+ A
A -
لقد هزت جريمة اغتيال الصحفي السعودي والكاتب العربي جمال خاشقجي الرأي العالمي كله وخلفت حالة من الصدمة ومن التقزز من درجة الوحشية التي ارتكبت بها واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ الحديث وفي مكان رمزي هو مبنى القنصلية السعودية. لكن أمام الصدمة الشعبية كان للسياسيين رأي آخر حيث تختلط الحسابات السياسية والمصالح الاقتصادية بمقولات الحرية وحقوق الإنسان وغيرها من الشعارات التي ثبت زيفها منذ عقود طويلة.
يسعى الرئيس الأميركي ترامب جاهدا في محاولة إنقاذ رجله المدلل في السعودية وهو الذي أوصله إلى سدة الحكم عن طريق صهره وزوج ابنته كوشنر. أما في أوروبا ورغم الإعلانات الخجولة هنا وهناك عن حزمة عقوبات قد تطال هذه المجموعة أو تلك فإن النظام العالمي يخشى أن يمسّ أحجار الخليج فيسقط البناء كله. ليس هذا خوفا على استقرار المنطقة وهو الذي سهر على إشعالها لمدة عقود بل لضمان استقرار الأنظمة التي تسمح له بنهب ثرواتها وخيراتها ومنع نهضتها وتحرر شعوبها.
إن العمل على إنقاذ الأنظمة العربية الاستبدادية ليس في الحقيقة إلا عملا على إنقاذ المصالح الغربية بالدرجة الأولى وهو الإطار الذي يتنزل فيه دعم الانقلاب الدامي في مصر ورفض التدخل المباشر في سوريا لمنع كل المجازر التي ارتكبت ولا تزال في حق الشعب السوري. إن صفقات التسليح المليارية الضخمة كافية بأن تسكت كل أنواع الأصوات المطالبة باحترام حقوق الإنسان ومحاسبة القتلة والمجرمين مهما بلغت وحشية جرائمهم. لكن من جهة أخرى لا يسمح الغرب لنفسه بأن يُسقط كل الأقنعة وأن يتحرك بشكل مكشوف قد يغذي غضب الشارع العربي ضده وضد مقولاته الفكرية وأطروحاته التي يهيمن بواسطتها على السواد الأعظم من النخب العربية. لذا فهو يسعى دائما إلى المراوحة بين رفع شعارات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وهو يواصل من ناحية أخرى مدّ الأنظمة القمعية العربية بمختلف أنواع الأسلحة والمعدات التي تستعملها لقمع شعوبها.
اليوم يتأكد أكثر من أي وقت مضى التحالف الخفي بين الأنظمة القمعية العربية من ناحية وبين القوى الدولية التي ترى في سقوط هذه الأنظمة تهديدا لوجودها هي ولسيطرتها على ثروات المنطقة وعلى مستقبل شعوبها. هذا التحالف الخفي المعلن في نفس الوقت هو أهم مكاسب الربيع وهو مرحلة متقدمة في انكشاف المشهد برمته بشكل سيعجل بنهايته وانحداره بعد أن استعملت الأنظمة العربية والقوى الدولية الداعمة لها كل أنواع التضليل لإخفاء هذه العلاقة السببية التي هي محور الصراع في المنطقة كلها.
بقلم : محمد هنيد
يسعى الرئيس الأميركي ترامب جاهدا في محاولة إنقاذ رجله المدلل في السعودية وهو الذي أوصله إلى سدة الحكم عن طريق صهره وزوج ابنته كوشنر. أما في أوروبا ورغم الإعلانات الخجولة هنا وهناك عن حزمة عقوبات قد تطال هذه المجموعة أو تلك فإن النظام العالمي يخشى أن يمسّ أحجار الخليج فيسقط البناء كله. ليس هذا خوفا على استقرار المنطقة وهو الذي سهر على إشعالها لمدة عقود بل لضمان استقرار الأنظمة التي تسمح له بنهب ثرواتها وخيراتها ومنع نهضتها وتحرر شعوبها.
إن العمل على إنقاذ الأنظمة العربية الاستبدادية ليس في الحقيقة إلا عملا على إنقاذ المصالح الغربية بالدرجة الأولى وهو الإطار الذي يتنزل فيه دعم الانقلاب الدامي في مصر ورفض التدخل المباشر في سوريا لمنع كل المجازر التي ارتكبت ولا تزال في حق الشعب السوري. إن صفقات التسليح المليارية الضخمة كافية بأن تسكت كل أنواع الأصوات المطالبة باحترام حقوق الإنسان ومحاسبة القتلة والمجرمين مهما بلغت وحشية جرائمهم. لكن من جهة أخرى لا يسمح الغرب لنفسه بأن يُسقط كل الأقنعة وأن يتحرك بشكل مكشوف قد يغذي غضب الشارع العربي ضده وضد مقولاته الفكرية وأطروحاته التي يهيمن بواسطتها على السواد الأعظم من النخب العربية. لذا فهو يسعى دائما إلى المراوحة بين رفع شعارات حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وهو يواصل من ناحية أخرى مدّ الأنظمة القمعية العربية بمختلف أنواع الأسلحة والمعدات التي تستعملها لقمع شعوبها.
اليوم يتأكد أكثر من أي وقت مضى التحالف الخفي بين الأنظمة القمعية العربية من ناحية وبين القوى الدولية التي ترى في سقوط هذه الأنظمة تهديدا لوجودها هي ولسيطرتها على ثروات المنطقة وعلى مستقبل شعوبها. هذا التحالف الخفي المعلن في نفس الوقت هو أهم مكاسب الربيع وهو مرحلة متقدمة في انكشاف المشهد برمته بشكل سيعجل بنهايته وانحداره بعد أن استعملت الأنظمة العربية والقوى الدولية الداعمة لها كل أنواع التضليل لإخفاء هذه العلاقة السببية التي هي محور الصراع في المنطقة كلها.
بقلم : محمد هنيد