مثلت الحادثة الأخيرة التي هزت مواقع التواصل الاجتماعي وكان بطلها الداعية المصري المعروف عمرو خالد مؤشرا هاما على واقع الدعوة والدعاة في مرحلة ما بعد الربيع العربي. لا أحد كان يتوقع كل ردود الأفعال الساخرة التي أجبرت الداعية على الاعتذار السريع وسحب الإعلان من المنصات التي بث عليها وبشكل سريع.
ففي ومضة إشهارية يبرز فجأة الداعية المصري وهو يدخل مطبخا ليوصي المؤمنين بالمزاوجة بين غذاء الروح وغذاء الجسد فينصح الناس بنوع معين من الدجاج فيه - حسب الداعية- غذاء للروح خلال الشهر الكريم.
الإخراج كان سيئا والسيناريو هزيلا وكذلك مضحكا بدءا بسطحية الخطاب وخاصة حجم المفارقة بين داعية إسلامي من جهة ولحم الدجاج من جهة أخرى. لكن هذه ليست أولى جولات الداعية وصولاته وإخفاقاته في السنوات الأخيرة فقد ساند الرجل الانقلاب الدامي ضد ثورة يناير وبايع دولة العسكر وإعلامه وتنكر للرئيس الشرعي الذي ينتمي إلى التيار الإسلامي المحافظ الذي يمثله الداعية.
نقارب هنا هذا الحدث عبر ملاحظتين:
تتمثل الأولى في صورة الداعية نفسه وقد تحول أداة استهلاكية تعمل على الترويج للمنتوجات الاستهلاكية التي لا علاقة لها بالمهمة التي أوهم الناس بأنه قائم عليها. هذه الملاحظة لا تقتصر على الداعية المصري بل تشمل عددا كبيرا من الدعاة مثل الداعية السعودي محمد العريفي الذي ظهر في أكثر من مرة وهو يروج للعطور أو لغيرها من السلع الاستهلاكية.
المفارقة لا تكمن في طبيعة الإشهار أو محاولة الداعية التعريف بمنتوج معين بل تتجلى أكثر في المفارقة بين الواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه الداعية وطبيعة المشاكل التي يعاني منها وبين ما يدعو إليه هو في خطابه.
أما الملاحظة الثانية فتظهر في توظيف وسائل الإعلام وأنماط المنظومات الاستهلاكية للدعاة ورجال الدين من أجل أهداف ووظائف تتناقض مع المهمة التي أوكلت إليهم. أي أن رجل الدين أو الداعية أو الشيخ تحول رقما يسحب وراءه ملايين المريدين والمتابعين فيحولهم هو إلى رصيد مادي يمكن الاستفادة منه تجاريا. ففي مجتمع استهلاكي كالمجتمع المصري الذي يعاني الغلاء وتفشي كل مظاهر الانحراف الاجتماعي يتفرغ الداعية إلى الحملات الإشهارية والومضات الدعائية وهو ما يحوله من داعية إلى نجم من نجوم الفن أو كرة القدم لا يختلف عنهم في شيء غير الغطاء الديني الذي يصبغ به حديثه ودعوته.
«واقعة الدجاج» كما اصطلح عليها البعض ليست إلا مؤشرا في الحقيقة على انكشاف مكون آخر من مكونات النخب العربية بفضل ثورات الربيع وتداعياتها.
بقلم : محمد هنيد
ففي ومضة إشهارية يبرز فجأة الداعية المصري وهو يدخل مطبخا ليوصي المؤمنين بالمزاوجة بين غذاء الروح وغذاء الجسد فينصح الناس بنوع معين من الدجاج فيه - حسب الداعية- غذاء للروح خلال الشهر الكريم.
الإخراج كان سيئا والسيناريو هزيلا وكذلك مضحكا بدءا بسطحية الخطاب وخاصة حجم المفارقة بين داعية إسلامي من جهة ولحم الدجاج من جهة أخرى. لكن هذه ليست أولى جولات الداعية وصولاته وإخفاقاته في السنوات الأخيرة فقد ساند الرجل الانقلاب الدامي ضد ثورة يناير وبايع دولة العسكر وإعلامه وتنكر للرئيس الشرعي الذي ينتمي إلى التيار الإسلامي المحافظ الذي يمثله الداعية.
نقارب هنا هذا الحدث عبر ملاحظتين:
تتمثل الأولى في صورة الداعية نفسه وقد تحول أداة استهلاكية تعمل على الترويج للمنتوجات الاستهلاكية التي لا علاقة لها بالمهمة التي أوهم الناس بأنه قائم عليها. هذه الملاحظة لا تقتصر على الداعية المصري بل تشمل عددا كبيرا من الدعاة مثل الداعية السعودي محمد العريفي الذي ظهر في أكثر من مرة وهو يروج للعطور أو لغيرها من السلع الاستهلاكية.
المفارقة لا تكمن في طبيعة الإشهار أو محاولة الداعية التعريف بمنتوج معين بل تتجلى أكثر في المفارقة بين الواقع الاجتماعي الذي يعيش فيه الداعية وطبيعة المشاكل التي يعاني منها وبين ما يدعو إليه هو في خطابه.
أما الملاحظة الثانية فتظهر في توظيف وسائل الإعلام وأنماط المنظومات الاستهلاكية للدعاة ورجال الدين من أجل أهداف ووظائف تتناقض مع المهمة التي أوكلت إليهم. أي أن رجل الدين أو الداعية أو الشيخ تحول رقما يسحب وراءه ملايين المريدين والمتابعين فيحولهم هو إلى رصيد مادي يمكن الاستفادة منه تجاريا. ففي مجتمع استهلاكي كالمجتمع المصري الذي يعاني الغلاء وتفشي كل مظاهر الانحراف الاجتماعي يتفرغ الداعية إلى الحملات الإشهارية والومضات الدعائية وهو ما يحوله من داعية إلى نجم من نجوم الفن أو كرة القدم لا يختلف عنهم في شيء غير الغطاء الديني الذي يصبغ به حديثه ودعوته.
«واقعة الدجاج» كما اصطلح عليها البعض ليست إلا مؤشرا في الحقيقة على انكشاف مكون آخر من مكونات النخب العربية بفضل ثورات الربيع وتداعياتها.
بقلم : محمد هنيد