في مثل هذا اليوم من العام 1919م وُلد إحسان عبد القدوس، عاش بعدها واحداً وسبعين عاماً، كتب فيها زهاء ستمائة عمل أدبي بين رواية وقصة!
وعلى مدى هذه الحياة الطويلة الحافلة بالأدب والأحداث كان له مؤيدون ينظرون إليه نظرة ملائكية، ومنتقدون ينظرون إليه نظرة شيطانية، بينما هو في الحقيقة لم يكن ملاكاً ولا شيطاناً، كان مثلنا جميعاً إنساناً فيه مزيج من الاثنين معاً!
يرى مؤيدوه أنه كان جريئاً، يكتب عن المجتمع كما هو دون مستحضرات تجميل بلاغية، ولا مثالية أفلاطونية لا توجد إلا في الكُتب!
بينما يرى نُقاده أنه كان مبتذلاً، غارقاً في الشهوانية، أعطى الجنس حيزاً كتابياً ضخماً يشبه إلى حد بعيد ذاك الحيز الذي بنى عليه سيغموند فرويد نظرياته في علم النفس!
ولا سبيل إلى الإنكار أن كتاباته أولت الجنس اهتماماً كبيراً إلى درجة أن جمال عبد الناصر اعترض على هذه الظاهرة في أدبه، إلا أنه قال له في رسالة طويلة أرسلها إليه ما معناه «أنا أكتب حقيقة المجتمع الذي تحكمه ولا تعرفه»! ولكن برأيي -وقد أكون مخطئاً- أن زوبعة النقد التي ثارت حول أدبه لم تكن بسبب موضوع الجنس وإنما بالطريقة التي كتب فيها، لقد كانت لغته في كثير من الأحيان غرائزية ولم تكن توضيحية! على أن تصويره كروائي جنسي من قبل نقاده فيه ظلم له وإجحاف لأدبه، فالحق يُقال أن الرجل ترك أدباً إنسانياً زاخراً في شتى المضامين، في الحُب، والحرية، والثورة، وكثير من القضايا المجتمعية التي لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بموضوع الجنس الذي اتُّهِم أنه غارق فيه!
ومن غرائب الأشياء، قرأتُ مرة مقالاً لأحد الصحفيين الذين عرفوه عن قرب يقول فيه إنه على رغم أدبه المتحرر إلا أنه كان في بيته محافظاً جداً يشبه في حياته الشخصية حياة منتقديه لا حياة مؤيديه، وإن صح هذا الكلام فإن له تبريراً، مرده -برأيي- لطفولته المليئة بالمتناقضات! لقد تربى في بيت جده الأزهري الذي كان يعملُ في المحكمة الشرعية تربية محافظة صارمة، بينما كانت أمه روز اليوسف امرأة مثقفة منفتحة متحررة يُدار في بيتها ديوان ثقافي يحضره الرجال والنساء، وقد كان في ثقافته وأدبه ينزع إلى ديوان أمه، بينما كان في حياته الشخصية ينزع إلى بيت جده! لا يمكن لأحد أن ينجو من البيئة التي تربى فيها، فهي دوماً تترك أثرها فينا!بقلم: أدهم شرقاوي
وعلى مدى هذه الحياة الطويلة الحافلة بالأدب والأحداث كان له مؤيدون ينظرون إليه نظرة ملائكية، ومنتقدون ينظرون إليه نظرة شيطانية، بينما هو في الحقيقة لم يكن ملاكاً ولا شيطاناً، كان مثلنا جميعاً إنساناً فيه مزيج من الاثنين معاً!
يرى مؤيدوه أنه كان جريئاً، يكتب عن المجتمع كما هو دون مستحضرات تجميل بلاغية، ولا مثالية أفلاطونية لا توجد إلا في الكُتب!
بينما يرى نُقاده أنه كان مبتذلاً، غارقاً في الشهوانية، أعطى الجنس حيزاً كتابياً ضخماً يشبه إلى حد بعيد ذاك الحيز الذي بنى عليه سيغموند فرويد نظرياته في علم النفس!
ولا سبيل إلى الإنكار أن كتاباته أولت الجنس اهتماماً كبيراً إلى درجة أن جمال عبد الناصر اعترض على هذه الظاهرة في أدبه، إلا أنه قال له في رسالة طويلة أرسلها إليه ما معناه «أنا أكتب حقيقة المجتمع الذي تحكمه ولا تعرفه»! ولكن برأيي -وقد أكون مخطئاً- أن زوبعة النقد التي ثارت حول أدبه لم تكن بسبب موضوع الجنس وإنما بالطريقة التي كتب فيها، لقد كانت لغته في كثير من الأحيان غرائزية ولم تكن توضيحية! على أن تصويره كروائي جنسي من قبل نقاده فيه ظلم له وإجحاف لأدبه، فالحق يُقال أن الرجل ترك أدباً إنسانياً زاخراً في شتى المضامين، في الحُب، والحرية، والثورة، وكثير من القضايا المجتمعية التي لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بموضوع الجنس الذي اتُّهِم أنه غارق فيه!
ومن غرائب الأشياء، قرأتُ مرة مقالاً لأحد الصحفيين الذين عرفوه عن قرب يقول فيه إنه على رغم أدبه المتحرر إلا أنه كان في بيته محافظاً جداً يشبه في حياته الشخصية حياة منتقديه لا حياة مؤيديه، وإن صح هذا الكلام فإن له تبريراً، مرده -برأيي- لطفولته المليئة بالمتناقضات! لقد تربى في بيت جده الأزهري الذي كان يعملُ في المحكمة الشرعية تربية محافظة صارمة، بينما كانت أمه روز اليوسف امرأة مثقفة منفتحة متحررة يُدار في بيتها ديوان ثقافي يحضره الرجال والنساء، وقد كان في ثقافته وأدبه ينزع إلى ديوان أمه، بينما كان في حياته الشخصية ينزع إلى بيت جده! لا يمكن لأحد أن ينجو من البيئة التي تربى فيها، فهي دوماً تترك أثرها فينا!بقلم: أدهم شرقاوي