كانَ «آل كابوني» أحد أشهر رجال المافيا، وأشدهم إجراماً في التاريخ، ولم يكُن أحدٌ يجرؤُ على العبثِ معه، أعداؤهُ وأصدقاؤهُ كانوا يخشونه على السواء! وفي يومٍ من الأيام دخلَ عليه رجل بثيابٍ أنيقةٍ، عرَّف عن نفسه بأنه «الكونت فيكتور لاستينغ». وقالَ له: يا سيد كابوني أَعِدُكَ إن أعطيتَني مبلغ خمسين ألف دولارٍ، أن أستثمرَها لكَ، وأردَّها في شهرين!لم يكُن آل كابوني يثق بأحد، ولكنه على غيرِ عادتِه أعطى الرجلَ المبلغَ الذي طلبَه!ذهبَ لاستينغ بالمال، ووضعه في خزنةٍ حصينةٍ، وطوال شهرين لم يفعلْ شيئاً، وعندما انقضى الوقت، أخذَ المبلغ وعادَ به إلى آل كابوني، وقال له: سيدي أنا أعتذرُ منكَ، لقد فشلتْ خُطتي!تحسسَ آل كابوني مسدسه، وقبل أن يُخرجَه من جنبه، سارعَ لاستينغ بالقول: كنتُ أتوقعُ أن يتضاعفَ المبلغ، ولكن الأمور لم تَسِرْ على ما يُرام، هذا مالك لم ينقص دولاراً واحداً!قالَ له آل كابوني: أعرفُ أنك محتال، وقد كنتُ أتوقعُ أن أحصلَ على مائةِ ألف، أو لا شيء، ولكن أن يعودَ لي المبلغ فقط فَلَمْ أتوقع هذا!قال له لاستينغ: لستُ محتالاً، أنا مُستثمرٌ ماهر وفشلتُ هذه المرة، أرجو أن تُسامحنَي، إني لا أجد مالاً كي أرجع إلى بيتي، ولكنِّي لم أشأ أن أغدرَ بك!عندها أخذَ آل كابوني خمسة آلاف دولار من المبلغ، وأعطاها لهُ وقالَ:لا بأس يا صديقي، يحدثُ أن نُخفِقَ جميعنا بأمرٍ ما!كانتْ الخمسة آلاف دولار هي ما أراده لاستينغ منذُ البداية! عليكَ أن تعرفَ منذ البدايةِ ما الذي تُريده!لا تمشِ في طريقٍ ما لم تعرف إلى أين ستصل، أول درسٍ يتعلمُه الطيارون هو الهبوط، وذلك أن المهارة لا تكمُن في بدءِ الشيءِ وإنما في إنهائه! قالَ مُعاوية لعمرو بن العاص مرَّةً: ما بلغَ من دهائك؟فقالَ عمرو بن العاص: إني لا أدخل في أمرٍ إلا وعرفتُ كيف أخرجُ منه!فقالَ له مُعاوية: أما أنا فلا أدخلُ في أمرٍ أُريدُ أن أخرجَ منه! دهاءُ عمرو بن العاص يكمُنُ في أنه يستطيع إصلاح الأشياء التي تطرأ، ولا يستغني الإنسانُ عن ترميمِ خُطته، أو التعامل مع أمرٍ طارئ!أما الدهاء الأكبر فهو قول مُعاوية، أن لا تمشي أساساً في طريقٍ تُريدُ أن ترجعَ منه يوماً!الوجهةُ يا عزيزي، الوجهةُ أهمُّ من السرعة!
آراء و قضايا
استثمار!
أدهم شرقاوي
Jul 24, 2022
شارك