ما كان لجريمة اغتيال الصحفي «جمال خاشقجي» أن تأخذ هذا الزخم الدولي، لولا أنها خرجت سريعاً إلى العلن، ولم تخنقها الأذرع الإعلامية المختصة في ذلك.
ولا يمثل خروج الخبر سريعاً إلا واحداً من بين عوامل كثيرة ساهمت في تحول الحدث إلى ظاهرة إعلامية في حد ذاتها تتصدر نشرات الأخبار في كل المنابر العالمية.
منذ اليوم الأول للجريمة لم تكن هناك أدلة قاطعة على موت الرجل حتى أن الجناة تسلحوا بغياب الجثة من أجل إنكار الجريمة مطلقاً. ولم يساعد نسق التحقيق التركي، لأسباب لا نعلمها، في تبين حقيقة ما جرى بشكل رسمي قاطع؛ فقد اعتمد المراقبون والجمهور على تصريحات وتسريبات غير رسمية في أغلبها لكنها تصف بدقة كبيرة ما حدث منذ أن وطأت رجلاه قنصلية بلاده.
اليوم يكاد يكون من المؤكد أن الرواية الأولى لتصفية الرجل وما تلاها من بشاعة الجريمة هي الرواية الصحيحة رغم سعي الجناة إلى كسب الوقت من أجل المناورة والبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه.
إن عدم تأكد الرواية الرسمية منذ البداية مع تواصل مجموعة التسريبات التركية هو الذي جعل منها في نظرنا قضية دولية بامتياز كما أن تغطية الجزيرة للحدث منذ وهلته الأولى قد ساهم في شد المشاهد شداً إلى الحدث الذي أريد له أن يكون عابراً كغيره من الجرائم السابقة. لا يمثل العنصر الإعلامي إلا جزءاً من الحدث الذي تفاعلت في صناعته عناصر كثيرة لكن هذا العنصر لم يقتصر على التغطية في حدّ ذاتها، بل يتجاوزها إلى أن الضحية أيضاً كان كاتباً معروفاً في أشهر الصحف الأميركية وهو ما ساهم في مزيد استقطاب المرفق الإعلامي للحدث وتأجيجه.
من جهة أخرى واجه الذباب الإلكتروني في الخليج وخاصة في السعودية بعنف التغطية العربية والدولية للحدث وبالغ في إنكارها وفي اتهام الآخرين بمحاولة تأجيج الفتنة أو بمحاولة ضرب العلاقات السعودية التركية، بل إن هناك من ذهب إلى اعتبار الجريمة مخططاً إيرانياً قطرياً إخوانياً كعادة الذباب في الخليج.
من جهة أخرى حرص الإعلام الرسمي العربي على تهميش القضية في البداية، لكنه سرعان ما وجد نفسه مجبراً على الخوض فيها، خاصة في الدول التي دأبت على التضييق على الصحفيين ومحاربة الرأي المخالف وقمعه.
قضية اغتيال الكاتب جمال خاشقجي ستكون واحدة من أهم الجرائم الإعلامية والفكرية في العصر الحديث ولن يكون ما قبلها شبيهاً بما بعدها بفعل الهزات التي ستتسبب فيها على المديَين القصير والمتوسط.
بقلم : محمد هنيد
ولا يمثل خروج الخبر سريعاً إلا واحداً من بين عوامل كثيرة ساهمت في تحول الحدث إلى ظاهرة إعلامية في حد ذاتها تتصدر نشرات الأخبار في كل المنابر العالمية.
منذ اليوم الأول للجريمة لم تكن هناك أدلة قاطعة على موت الرجل حتى أن الجناة تسلحوا بغياب الجثة من أجل إنكار الجريمة مطلقاً. ولم يساعد نسق التحقيق التركي، لأسباب لا نعلمها، في تبين حقيقة ما جرى بشكل رسمي قاطع؛ فقد اعتمد المراقبون والجمهور على تصريحات وتسريبات غير رسمية في أغلبها لكنها تصف بدقة كبيرة ما حدث منذ أن وطأت رجلاه قنصلية بلاده.
اليوم يكاد يكون من المؤكد أن الرواية الأولى لتصفية الرجل وما تلاها من بشاعة الجريمة هي الرواية الصحيحة رغم سعي الجناة إلى كسب الوقت من أجل المناورة والبحث عن مخرج يحفظ ماء الوجه.
إن عدم تأكد الرواية الرسمية منذ البداية مع تواصل مجموعة التسريبات التركية هو الذي جعل منها في نظرنا قضية دولية بامتياز كما أن تغطية الجزيرة للحدث منذ وهلته الأولى قد ساهم في شد المشاهد شداً إلى الحدث الذي أريد له أن يكون عابراً كغيره من الجرائم السابقة. لا يمثل العنصر الإعلامي إلا جزءاً من الحدث الذي تفاعلت في صناعته عناصر كثيرة لكن هذا العنصر لم يقتصر على التغطية في حدّ ذاتها، بل يتجاوزها إلى أن الضحية أيضاً كان كاتباً معروفاً في أشهر الصحف الأميركية وهو ما ساهم في مزيد استقطاب المرفق الإعلامي للحدث وتأجيجه.
من جهة أخرى واجه الذباب الإلكتروني في الخليج وخاصة في السعودية بعنف التغطية العربية والدولية للحدث وبالغ في إنكارها وفي اتهام الآخرين بمحاولة تأجيج الفتنة أو بمحاولة ضرب العلاقات السعودية التركية، بل إن هناك من ذهب إلى اعتبار الجريمة مخططاً إيرانياً قطرياً إخوانياً كعادة الذباب في الخليج.
من جهة أخرى حرص الإعلام الرسمي العربي على تهميش القضية في البداية، لكنه سرعان ما وجد نفسه مجبراً على الخوض فيها، خاصة في الدول التي دأبت على التضييق على الصحفيين ومحاربة الرأي المخالف وقمعه.
قضية اغتيال الكاتب جمال خاشقجي ستكون واحدة من أهم الجرائم الإعلامية والفكرية في العصر الحديث ولن يكون ما قبلها شبيهاً بما بعدها بفعل الهزات التي ستتسبب فيها على المديَين القصير والمتوسط.
بقلم : محمد هنيد