+ A
A -
منذ نزول الوحي على سيد الخلق، نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو معتكف في غار حراء، بجبل النور، معلنا البداية الأولى لانطلاق هذا الدين العظيم عبر الصادق الأمين، ليتشكل لاحقا، عبر نزول الآيات واستكمال التشريعات، حتى أصبح مكتملا ومهيئا لكل زمان ومكان، بعد جهد جبار بذله النبي عليه أفضل الصلاة والسلام وصحابته لإيصال رسالة الحق، ونقل الناس من الجهل إلى العلم ومن الظلمات إلى النور.
وطوال مسيرته صلى الله عليه وسلم تعرض للكثير من الحوادث والمضايقات، وتحمل من أجل الإسلام.. واستمراريته ووصوله للبشرية جمعاء.
وعلى مدار ألف وأربعمائة سنة حاول بعض المشركين والضالين تعطيل الحج، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، حاولوا عبر عدة حوادث تاريخية، منها محاولة هدم الكعبة وسرقة الحجر الأسود، واختطاف الحجاج وإثارة الشغب.. إلخ.
لكن عبر التاريخ أيضا لم يذكر بأن أي دولة إسلامية، كانت تشرف على المقدسات في وقتها، منعت مسلمين من أداء فريضة الحج، أو ضيّقت عليهم أو حرمتهم من حقوقهم الطبيعية كبقية الحجيج، رغم حدة الخلافات وكثرة الصدامات التي شهدتها تلك الحقب التاريخية، باعتبار أن هذا بيت الله الحرام، ولا يجرؤ مسلم مؤمن أن يمنع أو يحرم أي حاج أو معتمر من الوصول إليه، أو أن يمس بيوته أو يضر عباده، بسبب إيمانه وخوفه من الله.. باستثناء ما نشاهده من الحكومة السعودية الحالية، التي تجاوزت كل القيم والأعراف، وأقدمت على ممارسات لم يسبق عليها أحد، حتى من الديانات الأخرى، التي تفصل بين أداء الشعائر والعبادات وبين كل ما يجري في العالم.. حتى في عصر ما قبل الإسلام ومع بدايته ورغم المقاومة الشرسة، إلا أن هناك حدودا كان متفقا ومتعارفا عليها، وتجاوزها ليس من عادات العرب أو تقاليدهم، لكن السعودية الحالية وما تعمله ضد القطريين ليس فيه من أخلاق الإسلام، ولا مروءة الجاهلية!
الحج كما ذكر في القرآن «لمن استطاع إليه سبيلا»، لكن في دستور السعودية الجديد أرادوا إضافة نقاط جديدة لاستيفاء شروط الحج، وهو أن تكون مع الاستطاعة السمع والطاعة.. وأن تكون المملكة راضية عنك، وأن تكون تابعا لها، حتى لو باعت القدس، وقسّمت اليمن، وحاربت الاقتصاد الإسلامي، ودفعت الجزية بأثر رجعي للعم سام.
يجب أن تبيع مبادئك وتتصهين وتساهم في قتل الأطفال وتوافق على حجز الرؤساء وتشاركهم سياسة التفحيط السياسي، وآخرها ضد كندا، في سلوك سياسي مراهق.. لا يؤيده إلا جاهل أو منافق!
إذا قلت لهم لا.. هذا أمر مرفوض.. هذه سياسة خاطئة، اتهموك بما ليس فيك، وأعلنوا الهجوم «الحصاري»، وفكوا قيود كلابهم لممارسة النباح والصياح، من الليل حتى الصباح.. وبعد أن فشلوا وضاعت فلوسك يا صابر على مراكز البحث والمؤتمرات والمظاهرات دون نتيجة أو تراجع من قطر ودون أن يتأثر ملف المونديال، زادت معهم الحساسية، وتحولت إلى «جرب»، واتجهوا لإثارة القبائل والقلاقل، بعد أن حاولوا استخدام الغازات والقنابل، ولكن خابوا وخانوا.. وآخر مثيري الغبار من يتحدث عن تاريخ يعرفه القاصي والداني ومحفوظة مراحله ومشاهده قبل أن يولد بسنوات وقبل أن يلبس «الجاكيت الأحمر» أو يطلق فكرة «غاز السلندر»..!
يتحدث في أمور كبيرة وخطيرة، وهو المفروض يفكر في إنعاش اقتصاد بلاده أو يجد حلا لبطالة مواطنيه، أو على الأقل يوزع لهم حلوى مجانية مع التموين.. بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
مشكلة هؤلاء المؤزمين أنهم لا يفهمون من المرة الأولى، فالشعب القطري أعطاهم دروسا في التكاتف والتعاضد والصمود وتوحيد الجهود ومع ذلك مازالوا يحاولون، «مرة يخسرون هاللون ومرة يفشلون هاللون.. وابويه شو بلاهم قطر بيتهم متوحد وما يروم يهتز.. وبالله إنا ما شفنا شعب زي كيذا..».
يقولون هذا الكلام في مجالسهم الخاصة ويعرفون أنهم اصطدموا بشعب قوي متماسك يحب وطنه وأرضه ولا يساوم على شبر منها، ويقف خلف قيادته متحصنا بالسلاح ويفتديها بالأرواح.
ومع هذا الفشل الذريع أصابتهم جلطة، وقرروا العودة لاستخدام ورقتهم الخبيثة، وهي المساومة على الحج، كما كانوا يفعلون في السابق، يوزعون التأشيرات حسب معدلات الرضا والتوافق في الملفات السياسية..
ومع أهل قطر فعلوا سابقة تسوّد الوجه، وصحيفة من أمر بها، بمنع الحجاج والمعتمرين من الوصول للأماكن المقدسة، كحال بقية المسلمين، أو على الأقل كحال الإيرانيين التي تدعي السعودية معاداتها لهم، لكنها ترضخ وتوافق على كل طلباتهم، وأولها هبوط طائراتهم في جدة ووجود بعثة رسمية لهم وصدور تأشيرات لحجيجهم.
كل هذه الأمور منعت على أهل قطر، ثم يأتيك «أهبل أهطل» عامل نفسه محلل من طينة الدكتور «الخرطي» الشليمي أو صحفي الكباب والكفتة ليقول لم يمنعوا الحج عن أهل قطر..!
وعــلى طــاري رئيــس تحريـر عـكــاظ أو مـــا يـســـمــى بـ «خبير المعدة» وما عنونته صحيفته التي تصلح أن تكون «سفرة» تتناسب مع لقبه واهتماماته.
وقد تابعنا جميعا ما نشرته في التاسع من أغسطس، عندما توجهت إلى القطريين قائلة: بيت الله أو «الحمدين».
فهذا الصحفي الذي اعتقد إنه مولود في برج «الثور»، بمحاولته التأثير على القطريين بهذه الطريقة الساذجة والتي فيها تكريس واضح لتسييس الحج مما يعني أنه يضر بلاده عبر أسلوب «التيسيس»، وهو مأخوذ من فكر «التيس» الذي يناطح جبلا فيقع الضرر في رأسه وقرونه أما القطريون ما يهزهم ريح وما لم يجدوا الأمور طبيعية والاستطاعة متحققة قولا وفعلا ولا يوجد خطاب كراهية أو تحريض وأعطوا للدولة حملة رسمية مكتملة الامتيازات والضمانات.. وإلا فإن غير ذلك يعتبر مغامرة غير مضمونة أو مأمونة!
لم تكن مجرد «سقطة» إعلامية أو سياسية أو أخلاقية، كانت مقصودة تماما إذ استهدف الذين «أمروا» صحيفة عكاظ بنشرها مواصلة دورهم التآمري ضد قطر، ونسوا أو تناسوا أن وعي مواطنينا أكبر من سخافات ما تنشره وسائل إعلامهم، وأن شعبنا محصن خلف قيادته، بولائه وإخلاصه وتكاتفه، وأن هذه الكلمات الصفراء التي تقطر سما لن تنفع معه.
ليس هذا ما يعنينا في كل الأحوال، فما قالته الصحيفة ينسف كل ما سبق وادعته السعودية حول تيسير سبل الحج أمام القطريين، ويؤكد أن الحج تم استخدامه بما لا يليق به من أجل تحويله إلى أداة ضغط ضد قطر، بعد أن فشل الحصار، وغلق الحدود والأجواء.
ومع أن الرياض تحاول تقديم صورة مغايرة للحقيقة إلا أن تسييس الحج صار اللعبة الأكبر للساسة السعوديين، والتي بدأ يطلّع عليها العالم الخارجي بالأدلة والشواهد والحقائق والوقائع.. رغم محاولة الوزير «بتشوف» أن يثبت عكس ذلك، لكنه دائما يتأتئ، ويرتبك، مما يدل على عدم قناعته بما يقوله.. وعلى طاري المرتبك لا ننسى من يقوده من الإمارة المارقة وزير تويتر عبر تغريدات تشبه طاش ما طاش وأقصد الوزير أنور قرقاش!!
الحج عرفة
«الحج عرفة»، كما قال نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، لذلك يعد «يوم عرفة» يوم اللقاء الأكبر، بين العبد المنيب المشتاق، وبين ربه التواب الرحيم، فيوم عرفة هو يوم المغفرة، تتنزل فيه الرحمات على العباد من خالق الأرض والسماوات.
اليوم نهفو بأفئدتنا وعقولنا وأرواحنا وكل حواسنا إلى عرفة، نلهج بالدعاء «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، وقد حُرمنا من مشاركة ملايين المسلمين أداء فريضة الحج، للعام الثاني على التوالي، بعد أن تحول هذا الركن من أركان الإسلام إلى أداة للضغط والابتزاز، والاستفزاز في واحدة من أكثر الانحرافات جسامة في تاريخ المسلمين.
يقول الله تعالى في محكم تنزيله: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ»، يعنى أنه حق واجب لله في رقاب الناس لا ينفكون عن أدائه والخروج عن عهدته إلا من فقد الاستطاعة، وهذا ما حدث لنا بالفعل فهناك من قام بصدنا ومنعنا وأغلق الأبواب والحدود في وجهنا، بفعلة نكراء، يرفضها الدين والأخلاق، والقيم والتشريعات والقوانين، في شتى بقاع الأرض.
ترنو أبصارنا وقلوبنا إلى عرفة اليوم، ونكبّر مع المكبرين، وقد وكّلنا أمرنا إلى الله، وهو نعم المولى ونعم النصير، فلقد صبرنا على الأذى، وعلى الأكاذيب، وعلى محاولة قطع الغذاء والدواء عبر الحصار الجائر، ثم سمعنا الأكاذيب والأباطيل من نوع أن قطر حظرت على مواطنيها أداء فريضة الحج، وهذه ادعاءات لا أساس لها في سياق حملة لم تتوقف من أجل استغلال فريضة الحج لأغراض سياسية.
لقد اتسمت مواقف قطر من قضية الحج تحديدا بأعلى درجات الشفافية، وجميعنا نعرف أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تواصلت مع وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية حيث أوضحت جميع العراقيل والصعوبات التي تواجه، ليس فقط المواطنين القطريين، ولكن أيضا المقيمين على أرض دولة قطر، وطالبت أن تقوم الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية بإزالة هذه العراقيل الأمر الذي لم يحدث.
تقول وكالة أنباء أسوشيتد برس، «لطالما كانت فريضة الحج جزءاً من السياسة السعودية، فعلى مدار نحو 100 عام، كانت الحكومات السعودية تُقرِّر مَن يدخل مكة المكرمة ومن يخرج منها، ووضعت حصصاً معينة لتحديد عدد الحجاج الوافدين من مختلف البلدان الأخرى، وصار الحج أكثر تداخلاً مع السياسة في أعقاب الأزمة الخليجية».
ما تتعرض له قطر كان محل إدانة واسعة في العالم بأسره، وكانت الإدانة أشمل فيما يتعلق بالحج، حيث ارتكبت السعودية انتهاكات واسعة عبر مخالفة معايير القانون الدولي والقوانين الأخلاقية والإنسانية.
لقد نصت المادة 53، و54 من بروتوكول جنيف لسنة 1977 والمتمم لاتفاقية لاهاي لسنة 1954، على أنه لا يجوز التعرض للأماكن المقدسة من قبل السلطات المشرفة عليها بالمنع أو الغلق أو التضييق أو ممارسة اعمال عدائية.
ختاماً
لقد أراد الله، عز وجل، أن يجعل لهذا البيت مكانة مقدسّة ، وسماه البيت الحرام لأنه يحرم فيه كل إيذاءٍ يقع على أي مخلوق، لا يجوز فيه القتال، ولا يجوز فيه الأخذ بالثأر، ولا يجوز فيه العدوان، ولا تجوز فيه أيضا المساومات أو إدخال الخلافات السياسية التي يتبناها حلف «المحمدين»، والتي وصلت لشعار عكاظ: بيت الله أو «الحمدين»..
وهذه ليست من ضوابط الدين ولا من أخلاق المسلمين!
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول
وطوال مسيرته صلى الله عليه وسلم تعرض للكثير من الحوادث والمضايقات، وتحمل من أجل الإسلام.. واستمراريته ووصوله للبشرية جمعاء.
وعلى مدار ألف وأربعمائة سنة حاول بعض المشركين والضالين تعطيل الحج، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، حاولوا عبر عدة حوادث تاريخية، منها محاولة هدم الكعبة وسرقة الحجر الأسود، واختطاف الحجاج وإثارة الشغب.. إلخ.
لكن عبر التاريخ أيضا لم يذكر بأن أي دولة إسلامية، كانت تشرف على المقدسات في وقتها، منعت مسلمين من أداء فريضة الحج، أو ضيّقت عليهم أو حرمتهم من حقوقهم الطبيعية كبقية الحجيج، رغم حدة الخلافات وكثرة الصدامات التي شهدتها تلك الحقب التاريخية، باعتبار أن هذا بيت الله الحرام، ولا يجرؤ مسلم مؤمن أن يمنع أو يحرم أي حاج أو معتمر من الوصول إليه، أو أن يمس بيوته أو يضر عباده، بسبب إيمانه وخوفه من الله.. باستثناء ما نشاهده من الحكومة السعودية الحالية، التي تجاوزت كل القيم والأعراف، وأقدمت على ممارسات لم يسبق عليها أحد، حتى من الديانات الأخرى، التي تفصل بين أداء الشعائر والعبادات وبين كل ما يجري في العالم.. حتى في عصر ما قبل الإسلام ومع بدايته ورغم المقاومة الشرسة، إلا أن هناك حدودا كان متفقا ومتعارفا عليها، وتجاوزها ليس من عادات العرب أو تقاليدهم، لكن السعودية الحالية وما تعمله ضد القطريين ليس فيه من أخلاق الإسلام، ولا مروءة الجاهلية!
الحج كما ذكر في القرآن «لمن استطاع إليه سبيلا»، لكن في دستور السعودية الجديد أرادوا إضافة نقاط جديدة لاستيفاء شروط الحج، وهو أن تكون مع الاستطاعة السمع والطاعة.. وأن تكون المملكة راضية عنك، وأن تكون تابعا لها، حتى لو باعت القدس، وقسّمت اليمن، وحاربت الاقتصاد الإسلامي، ودفعت الجزية بأثر رجعي للعم سام.
يجب أن تبيع مبادئك وتتصهين وتساهم في قتل الأطفال وتوافق على حجز الرؤساء وتشاركهم سياسة التفحيط السياسي، وآخرها ضد كندا، في سلوك سياسي مراهق.. لا يؤيده إلا جاهل أو منافق!
إذا قلت لهم لا.. هذا أمر مرفوض.. هذه سياسة خاطئة، اتهموك بما ليس فيك، وأعلنوا الهجوم «الحصاري»، وفكوا قيود كلابهم لممارسة النباح والصياح، من الليل حتى الصباح.. وبعد أن فشلوا وضاعت فلوسك يا صابر على مراكز البحث والمؤتمرات والمظاهرات دون نتيجة أو تراجع من قطر ودون أن يتأثر ملف المونديال، زادت معهم الحساسية، وتحولت إلى «جرب»، واتجهوا لإثارة القبائل والقلاقل، بعد أن حاولوا استخدام الغازات والقنابل، ولكن خابوا وخانوا.. وآخر مثيري الغبار من يتحدث عن تاريخ يعرفه القاصي والداني ومحفوظة مراحله ومشاهده قبل أن يولد بسنوات وقبل أن يلبس «الجاكيت الأحمر» أو يطلق فكرة «غاز السلندر»..!
يتحدث في أمور كبيرة وخطيرة، وهو المفروض يفكر في إنعاش اقتصاد بلاده أو يجد حلا لبطالة مواطنيه، أو على الأقل يوزع لهم حلوى مجانية مع التموين.. بمناسبة عيد الأضحى المبارك.
مشكلة هؤلاء المؤزمين أنهم لا يفهمون من المرة الأولى، فالشعب القطري أعطاهم دروسا في التكاتف والتعاضد والصمود وتوحيد الجهود ومع ذلك مازالوا يحاولون، «مرة يخسرون هاللون ومرة يفشلون هاللون.. وابويه شو بلاهم قطر بيتهم متوحد وما يروم يهتز.. وبالله إنا ما شفنا شعب زي كيذا..».
يقولون هذا الكلام في مجالسهم الخاصة ويعرفون أنهم اصطدموا بشعب قوي متماسك يحب وطنه وأرضه ولا يساوم على شبر منها، ويقف خلف قيادته متحصنا بالسلاح ويفتديها بالأرواح.
ومع هذا الفشل الذريع أصابتهم جلطة، وقرروا العودة لاستخدام ورقتهم الخبيثة، وهي المساومة على الحج، كما كانوا يفعلون في السابق، يوزعون التأشيرات حسب معدلات الرضا والتوافق في الملفات السياسية..
ومع أهل قطر فعلوا سابقة تسوّد الوجه، وصحيفة من أمر بها، بمنع الحجاج والمعتمرين من الوصول للأماكن المقدسة، كحال بقية المسلمين، أو على الأقل كحال الإيرانيين التي تدعي السعودية معاداتها لهم، لكنها ترضخ وتوافق على كل طلباتهم، وأولها هبوط طائراتهم في جدة ووجود بعثة رسمية لهم وصدور تأشيرات لحجيجهم.
كل هذه الأمور منعت على أهل قطر، ثم يأتيك «أهبل أهطل» عامل نفسه محلل من طينة الدكتور «الخرطي» الشليمي أو صحفي الكباب والكفتة ليقول لم يمنعوا الحج عن أهل قطر..!
وعــلى طــاري رئيــس تحريـر عـكــاظ أو مـــا يـســـمــى بـ «خبير المعدة» وما عنونته صحيفته التي تصلح أن تكون «سفرة» تتناسب مع لقبه واهتماماته.
وقد تابعنا جميعا ما نشرته في التاسع من أغسطس، عندما توجهت إلى القطريين قائلة: بيت الله أو «الحمدين».
فهذا الصحفي الذي اعتقد إنه مولود في برج «الثور»، بمحاولته التأثير على القطريين بهذه الطريقة الساذجة والتي فيها تكريس واضح لتسييس الحج مما يعني أنه يضر بلاده عبر أسلوب «التيسيس»، وهو مأخوذ من فكر «التيس» الذي يناطح جبلا فيقع الضرر في رأسه وقرونه أما القطريون ما يهزهم ريح وما لم يجدوا الأمور طبيعية والاستطاعة متحققة قولا وفعلا ولا يوجد خطاب كراهية أو تحريض وأعطوا للدولة حملة رسمية مكتملة الامتيازات والضمانات.. وإلا فإن غير ذلك يعتبر مغامرة غير مضمونة أو مأمونة!
لم تكن مجرد «سقطة» إعلامية أو سياسية أو أخلاقية، كانت مقصودة تماما إذ استهدف الذين «أمروا» صحيفة عكاظ بنشرها مواصلة دورهم التآمري ضد قطر، ونسوا أو تناسوا أن وعي مواطنينا أكبر من سخافات ما تنشره وسائل إعلامهم، وأن شعبنا محصن خلف قيادته، بولائه وإخلاصه وتكاتفه، وأن هذه الكلمات الصفراء التي تقطر سما لن تنفع معه.
ليس هذا ما يعنينا في كل الأحوال، فما قالته الصحيفة ينسف كل ما سبق وادعته السعودية حول تيسير سبل الحج أمام القطريين، ويؤكد أن الحج تم استخدامه بما لا يليق به من أجل تحويله إلى أداة ضغط ضد قطر، بعد أن فشل الحصار، وغلق الحدود والأجواء.
ومع أن الرياض تحاول تقديم صورة مغايرة للحقيقة إلا أن تسييس الحج صار اللعبة الأكبر للساسة السعوديين، والتي بدأ يطلّع عليها العالم الخارجي بالأدلة والشواهد والحقائق والوقائع.. رغم محاولة الوزير «بتشوف» أن يثبت عكس ذلك، لكنه دائما يتأتئ، ويرتبك، مما يدل على عدم قناعته بما يقوله.. وعلى طاري المرتبك لا ننسى من يقوده من الإمارة المارقة وزير تويتر عبر تغريدات تشبه طاش ما طاش وأقصد الوزير أنور قرقاش!!
الحج عرفة
«الحج عرفة»، كما قال نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام، لذلك يعد «يوم عرفة» يوم اللقاء الأكبر، بين العبد المنيب المشتاق، وبين ربه التواب الرحيم، فيوم عرفة هو يوم المغفرة، تتنزل فيه الرحمات على العباد من خالق الأرض والسماوات.
اليوم نهفو بأفئدتنا وعقولنا وأرواحنا وكل حواسنا إلى عرفة، نلهج بالدعاء «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير»، وقد حُرمنا من مشاركة ملايين المسلمين أداء فريضة الحج، للعام الثاني على التوالي، بعد أن تحول هذا الركن من أركان الإسلام إلى أداة للضغط والابتزاز، والاستفزاز في واحدة من أكثر الانحرافات جسامة في تاريخ المسلمين.
يقول الله تعالى في محكم تنزيله: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ»، يعنى أنه حق واجب لله في رقاب الناس لا ينفكون عن أدائه والخروج عن عهدته إلا من فقد الاستطاعة، وهذا ما حدث لنا بالفعل فهناك من قام بصدنا ومنعنا وأغلق الأبواب والحدود في وجهنا، بفعلة نكراء، يرفضها الدين والأخلاق، والقيم والتشريعات والقوانين، في شتى بقاع الأرض.
ترنو أبصارنا وقلوبنا إلى عرفة اليوم، ونكبّر مع المكبرين، وقد وكّلنا أمرنا إلى الله، وهو نعم المولى ونعم النصير، فلقد صبرنا على الأذى، وعلى الأكاذيب، وعلى محاولة قطع الغذاء والدواء عبر الحصار الجائر، ثم سمعنا الأكاذيب والأباطيل من نوع أن قطر حظرت على مواطنيها أداء فريضة الحج، وهذه ادعاءات لا أساس لها في سياق حملة لم تتوقف من أجل استغلال فريضة الحج لأغراض سياسية.
لقد اتسمت مواقف قطر من قضية الحج تحديدا بأعلى درجات الشفافية، وجميعنا نعرف أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تواصلت مع وزارة الحج والعمرة بالمملكة العربية السعودية حيث أوضحت جميع العراقيل والصعوبات التي تواجه، ليس فقط المواطنين القطريين، ولكن أيضا المقيمين على أرض دولة قطر، وطالبت أن تقوم الجهات المعنية في المملكة العربية السعودية بإزالة هذه العراقيل الأمر الذي لم يحدث.
تقول وكالة أنباء أسوشيتد برس، «لطالما كانت فريضة الحج جزءاً من السياسة السعودية، فعلى مدار نحو 100 عام، كانت الحكومات السعودية تُقرِّر مَن يدخل مكة المكرمة ومن يخرج منها، ووضعت حصصاً معينة لتحديد عدد الحجاج الوافدين من مختلف البلدان الأخرى، وصار الحج أكثر تداخلاً مع السياسة في أعقاب الأزمة الخليجية».
ما تتعرض له قطر كان محل إدانة واسعة في العالم بأسره، وكانت الإدانة أشمل فيما يتعلق بالحج، حيث ارتكبت السعودية انتهاكات واسعة عبر مخالفة معايير القانون الدولي والقوانين الأخلاقية والإنسانية.
لقد نصت المادة 53، و54 من بروتوكول جنيف لسنة 1977 والمتمم لاتفاقية لاهاي لسنة 1954، على أنه لا يجوز التعرض للأماكن المقدسة من قبل السلطات المشرفة عليها بالمنع أو الغلق أو التضييق أو ممارسة اعمال عدائية.
ختاماً
لقد أراد الله، عز وجل، أن يجعل لهذا البيت مكانة مقدسّة ، وسماه البيت الحرام لأنه يحرم فيه كل إيذاءٍ يقع على أي مخلوق، لا يجوز فيه القتال، ولا يجوز فيه الأخذ بالثأر، ولا يجوز فيه العدوان، ولا تجوز فيه أيضا المساومات أو إدخال الخلافات السياسية التي يتبناها حلف «المحمدين»، والتي وصلت لشعار عكاظ: بيت الله أو «الحمدين»..
وهذه ليست من ضوابط الدين ولا من أخلاق المسلمين!
بقلم:محمد حمد المري
رئيس التحرير المسؤول