+ A
A -
يُحدثنا ابن المقفع في كليلة ودمنة أنَّ غُراباً رأى حمامةً تمشي فأعجبته مشيتها، فقرر أن يُقلِّد مشي الحمام، فحاول وحاول، وبعد جهد طويل في التقليد اكتشف أنه لن يستطيع أن يمشي كالحمام، فقرر أن يعود إلى مشيته القديمة، لكنه تفاجأ أنه قد نسي حتى مشيته القديمة، فلا هو مشى مشية الحمام، ولا استطاع أن يُبقي على مشية الغربان!
ولعل قائل يقول: قصة خرافية، ومثل سائر بقصد التسلية والإمتاع ليس إلا!
ولستُ بصدد الدفاع عن القصص التي تجري على ألسنة الحيوان والطير ومدى مطابقتها للواقع، ولكني سأكتفي بأمثلة قصيرة ضاعت فيها شخصيات أصحابها الحقيقية وهم يحاولون تقليد شخصيات أخرى!
في الفيلم العالمي الشهير «THE DARK KNIGHT» لعب الممثل «هيث ليدجر» شخصية الجوكر، لقد تقمَّص هذه الشخصية إلى درجة أنه لم يستطع أن يعود إلى شخصيته الحقيقية بعد انتهاء التصوير، فأصيب بانفصام حاد، واكتئاب شديد سيطر عليه، ليموت بعد ذلك بسبب جرعة زائدة من عقاقير الاكتئاب!
في المسلسل العالمي «BREAKING BAD» لعب الممثل «دين نوريس» شخصية هانك الشرطي الذي يعمل في مكافحة المخدرات، ويُصاب بالشلل خلال عمله، فكان دوره على كرسي مدولب، لم يستطع أن يتخلص منه بعد انتهاء المسلسل، فكان يقضي عليه في منزله فترات طويلة كأنه مشلول حقاً، حتى أُصيب بالاكتئاب والاضطرابات المزاجية، وقد عانى لسنوات من هذا الأمر!
في مسلسل «GAME OF THRONES» لعب الممثل «جاك جليسون» دور «كينغ جوفري» وبعد موت الشخصية في المسلسل لم يستطع هو أن يقتل الشخصية في حياته اليومية، فلم يجد حلاً إلا أن يعتزل التمثيل، وقال معقباً على قراره هذا «كينغ جوفري» ما زال حتى اللحظة يثير فزعي!
فإذا كان الغراب في كليلة ودمنة قد نسي مشيته بعد محاولات حثيثة لتقليد مشية الحمامة، وإن كان الممثلون آنفو الذكر قد نسوا شخصياتهم الحقيقية وسيطرت عليهم أدوارهم السينمائية، فإن شيئاً من هذا يحدث للناس في الحياة!
لأسباب كثيرة - ليس هذا وقت سردها- يعيش بعض الناس أدواراً على خلاف ما هم عليه فعلاً، حتى يصل بهم الأمر نهاية المطاف أن يقف أحدهم أمام المرآة ويتساءل عن هوية هذا الشخص الذي يراه أمامه!
كل واحد منا خلقه الله سبحانه شخصية فريدة، وكل الشخصيات في المجتمع محجوزة. الشخصية الوحيدة المتوفرة هي شخصية كل منا، فلماذا يصرُّ البعض على أن يكونوا نسخاً عن الآخرين في حين بإمكان الإنسان أن يكون ذاته!
طبعاً الحياة تفرض بعض التنازلات أحياناً، والتعايش في الغالب قرار صائب، والتجاهل والتغاضي كان وما زال من شيم الكرام، ولكن هذا كله شيء، وأن يكون الإنسان شخصاً آخر غير نفسه شيء آخر، وهنيئاً لمن استطاع أن يكون نفسه!
بقلم:أدهم الشرقاوي
ولعل قائل يقول: قصة خرافية، ومثل سائر بقصد التسلية والإمتاع ليس إلا!
ولستُ بصدد الدفاع عن القصص التي تجري على ألسنة الحيوان والطير ومدى مطابقتها للواقع، ولكني سأكتفي بأمثلة قصيرة ضاعت فيها شخصيات أصحابها الحقيقية وهم يحاولون تقليد شخصيات أخرى!
في الفيلم العالمي الشهير «THE DARK KNIGHT» لعب الممثل «هيث ليدجر» شخصية الجوكر، لقد تقمَّص هذه الشخصية إلى درجة أنه لم يستطع أن يعود إلى شخصيته الحقيقية بعد انتهاء التصوير، فأصيب بانفصام حاد، واكتئاب شديد سيطر عليه، ليموت بعد ذلك بسبب جرعة زائدة من عقاقير الاكتئاب!
في المسلسل العالمي «BREAKING BAD» لعب الممثل «دين نوريس» شخصية هانك الشرطي الذي يعمل في مكافحة المخدرات، ويُصاب بالشلل خلال عمله، فكان دوره على كرسي مدولب، لم يستطع أن يتخلص منه بعد انتهاء المسلسل، فكان يقضي عليه في منزله فترات طويلة كأنه مشلول حقاً، حتى أُصيب بالاكتئاب والاضطرابات المزاجية، وقد عانى لسنوات من هذا الأمر!
في مسلسل «GAME OF THRONES» لعب الممثل «جاك جليسون» دور «كينغ جوفري» وبعد موت الشخصية في المسلسل لم يستطع هو أن يقتل الشخصية في حياته اليومية، فلم يجد حلاً إلا أن يعتزل التمثيل، وقال معقباً على قراره هذا «كينغ جوفري» ما زال حتى اللحظة يثير فزعي!
فإذا كان الغراب في كليلة ودمنة قد نسي مشيته بعد محاولات حثيثة لتقليد مشية الحمامة، وإن كان الممثلون آنفو الذكر قد نسوا شخصياتهم الحقيقية وسيطرت عليهم أدوارهم السينمائية، فإن شيئاً من هذا يحدث للناس في الحياة!
لأسباب كثيرة - ليس هذا وقت سردها- يعيش بعض الناس أدواراً على خلاف ما هم عليه فعلاً، حتى يصل بهم الأمر نهاية المطاف أن يقف أحدهم أمام المرآة ويتساءل عن هوية هذا الشخص الذي يراه أمامه!
كل واحد منا خلقه الله سبحانه شخصية فريدة، وكل الشخصيات في المجتمع محجوزة. الشخصية الوحيدة المتوفرة هي شخصية كل منا، فلماذا يصرُّ البعض على أن يكونوا نسخاً عن الآخرين في حين بإمكان الإنسان أن يكون ذاته!
طبعاً الحياة تفرض بعض التنازلات أحياناً، والتعايش في الغالب قرار صائب، والتجاهل والتغاضي كان وما زال من شيم الكرام، ولكن هذا كله شيء، وأن يكون الإنسان شخصاً آخر غير نفسه شيء آخر، وهنيئاً لمن استطاع أن يكون نفسه!
بقلم:أدهم الشرقاوي