+ A
A -
لم تكن تصريحات الوزير الأول الصهيوني «نتانياهو» دفاعاً عمّا سماه هو استقرار السعودية إلا محاولة حثيثة لإنقاذ النظام من الأزمة الخانقة التي سقط فيها. بالأمس القريب أعاد الرئيس المصري نفس الحديث عندما دافع عن استقرار دول الخليج محذرا من الخراب الذي قد يكلف الشعوب غاليا جدا. إلى هذا الحد يبدو الأمر منطقيا جدا بل وإيجابيا لأنه يتعلق بالأمن والاستقرار والسيادة والسلام.
لكن المتأمل في طبيعة المصدرين أي المصدر الصهيوني من جهة والمصدر المصري من جهة ثانية يدرك للوهلة الأولى أنهما يمثلان آخر من يحق له الحديث عن الاستقرار وعن السلام وعن الفوضى لأنهما يشكلان المصدر الأساسي للفوضى وسبب الخراب المتمدد في المنطقة. فإسرائيل التي تشكل قلب الفوضى في المنطقة العربية باحتلالها وطنا عربيا وبتشريدها الملايين من سكانه وبسعيها إلى التمدد في الفراغات العربية إنما تمثل المصدر الخارجي لعوامل انعدام الاستقرار في المنطقة المشرقية. أما مصر التي يحكمها النظام العسكري الانقلابي فقد تحولت هي الأخرى إلى عنصر مهدد لاستقرار كامل المشرق العربي.
لكن من جهة أخرى نجح الكيان الصهيوني خلال السنوات الأخيرة في إحداث اختراق مهم في الجسد العربي وخاصة الخليجي وهو اختراق تظهر آثاره جلية في عملية التطبيع المتسارعة التي تتم في المنطقة اليوم. تبحث اسرائيل عن تطبيع رسمي مع الأنظمة العربية بشكل يسبق أو يمهد للتطبيع الشعبي الذي طالما انتظرته. أما مصر فلا يمكن للنظام العسكري فيها أن يواصل سطوته بعد الانقلاب الدامي على الشرعية إلا بضمانات خليجية وأميركية وهو ما أصبح اليوم أمرا صعبا في ظل الانهيار الشامل الذي يعرفه الاقتصاد المصري واستشراء الفساد بشكل كارثي في كل مفاصل الدولة.
تبحث الأنظمة العربية عن شرعية حقيقية وعن حماية دولية تقع خارج نطاق فعلها السياسي بعد أن فقدت جميعها تقريبا السند الشعبي الذي كان لها سابقا ولو في حده الأدنى قبل اندلاع ثورات الربيع.. هذا التطبيع المتسارع إنما يعكس أزمة وجودية يعيشها هذا النظام لأول مرة في تاريخه بعد تصدع كل المؤسسات الرسمية العربية بدءا بجامعة الدول العربية وصولا إلى مجلس التعاون الخليجي.
الثابت الأكيد اليوم هو أن النظام العربي يعيش منعرجا حاسما لن يكون كغيره من المنعرجات بسبب وصوله إلى مرحلة الانقطاع بشكل أصبح الجسد يأكل أطرافه ويدمر التجارب الناجحة داخله. لن يكون الحل في التحالف مع الخارج بل إن الحل الممكن الوحيد اليوم إنما يتمثل في التصالح مع الداخل الذي هو المصدر الوحيد للقوة والاستقرار.
بقلم : محمد هنيد
لكن المتأمل في طبيعة المصدرين أي المصدر الصهيوني من جهة والمصدر المصري من جهة ثانية يدرك للوهلة الأولى أنهما يمثلان آخر من يحق له الحديث عن الاستقرار وعن السلام وعن الفوضى لأنهما يشكلان المصدر الأساسي للفوضى وسبب الخراب المتمدد في المنطقة. فإسرائيل التي تشكل قلب الفوضى في المنطقة العربية باحتلالها وطنا عربيا وبتشريدها الملايين من سكانه وبسعيها إلى التمدد في الفراغات العربية إنما تمثل المصدر الخارجي لعوامل انعدام الاستقرار في المنطقة المشرقية. أما مصر التي يحكمها النظام العسكري الانقلابي فقد تحولت هي الأخرى إلى عنصر مهدد لاستقرار كامل المشرق العربي.
لكن من جهة أخرى نجح الكيان الصهيوني خلال السنوات الأخيرة في إحداث اختراق مهم في الجسد العربي وخاصة الخليجي وهو اختراق تظهر آثاره جلية في عملية التطبيع المتسارعة التي تتم في المنطقة اليوم. تبحث اسرائيل عن تطبيع رسمي مع الأنظمة العربية بشكل يسبق أو يمهد للتطبيع الشعبي الذي طالما انتظرته. أما مصر فلا يمكن للنظام العسكري فيها أن يواصل سطوته بعد الانقلاب الدامي على الشرعية إلا بضمانات خليجية وأميركية وهو ما أصبح اليوم أمرا صعبا في ظل الانهيار الشامل الذي يعرفه الاقتصاد المصري واستشراء الفساد بشكل كارثي في كل مفاصل الدولة.
تبحث الأنظمة العربية عن شرعية حقيقية وعن حماية دولية تقع خارج نطاق فعلها السياسي بعد أن فقدت جميعها تقريبا السند الشعبي الذي كان لها سابقا ولو في حده الأدنى قبل اندلاع ثورات الربيع.. هذا التطبيع المتسارع إنما يعكس أزمة وجودية يعيشها هذا النظام لأول مرة في تاريخه بعد تصدع كل المؤسسات الرسمية العربية بدءا بجامعة الدول العربية وصولا إلى مجلس التعاون الخليجي.
الثابت الأكيد اليوم هو أن النظام العربي يعيش منعرجا حاسما لن يكون كغيره من المنعرجات بسبب وصوله إلى مرحلة الانقطاع بشكل أصبح الجسد يأكل أطرافه ويدمر التجارب الناجحة داخله. لن يكون الحل في التحالف مع الخارج بل إن الحل الممكن الوحيد اليوم إنما يتمثل في التصالح مع الداخل الذي هو المصدر الوحيد للقوة والاستقرار.
بقلم : محمد هنيد