في مجال التكنولوجيا الحالي، تكمن إمكانية كبيرة لإحداث تغييرات إيجابية للدول في عملية التنمية. يشمل ذلك تعزيز الإنتاجية والكفاءة والابتكار والوصول إلى المعلومات والخدمات، مع فتح أبواب جديدة للفرص الاقتصادية والاجتماعية. ومع ذلك، تأتي هذه الفوائد مع عقبات وتحديات قد تؤثر سلباً على الدول النامية. تشمل هذه التحديات توسيع الفجوات في المجتمع، ونزوح العمال عن أدوارهم التقليدية، واختلال التقاليد والعادات الاجتماعية الموجودة، بالإضافة إلى تشكيل تهديدات على البيئة وسلامة الإنسان.

يتعين على المسؤولين المختصين بوضع السياسات في الدول النامية فهم الطبيعة المعقدة والمتنوعة لمدى ملائمة التكنولوجيا لظروفهم الخاصة وتطلعاتهم المتعلقة بالتنمية. ينبغي عليهم صياغة استراتيجيات معقدة تعزز المزايا بينما تقلل من أي عواقب سلبية قد تنشأ عن تنفيذ مثل هذه التكنولوجيا. يشير ملائمة التكنولوجيا إلى مدى تلائمها مع الحالة أو الغرض المحدد بطريقة مفيدة دون أن تسبب عواقب سلبية.

على سبيل المثال، يقدم الذكاء الاصطناعي وعداً بتعزيز الكفاءة والإنتاجية والجودة عبر مختلف القطاعات مثل الزراعة والرعاية الصحية والتعليم والحوكمة داخل الدول النامية. ومع ذلك، يثير أيضاً مخاوف مثل قضايا نزوح الوظائف، والتحيزات الموجودة داخل خوارزمياته، وقضايا المساءلة المتعلقة باستخدامه، فضلاً عن الإعتبارات بشأن القدرات البشرية في اتخاذ القرار.

لذلك، تعتمد ملاءمة الذكاء الاصطناعي للدول الأقل تطوراً على عوامل متعددة مثل مدى تلبية تطبيقات الذكاء الاصطناعي للشمولية والتمكين، ومدى انسجام سياسات وأطر الذكاء الاصطناعي، وضمان أن يتصرف جميع الأطراف المعنية بالذكاء الاصطناعي بالاحترام والمسؤولية والمساءلة

لكي يتم دمج التقنيات الجديدة بطريقة مناسبة بشكل فعّال، تواجه الدول النامية تحديات وفرص سياسية عديدة. وتشمل هذه التحديات تحسين البنية التحتية الرقمية وتنمية المهارات وتعزيز قدرات الابتكار لتعزيز النمو الشامل والمستدام بالتعاون مع الدول الأخرى والجهات المعنية.

يجب على الدول النامية الاستثمار في تعزيز البنية التحتية الرقمية مثل شبكات النطاق العريض وخدمات الجوال والتكنولوجيا السحابية لضمان الوصول والاتصال لسكانها وشركاتها. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي عليها التركيز على تطوير المهارات الرقمية مثل الإلمام بالقراءة والكتابة والحساب وقدرات حل المشكلات لتمكين المشاركة الفعّالة في الاقتصاد الرقمي. علاوة على ذلك، فإن تنمية قدرات الابتكار من خلال البحث والجهود التطويرية إلى جانب تعزيز ريادة الأعمال أمر حاسم لإنشاء تقنيات مصممة وفقًا لاحتياجاتها الخاصة. علاوة على ذلك، ينبغي عليها إيلاء الأولوية لتبادل المعرفة والتعاون مع الدول الأخرى والجهات المعنية لتبادل أفضل الممارسات والخبرات والموارد، وتعزيز الشراكات والشبكات والتحالفات. بصفتي الرئيس السابق للجنة الأمم المتحدة الإستشارية لحوكمة الإنترنت (UNICTTF)، أعتقد أن الدول النامية ستستفيد بشكل كبير من اعتماد ثورة التكنولوجيا. يمكن تحقيق ذلك من خلال تحسين البنية التحتية الرقمية والمهارات وقدرات الابتكار، وتعزيز النمو الشامل والمستدام وتعزيز التعاون مع الدول الأخرى والجهات المعنية.

في عالم اليوم، من الأمور الحاسمة أن تقدم الاقتصادات المتقدمة المساعدة لشركائها الأقل تطوراً في إقامة اقتصاد رقمي عالمي عادل ومتوازن، سيساعد هذا في تقليص الفجوة الرقمية وخلق فرص للجميع، بالإضافة إلى تقريب المجتمع العالمي.