ولدت العلاقات القطرية الماليزية الجديدة في عهد مختلف لكلتا الدولتين، ولكل منطقة الشرق المسلم، فصعود التحالف السياسي الجديد، وإن بقي التنافس السياسي قائماً، بعد كفاح تاريخي من المفكر الإسلامي د. أنور إبراهيم الرائد الثاني، لمشروع التجربة الحضارية الإسلامية لماليزيا، وتحمل أنور آلام الكفاح.
غير أن هذه التضحية صنعت أرضية شعبية مهمة، عززت الاندماج الوطني بين شريحة مهمة من الملاوية القومية، وبين الحزب الصيني الديمقراطي، وكفلت فوز التحالف وعودة د. مهاتير، حتى لو استمر التدافع السياسي بين الرجلين، فإن ماليزيا تستأنف تجربتها بزخم جديد.
هنا يبدو التنوع الوطني والشراكة الاقتصادية، التي تلعب دوراً لصالح نهضة ماليزيا، بما فيها العقل الاقتصادي للماليزيين الصينيين، أيقونة مهمة لشراكة اقتصادية مهمة بين الخليج العربي ممثلاً بقطر، وبين ماليزيا الشرق الآسيوي، المنفتح على القوميات الهندية والصينية، ضمن نسيجه القومي وعقده الدستوري.
وقطر اليوم تواصل صناعة مشروعها الاستراتيجي، المستقل عن دائرة الحصار المتواصل، من طرفي الأزمة في أبو ظبي والرياض، ووصول الشيخ صباح لحل، رغم عودة السحب السوداء، لا يلغي تقدم الدوحة وتواصلها، نحو الشبكة الاقتصادية الجديدة، في ظل الغموض الذي يكتنف مصير موقف السعودية وأطراف الأزمة.
المسار الثاني: هو تحويل هذا التعاون إلى ميدان التعليم والتكنولوجيا، وأفق العلوم ومعاهد التخصص، في صورة بناء مدن جامعية في ماليزيا، ربحية وتخصصية، لكنها تراعي مسألة الزحف المبعثر لشباب الوطن العربي والعالم الإسلامي، الذين ينتظرون في قوائم طويلة، لتكفل لهم رسالة تعليمية أكاديمية متخصصة، ينجزونها في سنوات التعليم الأكاديمية، وهم يعيشون في أجواء مريحة، بعيدة عن مناطق الحدود الملتهبة، وكرامة فردية تؤمنها ماليزيا اليوم.
غير أن هذه المدينة الجامعية، ولو أننا افترضنا أن اسمها مدينة قطر التعليمية في كولالمبور، أو اختيرت إحدى جزر الأرخبيل المتعددة لمقرها، ستحتاج إلى تقديم مادة فكرية ثقافية نهضوية، تعيد تشكيل عقل المسلم المعاصر، لصالح الفكر الإيجابي لنهضة الشرق والشراكة الإنسانية الجامعة، التي تفترق عن الابتزاز الغربي الامبريالي، وعن خطاب التشدد أو القصور المعرفي الذي ضرب العالم الإسلامي.
وبناء على ذلك فإن مخرجات التعليم في هذه الجامعة، سوف يمثل أيقونة دفع لدول عديدة في آسيا وفي افريقيا، ويشجع لشراكة قومية بين المسلمين، وكل مواطني الشرق من الديانات الشريكة في أرضهم، لخلق صناعة ثقافية ناهضة للشرق واستقلاله وتقدمه العلمي، والذي سيعتني بتخصصات نوعية تحتاجها الدول من علوم الطب إلى علوم الفضاء، وتُنشأ معاهد تحيي صناعة الفكر الأخلاقي الرشيد لكل العالم.
فالأخلاق كانت رسالة الشرق، من سلوك الفرد إلى شؤون الأسرة، كقيم حُيدت عن الفكر العالمي، وساهم الاستبداد والجهل والتخلف الذي ساهم فيه المستعمر، في تغييبه وحصول فراغ كبير، يُعبأ اليوم بمسار منحرف في السلوك، يعتمد الفردانية ضد تكافل المجتمع والشذوذ المطلق، في الحواضن الاجتماعية، ويهدد مستقبل الأسرة وسلامة الطفولة في البشرية كلها.
أما المسار الثالث، فهو الدفع إلى تخفيف بأس الحروب، والنزاعات الأهلية، التي تضرب الشرق، عبر تكوين قاعدة تفكير استراتيجي لإنشاء مركز عالمي لفض النزاعات، يُنسق مع الأمم المتحدة، والدول المهتمة بمثل هذا الطرح، ويقدم تصورات حل عملية لقضايا الهجرة واللجوء.
لتكون شراكة الشرق في رسالة الإنقاذ الإنساني، التي تُعاني منها شعوبه، كأكثر بلدان العالم نكبة، تحوّلٌ نوعي في التعاون العالمي، في ظل فشل غربي، لاحتواء نزاعات تسببت بها بعض دوله.
(يتبع)بقلم: مهنا الحبيل
غير أن هذه التضحية صنعت أرضية شعبية مهمة، عززت الاندماج الوطني بين شريحة مهمة من الملاوية القومية، وبين الحزب الصيني الديمقراطي، وكفلت فوز التحالف وعودة د. مهاتير، حتى لو استمر التدافع السياسي بين الرجلين، فإن ماليزيا تستأنف تجربتها بزخم جديد.
هنا يبدو التنوع الوطني والشراكة الاقتصادية، التي تلعب دوراً لصالح نهضة ماليزيا، بما فيها العقل الاقتصادي للماليزيين الصينيين، أيقونة مهمة لشراكة اقتصادية مهمة بين الخليج العربي ممثلاً بقطر، وبين ماليزيا الشرق الآسيوي، المنفتح على القوميات الهندية والصينية، ضمن نسيجه القومي وعقده الدستوري.
وقطر اليوم تواصل صناعة مشروعها الاستراتيجي، المستقل عن دائرة الحصار المتواصل، من طرفي الأزمة في أبو ظبي والرياض، ووصول الشيخ صباح لحل، رغم عودة السحب السوداء، لا يلغي تقدم الدوحة وتواصلها، نحو الشبكة الاقتصادية الجديدة، في ظل الغموض الذي يكتنف مصير موقف السعودية وأطراف الأزمة.
المسار الثاني: هو تحويل هذا التعاون إلى ميدان التعليم والتكنولوجيا، وأفق العلوم ومعاهد التخصص، في صورة بناء مدن جامعية في ماليزيا، ربحية وتخصصية، لكنها تراعي مسألة الزحف المبعثر لشباب الوطن العربي والعالم الإسلامي، الذين ينتظرون في قوائم طويلة، لتكفل لهم رسالة تعليمية أكاديمية متخصصة، ينجزونها في سنوات التعليم الأكاديمية، وهم يعيشون في أجواء مريحة، بعيدة عن مناطق الحدود الملتهبة، وكرامة فردية تؤمنها ماليزيا اليوم.
غير أن هذه المدينة الجامعية، ولو أننا افترضنا أن اسمها مدينة قطر التعليمية في كولالمبور، أو اختيرت إحدى جزر الأرخبيل المتعددة لمقرها، ستحتاج إلى تقديم مادة فكرية ثقافية نهضوية، تعيد تشكيل عقل المسلم المعاصر، لصالح الفكر الإيجابي لنهضة الشرق والشراكة الإنسانية الجامعة، التي تفترق عن الابتزاز الغربي الامبريالي، وعن خطاب التشدد أو القصور المعرفي الذي ضرب العالم الإسلامي.
وبناء على ذلك فإن مخرجات التعليم في هذه الجامعة، سوف يمثل أيقونة دفع لدول عديدة في آسيا وفي افريقيا، ويشجع لشراكة قومية بين المسلمين، وكل مواطني الشرق من الديانات الشريكة في أرضهم، لخلق صناعة ثقافية ناهضة للشرق واستقلاله وتقدمه العلمي، والذي سيعتني بتخصصات نوعية تحتاجها الدول من علوم الطب إلى علوم الفضاء، وتُنشأ معاهد تحيي صناعة الفكر الأخلاقي الرشيد لكل العالم.
فالأخلاق كانت رسالة الشرق، من سلوك الفرد إلى شؤون الأسرة، كقيم حُيدت عن الفكر العالمي، وساهم الاستبداد والجهل والتخلف الذي ساهم فيه المستعمر، في تغييبه وحصول فراغ كبير، يُعبأ اليوم بمسار منحرف في السلوك، يعتمد الفردانية ضد تكافل المجتمع والشذوذ المطلق، في الحواضن الاجتماعية، ويهدد مستقبل الأسرة وسلامة الطفولة في البشرية كلها.
أما المسار الثالث، فهو الدفع إلى تخفيف بأس الحروب، والنزاعات الأهلية، التي تضرب الشرق، عبر تكوين قاعدة تفكير استراتيجي لإنشاء مركز عالمي لفض النزاعات، يُنسق مع الأمم المتحدة، والدول المهتمة بمثل هذا الطرح، ويقدم تصورات حل عملية لقضايا الهجرة واللجوء.
لتكون شراكة الشرق في رسالة الإنقاذ الإنساني، التي تُعاني منها شعوبه، كأكثر بلدان العالم نكبة، تحوّلٌ نوعي في التعاون العالمي، في ظل فشل غربي، لاحتواء نزاعات تسببت بها بعض دوله.
(يتبع)بقلم: مهنا الحبيل