+ A
A -
حوار محمد الجعبري

رحلة طويلة وشاقة خاضتها عازفة الموسيقى الإسبانية أندريا ميرادو لتعتنق الإسلام، حيث استمرت هذه الرحلة ثلاث سنوات كانت فيها الفتاة تبحث عن الله، فعازفة الموسيقى التي تربت في بيت مسيحي ودرست في المدارس المسيحية، وفي لقائها مع «الوطن » أشارت ابنة أرض الأندلس الى أن إيمانها الراسخ بوحدانية الله، هو الذي دفعها للبحث عن دين يقدم رؤية تتطابق مع هذا الإيمان، ومن خلال الصدفة ساقتها الأقدار للتعرف على الدين الإسلامي الذي وجدت فيه ضالتها، لافتة إلى أن الرحلة منذ البداية وحتى اليقين، استمرت سنوات قامت خلالها بالتعرف بعمق شديد على هذا الدين، حتى أنها مارست الصلاة والصوم دون أن تنطق الشهادتين.

وفي 19 مارس الماضي حفرت أندريا اسمها في سجلات مسجد المجادلة كأول مهتدية تعلن إسلامها بعد أقل من شهر من افتتاح المسجد، مشيرة في هذا الجانب إلى تعلق قلبها بهذا المسجد الذي شهد ميلاد دينها الجديد، وترددها عليه بإستمرار لأداء جميع الصلوات، حيث كونت العديد من الصداقات والمعارف.

وأوضحت أميرة وهو الاسم الذي اختارته لنفسها بعد الإسلام، أن الدافع لرغبتها في الاستقرار بأي بلد عربي كان الحرص على تثبيت الدين بقلبها، وذلك من خلال الحياة في أجواء إسلامية تساهم في صقل شخصيتها وتحافظ على معتقداتها، مشيرة إلى أن اختيار دولة قطر جاء بعد القراءة عنها وزيارتها عدة مرات، حيث وجدتها دولة إسلامية محافظة ومحبة لدينها ولثقافتها العربية، بالإضافة للأخلاق العربية الأصيلة التي يتميز بها شعبها، من كرم وحسن ضيافة وقبول للآخر.. وإلى نص الحوار..

}أندريا.. هل من الممكن أن تعطينا نبذة عن نفسك؟

- اسمي أندريا أماندو وُلدت في أسرة مسيحية تعيش في مدينة برشلونة الإسبانية، أبلغ من العمر 27 عاماً، وقد أكملت جميع مراحلي التعليمية في مدارس مسيحية بمدينة برشلونة، وبعد إنهاء دراستي اتجهت إلى العمل كعازفة موسيقية، حيث تجولت كثيراً مع العديد من الفرق الموسيقية في جميع دول أوروبا.

}اشرحي لنا متى وكيف بدأت رحلتك مع الدين الإسلامي؟

- بدأت رحلتي مع الدين الإسلامي خلال جائحة كورونا، وهي الفترة التي شهدت توقف الحياة بجميع أشكالها بجميع دول العام، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي المكان الوحيد الذي يهرب إليه الناس من العزلة المنزلية، وخلال هذه الفترة وأثناء مشاهدتي لتطبيق التوك توك، جذبني مقطع فيديو لإدى الـ«تيك توكرز» والتي تتحدث فيه عن الدين الإسلامي.

حديث هذه السيدة كان جذابا ومؤثرا بشكل كبير، وهو ما دفعني إلى البحث عن هذا الدين، حيث كان اهتمامي الكبير منصب على معرفة الله سبحانه، وما هو تصور الدين الإسلامي عن الله، وهي النقطة الجوهرية التي كانت سببا في اعتناقي الإسلام فيما بعد.

} تعيشين في إسبانيا والتي بنى فيها المسلمون حضارة عظيمة عرفت ببلاد الأندلس ولم يكن لديك خلفية عن الإسلام؟

- نعم.. أعرف أن هذه البلاد نشأت فيها حضارة إسلامية وكانت تسمى بالأندلس، ولكن بحكم نشأتي في أسرة إسبانية تدين بالمسيحية، ودراستي بمدارس ذات صبغة مسيحية، لم يكن هناك أي مجال يسمح بالتعرف على الدين الإسلامي عن قرب، بالإضافة للآلة الإعلامية في الدول الغربية، والتي تقدم فكرة مغايرة ومختلفة تماماً عن حقيقة هذا الدين.

هذا بخلاف البيئة التي نشأت بها والتي تختلف وبشكل كامل عن البيئة في الدول العربية والإسلامية، فالحياة في الدول الغربية لا يوجد بها أي مكان للأديان بشكل عام، والإسلام بشكل خاص، وهو الأمر الذي يجعل الشعوب تجهل تماما أهمية وجود الدين في حياة الإنسان، لذلك ترى الكثير هناك من الناس الذين لا يعتقدون بأي دين.

} هل كان للمسلمين في محيطك أي دور لتعريفك بالإسلام؟

- بعد أن تعرفت على الإسلام من منصات التواصل ومواقع الإنترنت، كنت في حاجة لإجراء نقاش مباشر مع أحد المسلمين، وهو الدور الذي قام به صديق مغربي يعيش في اسبانيا، حيث أجابني عن العديد من الأسئلة التي كانت تدور بعقلي.

في هذه الفترة أعجبت بالإسلام واحترمته بشكل كبير، خاصة بعد تصحيح الكثير من المعلومات المغلوطة عنه، ولكن لم أصل إلى فكرة اعتناق الإسلام والإيمان بمعتقداته.

} ما هي الجوانب التي نالت إعجابك من قيم الدين الإسلامي؟

- الإسلام هو منهج إلهي يدعو إلى كل القيم الإنسانية المتحضرة التي نتفاخر بها في الغرب، مثل السلام والتسامح وتقبل الآخر والإحسان للفقراء، كما أنه كمنهج إلهي لابد من وجود تكليفات يقوم بها الإنسان تجاه خالقه، وهي العبادات التي جذبتني وأثرت في شخصيتي بشكل كبير، بالإضافة إلى أنه الدين الذي احترم المرأة وعمل على صيانتها وقدم لها حريتها، هذه القيم السمحة دعا لها هذا الدين قبل نحو 1400 عام.

} ومتى بدأت فكرة اعتناق الإسلام تراودك؟

- قضيت نحو عام أدرس فيها جميع جوانب الدين الإسلامي، وفي العام 2021 كنت في رحلة لألمانيا، حيث قمت بتحميل تطبيق «مسلم برو» باللغة الاسبانية، كما راودتني هناك فكرة تجربة القيام ببعض العبادات، وذلك للتعرف على أثرها النفسي والروحاني، وهي الفترة التي تصادفت مع حلول شهر رمضان المبارك، حيث كان لدي شغف كبير لتجربة الصيام.

وبالفعل بدأت تجربة الصيام خلال هذه الفترة، والتي أصابتني بالإرهاق الشديد وبعض المضاعفات الجسدية المؤلمة، حيث توقفت عن الصوم بعد ثلاثة أيام من خوض التجربة، ولكنها كانت تجربة قاسية للغاية.

} هل كان لأسرتك علم ومعرفة بشغفك واطلاعك على الدين الإسلامي؟

- أسرتي لا تعرف شيئا عن هذا الجانب من حياتي، فوالدتي سيدة مسيحية متدينة ومحافظة، ووالدي لا يعتقد بأي دين وغير مهتم بهذا الجانب.

وكنت حريصة على التخفي أثناء أداء العبادات، حتى أني كنت أقوم بأداء الصلاة في «المرحاض» خوفاً من معرفة الأسرة، كما كنت أغطي رأسي بالمناشف، فخلال هذه الفترة كنت لا أعرف ضوابط وشروط الصلاة.

} قلت إنك تعلمت في مدارس مسيحية ووالدتك مسيحية متدينة.. ألم يؤثر هذا في اعتقادك الديني؟

- كنت دائماً أبحث عن دين أو فكر أو منهج يقدم رؤية تتشابه مع إيماني، وهذه الحقيقة وجدتها في الدين الإسلامي.

كما ان الأقدار هي التي ساقتني للتعرف على هذا الدين العظيم، وإنني أجهل تماماً الأسباب التي دفعتني للبحث عن الإسلام، لقد حدث ذلك عبر الصدفة، فمن خلال مقطع فيديو تغيرت حياتي ووجدت راحتي.

} هل روادتك شكوك في هذه الفترة عن الدين الإسلامي؟

- نعم، كان هناك صديق من أصول إفريقية يحاول كثيراً التشكيك في الدين الإسلامي، وما جعل حديثه يثير الشكوك والتشويش على أفكاري، أن هذا الشخص كان مسلما ثم تحول عن الدين الإسلامي، ولكن الله ثبت قلبي على دينه ومنحني الطمأنينة.

} متى انتقلت للحياة بدولة قطر؟ وما هو الدافع لذلك؟

- انتقلت للحياة في قطر أكتوبر الماضي 2023، بعد أن حصلت على فرصة عمل بأوركسترا قطر الفلهارمونية، وكنت قرأت عنها كثيراً كما قمت بزيارتها عدة مرات، ووجدتها دولة إسلامية محافظة ومحبة لدينها ولثقافتها العربية، بالإضافة للأخلاق العربية الأصيلة التي يتميز بها شعبها.

والدافع لذلك أن الحياة في البلاد الإسلامية سيساعدني على تثبيت الدين بقلبي، بخلاف أن الحياة وسط الشعوب الإسلامية سيكون له عظيم الأثر على صقل شخصيتي وعباداتي.

}أين ومتى أشهرت إسلامك؟

- كانت لحظة فارقة في حياتي حين أشهرت إسلامي في 19 مارس الماضي في مسجد المجادلة، والذي أسعدني أني أول مهتدية تقوم بإشهار إسلامها في هذا المسجد منذ افتتاحه فبراير الماضي، خاصة وأنه أول مسجد مخصص للنساء في قطر، كما أنه يقدم العديد من البرامج لدعم الجانب الديني عند المرأة المسلمة، وقد اخترت اسم أميرة لنفسي بعد الإسلام.

} أين تؤدين صلاتك؟ وهل وجدت قبولا من المجتمع الإسلامي؟

- أقوم بأداء جميع صلواتي في مسجد المجادلة أو المنارتين، خاصة صلاة التراويح والقيام، كما أحرص على أداء صلاة الصبح في وقتها، وأصوم شهر رمضان هذا العام بشكل كامل.

مجتمع السيدات المسلمات بدولة قطر احتضنني بحب كبير، لقد وجدت فرحة وسعادة غامرة في كل من حولي عند إشهاري للإسلام، وهو حب بدون أي مقابل سوى أن الله أنعم على فتاة بالهداية والإسلام.

} هل تحفظين شيئا من القرأن الكريم؟ وماذا تعرفين عن رسول الله محمد؟

أحفظ فاتحة الكتاب وسورة الإخلاص، وهما السورتان اللتان أصلي بهما الصلوات الخمس، وسأعمل الفترة المقبلة على حفظ الكثير من القرأن الكريم، فمسجد المجادلة يقدم دعما دينيا كبيرا للمسلمات الجدد.

وبالنسبة للرسول -صلى الله عليه وسلم- لم أعرف عنه الكثير، وسأحرص على قراءة سيرته وسنته الفترة المقبلة، وسبب تأخري في هذا الجانب انشغالي في التعرف على الله عن قرب، فالإيمان بوحدانية الله سبحانه وتنزهه عن الخلق، هو التصور الأقرب للمنطق والعقل.

} ما هي أحلامك للمستقبل؟ وكيف تخططين لحياتك؟

- أحلامي أن يثبت الله قدمي على طريق الهداية والدين، كما أتمنى أن يحظى والدي بهذه الفرصة العظيمة في التعرف على الإسلام واعتناقه، فوالدي رجل طيب وصالح، وأعتقد أنه يستحق أن ينعم بهذا الشعور الذي يأتي من الإيمان بالله.

وبالنسبة لحياتي.. أخطط للعمل بعيداً عن مجال الموسيقى، كما أتمنى أن أتزوج رجلا مسلما صالحا، وأن ينعم الله على حياتي بأن أكون أما وزوجة صالحة.أشهرت إسلامي

«19» مارس الماضي وأقوم بأداء الصلوات في المسجد

copy short url   نسخ
05/04/2024
15