في خلد كل واحد فينا أحلام تداعب مخيلته، وآمال تريد أن ترى النور، وأماكن يرجى الوصول إليها، وحياة نتوق إلى عيشها. منذ نعومة أظفارنا ونحن نتمنى العالم مكاناً تتحقق فيه أجمل أمانينا، وبالفعل فبعضنا استطاعوا أن يحققوا كل ما حلموا به، لأنهم أدركوا السر والسبيل إلى مبتغاهم، أما الغالبية العظمى من البشر فيعيشون عكس توقعاتهم وأحلامهم كل يوم.
إن الأسباب الكامنة وراء فشل الكثيرين حول العالم، هو تمني الأشياء دون السعي إلى تحقيقها. ملايين الناس على وجه الارض يقضون جلّ يومهم في أحلام اليقظة من غير أن يبذلوا الجهد اللازم لتحقيق ما يتمنونه، فما أسهل أن تتخيل نفسك ثرياً وناجحاً وسعيداً، لكن ما أصعب أن تعمل من أجل هذا الهدف، وتكد وتتعب، وتسقط على الطريق ثم تنهض من جديد لتواصل المشوار رغم كل العقبات.
هذا هو الفرق بين الناجح والفاشل. الأول يجازف ويغامر في سبيل الحصول على الأشياء التي يريدها، بينما يكتفي الثاني بالأمنيات والأحلام الوردية دون أن يقدم على أي مجازفة يخاف عاقبتها.
إن الفرص في هذا العالم كثيرة جداً، لكنها في بعض الأحيان تتطلب قلباً شجاعاً، واستعداداً لمجابهة المخاطر. أما الاكتفاء بالجلوس والخوف من الإقدام فإنه يُفقد صاحبه الكثير من الفرص الثمينة.
عندما نسمع من يتحدث عن المجازفة، فإن أول ما يتبادر إلى أذهاننا هو القيام بأعمال خطيرة تهدد الحياة، لكن هذا غير صحيح إطلاقاً. فالمجازفة لا تعني أن تذهب بقدميك إلى التهلكة، ولا تعني شجاعة رعناء بلا تفكير؛ بل يقصد بها حس المبادرة، وعدم انتظار الفرص كي تدق بابنا، بل اقتناصها وصناعتها حتى.
أن تبادر يعني أن تقوم أحياناً بأشياء تخشى القيام بها. على سبيل المثال، ربما أنت من الأشخاص الذين يخافون من التحدث أمام الجماهير، ويشكل لك هذا الشيء هاجساً كبيراً يصعب تخطيه. الآن، أمامك بابان: باب يوصلك إلى الفشل، وباب يوصلك إلى النجاح.
أما الباب المؤدي إلى عالم مليء بالوفرة، فهو حيث تتحدى نفسك، وتتجرأ على إلقاء كلمة أمام الجماهير مهما كان الثمن. حتى لو تصببت عرقاً، وتلعثمت، وبدا عليك الارتجاف والخوف، فإنك قررت قراراً حازماً بأنك ستكسر الجليد، وستحطم هذا الخوف، وستخاطر بكل شيء في سبيل تحقيق حلمك في أن تصبح متحدثاً جماهيرياً.
في الوقت ذاته، هناك شخص آخر في هذا العالم لديه نفس الهاجس بالضبط، إلا أنه يرفض المجازفة بأي حال من الأحوال، فتمر سنين عمره دون أن يحقق حلمه، وعندما يصل إلى أواخر العمر يندم على أنه لم يخاطر في سبيل ما يريده، وفضل الاستسلام بدلاً من المجازفة، فعاش حياة تخالف كل ما تمناه.
هكذا هي الأحلام، لا تتحقق إلا إذا كنت صاحب قلب جسور، وعلى استعداد للمخاطرة في سبيل تحقيقها. لا شيء سيأتيك بالمجان، وإلا لأصبح الناس جميعهم أثرياء وناجحين.
النجاح لمن يستحقه، ولمن يدفع الثمن، ولمن يتحمل الصعوبات ويخاطر بصرف النظر عن النتيجة. لكن تأكد أنهم وحدهم من يجازفون هم من يقطفون ثمار النجاح، ويصلون إلى أعلى مراتب الوفرة في حياتهم الشخصية والمهنية.
إذا كانت أحلامك كبيرة وتستحق المجازفة من أجلها، فماذا تنتظر؟ هل تفضل حياة لا تشبه شكل الحياة التي ترنو إليها؟ أم حياة يكللها النجاح والسعادة والوفرة؟ إن كان ما تحلم به يستحق التضحية في سبيله، والمخاطرة من أجل الحصول عليه، فلا تتردد لحظة واحدة، لأن أعظم مخاطرة في الدنيا هي أن تعيش حياة خالية من المخاطرة؛ حياة تخالف أحلامك الجميلة.