضراوات والفاكهة بما فيها المحاصيل الورقية وغيرها من المنتجات الزراعية بالدولة.

منافسة المستورد

من جانبه يؤكد المهندس عبدالرحمن أحمد العبيدان، نائب رئيس مجلس إدارة شركة الواحة للخدمات الزراعية والتجارة «مزرعة الواحة»، أن الإقبال على الزراعة والاستثمار الزراعي مؤشر مهم، يعكس اهتمام دولة قطر بالقطاع الزراعي، لافتاً إلى أنهم يساهمون وبشكل فاعل في إثراء السوق القطري بالأصناف المختلفة من الخضراوات، ضمن دور الشركة الوطني في سد الحاجة الغذائية، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للمزرعة «220» ألف متر مربع، المساحة المستخدمة في الزراعة تتخطى «170» ألف متر مربع، منها «164» ألف متر مربع تعتمد على نظام البيوت الشبكية المحمية بتقنيات تبريد تُمكن المزارعين من زراعة الخضراوات والفواكه على مدار العام، لافتاً إلى أن الإنتاج الزراعي المحلي شهد في الفترة الأخيرة تطورات متتالية مما جعله منافسا قويا للمنتج المستورد، مرجعا ذلك إلى جهود العاملين بالقطاع الزراعي الذين أثبتوا قدرتهم على التحدي، في توفير المنتجات الزراعية المحلية على منصات الأسواق، وأرفف المجمعات التجارية بكميات كافية، وبالجودة التي يتطلع إليها المستهلكون.

وأشار العبيدان إلى أن مزرعتهم بدأت من حيث انتهى الآخرون، حيث تتميز بأنها تنتج إنتاجا وفيرا وبجودة عالية، وهي المعادلة الصعبة في ظل أصعب الظروف الزراعية على وجه الكرة الأرضية مبينا أن إنتاجهم من الخضراوات في العام الماضي تخطى حاجز الـ «1500» طن من الأصناف المختلفة للخضراوات، متوقعا أن يتجاوز حجم الإنتاج في الموسم الحالي حاجز الـ «2000» طن، منوها بأن متوسط الإنتاج اليومي لمزرعة الواحة يبلغ «15» طنا، ويتوقع أن يتجاوز خلال الفترة المقبلة «20» طنا يومياً، مشيرا إلى أن المنتج المحلي بالرغم من جودته العالية إلا أنه يباع بسعر أقل من المستورد بالرغم من ارتفاع تكاليف التشغيل من الأسمدة والأيدي العاملة والوقود ومستلزمات الزراعة وغيرها، داعيا إلى اعادة النظر في مسألة الأسعار، خاصة مع المزارع التي تنتج إنتاجا مميزا خاليا من الكيماويات الضارة والحاصلة على شهادات جودة معتمدة، خصوصا أنه من غير المعقول أن تظل أسعار المنتجات المحلية الزراعية ثابتة على مدار الخمسة عشر عاما الماضية، باعتبار أن معظم السلع الاستهلاكية والغذائية ارتفعت أسعارها، بينما يظل الثابت الواحد دائما هو سعر المنتج المحلي الذي لا يتغير على الرغم من تغير مدخلات الإنتاج الزراعي سواء كانت أسمدة أو عمالة أو غيرها من المدخلات.

التقنيات الحديثة

من ناحيته يقول رجل الأعمال ناصر علي خميس الكواري، صاحب مزرعة الصفوة، إن مزارع قطر تنتج إنتاجا وفيرا عالي الجودة ويزداد هذا الإنتاج عاماً بعد عام مما يحقق الاكتفاء الذاتي، لافتاً إلى أن إنتاجهم السنوي بالمزرعة يتراوح ما بين «300 و350» طنا سنوياً، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للمزرعة حوالي «300» ألف متر مربع، مؤكدا أن التوسع في استخدام التقنيات الزراعية الحديثة، ساهم بشكل كبير في فتح آفاق جديدة للقطاع الزراعي بالدولة، خصوصاً في مجالات تحقيق الاكتفاء الذاتي، بالإضافة إلى أن الاهتمام المتواصل من قبل الدولة بالانتاج الزراعي أسهم كثيرا في نمو المنتجات الوطنية ورفع معدلات الإنتاج في المزارع وشجع المنتجين على رفع وتيرة العمل وتوسيع المساحات، من حيث الكم والنوع، حيث اتسعت المساحات على الأرض في بعض المزارع، واتجه بعضها إلى التوسع رأسيا.

وأشار الكواري إلى إن المزارع القطرية تعمل بأقصى ما لديها لتعزيز الإنتاج الوطني من الخضراوات والفاكهة بما يتناسب مع مناخ الدولة، للمساهمة في سد حاجة السوق المحلي، خاصة في فترة الشتاء، حيث يعتدل المناخ ويزيد من كميات الإنتاج الزراعي، مطالبا الجهات المعنية في الدولة بتقديم المزيد من الدعم للمزارعين، لاسيما عند انخفاض أسعار الخضار في أوقات معينة من العام، كمحاولة التقليل من الاستيراد والاعتماد على المحلي خلال فترات وفرة الإنتاج، باعتبار أن مزارعنا الوطنية استطاعت سد حاجة المواطنين والمقيمين من الخضراوات في وقت وجيز وكانت على قدر التحدي، كما أن المنتجات الوطنية التي تنتجها مزارعنا القطرية ساهمت في تحقيق الاستقرار بالأسواق، لا سيما فيما يتعلق بالكميات والنوعية والجودة والأسعار، خاصة أنها غطت العديد من القطاعات وحققت الاكتفاء الذاتي في قطاعات أخرى أثبتت كفاءتها في السوق المحلي.

الاكتفاء الذاتي

بدوره يشير المهندس خالد الأحمد، مدير مزرعة الشيخ ناصر بن جاسم، إلى أنهم يقومون بإنتاج الأصناف التي تحث عليها الجهات المعنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي منها، مثل الطماطم والفلفل والخيار والباذنجان والتي تدخل ضمن الاستراتيجية الوطنية، لافتا إلى أن إنتاجهم السنوي بالمزرعة ما يقارب «100» طن سنويا، حيث تبلغ المساحة الإجمالية للمزرعة حوالي «5000» متر مربع، مؤكدا أن مزارع قطر أصبحت في وضع يؤهلها لتلبية احتياجات السوق المحلي، مشيرا إلى أن الإنتاج الزراعي شهد خلال السنوات الماضية تطوراً ملحوظاً، أدى إلى تغطية الإنتاج المحلي من الخضراوات كما تم التخطيط للانتقال للزراعة بواسطة التقنيات الحديثة، حتى يتسنى الإنتاج على مدار العام دون الارتباط بالموسم الزراعي.

وامتدح الأحمد الجهود التي تقوم بها وزارة البلدية كونها توفر دعماً مستمراً لأصحاب المزارع لتحسين الإنتاج وزيادته، حيث إنشأت خمس ساحات للمنتج الزراعي القطري، كما تم طرح مشاريع المنتج المميز ومزارع قطر وذلك لإتاحة الفرصة للمُزارِع القطري لتسويق إنتاجه بنفسه دون وسيط، وأيضا تم التعاقد مع شركة «‏محاصيل»‏ وإنشاء مركز التسويق الزراعي الذي يقوم بشراء المنتجات من المزارع بأسعارٍ تفضيلية، وحديثا وقّعت وزارة البلدية اتفاقية لإسناد الخدمات الزراعية إلى شركة «محاصيل» مع ملاحظة أن الإنتاج الزراعي من الخضراوات خلال فترة ذروة الإنتاج في بعض الأصناف الرئيسية مثل الخيار والطماطم يغطي جميع احتياجات السوق المحلي خلال هذه الفترة.