يعتبر بيان البيت الأبيض، في الرد على نبأ الجدل الحاد، بين السفير الكويتي في واشنطن، والمستشار الرئاسي لترامب، من أهم دلالات تداخل الأزمة الخليجية، مع البنية الاستراتيجية، لفريق الرئيس ترامب الإسرائيلي في البيت الأبيض، بقيادة صهره جاريد كوشنر، والمشروع الأخير لاستهداف القدس ومصادرتها نهائيا.
وإجلاء أي وجود عربي، وطمس أي رمز إسلامي منها، لتتسلم تل أبيب كامل إرث القدس، الجغرافي والفكري، ومصادرته عبر الأيدلوجية الصهيونية المتطرفة، كمحور أساس، لتسوية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الإسرائيلي الكبير.
ويؤخذ بالاعتبار هنا، حماس فريق كوشنر، رغم أن فرص إنجاز هذا المشروع، لصالح التحالف الصهيوني المسيحي والصهيوني اليهودي المتطرف، الذي أسقط كل القيم الإنسانية، وما تبقى من مكانة للقرارات الدولية بشأن فلسطين، ليست مضمونة، كون أن فكرة المقاومة العربية لصالح القدس، وانتفاضاتها الفلسطينية، سبق أن مرّت بحالة حصار شرس، وسيطرة إيرانية على مناطقها في لبنان وسوريا، تُخضعها لمصالحها.
لكنها لم تستطع ضمان التسوية النهائية، لعقيدة حرية فلسطين كشعب وقُطر عربي، اُقتطعت أرضه ظلماً وعدواناً، لاسترضاء حركة صهيونية متطرفة، مقابل تسوية جريمة تاريخية تعرض لها الأبرياء اليهود، على يد النازية المسيحية.
وما سبقها من تعقب جرمي لمسيحية أوروبية متوحشة، ضد المواطنين اليهود، سجل فيها المسلمون في تاريخهم، مواقف واضحة في إدانة تلك المجازر، بل وثّقت مصادر يهودية، سعي المسلمين، في إنقاذ المدنيين اليهود في أوروبا، من تلك المذابح وتأمينهم في مناطقهم لقرون وعقود طويلة.
وهو الاعتقاد الإسلامي الشرعي الراسخ، الذي لا علاقة له، بمواقف خاطئة سُجلت خلال الصراع العربي الإسرائيلي، تحمل إشارات دفاع غبية عاطفية مع العهد النازي، لا عقل سياسي لها، ولا وعي فكري، فتتطوع في صرف النظر، عن جريمة أوروبا التاريخية ضد الإنسانية، وارثها في حروبها على المسلمين واليهود المدنيين، والحروب المسيحية الداخلية الكبرى.
وهي هنا نقطة ارتكاز كبرى، لا بد من فهمها للأجيال العربية، والخطاب الإنساني العالمي، الذي يُريد سماع الرواية الأصلية، في القضية الفلسطينية، ولا يجوز إغفالها عن هذا الوعي، خاصة في ظل حملات التشكيك، والطعن الأخيرة، التي أنتجتها الأزمة الخليجية، ضد عدالة القضية الفلسطينية.
إن اقتطاع أرض مستقلة لشعب عربي، ومنحها كتعويض للأمة اليهودية، لتعرّض بعض أبنائها لحرب إبادة مدانة، ارتكبتها مسيحية أوروبا، ثم طرد الشعب الفلسطيني، ودعم كل حرب متاحة ضد حريته واستقلاله، هو جريمة تاريخية ضد الأمة العربية والإسلامية والعدالة الإنسانية، هنا المرتكز التاريخي المهم، في عرض قصة القضية الفلسطينية، فكيف يعوَض المظلوم بظلمه لبريء آخر؟
ويعزّزه أن هذه الأرض العربية، وأمام شواهد قرون خلت، أدركها العالم المعاصر، يضم موقعاً مقدساً لدى المسلمين، هو المسجد الأقصى، وكون القدس أيقونة احتضان للحرم القدسي الشريف، وكنيسة القيامة، التي لم تغلق منذ الفتح الإسلامي بل عُزّزت حمايتها، فكيف تُستهدف الأمم بهذه الصورة البشعة من الاحتلال، وكيف يُضلل الرأي العام اليوم، عن قضية واضحة جلية، كهوية فلسطين وحق أهلها التاريخي.
ونحن هنا، اذ نستدعي أُسس الوعي المركزي، للقضية الفلسطينية، ليس ذلك كمقدمة فقط للتحليل السياسي، لأحداث المنطقة، ولكنه لأجل الرد ومعالجة الموقف الفكري والإعلامي، الذي يواجه حملة شرسة من التحالف الإسرائيلي والاستبداد العربي الأخير، فتزوّر الحقائق، من خلال شحن النفوس بالصراعات القُطرية العنصرية، التي اندلعت بصورة ممنهجة، لا عفوية بعد الأزمة الخليجية، وكان أحد أطرافها الرئيسي، الفريق الإسرائيلي الخاص في البيت الأبيض الجديد.
وهنا نعود إلى أصل الخبر، مستحضرين أن صحيفة الرأي الكويتية باتت مؤخراً، محل بعث رسائل وتسريبات، وجس نبض متقدم للحكومة الكويتية، في ظل الوضع الاستثنائي، الذي تواجهه الكويت، مع تطورات الأزمة الخليجية وأحداث المنطقة.
وهنا نحتاج لرابط مهم في الموقف الكويتي، بين موقف فريق الرئيس ترامب من الأزمة الخليجية، وموقفه من القدس، وخاصة في مساحة المسكوت عنه، وهو ما يُشير له بيان البيت الأبيض، وبالذات في الفقرة التي نفاها هذا الفريق، ولم تكن موجودة في خبر الرأي عن الحوار الحاد، بين السفير الكويتي وكوشنر، وهي منع واشنطن من استهداف الكويت لحصار مماثل لوضع قطر!
إن مثل هذه الأخبار، خاصة بعد تجربة الكويت المُرّة، في الثاني من آب أغسطس 1990، لها حساسية مفرطة، لا تحبذها الكويت، ولا تسعى لخروجها للعلن العام، لكن يبدو أن هناك دواعي واضحة في هذا المنعطف.
وهو يشرح أيضاً الموقف الكويتي من الأزمة، والذي لا ينفي موقف الشيخ صباح في حرصه على بقاء الهيكل الخليجي المتصدع، ومحاولة ترميمه، ورفض البأس العسكري، والتحريض السياسي الذي أنتهجته الأزمة.
لكنه أيضاً عكَس مخاوف قومية مباشرة، على الحدود الكويتية، وكيانها السياسي، الذي تعرض لعدة هزّات كبرى، منذ قرار الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم، في الستينات، مواجهة الاستقلال الكويتي، في قرار الانتداب البريطاني في حينه.
وهنا سؤال كبير، يُطرح على ما تتعرض له الأردن والكويت، من ظروف جيوسياسية صعبة، بعد تحريك المياه الراكدة لعقود، وهذا لا يشكك في أي جهود حقوقية ودستورية لشعبي الدولتين، لكننا اليوم نشهد تطورات كبرى، وحاجة فريق كوشنر، لإعداد المنطقة للتسوية الكبرى.
فهل هذا يعني، أن الترتيبات الإقليمية الكبرى، للعهدة الدولية، كانت تستدعي هذه الهزّة العنيفة، وصولاً لغياب دول وتداخل حدود دول؟
هناك سؤال اعتراضي مشروع، وهو أنه من المعروف أن الأردن ونشأته حظيت بغطاء دولي، أمّن الموقف الإسرائيلي لصالحه، طوال فترات الصراع الجيوسياسي العربي مع تل أبيب، فكيف يتغيّر الموقف اليوم، ويعرّض الأردن لمرحلة ما قبل سقوط الاستقلال القومي؟
إن الجواب هنا، هو في فهم المرحلة، التي وصل إليها المشروع الإسرائيلي المركزي، وبالتالي تغيّر الموقف، يُقرأ من خلال تطور احتياجات المشروع الإسرائيلي الكبير، وحماس فريق كوشنر له، إلى استخدام الأردن كجغرافيا بديلة، تُساهم في التخلص من المهجر الفلسطيني، وهو أمرٌ يحتاج إلى مشروع جراحي.
وليس بالضرورة، أن يتواصل تحرك المشروع في هذا الاتجاه، خاصة حين يخشى القرار الصهيوني، من انفلات المشاعر الشعبية على حدود فلسطين المحتلة.
غير أن الاندفاع الإسرائيلي اليوم كبير جداً، في ظل التأكيد المستمر، لما خلقته الأزمة الخليجية، من محور تحالف لصالحها ضد الشعوب العربية، الذي تكرره وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومراكز تل ابيب، وهنا نقطة الارتكاز في الملف الخليجي الداخلي، وهي أن الكويت كانت معرّضة أن تُدرج، ضمن فواتير التسويات الكبرى، لملف الحركة الصهيونية بعد تموضعها الجديد.
بقلم:مهنا الحبيل
وإجلاء أي وجود عربي، وطمس أي رمز إسلامي منها، لتتسلم تل أبيب كامل إرث القدس، الجغرافي والفكري، ومصادرته عبر الأيدلوجية الصهيونية المتطرفة، كمحور أساس، لتسوية القضية الفلسطينية لصالح المشروع الإسرائيلي الكبير.
ويؤخذ بالاعتبار هنا، حماس فريق كوشنر، رغم أن فرص إنجاز هذا المشروع، لصالح التحالف الصهيوني المسيحي والصهيوني اليهودي المتطرف، الذي أسقط كل القيم الإنسانية، وما تبقى من مكانة للقرارات الدولية بشأن فلسطين، ليست مضمونة، كون أن فكرة المقاومة العربية لصالح القدس، وانتفاضاتها الفلسطينية، سبق أن مرّت بحالة حصار شرس، وسيطرة إيرانية على مناطقها في لبنان وسوريا، تُخضعها لمصالحها.
لكنها لم تستطع ضمان التسوية النهائية، لعقيدة حرية فلسطين كشعب وقُطر عربي، اُقتطعت أرضه ظلماً وعدواناً، لاسترضاء حركة صهيونية متطرفة، مقابل تسوية جريمة تاريخية تعرض لها الأبرياء اليهود، على يد النازية المسيحية.
وما سبقها من تعقب جرمي لمسيحية أوروبية متوحشة، ضد المواطنين اليهود، سجل فيها المسلمون في تاريخهم، مواقف واضحة في إدانة تلك المجازر، بل وثّقت مصادر يهودية، سعي المسلمين، في إنقاذ المدنيين اليهود في أوروبا، من تلك المذابح وتأمينهم في مناطقهم لقرون وعقود طويلة.
وهو الاعتقاد الإسلامي الشرعي الراسخ، الذي لا علاقة له، بمواقف خاطئة سُجلت خلال الصراع العربي الإسرائيلي، تحمل إشارات دفاع غبية عاطفية مع العهد النازي، لا عقل سياسي لها، ولا وعي فكري، فتتطوع في صرف النظر، عن جريمة أوروبا التاريخية ضد الإنسانية، وارثها في حروبها على المسلمين واليهود المدنيين، والحروب المسيحية الداخلية الكبرى.
وهي هنا نقطة ارتكاز كبرى، لا بد من فهمها للأجيال العربية، والخطاب الإنساني العالمي، الذي يُريد سماع الرواية الأصلية، في القضية الفلسطينية، ولا يجوز إغفالها عن هذا الوعي، خاصة في ظل حملات التشكيك، والطعن الأخيرة، التي أنتجتها الأزمة الخليجية، ضد عدالة القضية الفلسطينية.
إن اقتطاع أرض مستقلة لشعب عربي، ومنحها كتعويض للأمة اليهودية، لتعرّض بعض أبنائها لحرب إبادة مدانة، ارتكبتها مسيحية أوروبا، ثم طرد الشعب الفلسطيني، ودعم كل حرب متاحة ضد حريته واستقلاله، هو جريمة تاريخية ضد الأمة العربية والإسلامية والعدالة الإنسانية، هنا المرتكز التاريخي المهم، في عرض قصة القضية الفلسطينية، فكيف يعوَض المظلوم بظلمه لبريء آخر؟
ويعزّزه أن هذه الأرض العربية، وأمام شواهد قرون خلت، أدركها العالم المعاصر، يضم موقعاً مقدساً لدى المسلمين، هو المسجد الأقصى، وكون القدس أيقونة احتضان للحرم القدسي الشريف، وكنيسة القيامة، التي لم تغلق منذ الفتح الإسلامي بل عُزّزت حمايتها، فكيف تُستهدف الأمم بهذه الصورة البشعة من الاحتلال، وكيف يُضلل الرأي العام اليوم، عن قضية واضحة جلية، كهوية فلسطين وحق أهلها التاريخي.
ونحن هنا، اذ نستدعي أُسس الوعي المركزي، للقضية الفلسطينية، ليس ذلك كمقدمة فقط للتحليل السياسي، لأحداث المنطقة، ولكنه لأجل الرد ومعالجة الموقف الفكري والإعلامي، الذي يواجه حملة شرسة من التحالف الإسرائيلي والاستبداد العربي الأخير، فتزوّر الحقائق، من خلال شحن النفوس بالصراعات القُطرية العنصرية، التي اندلعت بصورة ممنهجة، لا عفوية بعد الأزمة الخليجية، وكان أحد أطرافها الرئيسي، الفريق الإسرائيلي الخاص في البيت الأبيض الجديد.
وهنا نعود إلى أصل الخبر، مستحضرين أن صحيفة الرأي الكويتية باتت مؤخراً، محل بعث رسائل وتسريبات، وجس نبض متقدم للحكومة الكويتية، في ظل الوضع الاستثنائي، الذي تواجهه الكويت، مع تطورات الأزمة الخليجية وأحداث المنطقة.
وهنا نحتاج لرابط مهم في الموقف الكويتي، بين موقف فريق الرئيس ترامب من الأزمة الخليجية، وموقفه من القدس، وخاصة في مساحة المسكوت عنه، وهو ما يُشير له بيان البيت الأبيض، وبالذات في الفقرة التي نفاها هذا الفريق، ولم تكن موجودة في خبر الرأي عن الحوار الحاد، بين السفير الكويتي وكوشنر، وهي منع واشنطن من استهداف الكويت لحصار مماثل لوضع قطر!
إن مثل هذه الأخبار، خاصة بعد تجربة الكويت المُرّة، في الثاني من آب أغسطس 1990، لها حساسية مفرطة، لا تحبذها الكويت، ولا تسعى لخروجها للعلن العام، لكن يبدو أن هناك دواعي واضحة في هذا المنعطف.
وهو يشرح أيضاً الموقف الكويتي من الأزمة، والذي لا ينفي موقف الشيخ صباح في حرصه على بقاء الهيكل الخليجي المتصدع، ومحاولة ترميمه، ورفض البأس العسكري، والتحريض السياسي الذي أنتهجته الأزمة.
لكنه أيضاً عكَس مخاوف قومية مباشرة، على الحدود الكويتية، وكيانها السياسي، الذي تعرض لعدة هزّات كبرى، منذ قرار الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم، في الستينات، مواجهة الاستقلال الكويتي، في قرار الانتداب البريطاني في حينه.
وهنا سؤال كبير، يُطرح على ما تتعرض له الأردن والكويت، من ظروف جيوسياسية صعبة، بعد تحريك المياه الراكدة لعقود، وهذا لا يشكك في أي جهود حقوقية ودستورية لشعبي الدولتين، لكننا اليوم نشهد تطورات كبرى، وحاجة فريق كوشنر، لإعداد المنطقة للتسوية الكبرى.
فهل هذا يعني، أن الترتيبات الإقليمية الكبرى، للعهدة الدولية، كانت تستدعي هذه الهزّة العنيفة، وصولاً لغياب دول وتداخل حدود دول؟
هناك سؤال اعتراضي مشروع، وهو أنه من المعروف أن الأردن ونشأته حظيت بغطاء دولي، أمّن الموقف الإسرائيلي لصالحه، طوال فترات الصراع الجيوسياسي العربي مع تل أبيب، فكيف يتغيّر الموقف اليوم، ويعرّض الأردن لمرحلة ما قبل سقوط الاستقلال القومي؟
إن الجواب هنا، هو في فهم المرحلة، التي وصل إليها المشروع الإسرائيلي المركزي، وبالتالي تغيّر الموقف، يُقرأ من خلال تطور احتياجات المشروع الإسرائيلي الكبير، وحماس فريق كوشنر له، إلى استخدام الأردن كجغرافيا بديلة، تُساهم في التخلص من المهجر الفلسطيني، وهو أمرٌ يحتاج إلى مشروع جراحي.
وليس بالضرورة، أن يتواصل تحرك المشروع في هذا الاتجاه، خاصة حين يخشى القرار الصهيوني، من انفلات المشاعر الشعبية على حدود فلسطين المحتلة.
غير أن الاندفاع الإسرائيلي اليوم كبير جداً، في ظل التأكيد المستمر، لما خلقته الأزمة الخليجية، من محور تحالف لصالحها ضد الشعوب العربية، الذي تكرره وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومراكز تل ابيب، وهنا نقطة الارتكاز في الملف الخليجي الداخلي، وهي أن الكويت كانت معرّضة أن تُدرج، ضمن فواتير التسويات الكبرى، لملف الحركة الصهيونية بعد تموضعها الجديد.
بقلم:مهنا الحبيل