أتم الصمت العربي وليمتنا الكبرى وفي كل دقيقة مذبحة أخرى يتناولون وليمتهم بعد الصمت.. انتظاراً لمجزرة تروى..
ومع ذلك لا نستطيع الا أن نقول «أهلاً رمضان».. أهلا يا شهر الغفران.. أهلاً: ليقف على أبوابك من صمتوا عن الكلام في وقت الكلام.. ومن صاموا عن الكفاح عندما طلب السلاح.. الله غفور رحيم، يغفر لمن يشاء من عباده.
فعلى مدى احد عشر شهرا قمرية، وبعد وداعك في «الفطر» الاخير انصرفنا لأحوالنا نلهو ونلعب، نأكل ونشرب، نصحو وننام نعمل كل الموبقات، ونكسل عن كل ما يأتي بالحسنات، وكأننا لم نقف على أبواب أيامك ضارعين محتسبين، ان يغفر الله لنا ما تقدم من ذنوبنا، معاهدين أن نحافظ على طهرنا.. ولكن ماذا فعلنا؟!
فلقد زلت اقدامنا، وزنت عيوننا، وجرحت ألسنتنا، ولم نؤد الأمانة، ولم نهرب إلى الله كما أمرنا، وضاع العهد، وضاعت الأمانة، وبات ديننا وعقيدتنا في مهب الريح.
وقد تسأل يا رمضان كيف ولماذا..؟
فبعد رحيلك في عام مضى، اضعنا العراق وبعد رحيلك في عام آخر أضعنا ليبيا.. وأضعنا سوريا.. بل منا من ضيعك أيها الشهر الفضيل.. وكأننا لم نعاهدك ان نكون أمة واحدة.. جسد واحد، روح واحدة، وفي العراق يا شهر الخيرات، الدم يراق في الفلوجة والعرض يسفح، وخيرات المسلمين تنهب، والارواح تزهق. والنساء تسبى، وكأننا لم نخرج منك كما خرج آباؤنا الأول، الذين كان رمضان يحرك في عروقهم دماء الغيرة على الإسلام والمسلمين فتجيش صدورهم، ويجيشوا جيوشهم، وينادي المؤذن حي على الجهاد. فترتفع راية المسلمين خفاقة تتقدم جيوش الفتح إلى مشارق ومغارب الارض. بعدك يا رمضان.. بقي حالنا هو نفس الحال نحو أهل لنا يرابطون في بيت المقدس، واكناف بيت المقدس، يقدمون الشهيد تلو الشهيد، والسجين يتبعه السجين، مازلنا يا رمضان على نفس الحال، نجلس خلف التلفاز، نتابع الهدم والتدمير في غزة وجنين ورام الله والقدس نستمع إلى صرخات الثكالى من الارامل وامهات الشهداء، والى صرخات البكارى وهن يسحبن من شعورهن إلى زنازين الزنادقة، والى صرخات الاطفال أبناء الشهداء.. فلا يرف لنا جفن، ولا تتحرك فينا شعرة نخوة، ولا ترتجف فرائصنا غيرة..
نحن.. هم نحن، كما تعرفهم يا رمضان تأتي إلينا ونحن في نفس الحال، ولكن ليس بوسعنا الا ان نقول أهلا بك يا رمضان، ففي قلوبنا أمل أن يكون تأثيرك في أبنائنا الذين ينتظرون قدومك بفرح، ومنك نأمل ان يتعلم أبناؤنا من خلال الصوم الرقابة الذاتية، واحترام النفس واحترام الوعد أمام الله سبحانه وتعالى..
الأمل في صيام أبنائنا «أيامك المعدودات» في ان تربي فيهم النخوة والصبر والجلد، والثقة بالذات، فهم عماد المستقبل، أما نحن واجيال العشرين والثلاثين، فلا فائدة ترجى فلقد ماتت فينا الحمية، وقبلنا بالواقع المؤلم لأمتنا، وقبلنا الهوان على انفسنا وهواننا على الامم، التي استصغرتنا وباتت تطعن في ديننا، وتحاول تغيير مناهجنا، واذا لم تصنع يا رمضان من جيل ابنائنا حماة لأيامك، فقد تطلب منا الأمم أَلاَّ نصوم، وأَلاَّ نصلي، وأَلاَّ نزكي ولا نشهد الشهادتين، ولا نحج، كما طلبوا منا إسقاط الجهاد الذي رفعه الأجداد من أجل رفعة هذا الدين ونشره كما امر الله نبيه محمد بن بن عبدلله#..
أهلا يا رمضان، ففيك فرحة كبيرة وبك الأمل كبير في ان تبعث أيامك القليلة هذه جيلا جديدا من الأمة ينتصر لأهل العراق، وينتصر لأهل فلسطين جيلا يكون قادرا على وقف ما تتعرض له الأمة، ففيك يا شهر الخيرات مبادئ تعلّم أبناءنا معنى المشاركة والتكافل والإخاء الإسلامي. وإذا تحقق هذا الإخاء بفضائلك، ستبقى أجيالنا على وعد معك في كل عام.
بقلم : سمير البرغوثي
ومع ذلك لا نستطيع الا أن نقول «أهلاً رمضان».. أهلا يا شهر الغفران.. أهلاً: ليقف على أبوابك من صمتوا عن الكلام في وقت الكلام.. ومن صاموا عن الكفاح عندما طلب السلاح.. الله غفور رحيم، يغفر لمن يشاء من عباده.
فعلى مدى احد عشر شهرا قمرية، وبعد وداعك في «الفطر» الاخير انصرفنا لأحوالنا نلهو ونلعب، نأكل ونشرب، نصحو وننام نعمل كل الموبقات، ونكسل عن كل ما يأتي بالحسنات، وكأننا لم نقف على أبواب أيامك ضارعين محتسبين، ان يغفر الله لنا ما تقدم من ذنوبنا، معاهدين أن نحافظ على طهرنا.. ولكن ماذا فعلنا؟!
فلقد زلت اقدامنا، وزنت عيوننا، وجرحت ألسنتنا، ولم نؤد الأمانة، ولم نهرب إلى الله كما أمرنا، وضاع العهد، وضاعت الأمانة، وبات ديننا وعقيدتنا في مهب الريح.
وقد تسأل يا رمضان كيف ولماذا..؟
فبعد رحيلك في عام مضى، اضعنا العراق وبعد رحيلك في عام آخر أضعنا ليبيا.. وأضعنا سوريا.. بل منا من ضيعك أيها الشهر الفضيل.. وكأننا لم نعاهدك ان نكون أمة واحدة.. جسد واحد، روح واحدة، وفي العراق يا شهر الخيرات، الدم يراق في الفلوجة والعرض يسفح، وخيرات المسلمين تنهب، والارواح تزهق. والنساء تسبى، وكأننا لم نخرج منك كما خرج آباؤنا الأول، الذين كان رمضان يحرك في عروقهم دماء الغيرة على الإسلام والمسلمين فتجيش صدورهم، ويجيشوا جيوشهم، وينادي المؤذن حي على الجهاد. فترتفع راية المسلمين خفاقة تتقدم جيوش الفتح إلى مشارق ومغارب الارض. بعدك يا رمضان.. بقي حالنا هو نفس الحال نحو أهل لنا يرابطون في بيت المقدس، واكناف بيت المقدس، يقدمون الشهيد تلو الشهيد، والسجين يتبعه السجين، مازلنا يا رمضان على نفس الحال، نجلس خلف التلفاز، نتابع الهدم والتدمير في غزة وجنين ورام الله والقدس نستمع إلى صرخات الثكالى من الارامل وامهات الشهداء، والى صرخات البكارى وهن يسحبن من شعورهن إلى زنازين الزنادقة، والى صرخات الاطفال أبناء الشهداء.. فلا يرف لنا جفن، ولا تتحرك فينا شعرة نخوة، ولا ترتجف فرائصنا غيرة..
نحن.. هم نحن، كما تعرفهم يا رمضان تأتي إلينا ونحن في نفس الحال، ولكن ليس بوسعنا الا ان نقول أهلا بك يا رمضان، ففي قلوبنا أمل أن يكون تأثيرك في أبنائنا الذين ينتظرون قدومك بفرح، ومنك نأمل ان يتعلم أبناؤنا من خلال الصوم الرقابة الذاتية، واحترام النفس واحترام الوعد أمام الله سبحانه وتعالى..
الأمل في صيام أبنائنا «أيامك المعدودات» في ان تربي فيهم النخوة والصبر والجلد، والثقة بالذات، فهم عماد المستقبل، أما نحن واجيال العشرين والثلاثين، فلا فائدة ترجى فلقد ماتت فينا الحمية، وقبلنا بالواقع المؤلم لأمتنا، وقبلنا الهوان على انفسنا وهواننا على الامم، التي استصغرتنا وباتت تطعن في ديننا، وتحاول تغيير مناهجنا، واذا لم تصنع يا رمضان من جيل ابنائنا حماة لأيامك، فقد تطلب منا الأمم أَلاَّ نصوم، وأَلاَّ نصلي، وأَلاَّ نزكي ولا نشهد الشهادتين، ولا نحج، كما طلبوا منا إسقاط الجهاد الذي رفعه الأجداد من أجل رفعة هذا الدين ونشره كما امر الله نبيه محمد بن بن عبدلله#..
أهلا يا رمضان، ففيك فرحة كبيرة وبك الأمل كبير في ان تبعث أيامك القليلة هذه جيلا جديدا من الأمة ينتصر لأهل العراق، وينتصر لأهل فلسطين جيلا يكون قادرا على وقف ما تتعرض له الأمة، ففيك يا شهر الخيرات مبادئ تعلّم أبناءنا معنى المشاركة والتكافل والإخاء الإسلامي. وإذا تحقق هذا الإخاء بفضائلك، ستبقى أجيالنا على وعد معك في كل عام.
بقلم : سمير البرغوثي