+ A
A -
ليست هي المرة الأولى التي يلقي فيها الرئيس الأميركي خطابا شعبيا أمام أنصاره ليعيد خطابه القديم الذي يعكس رؤيته للدول العربية والخليجية منها بشكل خاص. في هذا الخطاب الشعبي أمام أنصاره بولاية فيرجينيا الغربية نقل حوارا له مع الملك السعودي وأنه قال له إن السعودية لا تستطيع حماية نفسها دون القوات الأميركية. الخطاب ليس جديدا لكن التصريح العلني به وبهذا الشكل المباشر والمستفز هو الجديد إذ لم يسبق أن خاطب رئيس أميركي الدول العربية الغنية بهذا الشكل حتى في عنفوان الحضور الأميركي بالخليج خلال غزو العراق مثلا. فما الذي تغير؟
أولا: يمثل الخطاب الأميركي الحالي أكثر الخطابات جرأة في كشف طبيعة النظرة الأميركية للدول العربية عامة. فتصريحات ترامب التي توصف بالهوجاء والتي تفتقد إلى أبسط أبجديات الخطاب الدبلوماسي إنما تمثل النظرة الأصلية للإدارة الأميركية تجاه العرب والمسلمين ككل. من هذا المنطلق تعد تصريحات ترامب إيجابية نظرا لقدرتها على رفع اللثام عن طبيعة العلاقة بين الطرفين وهو ما يمثل مكسبا للوعي العربي عامة.
ثانيا: تمثل هذه التصريحات مؤشرا على تردي قدرة الأداء السياسي الرسمي العربي على ردّ الفعل أو على فرض الاحترام الدولي على الأقل إذ لم تصدر مثل هذه التصريحات ضد دولة كوريا الشمالية ولا ضد دولة تركيا رغم الأزمات التي كانت تعرفها مع الرئيس الأميركي. إن جرأة الخطاب السياسي الأميركي على الإهانة وتكرار الإهانة إنما تعكس وعيا ثابتا بأن الطرف المقابل أعجز من أن يرفض الإهانة فما بالك بالردّ عليها.
ثالثا: إن انخراط النظام العربي في مشاريع النزاعات البينيّة والحروب العبثية وتهديد سيادة الدول الصغيرة وإجهاض التجارب الثورية السلمية إنما يمثل أحد أهم الأسباب التي منعت عنه القدرة على تحقيق رد فعل سيادي قد يمنع عنه الإهانات العلنية والسرية. ليست الإدارة الأميركية هي المسؤولة في الحقيقة عما بلغه الأداء السيادي العربي من تردّ وسقوط بل إن النظام الرسمي العربي هو الذي صنع شروط القابلية للإهانة والتشويه.
ما دام النظام السياسي يواصل نفس النهج في قمع الداخل وإغراء الخارج فإن الإهانة العلنية والسرية ستتحول قريبا إلى فعل مباشر قد يطيح بما تبقى من شروط بقاء النظام الرسمي نفسه. إن تجاوز الخلافات العربية البينية ورأب الصدع الخليجي في أقرب الأوقات إنما تمثل المخرج الوحيد للخلاص من الخطط المستقبلية التي تُرسم بعناية بهدف الاستحواذ على المنطقة وثرواتها.
بقلم : محمد هنيد
أولا: يمثل الخطاب الأميركي الحالي أكثر الخطابات جرأة في كشف طبيعة النظرة الأميركية للدول العربية عامة. فتصريحات ترامب التي توصف بالهوجاء والتي تفتقد إلى أبسط أبجديات الخطاب الدبلوماسي إنما تمثل النظرة الأصلية للإدارة الأميركية تجاه العرب والمسلمين ككل. من هذا المنطلق تعد تصريحات ترامب إيجابية نظرا لقدرتها على رفع اللثام عن طبيعة العلاقة بين الطرفين وهو ما يمثل مكسبا للوعي العربي عامة.
ثانيا: تمثل هذه التصريحات مؤشرا على تردي قدرة الأداء السياسي الرسمي العربي على ردّ الفعل أو على فرض الاحترام الدولي على الأقل إذ لم تصدر مثل هذه التصريحات ضد دولة كوريا الشمالية ولا ضد دولة تركيا رغم الأزمات التي كانت تعرفها مع الرئيس الأميركي. إن جرأة الخطاب السياسي الأميركي على الإهانة وتكرار الإهانة إنما تعكس وعيا ثابتا بأن الطرف المقابل أعجز من أن يرفض الإهانة فما بالك بالردّ عليها.
ثالثا: إن انخراط النظام العربي في مشاريع النزاعات البينيّة والحروب العبثية وتهديد سيادة الدول الصغيرة وإجهاض التجارب الثورية السلمية إنما يمثل أحد أهم الأسباب التي منعت عنه القدرة على تحقيق رد فعل سيادي قد يمنع عنه الإهانات العلنية والسرية. ليست الإدارة الأميركية هي المسؤولة في الحقيقة عما بلغه الأداء السيادي العربي من تردّ وسقوط بل إن النظام الرسمي العربي هو الذي صنع شروط القابلية للإهانة والتشويه.
ما دام النظام السياسي يواصل نفس النهج في قمع الداخل وإغراء الخارج فإن الإهانة العلنية والسرية ستتحول قريبا إلى فعل مباشر قد يطيح بما تبقى من شروط بقاء النظام الرسمي نفسه. إن تجاوز الخلافات العربية البينية ورأب الصدع الخليجي في أقرب الأوقات إنما تمثل المخرج الوحيد للخلاص من الخطط المستقبلية التي تُرسم بعناية بهدف الاستحواذ على المنطقة وثرواتها.
بقلم : محمد هنيد