أكثر من سبب من شأنه أن يجعل تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن بشأن العدوان الاسرائيلي على غزة مجرد كلمات لا معنى لها ولا ترقى إلى الموقف الذي يتعين على الدولة الأقوى في العالم والحليف الاكبر لإسرائيل اتخاذه لإيقاف العدوان الذي يوشك ان يزيل غزة من الخريطة.

طبعا هذا الكلام ليس مرتبطا بما طغى على الرئيس الأميركي في الفترة الأخيرة من فقدان للتركيز وغياب الذاكرة في اكثر من مناسبة أمام الكاميرا، ولا ايضا بما ورد في تقرير المدّعي الخاص المكلّف التحقيق في طريقة تعامل الرئيس جو بايدن مع وثائق سريّة، بعدم ملاحقته بسبب التقدم في السن وضعف ذاكرته وهي جميعها يمكن ان تتنزل في إطار الحرب الانتخابية الداخلية المسعورة المرتبطة بسباق البيت الابيض بين بايدن وخصمه الجمهوري ترامب، وكلاهما وجب التأكيد على انهما وجهان لعملة واحدة عندما يتعلق الأمر بتبني السردية الاسرائيلية ودعم جرائم الاحتلال والتفاني في تقديم المساعدات العسكرية للحكومات الاسرائيلية المتعاقبة مقابل الاستهانة بحق الشعب الفلسطيني في الكرامة والحرية والنضال ضد الاحتلال والاستخفاف بقيمة حياة الإنسان الفلسطيني والدم الفلسطيني.

ولو اننا حاولنا رصد تصريحات ترامب وبايدن في هذا الشأن لأمكن وضع موسوعة في الغرض والاكيد انه في زمن التكنولوجيا الحديثة سيكون بالامكان استحضار هذه التصريحات قولا وما تلاها فعلا على ارض الواقع بما لا يدع مجالا للشك بأن الدور الأميركي في هذه الحرب يتجاوز مرحلة التواطؤ إلى الشراكة في ارتكاب المجازر التي تحمل توقيع آلة الحرب الأميركية من صواريخ وأسلحة محرمة دولية وقنابل فوسفورية.

ولاشك ان الحديث ايضا عن خلافات بين واشنطن وتل ابيب بسبب رفض حكومة نتانياهو قبول التهدئة وايقاف الحرب ومهما كان حجم هذا الخلاف فانه ليس اكثر من تسويق إعلامي بأن الإدارة الأميركية بدأت تراجع موقفها من الحرب.

تصريحات بايدن الاخيرة بان الرد الاسرائيلي تجاوز الحد وان هناك الكثير من الابرياء يموتون لا يمكن اعتباره نقطة تحول حاسمة في الموقف الأميركي.. وهي مراوغة سياسية فاشلة ولا يمكن ان تلغي ما سبق من المواقف الأميركية المفضوحة في دعمها الاعمى للاحتلال.