أصبح الذكاء الاصطناعي ضرورة حتمية في المستقبل القريب، والسلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان، في خطابه الأخير بمناسبة الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023، تفضل وأشار إلى أهمية التطورات العالمية المتسارعة للتقنيات المتقدمة وتطبيقاتها، ومنها تطبيقات الذكاء الاصطناعي، لما توفره من فرص لتحسين الإنتاجية والكفاءة لمجموعة واسعة من القطاعات.
ومن هذا المنطلق وإيمانا بأهمية هذا القطاع ذي الأهمية في المرحلة القادمة في معالجة العديد من التأثيرات والمصادر وفق رؤية عمان 2040، التي تشكل الأساس لمستقبل سلطنة عمان في العديد من المجالات الحيوية ما يتطلب التقدم السريع في الذكاء الاصطناعي والصناعات الأخرى في آن واحد.
وينظر كثيرون إلى الذكاء الاصطناعي باعتباره موضوعا يتخوف منه، فيما يعتبره آخرون معجزة ومخلصا للعالم لما له من فوائد جمة يخدم الدول في أشياء كثيرة خاصة وأنه أصبح جزءا رئيسا وعاملا مهما في الاقتصاد العالمي ومعظم القطاعات الأخرى، من خلال رفع جودة الصناعات وزيادة الإمكانات وتحسين مكونات أي تطوير في المستقبل.
لذا يعد الذكاء الاصطناعي كما اشار السلطان هيثم بن طارق في خطابه من المُقومات الوطنية التي تتسابق الدول إلى توطينه وتعليمه لأبنائها لما له من إيجابيات كثيرة مستقبلا في العديد من القِطاعات، ومن هنا فإننا في سلطنة عمان ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام من الدول التي استشرفت المستقبل سريعا وسعت إلى استخدام التقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي لتحقيق رؤاها الاستراتيجية والمستهدفة في السنوات القادمة.
فكثير من المشكلات المعقدة في بيئات الأعمال المختلفة، الصناعة، الصحة، التجارة، التعليم والزراعة وغيرها، ستعتمد على الذكاء الاصطناعي في الأعمال من خلال توسيع قاعدة الأعمال ورفع التنافسية والإنتاجية والأداء وغيرها التي سيقوم الذكاء الاصطناعي بعملها في حياتنا اليومية.
فدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بحاجة لتكثيف الفعاليات والمؤتمرات وورش العمل لاستشراف المستقبل المأمول من الذكاء الاصطناعي، فهذه الثورة الرقمية والذكية تتطلب العمل من الآن لاكتسابها والاهتمام بها من خلال جهود تعزيز منظومة الابتكار، وإعداد الكوادر والكفاءات بالاضافة إلى تسهيل إجراءات الاستثمار والتأسيس للشركات الأجنبيَّة في هذه المجال وتحفيزهم للاستثمار في هذا المجال في بلادنا الخليجية!
فسلطنة عمان ودولنا الخليجية بحاجة ماسة لفهم دقيق للذكاء الاصطناعي، والتأثيرات المترتبة على ذلك في المستقبل، خاصة إذا علمنا أن صعود الذكاء الاصطناعي سيكون سيفا ذا حدين، ومع ذلك فإن الثورات التكنولوجية تتطلب مسايرتها وعدم الخوف منها كما تتطلب إعداد المجتمع لهذه الخطوة وتثقيفه ووعيه بهذا القطاع القادم بقوه.
فمعظم القطاعات سيدخل فيها هذا المجال، فمثلا الزراعة يمكن للنظم الذكية التنبؤ بمعرفة أوقات الري والتسميد والتحصيل والتغليف والتقليل من استهلاك الموارد الطبيعية وهكذا، وفي مجال الصناعة يمكن للذكاء تقليل الموارد ومعرفة جاهزية المنتج وتاريخ الانتهاء، وفي مجال الطاقة يمكنه أيضا تحسين أداء الشبكات الكهربائية ورفع كفاءتها وتقليل الطاقة، وفي مجال الرعاية الصحية ممكن استخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيص وتحديد الخطط العلاجية ومتابعة حالة المريض وهكذا الكثير من القطاعات.
بالإضافة إلى أهمية الذكاء الاصطناعي وفوائده مستقبلا في رفع الكفاءة والربحية والإنتاجية واستخدامه في إنشاء مخرجات أخرى مثل الصور والصوت، فإن التوقعات المتسارعة والقدرات الهائلة لهذه التطبيقات يمكن الاعتماد عليها لكشف التهديدات ومجرمي الانترنت وغيرهم، وهذا ما يتطلب من دولنا الخليجية الإسراع في دراسة الاستثمار في مثل هذه المجالات الذكية المتسارعة.. والله من وراء القصد.
د. أحمد بن سالم باتميرا كاتب ومحلل عماني