+ A
A -
ينشأ المسلم متديناً عادياً يأخذ بتعاليم الدين ومبادئه، ويدعو الناس إلى الأخذ بذلك، وهو حتى هذه اللحظة يدعو إلى شيء لا يملك المجتمع إزاءه إلا تعبيراً عن الرضا والتشجيع.
بعض هؤلاء يواصلون مسيرتهم نحو التشدد مع أنفسهم أولاً، ومع الناس، ثم يتجاوزون ذلك إلى إصدار أحكام قاطعة بالإدانة على من لا يتبعهم في مسيرتهم أو دعوتهم أو نظرتهم للأمور، وقد يتجاوزون ذلك إلى اتخاذ موقف ثابت ودائم من المجتمع وأفراده ومؤسساته.
يبدأ هذا الموقف بالعزلة والمقاطعة، حتى يصل إلى إصدار حكم فردي على ذلك المجتمع بالردة والكفر، ثم يتحول هذا الموقف الانعزالي عند البعض إلى موقف عدواني يرى معه المتطرف أن هدم المجتمع ومؤسساته وقتل أفراده هو الحل.
هذه العملية، أو هذا التحول، يحتاج إلى وقت طويل، وإلى المرور بعدة مراحل، أي أن المتطرف لا يمكن أن ينام مؤمنا ووسطيا ومعتدلا، ثم يصحو وقد قرر قتل الأبرياء.
مناسبة هذا الحديث، الذي يعرفه القارئ الكريم، هو الجريمة التي ارتكبها التونسي محمد لحويج بوهلال في مدينة نيس الفرنسية، وتصريح وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف الذي قال إن بوهلال «تطرف بسرعة كبيرة».
بو هلال كان معروفا لدى القضاء الفرنسي، في قضايا تتعلق «بالتهديد والعنف والسرقة ومخالفات ارتكبها بين 2010 و2016»، أي أنه لم يكن متدينا، وربما لم يكن مؤمنا أيضا، بدليل ما فعله من أعمال تتناقض تماما مع أي دين، فكيف انتقل إلى التطرف، دون المرور بمرحلتي الإيمان والتدين؟
الشيء المرجح هو وجود عوامل متعددة دفعت بوهلال إلى ارتكاب جريمته، ليس من بينها الدين، ولو كانت منظمات يسارية متطرفة، مثل «بادر- ماينهوف» الألمانية، أو الجيش الأحمر الياباني، وغيرهما، ما زالت موجودة، ربما كنا سمعنا أن بوهلال انضم إلى إحداها، وارتكب جريمته بوحي منها، أما «حرق المراحل»، ما بين الإيمان والتطرف خلال أسابيع أو أيام، فهذا ما لا يقبله عقل.
بقلم : حسان يونس
بعض هؤلاء يواصلون مسيرتهم نحو التشدد مع أنفسهم أولاً، ومع الناس، ثم يتجاوزون ذلك إلى إصدار أحكام قاطعة بالإدانة على من لا يتبعهم في مسيرتهم أو دعوتهم أو نظرتهم للأمور، وقد يتجاوزون ذلك إلى اتخاذ موقف ثابت ودائم من المجتمع وأفراده ومؤسساته.
يبدأ هذا الموقف بالعزلة والمقاطعة، حتى يصل إلى إصدار حكم فردي على ذلك المجتمع بالردة والكفر، ثم يتحول هذا الموقف الانعزالي عند البعض إلى موقف عدواني يرى معه المتطرف أن هدم المجتمع ومؤسساته وقتل أفراده هو الحل.
هذه العملية، أو هذا التحول، يحتاج إلى وقت طويل، وإلى المرور بعدة مراحل، أي أن المتطرف لا يمكن أن ينام مؤمنا ووسطيا ومعتدلا، ثم يصحو وقد قرر قتل الأبرياء.
مناسبة هذا الحديث، الذي يعرفه القارئ الكريم، هو الجريمة التي ارتكبها التونسي محمد لحويج بوهلال في مدينة نيس الفرنسية، وتصريح وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف الذي قال إن بوهلال «تطرف بسرعة كبيرة».
بو هلال كان معروفا لدى القضاء الفرنسي، في قضايا تتعلق «بالتهديد والعنف والسرقة ومخالفات ارتكبها بين 2010 و2016»، أي أنه لم يكن متدينا، وربما لم يكن مؤمنا أيضا، بدليل ما فعله من أعمال تتناقض تماما مع أي دين، فكيف انتقل إلى التطرف، دون المرور بمرحلتي الإيمان والتدين؟
الشيء المرجح هو وجود عوامل متعددة دفعت بوهلال إلى ارتكاب جريمته، ليس من بينها الدين، ولو كانت منظمات يسارية متطرفة، مثل «بادر- ماينهوف» الألمانية، أو الجيش الأحمر الياباني، وغيرهما، ما زالت موجودة، ربما كنا سمعنا أن بوهلال انضم إلى إحداها، وارتكب جريمته بوحي منها، أما «حرق المراحل»، ما بين الإيمان والتطرف خلال أسابيع أو أيام، فهذا ما لا يقبله عقل.
بقلم : حسان يونس