+ A
A -
الدرابيتومانيا: هو مرض نفسي اخترعه الطبيب الأميركي «صاموئيل كارترايت» عام 1851م لتشخيص حالة العبيد الساعين لنيل حريتهم!
كان النابغة كارترايت يعتقد أن بعض البشر يجب أن يبقوا عبيداً لبعض البشر الآخرين كي يكونوا بشراً طبيعيين، وأن أي محاولة لتغيير هذا الواقع فهذا مرض نفسي والعياذ بالله !
القضية عنده باختصار: كُن عبداً تكن بخير !
لا أجد تفسيراً لإعاقة كارترايت الفكرية هذه إلا قول لينين: المثقفون أقدر الناس على ارتكاب الخيانات لأنهم أقدر الناس على تبريرها !
على المقلب الآخر نجد شيئاً جميلاً على النقيض من كل العته الفكري الذي تحدثنا عنه في بداية المقالة، ففي ألمانيا مثلاً لا يُعدُّ الهروب من السجن جريمة! ويعود تاريخ هذا القانون إلى العام 1880م حيث رأى واضعو القانون أن البقاء حراً والسعي لنيل الحرية هي غريزة بشرية، لهذ لا يُعاقب السجين لمجرد فراره من السجن، وإنما يُقبض عليه، ويعاد إلى السجن ليستكمل فترة عقوبته الأولى، ما لم يرتكب أية جرائم طوال فترة هروبه فهذه يُعاقب عليها، أما مجرد الهروب فلا يزيد في فترة محكوميته لأنه إنسان ومن الطبيعي أن يكون الإنسان حراً!
الفرق بين الدراستين، الأولى التي خلص بها صاموئيل كارترايت إلى أن سعي العبيد لنيل حريتهم هو مرض نفسي! والثانية التي خلص بها المشرعون الألمان إلى أن الحرية فطرة إنسانية! هو الفرق بين أن يكون العالم حراً أو يكون عبداً!
صاموئيل كارترايت كان عبداً للإقطاعيين وأصحاب تجارة العبيد وإن لم تكن الأغلال في يديه، ثمة عبودية تكون فيها الروح والمبادئ مغلولة ولو كان الإنسان في الظاهر حراً طليقاً!
والحقوقيون الألمان عندما سنوا قانون الهروب من السجن كانوا بشراً مع مرتبة الشرف!
بالمناسبة إن الذين يعتقدون أن الحرية مرض كُثُر في أيامنا هذه، منهم دعاة يحذرونك من الفتنة وهم ساقطون بها حتى تراقيهم، ومنهم إعلاميون يحدثونك عن أنك جاحد ولا ترى النعمة التي أنت بها لقد احترقت أوطان الآخرين ونحن بفضل الله سلمنا، هكذا عليك أن تختار بين أن تحترق أو أن تكون عبداً، لا حل آخر عند هؤلاء المنظرين العظماء! يا أخي والله إن العبودية تقصف العمر! حتى الفيل في البراري يعيش ستاً وخمسين سنة بالمعدل بينما لا يتجاوز العشرين سنة في حديقة الحيوان!بقلم: أدهم شرقاوي