من جميل ما قرأتُ البارحة:
جلسَ في زاوية المطعم، وبيده ورقة وقلم، العجوز ظنته يكتب رسالة لأمه… والشاب ظنه يكتب رسالة لحبيبته… والطفل ظنه يرسم… والتاجر ظنَّه يجري صفقة… والموظف ظنه يحصي ديونه، كل شخص يفسر تصرفات الآخرين من زاوية اهتماماته!
كل شخص يُفسر تصرفات الآخرين من زاوية اهتماماته!
هذا ليس رأياً أدبياً متسرعاً، ولا حكماً تعميمياً أُطلق دون تريث، على العكس تماماً هذا أحد المبادئ العامة في علم النفس، ومنه انطلق «هرمان رورشاخ» الطبيب النفسي السويسري صاحب اختبار «روائز بقع الحبر»!
يقول رورشاخ: نحن لا نرى الأشياء كما هي بل كما نحن!
لهذا وفي سعيه لمعرفة أفكار ونفسية مرضاه، كان يقوم بوضع بقع حبر على ورقة بيضاء بطريقة عشوائية، ثم يقوم بثني الورقة والضغط عليها لترسم بقع الحبر أشكالاً غير واضحة، ثم يفتحها ويطلب من مرضاه إخباره عما يرونه على الورقة، وبالفعل كان المرضى يخبرونه أشياء لم يكن يتوقعها، ثمة من يرى بحراً متلاطم الأمواج، وثمة من يرى سماءً مكفهرة، وثمة من يرى عائلة في حديقة، وثمة من يرى زوجة خائنة، وثمة من ترى حبيباً غادراً، وهكذا كان المرضى يرون وجوههم في بقع الحبر ويتحدثون عما يجول في خواطرهم!
ليس المرضى وحدهم من يرون بقع الحبر كما هم!
في الحقيقة كل ما في الحياة هو عبارة عن بقع حبر، ونحن نراها كما نحن!
وصدق القائل حين قال: اللص يرى خلف كل شجرة شرطياً يريد أن يقبض عليه!
ويقول مارك توين: مأساة الكاذب ليس في أنه لا يصدقه أحد، بل في أنه لا يستطيع تصديق أحد!
إن الأشخاص الملوثين من الداخل يصعب عليهم أن يصدقوا أن بعض البشر أنقياء كماء زمزم! وإحدى مشاكل الأنقياء الأزلية أنهم يعتقدون أن الآخرين مثلهم أيضاً! لهذا لا يقع في شراك الأشرار إلا الأنقياء، قلّما يصطاد الشرير شريراً مثله!
كونوا على يقين أن حكم الإنسان على قضية لا يكشف حقيقة القضية بقدر ما يكشف حقيقة الإنسان نفسه! فالذين يدافعون عن الجلادين في هذا العالم لا يخبروننا أن الجلادين على حق، إنهم يخبروننا أنهم حفنة عبيد، فالعبد دوماً حيث يكون السوط والقيد، والذين يدافعون عن المظلومين في هذا العالم لا يخبروننا بحقيقة هؤلاء المظلومين، إنهم يخبروننا أنهم أحرار، والحر دوماً حيث يكون الحق لا حيث تكون القوة!
أنتَ حين تعتبر أن السرقة التي قام بها شخص ما بطولة، فلستَ تخبرنا أنه بطل، أنتَ تخبرنا أنك لص مثله!
وحين يستفزك موقف عقوق رأيته، فلستَ تخبرنا أن الذي قام به عاق، بقدر ما تخبرنا أنك بار!
إن الطيور على أشكالها تقع، ليس بأجسادها فقط وإنما بأفكارها!
بقلم : أدهم شرقاوي
جلسَ في زاوية المطعم، وبيده ورقة وقلم، العجوز ظنته يكتب رسالة لأمه… والشاب ظنه يكتب رسالة لحبيبته… والطفل ظنه يرسم… والتاجر ظنَّه يجري صفقة… والموظف ظنه يحصي ديونه، كل شخص يفسر تصرفات الآخرين من زاوية اهتماماته!
كل شخص يُفسر تصرفات الآخرين من زاوية اهتماماته!
هذا ليس رأياً أدبياً متسرعاً، ولا حكماً تعميمياً أُطلق دون تريث، على العكس تماماً هذا أحد المبادئ العامة في علم النفس، ومنه انطلق «هرمان رورشاخ» الطبيب النفسي السويسري صاحب اختبار «روائز بقع الحبر»!
يقول رورشاخ: نحن لا نرى الأشياء كما هي بل كما نحن!
لهذا وفي سعيه لمعرفة أفكار ونفسية مرضاه، كان يقوم بوضع بقع حبر على ورقة بيضاء بطريقة عشوائية، ثم يقوم بثني الورقة والضغط عليها لترسم بقع الحبر أشكالاً غير واضحة، ثم يفتحها ويطلب من مرضاه إخباره عما يرونه على الورقة، وبالفعل كان المرضى يخبرونه أشياء لم يكن يتوقعها، ثمة من يرى بحراً متلاطم الأمواج، وثمة من يرى سماءً مكفهرة، وثمة من يرى عائلة في حديقة، وثمة من يرى زوجة خائنة، وثمة من ترى حبيباً غادراً، وهكذا كان المرضى يرون وجوههم في بقع الحبر ويتحدثون عما يجول في خواطرهم!
ليس المرضى وحدهم من يرون بقع الحبر كما هم!
في الحقيقة كل ما في الحياة هو عبارة عن بقع حبر، ونحن نراها كما نحن!
وصدق القائل حين قال: اللص يرى خلف كل شجرة شرطياً يريد أن يقبض عليه!
ويقول مارك توين: مأساة الكاذب ليس في أنه لا يصدقه أحد، بل في أنه لا يستطيع تصديق أحد!
إن الأشخاص الملوثين من الداخل يصعب عليهم أن يصدقوا أن بعض البشر أنقياء كماء زمزم! وإحدى مشاكل الأنقياء الأزلية أنهم يعتقدون أن الآخرين مثلهم أيضاً! لهذا لا يقع في شراك الأشرار إلا الأنقياء، قلّما يصطاد الشرير شريراً مثله!
كونوا على يقين أن حكم الإنسان على قضية لا يكشف حقيقة القضية بقدر ما يكشف حقيقة الإنسان نفسه! فالذين يدافعون عن الجلادين في هذا العالم لا يخبروننا أن الجلادين على حق، إنهم يخبروننا أنهم حفنة عبيد، فالعبد دوماً حيث يكون السوط والقيد، والذين يدافعون عن المظلومين في هذا العالم لا يخبروننا بحقيقة هؤلاء المظلومين، إنهم يخبروننا أنهم أحرار، والحر دوماً حيث يكون الحق لا حيث تكون القوة!
أنتَ حين تعتبر أن السرقة التي قام بها شخص ما بطولة، فلستَ تخبرنا أنه بطل، أنتَ تخبرنا أنك لص مثله!
وحين يستفزك موقف عقوق رأيته، فلستَ تخبرنا أن الذي قام به عاق، بقدر ما تخبرنا أنك بار!
إن الطيور على أشكالها تقع، ليس بأجسادها فقط وإنما بأفكارها!
بقلم : أدهم شرقاوي