يقول الملياردير المكسيكي ديفيد مشيل في مذكراته:
لا تيأس من أي عملٍ تقومُ به، فجمْعُ الثروة يأتي من الأشياء البسيطة التي قد لا يهتم بها الآخرون، فأنا بدأتُ بجمع ثروتي عندما كنتُ في التاسعة من عمري، كنتُ في طريقي إلى المدرسة أقوم بجمع التفاح الملقى على الأرض، وأقوم بتنظيفه وبيعه للناس، حينها ضحك وسخر مني الكثيرون، ولكني كنتُ صابراً متفائلاً، ثم بدأت تجارتي تكبر، وأصبحتُ أشتري من المزارعين مباشرة، وأخذت تجارتي تتطور حتى بلغتُ الخامسة والثلاثين من عمري، عندها مات عمي الملياردير الذي لم يكن متزوجاً وليس له أقرباء على وجه الأرض غيري، كان مُهرِّب مخدرات في البرازيل وورثتُ ثروته وحدي! أرجو أن لا تكونوا قد اعتقدتم أني أصبحتُ مليارديراً من ذلك التفاح العفن، فتلك أيام أدعو الله أن لا يعيدها!
هذه القصة أخبرتُ بها صديقي البارحة، والمناسبة التي أدتْ لعرض عضلات ثقافتي عليه، أنه قد وصلني بريد إلكتروني من شخص مجهول يخبرني فيه أني قد ربحتُ مليون دولار، وأنه يتمنى عليَّ أن أتكرم وأرسل له بياناتي البنكية كي يقوم بتحويل المبلغ لي، وأنا حتى الساعة لا أعرفُ كيف ربحتُ هذا المبلغ، فأنا لا أشترك في المسابقات، ولو اشتركتُ فحظي وأعرفه، يشبه حظ جدتي الذي تقول عنه: أنا لو بعتْ طرابيش لصارت الناس بلا رؤوس! طبعاً هذه ليستْ المرة الأولى التي أربح فيها مبالغ مهولة عن طريق الإيميل، دائماً تصلني رسائل من هذا النوع فيها أرقام مالية يصعب عليَّ تخيل امتلاكها، حتى أن هذه الأرقام آخر مرة استخدمتها في مادة الجغرافيا للإجابة على عدد سكان دولة ما، ولا أفهم حتى اللحظة ما هي الحكمة من معرفة عدد سكان بنغلاديش!
المهم أن صديقي تحمَّس لفوزي المزعوم هذا، وأصرَّ عليَّ أن أرسل لهم بياناتي البنكية، ومن فرط حماسه اشترط عليَّ نسبة من المبلغ بعد تحويله لي من قبل الشخص المجهول رغم أنه يعرف أننا نأخذ حقوقنا بشق الأنفس من الأشخاص الذين نعرفهم، فكيف يأتي مجهول ليعطيك مبلغاً كهذا من فوز أنت لا تعرف كيف فزته، طبعاً أعرف أن هذه الإيميلات ليست إلا محاولة نصب، ورغم أن الموجود في الحساب لن يشكل لهذا النصاب صيداً ثميناً وأني سأقوم بتخييب أمله، إلا أني لم أرضخ لمحاولات صديقي الحثيثة بإقناعي لإرسال بياناتي البنكية، ولما ضاق بي ذرعاً قال لي: يا أخي ماذا ستخسر؟!
في الحقيقة لو فعلتُ هذا سأخسرُ أشياء كثيرة أولها صديقي، فبعد امتلاكي لمليون دولار سيصعب عليَّ الاستمرار بصداقة هذا المنتوف الأجرب ويعزُّ عليّ فعلاً أن أخسره! وسأخسرُ إيماني بأن هذا الكوكب فاسد، لقد تأقلمتُ على فكرة أن هذا الكوكب أسوأ بكثير من أن يهبك مبلغاً كبيراً لقاء لا شيء.. طبعاً لم أجرؤ أن أخبره بهذه الأسباب، وإنما أعطيته محاضرة عن أهمية القناعة وأن المال لا يجب أن يكون غاية عند الإنسان، وأن الغنى الحقيقي غنى القلب، وثروتنا الحقيقية في الأشخاص الذين نحبهم ويحبوننا، رغم أني على قناعة أنه لا يمنع أن يكون المرء غنياً بجيبه وقلبه، وأن يُحِبَّ ويُحَبَّ، ولكني لا أخبر الآخرين بقناعاتي التي يمكن أن يستخدموها ضدي في الحوار.
بقلم : أدهم شرقاوي
لا تيأس من أي عملٍ تقومُ به، فجمْعُ الثروة يأتي من الأشياء البسيطة التي قد لا يهتم بها الآخرون، فأنا بدأتُ بجمع ثروتي عندما كنتُ في التاسعة من عمري، كنتُ في طريقي إلى المدرسة أقوم بجمع التفاح الملقى على الأرض، وأقوم بتنظيفه وبيعه للناس، حينها ضحك وسخر مني الكثيرون، ولكني كنتُ صابراً متفائلاً، ثم بدأت تجارتي تكبر، وأصبحتُ أشتري من المزارعين مباشرة، وأخذت تجارتي تتطور حتى بلغتُ الخامسة والثلاثين من عمري، عندها مات عمي الملياردير الذي لم يكن متزوجاً وليس له أقرباء على وجه الأرض غيري، كان مُهرِّب مخدرات في البرازيل وورثتُ ثروته وحدي! أرجو أن لا تكونوا قد اعتقدتم أني أصبحتُ مليارديراً من ذلك التفاح العفن، فتلك أيام أدعو الله أن لا يعيدها!
هذه القصة أخبرتُ بها صديقي البارحة، والمناسبة التي أدتْ لعرض عضلات ثقافتي عليه، أنه قد وصلني بريد إلكتروني من شخص مجهول يخبرني فيه أني قد ربحتُ مليون دولار، وأنه يتمنى عليَّ أن أتكرم وأرسل له بياناتي البنكية كي يقوم بتحويل المبلغ لي، وأنا حتى الساعة لا أعرفُ كيف ربحتُ هذا المبلغ، فأنا لا أشترك في المسابقات، ولو اشتركتُ فحظي وأعرفه، يشبه حظ جدتي الذي تقول عنه: أنا لو بعتْ طرابيش لصارت الناس بلا رؤوس! طبعاً هذه ليستْ المرة الأولى التي أربح فيها مبالغ مهولة عن طريق الإيميل، دائماً تصلني رسائل من هذا النوع فيها أرقام مالية يصعب عليَّ تخيل امتلاكها، حتى أن هذه الأرقام آخر مرة استخدمتها في مادة الجغرافيا للإجابة على عدد سكان دولة ما، ولا أفهم حتى اللحظة ما هي الحكمة من معرفة عدد سكان بنغلاديش!
المهم أن صديقي تحمَّس لفوزي المزعوم هذا، وأصرَّ عليَّ أن أرسل لهم بياناتي البنكية، ومن فرط حماسه اشترط عليَّ نسبة من المبلغ بعد تحويله لي من قبل الشخص المجهول رغم أنه يعرف أننا نأخذ حقوقنا بشق الأنفس من الأشخاص الذين نعرفهم، فكيف يأتي مجهول ليعطيك مبلغاً كهذا من فوز أنت لا تعرف كيف فزته، طبعاً أعرف أن هذه الإيميلات ليست إلا محاولة نصب، ورغم أن الموجود في الحساب لن يشكل لهذا النصاب صيداً ثميناً وأني سأقوم بتخييب أمله، إلا أني لم أرضخ لمحاولات صديقي الحثيثة بإقناعي لإرسال بياناتي البنكية، ولما ضاق بي ذرعاً قال لي: يا أخي ماذا ستخسر؟!
في الحقيقة لو فعلتُ هذا سأخسرُ أشياء كثيرة أولها صديقي، فبعد امتلاكي لمليون دولار سيصعب عليَّ الاستمرار بصداقة هذا المنتوف الأجرب ويعزُّ عليّ فعلاً أن أخسره! وسأخسرُ إيماني بأن هذا الكوكب فاسد، لقد تأقلمتُ على فكرة أن هذا الكوكب أسوأ بكثير من أن يهبك مبلغاً كبيراً لقاء لا شيء.. طبعاً لم أجرؤ أن أخبره بهذه الأسباب، وإنما أعطيته محاضرة عن أهمية القناعة وأن المال لا يجب أن يكون غاية عند الإنسان، وأن الغنى الحقيقي غنى القلب، وثروتنا الحقيقية في الأشخاص الذين نحبهم ويحبوننا، رغم أني على قناعة أنه لا يمنع أن يكون المرء غنياً بجيبه وقلبه، وأن يُحِبَّ ويُحَبَّ، ولكني لا أخبر الآخرين بقناعاتي التي يمكن أن يستخدموها ضدي في الحوار.
بقلم : أدهم شرقاوي