- أدهم شرقاوي
يُحكى أن ثلاثة عميان دخلوا إلى غرفة فيها فيل! وطُلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ويبدأوا في وصفه، وبالفعل تحسس العميان الفيل ثم خرجوا من الغرفة، وبدأ كل واحد منهم يصفه:
قال الأول: الفيل هو أربعة عمدان على الأرض!
قال الثاني: الفيل يشبه الثعبان تماماً!
وقال الثالث: الفيل يشبه المكنسة!
وحين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا في الشجار، وتمسك كل منهم برأيه، وراحوا يتجادلون، كل واحد منهم يتهم صاحبيه بالكذب والخداع!
لا شك أنكم لاحظتم أن الأول أمسك بأرجل الفيل، والثاني بخرطومه، والثالث بذيله!
الحياة فيل كبير ونحن عميانها الذين طُلب منا وصفها يا سادة!
للحقيقة أكثر من وجه، وللقضية أكثر من رأي، وليس بالضرورة أن وجهة النظر الأخرى خاطئة، ولكننا نحسب أنفسنا المسطرة التي يجب أن يُقاس بها هذا الوجود بحقائقه، وقضاياه، ووجهات نظره!
نحن عندما نعطي رأينا في قضية، ففي الغالب إننا نعطي حقيقتنا نحن وليس حقيقة هذه القضية! لا يستطيع إنسان أن يهرب من تجاربه السابقة! من الطبيعي أن يكون الفيل كالطاولة لمن لم يرَ إلا أرجله، وكالثعبان لمن لم يرَ إلا خرطومه، وكالمكنسة لمن لم يرَ إلا ذيله! رأي رجل ما في النساء هو حقيقته وتجربته وتربيته، وليس حقيقة النساء، ورأي امرأة في الرجال هو حقيقتها وتجربتها وتربيتها وليس حقيقة الرجال! ولكن مأساتنا نحن البشر أننا نجعل من تجاربنا الصغيرة الخاصة حقائق عامة، الويل والثبور لمن خالفها!
العميان في القصة تشاجروا لأن كل واحد منهم اعتقد أن تجربته في الحياة هي الحقيقة المُطْلَقة، والصواب أن لا حقيقة مطلقة إلا الله، وما تبقّى حقائق نسبية أو هي أقرب إلى الانطباعات الخاصة منها إلى الحقائق! إن رأي الطفل اللقيط الذي أُلقي على باب مسجد عن الأبوين مختلف تماماً عمن عاش في كنف والديه، لهذا وراء كل رأي، وخلف كل وجهة نظر، تجربة أنتَ لا تعرفها، الناس أيها السادة صنيعة تجاربهم في هذه الحياة!
قصة العميان والفيل تخبرنا أنه ليس بالضرورة أن الحقيقة الكاملة مع شخص واحد، من الممكن أن يملك كل شخص جزءاً من الحقيقة، ولكن مصيبتنا أننا نحسب أن الجزء الذي نملكه هو الكل الذي لا يملك أحد منه شيئاً!
فحبذا حين نختلف أن نعرف أني إذا لم أكن معك فلستُ ضدك، أنا مع تجاربي وانطباعاتي وأنتَ مع تجاربك وانطباعاتك، ولا يغب عن بالكم أن بعض الذين تظنونهم جُناة هم في الحقيقة ضحايا تجاربهم وانطباعاتهم !
بقلم : أدهم شرقاوي
يُحكى أن ثلاثة عميان دخلوا إلى غرفة فيها فيل! وطُلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ويبدأوا في وصفه، وبالفعل تحسس العميان الفيل ثم خرجوا من الغرفة، وبدأ كل واحد منهم يصفه:
قال الأول: الفيل هو أربعة عمدان على الأرض!
قال الثاني: الفيل يشبه الثعبان تماماً!
وقال الثالث: الفيل يشبه المكنسة!
وحين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا في الشجار، وتمسك كل منهم برأيه، وراحوا يتجادلون، كل واحد منهم يتهم صاحبيه بالكذب والخداع!
لا شك أنكم لاحظتم أن الأول أمسك بأرجل الفيل، والثاني بخرطومه، والثالث بذيله!
الحياة فيل كبير ونحن عميانها الذين طُلب منا وصفها يا سادة!
للحقيقة أكثر من وجه، وللقضية أكثر من رأي، وليس بالضرورة أن وجهة النظر الأخرى خاطئة، ولكننا نحسب أنفسنا المسطرة التي يجب أن يُقاس بها هذا الوجود بحقائقه، وقضاياه، ووجهات نظره!
نحن عندما نعطي رأينا في قضية، ففي الغالب إننا نعطي حقيقتنا نحن وليس حقيقة هذه القضية! لا يستطيع إنسان أن يهرب من تجاربه السابقة! من الطبيعي أن يكون الفيل كالطاولة لمن لم يرَ إلا أرجله، وكالثعبان لمن لم يرَ إلا خرطومه، وكالمكنسة لمن لم يرَ إلا ذيله! رأي رجل ما في النساء هو حقيقته وتجربته وتربيته، وليس حقيقة النساء، ورأي امرأة في الرجال هو حقيقتها وتجربتها وتربيتها وليس حقيقة الرجال! ولكن مأساتنا نحن البشر أننا نجعل من تجاربنا الصغيرة الخاصة حقائق عامة، الويل والثبور لمن خالفها!
العميان في القصة تشاجروا لأن كل واحد منهم اعتقد أن تجربته في الحياة هي الحقيقة المُطْلَقة، والصواب أن لا حقيقة مطلقة إلا الله، وما تبقّى حقائق نسبية أو هي أقرب إلى الانطباعات الخاصة منها إلى الحقائق! إن رأي الطفل اللقيط الذي أُلقي على باب مسجد عن الأبوين مختلف تماماً عمن عاش في كنف والديه، لهذا وراء كل رأي، وخلف كل وجهة نظر، تجربة أنتَ لا تعرفها، الناس أيها السادة صنيعة تجاربهم في هذه الحياة!
قصة العميان والفيل تخبرنا أنه ليس بالضرورة أن الحقيقة الكاملة مع شخص واحد، من الممكن أن يملك كل شخص جزءاً من الحقيقة، ولكن مصيبتنا أننا نحسب أن الجزء الذي نملكه هو الكل الذي لا يملك أحد منه شيئاً!
فحبذا حين نختلف أن نعرف أني إذا لم أكن معك فلستُ ضدك، أنا مع تجاربي وانطباعاتي وأنتَ مع تجاربك وانطباعاتك، ولا يغب عن بالكم أن بعض الذين تظنونهم جُناة هم في الحقيقة ضحايا تجاربهم وانطباعاتهم !
بقلم : أدهم شرقاوي