لكل عصر تاريخه ومؤرخوه، حضاراته وأيديولوجياته، حروبه وأبطاله، أممه وأقوامه، انتصاراته وهزائمه، إنجازاته وإخفاقاته.

عصرنا الحالي لا يختلف عن سوابقه، اللهم إلا في الأسماء والتواريخ. اما الحقبة التي نعيشها، فهي ساعة في عصرنا، وثانية في تاريخ البشرية، ولحظة في عمر الكون.

من المسلّم به أن العقل يميز الإنسان عن الكائنات الحية الأخرى، التي تتحكم بسلوكياتها الغرائز. إشباع الجوع وإرواء العطش والجماع والقتل غرائز تجمع بين الإنسان والحيوان. لقد أبدع الإنسان في تسخير طاقاته العقلية لإشباع غرائزه، وخاصة القتل والجماع. ابتكرت الطقوس لهاتين الغريزتين وتطورت عبر مراحل التاريخ حتى أصبحت هوية مميزة وملازمة لليبرالية العصر الغربية.

في غزة الجيش الصهيوني، بصفته اداة متقدمة لهذه الليبرالية، ينحر بيد الأطفال، وباليد الأخرى يرفع راية المثليين. في حقبتهم، السابع من اكتوبر هو تاريخ معركة «السيوف الحديدية» التي يراد بها بتر العقل وإبقاء الغريزة. هذا يسهل عليهم اقتياد قطعانهم وليس ناسنا.

اما الحقبة التي تناضل فيها قوى المقاومة، فهي حقبة عملية «طوفان الأقصى»، التي غلّبت منطق العقل على غريزة القتل. الفلسطينيون في غزة اظهروا للعالم رغبة ملحمية في الصراع من أجل البقاء.

كم من أمة عبر التاريخ عظم شأنها فاستكبرت وبطشت، لكنها اندثرت وصار ما بقي منها أثرا بعد عين. بنو إسرائيل نفسهم، ماذا بقي من آثار حضارتهم المزعومة؟ لا شيء اطلاقاً سوى الخرافات التلمودية. سيدون المؤرخون في كتب التاريخ ان حقبتهم انتهت بتاريخ كذا، اما حقبة غزة بـ «طوفان الأقصى» فهي لا تزال باقية، بعد ان أصبحت شاهدا على عصرها. فالحقبة ساعة في العصر، وأما النصر فصبر ساعة.