+ A
A -
يقولُ ياقوتُ الحمويّ في رائعته معجم الأدباء:
كان ابن الخشّاب، وهو نحويٌّ ومُحدِّث، يوماً في داره وقت القيلولة والحرُّ شديد، وقد نام، وإذ طُرِقَ البابُ عليه طرقاً مزعجاً... فانتبه، وخرج فزِعاً، فإذا بالباب رجلان من العامة
فقال لهما: ما خطبكما؟
قالا: نحن شاعران، وقد قال كل واحد منا قصيدة زعمَ أنها أجود من قصيدة صاحبه، وقد رضينا بحكمك
فقال: ليبدأْ أحدكما
فأنشدَ أحدهما قصيدته وهو مُصغٍ إليه إلى أن فرغَ منها، وهمَّ الآخرُ بالإنشاد
فقال له ابن الخشَّاب: على رِسلك، شِعرك أجود من شِعره
فقال له: كيف عرفتَ شِعري ولم تسمعه
فقال: لأنه لا يمكن أن يكون شِعر أنحس من شِعر هذا !
كان هذا الكلام يوم لم يكن للعرب من عِلمٍ غير الشِّعر كما يقول دارسو الأدب ونقاده، فكان الجميع يريدون أن يصبحوا شعراء، فالشعر يومذاك وسيلة الإعلام الوحيدة المتاحة، وفرصة ذهبية للتكسب عند الأمراء والولاة ! غير أن العرب عرفوا أن الشعر لا يستقيم للجميع، لهذا كانت القبيلة توقد النار في مضاربها ثلاث ليالٍ إذا بُشِّرتْ بشاعر !
وبالعودة إلى صاحبنا ابن الخشاب، ففي الحقيقة أتفهم وضعه ومشاعره، لقد مررتُ بتجربته عشرات المرات !
أولاً: لست أدعي حرفة الكتابة والبيان، ولا أحكم على نتاجي الأدبي بالجودة، ولا أزعم أني ميزان الأدب، كل ما في الأمر أن الكتابة هوايتي التي لا أتخيلني بدونها !
ثانياً: لا يمرُّ أسبوع إلا ويرسل أحدهم، أو إحداهن كتاباً أو رواية يريدون رأيي فيها ! وإني وبعيدا عن الفكرة ومضمون الأشياء المُرسلة أشعر بالامتنان لهذه الثقة، ولحسن الظن الذي ظنه بي من أرسل الكتاب!
ثالثاً: بعض الأشياء المرسلة تجعلني أكاد أنتف شعر رأسي من مستوى الكلام المكتوب، هناك سطحية مفرطة، أو إن شئت قل سطحية تحت مستوى سطح الأدب !
لا شك أن هناك أدبا جيدا يصلني، وأنا رغم ضيق وقتي أحرص على تزويد من أرسل بملاحظات أعتقد أنها تفيده من خلال ما أعتقد أنه صواب، ولكن الغالبية الساحقة لا ترقى لمواضيع الإنشاء التي تكتبها ابنتي في الصف الخامس الابتدائي!
من حق كل إنسان أن يمارس هواية الكتابة ولو كان أدبه من النوع المحفز على نتف شعر الرأس ولكن من واجب النقاد ودور النشر أن يضعوا حداً لكثير من الهراء الذي يُطبع هذه الأيام ! وأيضا من واجبهم أن يبحثوا عن المواهب الجديدة ويفتحوا لها الطريق ويعطوها الفرصة، فكلما زاد عدد الكُتّاب الجيدين كانت اللغة بخير، واللغة أهم من الجميع !
كان ابن الخشّاب، وهو نحويٌّ ومُحدِّث، يوماً في داره وقت القيلولة والحرُّ شديد، وقد نام، وإذ طُرِقَ البابُ عليه طرقاً مزعجاً... فانتبه، وخرج فزِعاً، فإذا بالباب رجلان من العامة
فقال لهما: ما خطبكما؟
قالا: نحن شاعران، وقد قال كل واحد منا قصيدة زعمَ أنها أجود من قصيدة صاحبه، وقد رضينا بحكمك
فقال: ليبدأْ أحدكما
فأنشدَ أحدهما قصيدته وهو مُصغٍ إليه إلى أن فرغَ منها، وهمَّ الآخرُ بالإنشاد
فقال له ابن الخشَّاب: على رِسلك، شِعرك أجود من شِعره
فقال له: كيف عرفتَ شِعري ولم تسمعه
فقال: لأنه لا يمكن أن يكون شِعر أنحس من شِعر هذا !
كان هذا الكلام يوم لم يكن للعرب من عِلمٍ غير الشِّعر كما يقول دارسو الأدب ونقاده، فكان الجميع يريدون أن يصبحوا شعراء، فالشعر يومذاك وسيلة الإعلام الوحيدة المتاحة، وفرصة ذهبية للتكسب عند الأمراء والولاة ! غير أن العرب عرفوا أن الشعر لا يستقيم للجميع، لهذا كانت القبيلة توقد النار في مضاربها ثلاث ليالٍ إذا بُشِّرتْ بشاعر !
وبالعودة إلى صاحبنا ابن الخشاب، ففي الحقيقة أتفهم وضعه ومشاعره، لقد مررتُ بتجربته عشرات المرات !
أولاً: لست أدعي حرفة الكتابة والبيان، ولا أحكم على نتاجي الأدبي بالجودة، ولا أزعم أني ميزان الأدب، كل ما في الأمر أن الكتابة هوايتي التي لا أتخيلني بدونها !
ثانياً: لا يمرُّ أسبوع إلا ويرسل أحدهم، أو إحداهن كتاباً أو رواية يريدون رأيي فيها ! وإني وبعيدا عن الفكرة ومضمون الأشياء المُرسلة أشعر بالامتنان لهذه الثقة، ولحسن الظن الذي ظنه بي من أرسل الكتاب!
ثالثاً: بعض الأشياء المرسلة تجعلني أكاد أنتف شعر رأسي من مستوى الكلام المكتوب، هناك سطحية مفرطة، أو إن شئت قل سطحية تحت مستوى سطح الأدب !
لا شك أن هناك أدبا جيدا يصلني، وأنا رغم ضيق وقتي أحرص على تزويد من أرسل بملاحظات أعتقد أنها تفيده من خلال ما أعتقد أنه صواب، ولكن الغالبية الساحقة لا ترقى لمواضيع الإنشاء التي تكتبها ابنتي في الصف الخامس الابتدائي!
من حق كل إنسان أن يمارس هواية الكتابة ولو كان أدبه من النوع المحفز على نتف شعر الرأس ولكن من واجب النقاد ودور النشر أن يضعوا حداً لكثير من الهراء الذي يُطبع هذه الأيام ! وأيضا من واجبهم أن يبحثوا عن المواهب الجديدة ويفتحوا لها الطريق ويعطوها الفرصة، فكلما زاد عدد الكُتّاب الجيدين كانت اللغة بخير، واللغة أهم من الجميع !