هناك مثل يقول: «قاوم ما تكره لتصل إلى ما تحب». قد يبدو النجاح سهل الوصول، لكن الحقيقة هي أنه يستلزم الكثير من حرق الأعصاب وتحمل أشياء نكرهها في سبيل بلوغ الغاية المأمولة؛ فلا تجري الرياح كما تشتهي السفن دائماً، بل كثيراً ما تعاكسنا ظروف الحياة، وتعصف بنا رياحها العاتية.
يحلم غالبيتنا بالمزيد من الأشياء السارة في حياتهم، لكن فئة قليلة منا لديهم الشجاعة للوصول إلى ما يطمحون إليه. ففي كثير من الأحيان، تُقابل أحلامنا بعدم الرضا نتيجة المحاولات المستمرة غير الناجحة، أو الإحباطات المتكررة من قبل المحيطين بنا ممن يثبطون عزيمتنا.
إن سبب عدم وصول الكثيرين إلى حيث يريدون يرجع إلى كون النجاح ليس أمراً سهلاً كما يروج له في مختلف الأوساط؛ لأنه يتطلب الكثير من العمل الجاد والصبر على المحن والشدائد، فلا يمكن أن تنجح إذا كنت لا تريد بذل أي جهد، أو تبذل القليل من الجهد بينما تعتقد أنك ستصل إلى القمة!
النجاح لا يبنى على الأحلام الوردية، ولا على الأمنيات والآمال والرغبات. إن لم تترجم الرغبة إلى عمل تبقى مجرد خاطرة أو رجاء داخلي بحدوث معجزة دون تدخل من طرفنا، والحياة علمتنا جميعاً أن الجائزة من نصيب المجتهدين، وأن كل شيء تريده منها لا بد أن تدفع ثمنه مقدماً وإلا لن تحصد شيئاً على الإطلاق.
وفي هذا العصر بالتحديد، بعد التطور التكنولوجي الهائل الذي وصلنا إليه، وتزايد أعداد البشر وصولاً إلى أرقام فلكية مستمرة في الارتفاع؛ أصبحت المنافسة أشد قوة من أي وقت مضى، ولم يعد المرء قادراً على التميز والتفوق الحقيقيين لا الزائفين، إلا إن بذل جهوداً مضاعفة، وقدم الغالي والرخيص في سبيل أحلامه.
لكي تنجح، عليك أن تعمل بجد ومثابرة، وأن تكون واسع الحيلة، ذكياً في التخطيط، وماهراً في بناء علاقات اجتماعية مثمرة. أما الأهم من ذلك كله فهو أن تكون على استعداد لتقديم التضحيات من أجل أهدافك الكبيرة.
يجمع الأشخاص الناجحون حول العالم على حقيقة أنهم ضحوا بالكثير حتى بلغوا القمة، فامتنعوا في مناسبات عدة عن الخروج مع الأصدقاء، أو الانضمام إلى الحفلات الممتعة، بل واستغنوا عن بعض أوقات الراحة بسبب ضغط العمل أحياناً، وخاضوا مغامرات لا يمكن للشخص العادي أن يخوضها بسبب الخوف ومعدل المجازفة الكبيرة فيها.
وبينما نرى الصورة الخارجية البراقة لكل ناجح، فإن الواقع هو أن أنجح الناس على كوكب الأرض مروا بالكثير من محطات الفشل في حياتهم، وانتابتهم شكوك لا تعد ولا تحصى حول ما إذا كان الطريق الذي يسلكونه صحيح، وواجهوا إلى جانب ذلك كله عقبات صعبة وتحديات مفصلية وقفت حجر عثرة بينهم وبين أهدافهم؛ إلا أنهم لم يستسلموا أبداً، وأكملوا رحلتهم حتى بلغوا المكان المنشود، داسوا على الأشواك التي تفترش طريق النجاح، وسقطوا أكثر من مرة، لكنهم واصلوا المسير إلى أن حققوا مرادهم، وتربعوا على عرش الصدارة.
ربما تشعر بالخوف والتردد بعدما عرّفناك أو ذكرناك بما يتطلبه الأمر لتصبح ناجحاً وتحظى بحياة وفيرة من الناحية المادية والفكرية والروحية والصحية، لكن دعني أخبرك أمراً في غاية الأهمية؛ ألا وهو أن كل شدة تزول، وأي مرحلة صعبة تمر؛ فلا شيء يدوم بحسب نواميس الكون وقوانين الحياة.
وهذا الخبر السار، يعني أنك لن تقضي عمرك كله تصل الليل بالنهار من أجل بلوغ غاياتك وأحلامك، بل ستحظى بوقت مناسب للاحتفاء بالنجاح، وعيش الحياة التي لطالما حلمت بها، لكن عليك أولاً وقبل كل شيء أن تضحي بالكثير لكي تصل إلى ما تريده، وتفعل ما تكرهه بصدر رحب لتحظى بالواقع الذي تحبه وتحلم به لاحقاً.