+ A
A -
يُحكى أنَّ حاكماً استدعى ثلاثة من المشايخ، وسألهم بحضرة وزيره، عن حكم الشّرع في تزوير الانتخابات:
فقال الأول: من المعذورات إذا كان بطلب من المخابرات.
وقال الثاني: حتى نمنع نجاح الزنديق يجوز أن نلعب بالصناديق.
وقال الثالث: التزوير حرام وغش للأنام!
عندها قال الحاكم: عينوا الأول قاضي القضاة فهو كذاب وهذا النوع مطلوب.
وعينوا الثاني إماماً للمسجد الكبير في العاصمة، فهو محتال وهذا النوع مرغوب.
أما الثالث فاسحبوا منه رخصة الخطابة لأنه صادق، وهذا النوع مشطوب!
ثم قال للوزير: أما أنتَ فما رأيكَ في تزوير الانتخابات؟
فقال الوزير: وهل يفتي مثلي لمثلك يا مولاي؟
فقال الحاكم لوزيره: أما أنت فمنافق وهذا النوع محبوب!
الحديث ليس عن الديمقراطية والانتخابات، وإنما عن اللحى المأجورة، والفتاوى المفصلة تماماً على مقاس الحاكم، عن الذين يبيعون دينهم بعَرَضٍ من الدنيا قليل، ولكل إنسان فتنة وفتنة العلماء السلاطين! هذه الحقيقة وعاها الفقهاء الأوائل ولم يعِها من المتأخرين إلا قليل، وقد غضب السلطان على الإمام النووي، فقال لمن حوله: اقطعوا راتبه واعزلوه من منصبه!
فقالوا: ليس له راتب ولا منصب!
على أن المناصب والرواتب لا تقدح في الدين، ولكن جرت سنة الله في الكون أن من يأكل من خبز السلطان يحارب بسيفه! ولكل سيفٍ حربه بحسب موقعه، وسيوف العلماء فتاواهم!
العالم الذي كان يُفتي بحرمة الموسيقى لأنها مزمار الشيطان صار يبيحها لأنها تهذب الإحساس وترقق الشعور، وما هذا التحول إلا لأن ثمة من أراد لها أن تكون كذلك فكانت!
والذي كان يعطي منفذي العمليات الاستشهادية تأشيرة إلى الجنة هو نفسه الآن الذي ينعت منفذها بالمنتحر!
والذي كان يطرب قديماً لصواريخ غزة وهي تصافح تل أبيب هو نفسه الذي ينعتُ مطلقيها الآن بالإرهاب! مع أنه لم يتغير شيء، «إسرائيل» هي «إسرائيل» وغزة هي غزة لم يتغير شيء سوى هوى ولاة الأمر! أليس كذلك يا قارئ القرآن؟!
قضى الله أن السلطان والقرآن سيفترقان، ومن العلماء من يتبع السلطان ومنهم من يتبع القرآن، فأما الذين يتبعون القرآن فشأنهم شأن أحمد بن حنبل والنووي ومالك والعز بن عبدالسلام، على صفحات التاريخ المشرقة، والذين يتبعون السلطان فإلى مزابل التاريخ، وكلنا نعرف أحمد بن حنبل ولكننا لا نعرف أحداً من العشرات الذين أفتوا للمأمون بخلق القرآن!
أعرفُ أنه يحزُّ في النفس أن يكون العلماء أكثر الناس تضييعاً للدين رغم أنهم مؤتمنون عليه، ولكن لا تبتئسوا، إن الله يرسل بالفتن لينقي هذا الدين من الخبث كما تنقي النار خبث الحديد، واحمدوا الله أن الأقنعة قد سقطت، والوجوه قد سفرت الآن، وإنها لفاجعة إذا ما جدَّ الجد أن نجد أخوَن الأمة علماءها!
بقلم : أدهم شرقاوي
فقال الأول: من المعذورات إذا كان بطلب من المخابرات.
وقال الثاني: حتى نمنع نجاح الزنديق يجوز أن نلعب بالصناديق.
وقال الثالث: التزوير حرام وغش للأنام!
عندها قال الحاكم: عينوا الأول قاضي القضاة فهو كذاب وهذا النوع مطلوب.
وعينوا الثاني إماماً للمسجد الكبير في العاصمة، فهو محتال وهذا النوع مرغوب.
أما الثالث فاسحبوا منه رخصة الخطابة لأنه صادق، وهذا النوع مشطوب!
ثم قال للوزير: أما أنتَ فما رأيكَ في تزوير الانتخابات؟
فقال الوزير: وهل يفتي مثلي لمثلك يا مولاي؟
فقال الحاكم لوزيره: أما أنت فمنافق وهذا النوع محبوب!
الحديث ليس عن الديمقراطية والانتخابات، وإنما عن اللحى المأجورة، والفتاوى المفصلة تماماً على مقاس الحاكم، عن الذين يبيعون دينهم بعَرَضٍ من الدنيا قليل، ولكل إنسان فتنة وفتنة العلماء السلاطين! هذه الحقيقة وعاها الفقهاء الأوائل ولم يعِها من المتأخرين إلا قليل، وقد غضب السلطان على الإمام النووي، فقال لمن حوله: اقطعوا راتبه واعزلوه من منصبه!
فقالوا: ليس له راتب ولا منصب!
على أن المناصب والرواتب لا تقدح في الدين، ولكن جرت سنة الله في الكون أن من يأكل من خبز السلطان يحارب بسيفه! ولكل سيفٍ حربه بحسب موقعه، وسيوف العلماء فتاواهم!
العالم الذي كان يُفتي بحرمة الموسيقى لأنها مزمار الشيطان صار يبيحها لأنها تهذب الإحساس وترقق الشعور، وما هذا التحول إلا لأن ثمة من أراد لها أن تكون كذلك فكانت!
والذي كان يعطي منفذي العمليات الاستشهادية تأشيرة إلى الجنة هو نفسه الآن الذي ينعت منفذها بالمنتحر!
والذي كان يطرب قديماً لصواريخ غزة وهي تصافح تل أبيب هو نفسه الذي ينعتُ مطلقيها الآن بالإرهاب! مع أنه لم يتغير شيء، «إسرائيل» هي «إسرائيل» وغزة هي غزة لم يتغير شيء سوى هوى ولاة الأمر! أليس كذلك يا قارئ القرآن؟!
قضى الله أن السلطان والقرآن سيفترقان، ومن العلماء من يتبع السلطان ومنهم من يتبع القرآن، فأما الذين يتبعون القرآن فشأنهم شأن أحمد بن حنبل والنووي ومالك والعز بن عبدالسلام، على صفحات التاريخ المشرقة، والذين يتبعون السلطان فإلى مزابل التاريخ، وكلنا نعرف أحمد بن حنبل ولكننا لا نعرف أحداً من العشرات الذين أفتوا للمأمون بخلق القرآن!
أعرفُ أنه يحزُّ في النفس أن يكون العلماء أكثر الناس تضييعاً للدين رغم أنهم مؤتمنون عليه، ولكن لا تبتئسوا، إن الله يرسل بالفتن لينقي هذا الدين من الخبث كما تنقي النار خبث الحديد، واحمدوا الله أن الأقنعة قد سقطت، والوجوه قد سفرت الآن، وإنها لفاجعة إذا ما جدَّ الجد أن نجد أخوَن الأمة علماءها!
بقلم : أدهم شرقاوي