+ A
A -
أحترم النعاج التي تطيع الكبش الهيبة حين يقرع أجراسه خلف الحمار الذي علمه الطاعة منذ نعومة أظفاره.. أحترمه يخرج للمراعي بهدوء يضع الكبش رأسه في الأرض احتراما للحمار.. وتقلده النعاج بوضع رؤوسها في الأرض وتسير بهدوء خلف الكبش أبو هيبة مغشوشة..
وكنت أحرص على مراقبتها عند العودة إلى حظيرته قبل المغيب.
وأنا أحترم «النعاج» منذ طفولتي، فهو وديع ومسالم.. ينام حين يعسعس الليل ويصحو عندما يتنفس الصبح.. ويبدأ النهار رتيبا، ويقف في طابور بهدوء يسلم الأضرع للحلابات لنستمتع بحليبه، يتناول وجباته الليلية المعدة بإتقان ولم يحاول مرة واحدة ان يتمرد على «راعي الحظيرة».
أشعر بالزهو وأنا أتجول بين النعاج ومع أنني أعرف أنه مسالم ومطيع لكن أحمل عصاة حتى أمارس سلطتي في ان يبقى خانعا مطأطئ الرأس يتناول طعامه بهدوء وينام بهدوء، ويقدم حليبه بهدوء، ويقدم نفسه للذبح بهدوء.
احب لحم النعاج غير المتمرد.. وعلمت القبيلة عشق عدم التمرد.. فالتمرد يغضب الراعي وإذا غضب الراعي فمصيره كمصير الخروف المتمرد الذبح والتقطيع ورمي اللحم للكلاب.. وكم من خروف نحر قبل ان يعود من المرعى..لأنه فقط احتج على تكرار المرعى..
الراعي مهمته مراقبة النعاج المتمردة ليبلغ صاحب الخراف.. ويرسله للمقصلة بلا استجواب..
وأجمل وجبة عندي هي «مخ» خروف غير متمرد مسلوقا أو مشويا، فليس هناك اجمل من تناول طعام لا تمرد فيه ولا احتجاج.. فالنعاج مسالمة على اعتقاد أنها ستبقى في منأى عن المقصلة..
الراعي رفض أن يكون الخروف متمردا.. فقرر ذبحه وتجزئته وإذابته..!
*
الشفاه تستعيد الاستعارة «اللهم احفظ الشعب العربي، من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه وأعوذ بعظمتك أن يغتال من تحته».
*
واللسان يستعيد الاستعارة:
«يا حامل مشكاة الغيب!
بظلمة عينيك.
ترنم من لغة الأحزان
فروحي عربية»..
*
والقلب يستعيد الاستعارة: «يا هذا الممعن بالقتل تزود قبل «الفلوجة» بحبة تمر بصراوية».
*
والعين تستعيد الاستعارة:
«العربي له وجه وليس له لسان
ويلزمه السكوت مدى الأزمان».
*
والجسد يستعيد الاستعارة.
«والشظايا تستقيم على السهل راية ترتخي مثل السنابل».
في انتظار صرخة التكوين
*
قمْ..
قم يا هذا الجسد المترهل فوق غبار الماضي، وارفع صوتك مع الناي لتستيقظ النعاج
انهض
أيها الإنسان العربي القادم من زمن أبي عبد الله لا تستسلم فالطريق أمامك طويل.. والعمر لم يبق به الكثير فسارع لتحقيق الحلم العربي.. فلسطين عربية.. مصر ليست فرعونية.. والنعاج سترحل إلى خلف البحار..
تعلم
تعلم أيها الإنسان العربي.. فالعلم طريقك لتخرج من حظيرة النعاج وتتسلق السياج لتعلن أنك إنسان.
بقلم : سمير البرغوثي
وكنت أحرص على مراقبتها عند العودة إلى حظيرته قبل المغيب.
وأنا أحترم «النعاج» منذ طفولتي، فهو وديع ومسالم.. ينام حين يعسعس الليل ويصحو عندما يتنفس الصبح.. ويبدأ النهار رتيبا، ويقف في طابور بهدوء يسلم الأضرع للحلابات لنستمتع بحليبه، يتناول وجباته الليلية المعدة بإتقان ولم يحاول مرة واحدة ان يتمرد على «راعي الحظيرة».
أشعر بالزهو وأنا أتجول بين النعاج ومع أنني أعرف أنه مسالم ومطيع لكن أحمل عصاة حتى أمارس سلطتي في ان يبقى خانعا مطأطئ الرأس يتناول طعامه بهدوء وينام بهدوء، ويقدم حليبه بهدوء، ويقدم نفسه للذبح بهدوء.
احب لحم النعاج غير المتمرد.. وعلمت القبيلة عشق عدم التمرد.. فالتمرد يغضب الراعي وإذا غضب الراعي فمصيره كمصير الخروف المتمرد الذبح والتقطيع ورمي اللحم للكلاب.. وكم من خروف نحر قبل ان يعود من المرعى..لأنه فقط احتج على تكرار المرعى..
الراعي مهمته مراقبة النعاج المتمردة ليبلغ صاحب الخراف.. ويرسله للمقصلة بلا استجواب..
وأجمل وجبة عندي هي «مخ» خروف غير متمرد مسلوقا أو مشويا، فليس هناك اجمل من تناول طعام لا تمرد فيه ولا احتجاج.. فالنعاج مسالمة على اعتقاد أنها ستبقى في منأى عن المقصلة..
الراعي رفض أن يكون الخروف متمردا.. فقرر ذبحه وتجزئته وإذابته..!
*
الشفاه تستعيد الاستعارة «اللهم احفظ الشعب العربي، من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه وأعوذ بعظمتك أن يغتال من تحته».
*
واللسان يستعيد الاستعارة:
«يا حامل مشكاة الغيب!
بظلمة عينيك.
ترنم من لغة الأحزان
فروحي عربية»..
*
والقلب يستعيد الاستعارة: «يا هذا الممعن بالقتل تزود قبل «الفلوجة» بحبة تمر بصراوية».
*
والعين تستعيد الاستعارة:
«العربي له وجه وليس له لسان
ويلزمه السكوت مدى الأزمان».
*
والجسد يستعيد الاستعارة.
«والشظايا تستقيم على السهل راية ترتخي مثل السنابل».
في انتظار صرخة التكوين
*
قمْ..
قم يا هذا الجسد المترهل فوق غبار الماضي، وارفع صوتك مع الناي لتستيقظ النعاج
انهض
أيها الإنسان العربي القادم من زمن أبي عبد الله لا تستسلم فالطريق أمامك طويل.. والعمر لم يبق به الكثير فسارع لتحقيق الحلم العربي.. فلسطين عربية.. مصر ليست فرعونية.. والنعاج سترحل إلى خلف البحار..
تعلم
تعلم أيها الإنسان العربي.. فالعلم طريقك لتخرج من حظيرة النعاج وتتسلق السياج لتعلن أنك إنسان.
بقلم : سمير البرغوثي