+ A
A -
تشهد البلاد العربية منذ انحسار الموجة الثورية الأولى حرباً حقيقية على الرأي وأصحاب الرأي المخالف وهي حرب تسير بموازاة حالة الفوضى والاقتتال التي تعيشها أغلب الحواضر العربية بما في ذلك تلك التي لم تعرف احتجاجات اجتماعية قوية.
تعرف المملكة السعودية اليوم موجة غير مسبوقة من موجات الاعتقال والإيقاف والسجن لشخصيات وطنية ترى فيها السلطات خطراً عليها وعلى توجهاتها السياسية.
يمكن الإقرار بأن الاعتقالات السياسية ومصادرة الرأي الآخر تشكل خاصية مميزة لكل نظام استبدادي قمعي وهي خاصية عامة في المنطقة العربية. فبقطع النظر عن طبيعة النظام السياسي سواء كان وراثياً أو جمهورياً أو عسكرياً فإن مصادرة حرية التعبير تشكل أحد أهم أدوات النظام لمنع الرأي المخالف وتأبيد الخطاب الرسمي للسلطة الحاكمة، لكن الأحداث الأخيرة في المنطقة العربية وخاصة منها ثورات الربيع العربي تمثل إطاراً جديداً قادراً على قراءة خصائص هذه الظاهرة وتبين ملامحها الأساسية أسباباً ومسارات وأهدافاً.
جغرافياً كانت الأنظمة العربية العسكرية أو الجمهورية أكثر ميلاً إلى استخدام أداة الاعتقال السياسي كوسيلة لقمع المعارضين ومصادرة الرأي المخالف. ولا شك أيضاً أن الثورات التي عرفتها هاته الدول كانت تغذيها موجات القمع التي شملت آلاف المعارضين السياسيين والإعلاميين والنشطاء. بمعنى أن القمع السياسي ومصادرة حرية الفكر والتعبير كانت واحدة من أهم الروافد المغذية للاحتجاجات الشعبية.
لم تكن أداة الاعتقال السياسي ظاهرة للعيان في الأنظمة الوراثية وخاصة تلك التي لم تشملها موجات الربيع العربي باستثناء المغرب أو البحرين في مراحل مختلف ولكن بأقل حدة عن تلك التي تمارس في الأنظمة الجمهورية العسكرية. لكنها اليوم ومع حملة الاعتقالات الكبيرة التي عرفتها السعودية والإمارات مع سجن النشطاء والشيوخ والدعاة والمعارضين السياسيين فإن الرقعة الجغرافية لسياسة قمع الرأي ومصادرته بصدد التوسع لتشمل بشكل متساوٍ كامل المنطقة العربية.
هذا التحول الجغرافي في سياسة تكميم الرأي ومصادرته يؤشر على كثير من المعطيات الخطيرة التي تساهم بشكل كبير في تبين المراحل الجديدة من مراحل ردود الأفعال السياسية تجاه الحراك الاجتماعي والفكري عربياً.
إن تمدد سياسة القمع ومصادرة الرأي يؤكد أن النظام السياسي العربي لم يتعلم من دروس الربيع ولا يزال يعتبر الأساليب القديمة قادرة على تحقيق الهدف منها وهو أمر يكشف قدراً كبيراً من قصر النظر ومن إغفال أهم المستجدات في الساحة العربية وخاصة ما تعلق منها بالوعي الاجتماعي للجماهير العربية.
بقلم : محمد هنيد
تعرف المملكة السعودية اليوم موجة غير مسبوقة من موجات الاعتقال والإيقاف والسجن لشخصيات وطنية ترى فيها السلطات خطراً عليها وعلى توجهاتها السياسية.
يمكن الإقرار بأن الاعتقالات السياسية ومصادرة الرأي الآخر تشكل خاصية مميزة لكل نظام استبدادي قمعي وهي خاصية عامة في المنطقة العربية. فبقطع النظر عن طبيعة النظام السياسي سواء كان وراثياً أو جمهورياً أو عسكرياً فإن مصادرة حرية التعبير تشكل أحد أهم أدوات النظام لمنع الرأي المخالف وتأبيد الخطاب الرسمي للسلطة الحاكمة، لكن الأحداث الأخيرة في المنطقة العربية وخاصة منها ثورات الربيع العربي تمثل إطاراً جديداً قادراً على قراءة خصائص هذه الظاهرة وتبين ملامحها الأساسية أسباباً ومسارات وأهدافاً.
جغرافياً كانت الأنظمة العربية العسكرية أو الجمهورية أكثر ميلاً إلى استخدام أداة الاعتقال السياسي كوسيلة لقمع المعارضين ومصادرة الرأي المخالف. ولا شك أيضاً أن الثورات التي عرفتها هاته الدول كانت تغذيها موجات القمع التي شملت آلاف المعارضين السياسيين والإعلاميين والنشطاء. بمعنى أن القمع السياسي ومصادرة حرية الفكر والتعبير كانت واحدة من أهم الروافد المغذية للاحتجاجات الشعبية.
لم تكن أداة الاعتقال السياسي ظاهرة للعيان في الأنظمة الوراثية وخاصة تلك التي لم تشملها موجات الربيع العربي باستثناء المغرب أو البحرين في مراحل مختلف ولكن بأقل حدة عن تلك التي تمارس في الأنظمة الجمهورية العسكرية. لكنها اليوم ومع حملة الاعتقالات الكبيرة التي عرفتها السعودية والإمارات مع سجن النشطاء والشيوخ والدعاة والمعارضين السياسيين فإن الرقعة الجغرافية لسياسة قمع الرأي ومصادرته بصدد التوسع لتشمل بشكل متساوٍ كامل المنطقة العربية.
هذا التحول الجغرافي في سياسة تكميم الرأي ومصادرته يؤشر على كثير من المعطيات الخطيرة التي تساهم بشكل كبير في تبين المراحل الجديدة من مراحل ردود الأفعال السياسية تجاه الحراك الاجتماعي والفكري عربياً.
إن تمدد سياسة القمع ومصادرة الرأي يؤكد أن النظام السياسي العربي لم يتعلم من دروس الربيع ولا يزال يعتبر الأساليب القديمة قادرة على تحقيق الهدف منها وهو أمر يكشف قدراً كبيراً من قصر النظر ومن إغفال أهم المستجدات في الساحة العربية وخاصة ما تعلق منها بالوعي الاجتماعي للجماهير العربية.
بقلم : محمد هنيد