+ A
A -
«773» كلمة اختصرت ما يكابده الشعب الفلسطيني منذ «70» عاما، وصفت المأساة وحجم المعاناة وذلك الجرح الغائر الذي يأبى أن يندمل في ظل احتلال وحشي يصر على إبقائه مفتوحا، وكأنه يستمتع بمعاناة شعب لا حول له ولا قوة، سوى إصراره على المقاومة والصمود دفاعا عن أرضه وإرثه وتاريخه.
كان ذلك خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، أمام الجلسة الافتتاحية لأعمال القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت بمركز المؤتمرات، في مدينة إسطنبول بالجمهورية التركية الشقيقة، مساء أمس، بحضور إخوانه رؤساء وفود الدول الإسلامية.
في كل كلمة لصاحب السمو كانت فلسطين الحاضر الأكبر، وفي كل مناسبة كان الهم الفلسطيني ماثلا، فهو لم يكن يوما هما فلسطينيا فحسب، بل كان هما قطريا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وبكل ما يفرضه معنى الانتماء للإسلام والعروبة والأخوة.
بدأ صاحب السمو كلمته منطلقا من المجزرة الأخيرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحق متظاهرين فلسطينيين سلميين في غزة، خلال مسيرة يوم 15 مايو الجاري، وهو يوم ذكرى قيام إسرائيل، الذي يعتبره الفلسطينيون والعرب يوم نكبة فلسطين، كل مطلبهم رفع الحصار الجائر والخانق والظالم، وكما أوضح سموه، فبعد نضال مديد وغزير التضحيات، وانتفاضتين شهيرتين ضد الاحتلال، انسحبت إسرائيل من طرف واحد من قطاع غزة وحده، ولكنها فرضت عليه حصارا خانقا ما زال مستمرا حتى هذا اليوم، أي أنها واصلت الاحتلال بوسائل أخرى.
خرج الفلسطينيون ليُذكِّروا العالم بحجم المأساة، كما خرجوا ذودا عن القدس، التي كانت تشهد احتفالا مروعا، تمثل في نقل السفارة الأميركية إليها، والتي تعتبر السيادة عليها إحدى أهم قضايا الحل الدائم التي يفترض أن التفاوض يجرى بشأنها بوساطة أميركية.
كان مشهدا سرياليا بحق، الدولة التي يجب أن تقود المفاوضات، وتدفع بها إلى حل مقبول ومعقول، تقود القضية الفلسطينية إلى منعطف أكثر خطورة، وأكثر دموية، دونما مبرر أو مسبب، كانت الرسالة مؤلمة ودامية، وهي رسالة يأس وإحباط لن تقود بحال من الأحوال إلى السلام والاستقرار.
قضية فلسطين جرح مفتوح، هذا الاختصار البليغ لصاحب السمو أمام الدول الإسلامية مجتمعة، يؤكد أن هذا الجرح لا بد أن يندمل، وحتى يندمل لا بد من مواقف عملية، بعيدا عن القرارات الصمّاء، فالوضع، كما أوضح سموه حفظه الله، بحاجة إلى مواقف صادقة وإرادة سياسية لاتخاذ خطوات ذات معنى لإزالة الاحتلال، فهذه هي المقدمة لأي حل عادل.. ومن دون حل عادل لقضية فلسطين وإنصاف شعبها لا يمكن وقف هذا النزيف المتواصل منذ سبعين عاما.
كلمة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، وضعت النقاط على الحروف: «يحتاج الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مواقف صادقة وإرادة سياسية لاتخاذ خطوات ذات معنى لإزالة الاحتلال، فهذه هي المقدمة لأي حل عادل.. ومن دون حل عادل لقضية فلسطين وإنصاف شعبها لا يمكن وقف هذا النزيف المتواصل منذ سبعين عاما».
نعم.. المطلوب مواقف صادقة، تؤدي إلى وقف الحصار الجائر، وإلى فرض حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية بوصفها آخر قضية استعمارية ما زالت تشغل العالم، والحل نصت عليه قرارات دولية، حظيت بإجماع عالمي من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، لكن بقي التنفيذ خاضعا لمزاج إسرائيل وشهيتها للأرض وحقوق الآخرين.
من المؤسف أن يبقى المجتمع الدولي عاجزا أمام الرفض الإسرائيلي، ومن المؤسف أكثر أن يقف بهذه السلبية ولا يتخذ أية خطوات في مواجهة هذا التعنت، على الرغم من خطره على الأمن الإقليمي والدولي، كما أوضح صاحب السمو في كلمته.
لقد أوضح صاحب السمو أن طريق الحل يمر عبر تسوية تاريخية، تتمثل بإقامة دولة فلسطينية في المناطق التي احتلت عام 1967، أي على 22 % من أرض فلسطين التاريخية، وعاصمتها القدس الشريف، حتى لا تبقى قضية فلسطين جرحا مفتوحا، وإن تجاهل البعض ذلك، وكما قال سموه فإن شعبا ما زال صابرا، يكافح ويقدم التضحيات منذ سبعين عاما، هو شعب حي، لا يمكن تصفية قضيته من دون تحقيق العدالة.
هي العدالة، لا شيء أكثر ولا شيء أقل، وعندما يطالب الفلسطينيون والعرب والمسلمون بالعدالة لقضيتهم الأولى، إنما يطالبون بتنفيذ ما أجمعت عليه الأسرة الدولية، أي تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وهي واضحة وجلية، لا تحتمل أي تأويل أو تفسير خارج سياق الانسحاب إلى الأراضي التي احتُلَّت عام 1967، فعن هذا الطريق يمكن وضع حد نهائي لواحد من أكثر الصراعات صعوبة وتعقيدا، وهو الصراع الذي استفادت منه أنظمة ديكتاتورية عدة للاستئثار بالحكم، وممارسة أقسى أنواع البطش والتنكيل بحق شعوبها، متذرعة بالدفاع عن فلسطين، ولو أن هذا الصراع حُلّ منذ أن صدرت القرارات الدولية، ولو أن هذه القرارات تم تنفيذها، فربما كانت المنطقة بأسرها قد تغيرت، وربما كان الازدهار والأمن والاستقرار هو السائد والغالب اليوم.
لقد سمعنا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يؤكد، في كلمة افتتح بها أعمال القمة الإسلامية، على أن الدفاع عن القدس هو دفاع عن الإنسانية والسلام، وهذا صحيح تماما، ولا بد، كما أوضح في كلمته، من أن «نرفع صوتنا بأن أشقاءنا الفلسطينيين ليسوا وحدهم في كفاحهم».
هذه هي الرسالة المهمة التي يتعين على الدول الإسلامية أن تتمسك بها، فلقد سأم الشعب الفلسطيني البيانات، وملّ التوصيات التي لا طائل من ورائها ولا متابع لها، وما يريده اليوم هو موقف صادق يدعمه في نضاله وكفاحه، حتى يتمكن من استرداد حقوقه كاملة.
من هنا يبدو تساؤل رئيس الوزراء الفلسطيني أمام المؤتمر في محله عندما قال: «ماذا نحن فاعلون؟، وكيف سنقوم في إطار منظمتنا بواجباتنا في الدفاع عن القدس الشريف، وتنفيذ قرارات مجالسنا وقممنا ترجمة لإرادة الشعوب التي نمثلها؟».
صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة، أكد أن دولة الكويت ستواصل مساعيها الداعمة للفلسطينيين في تقرير حقهم المشروع بإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، بموجب ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين.
كل هذه المواقف لها أهميتها ولها تأثيرها متى ما اتحدت دولنا في مواقفها، فالقضية الفلسطينية تكون قوية، طالما استمرت كأولوية عربية، بعيدا عن الخلافات السياسية، وكما قال صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، على حسابه في «تويتر»: لا يمكن للسلام أن يتحقق في منطقتنا دون حل عادل، ولا حل عادلا دون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
وأخيرا.. ستبقى القضية الفلسطينية في وجدان الأمتين العربية والإسلامية، حتى لو تخاذلت بعض الحكومات وخططت وتآمرت لبيعها بثمن بخس، مثل ما تفعله دول الحصار..
فطالما هناك دول مثل قطر والكويت وتركيا وغيرها من المهتمين والمناصرين للحق الفلسطيني الأصيل، فلن تباع أرض فلسطين ولن تضيع أولى القبلتين.
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
كان ذلك خطاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، أمام الجلسة الافتتاحية لأعمال القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي، التي عقدت بمركز المؤتمرات، في مدينة إسطنبول بالجمهورية التركية الشقيقة، مساء أمس، بحضور إخوانه رؤساء وفود الدول الإسلامية.
في كل كلمة لصاحب السمو كانت فلسطين الحاضر الأكبر، وفي كل مناسبة كان الهم الفلسطيني ماثلا، فهو لم يكن يوما هما فلسطينيا فحسب، بل كان هما قطريا بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وبكل ما يفرضه معنى الانتماء للإسلام والعروبة والأخوة.
بدأ صاحب السمو كلمته منطلقا من المجزرة الأخيرة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحق متظاهرين فلسطينيين سلميين في غزة، خلال مسيرة يوم 15 مايو الجاري، وهو يوم ذكرى قيام إسرائيل، الذي يعتبره الفلسطينيون والعرب يوم نكبة فلسطين، كل مطلبهم رفع الحصار الجائر والخانق والظالم، وكما أوضح سموه، فبعد نضال مديد وغزير التضحيات، وانتفاضتين شهيرتين ضد الاحتلال، انسحبت إسرائيل من طرف واحد من قطاع غزة وحده، ولكنها فرضت عليه حصارا خانقا ما زال مستمرا حتى هذا اليوم، أي أنها واصلت الاحتلال بوسائل أخرى.
خرج الفلسطينيون ليُذكِّروا العالم بحجم المأساة، كما خرجوا ذودا عن القدس، التي كانت تشهد احتفالا مروعا، تمثل في نقل السفارة الأميركية إليها، والتي تعتبر السيادة عليها إحدى أهم قضايا الحل الدائم التي يفترض أن التفاوض يجرى بشأنها بوساطة أميركية.
كان مشهدا سرياليا بحق، الدولة التي يجب أن تقود المفاوضات، وتدفع بها إلى حل مقبول ومعقول، تقود القضية الفلسطينية إلى منعطف أكثر خطورة، وأكثر دموية، دونما مبرر أو مسبب، كانت الرسالة مؤلمة ودامية، وهي رسالة يأس وإحباط لن تقود بحال من الأحوال إلى السلام والاستقرار.
قضية فلسطين جرح مفتوح، هذا الاختصار البليغ لصاحب السمو أمام الدول الإسلامية مجتمعة، يؤكد أن هذا الجرح لا بد أن يندمل، وحتى يندمل لا بد من مواقف عملية، بعيدا عن القرارات الصمّاء، فالوضع، كما أوضح سموه حفظه الله، بحاجة إلى مواقف صادقة وإرادة سياسية لاتخاذ خطوات ذات معنى لإزالة الاحتلال، فهذه هي المقدمة لأي حل عادل.. ومن دون حل عادل لقضية فلسطين وإنصاف شعبها لا يمكن وقف هذا النزيف المتواصل منذ سبعين عاما.
كلمة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، وضعت النقاط على الحروف: «يحتاج الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى مواقف صادقة وإرادة سياسية لاتخاذ خطوات ذات معنى لإزالة الاحتلال، فهذه هي المقدمة لأي حل عادل.. ومن دون حل عادل لقضية فلسطين وإنصاف شعبها لا يمكن وقف هذا النزيف المتواصل منذ سبعين عاما».
نعم.. المطلوب مواقف صادقة، تؤدي إلى وقف الحصار الجائر، وإلى فرض حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية بوصفها آخر قضية استعمارية ما زالت تشغل العالم، والحل نصت عليه قرارات دولية، حظيت بإجماع عالمي من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، لكن بقي التنفيذ خاضعا لمزاج إسرائيل وشهيتها للأرض وحقوق الآخرين.
من المؤسف أن يبقى المجتمع الدولي عاجزا أمام الرفض الإسرائيلي، ومن المؤسف أكثر أن يقف بهذه السلبية ولا يتخذ أية خطوات في مواجهة هذا التعنت، على الرغم من خطره على الأمن الإقليمي والدولي، كما أوضح صاحب السمو في كلمته.
لقد أوضح صاحب السمو أن طريق الحل يمر عبر تسوية تاريخية، تتمثل بإقامة دولة فلسطينية في المناطق التي احتلت عام 1967، أي على 22 % من أرض فلسطين التاريخية، وعاصمتها القدس الشريف، حتى لا تبقى قضية فلسطين جرحا مفتوحا، وإن تجاهل البعض ذلك، وكما قال سموه فإن شعبا ما زال صابرا، يكافح ويقدم التضحيات منذ سبعين عاما، هو شعب حي، لا يمكن تصفية قضيته من دون تحقيق العدالة.
هي العدالة، لا شيء أكثر ولا شيء أقل، وعندما يطالب الفلسطينيون والعرب والمسلمون بالعدالة لقضيتهم الأولى، إنما يطالبون بتنفيذ ما أجمعت عليه الأسرة الدولية، أي تنفيذ قرارات مجلس الأمن، وهي واضحة وجلية، لا تحتمل أي تأويل أو تفسير خارج سياق الانسحاب إلى الأراضي التي احتُلَّت عام 1967، فعن هذا الطريق يمكن وضع حد نهائي لواحد من أكثر الصراعات صعوبة وتعقيدا، وهو الصراع الذي استفادت منه أنظمة ديكتاتورية عدة للاستئثار بالحكم، وممارسة أقسى أنواع البطش والتنكيل بحق شعوبها، متذرعة بالدفاع عن فلسطين، ولو أن هذا الصراع حُلّ منذ أن صدرت القرارات الدولية، ولو أن هذه القرارات تم تنفيذها، فربما كانت المنطقة بأسرها قد تغيرت، وربما كان الازدهار والأمن والاستقرار هو السائد والغالب اليوم.
لقد سمعنا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يؤكد، في كلمة افتتح بها أعمال القمة الإسلامية، على أن الدفاع عن القدس هو دفاع عن الإنسانية والسلام، وهذا صحيح تماما، ولا بد، كما أوضح في كلمته، من أن «نرفع صوتنا بأن أشقاءنا الفلسطينيين ليسوا وحدهم في كفاحهم».
هذه هي الرسالة المهمة التي يتعين على الدول الإسلامية أن تتمسك بها، فلقد سأم الشعب الفلسطيني البيانات، وملّ التوصيات التي لا طائل من ورائها ولا متابع لها، وما يريده اليوم هو موقف صادق يدعمه في نضاله وكفاحه، حتى يتمكن من استرداد حقوقه كاملة.
من هنا يبدو تساؤل رئيس الوزراء الفلسطيني أمام المؤتمر في محله عندما قال: «ماذا نحن فاعلون؟، وكيف سنقوم في إطار منظمتنا بواجباتنا في الدفاع عن القدس الشريف، وتنفيذ قرارات مجالسنا وقممنا ترجمة لإرادة الشعوب التي نمثلها؟».
صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة، أكد أن دولة الكويت ستواصل مساعيها الداعمة للفلسطينيين في تقرير حقهم المشروع بإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، بموجب ما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومبدأ حل الدولتين.
كل هذه المواقف لها أهميتها ولها تأثيرها متى ما اتحدت دولنا في مواقفها، فالقضية الفلسطينية تكون قوية، طالما استمرت كأولوية عربية، بعيدا عن الخلافات السياسية، وكما قال صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير البلاد المفدى، على حسابه في «تويتر»: لا يمكن للسلام أن يتحقق في منطقتنا دون حل عادل، ولا حل عادلا دون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
وأخيرا.. ستبقى القضية الفلسطينية في وجدان الأمتين العربية والإسلامية، حتى لو تخاذلت بعض الحكومات وخططت وتآمرت لبيعها بثمن بخس، مثل ما تفعله دول الحصار..
فطالما هناك دول مثل قطر والكويت وتركيا وغيرها من المهتمين والمناصرين للحق الفلسطيني الأصيل، فلن تباع أرض فلسطين ولن تضيع أولى القبلتين.
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول