المراهقة السياسية خطيرة جدا لأنها ترتبط بانعدام النضج وانعدام الخبرة وترتبط كذلك بالتصرفات الهوجاء وغير العقلانية التي قد تنجم عنها عواقب وخيمة. هذه الحالة تعتبر خطيرة إذا تعلق الأمر بسلوك الفرد قبل مرحلة البلوغ لأنها قد تنحدر به إلى سلوكيات وانحرافات لا يمكن ترميمها فيما بعد. فكيف بها إذن إذا تعلق الأمر بالمراهقة السياسية عندما تستحكم في سلوك دول وقيادات دول وهم يجلسون على ثروات هائلة تصرف على الانقلابات والاغتيالات والحصار والحرب والمؤامرات؟
لم يمكن لعاقل أن يتوقع ما حدث في المنطقة الخليجية خلال السنوات الأخيرة وتحديدا منذ ما يفوق السنة.. اليوم فقد تحول الخليج إلى ساحة مفتوحة للنزاعات والفتن وكثير من المؤامرات والدسائس. اليوم يكاد المشهد المشحون ينحصر في ما تحيكه الغرف المظلمة من خطط وجرائم لعل أكثرها بشاعة تلك التي ارتكبت في القنصلية السعودية بإسطنبول وراح ضحيتها الكاتب الشهير جمال خاشقجي. قبلها كان حصار قطر الفاشل وقبلها كان التآمر على ثورات الشعوب واحتلال اليمن وقتل الآلاف من المدنيين والأطفال.
لم يعرف الخليج العربي أزمة في الأداء السياسي كالأزمة التي يعرفها اليوم ولم تختبر هذه المنطقة عوامل التصدع الداخلي كتلك التي تختبرها اليوم وهي عوامل تهدد بفتح المنطقة كلها على مستقبل مجهول. هذا الوضع الكارثي إنما يعود في أصل نشأته إلى المراهقة السياسية التي تطبع الممارسة السياسية للسلطة داخليا وخارجيا في منطقة الخليج وفي جوارها الإقليمي المباشر. فالتصريحات العلنية وتضارب المواقف والتصريح بالموقف ثم بنقيضه والبحث عن انتصارات كاذبة هنا وهناك كلها مؤشرات على التخبط الكبير الذي تعاني منه المؤسسة السياسية الخليجية.
لكن من جهة أخرى تمثل الدول الخليجية الخزان الأساسي للثروة في المنطقة العربية كلها خاصة من الموارد النفطية والغازية التي لم ينجح أصحابها إلا نادرا في تحويلها إلى رافعة تنموية أو لصياغة قاعدة صناعية أو تكنولوجية علمية تُغني المنطقة عن النزيف الكبير في الواردات الصناعية والتكنولوجية. بل إنّ الأمرّ من ذلك هو أن هذه الثروة قد استعملت ضد ما يجب أن تستعمل له أي أنها كانت عامل دعم للفوضى بدل أن تكون عامل دعم للنهضة وللتنمية ولتقوية الاقتصاد واستنهاض طاقات المجتمع. أعظم من ذلك وأخطر هو أن تستعمل أكبر الدول الخليجية وأثراها كل طاقتها وثروتها ومواردها من أجل إفشال نموذج خليجي آخر ناجح مثلما رأينا ذلك في حصار قطر وحجم الأموال التي صرفت من قبل الإمارات والسعودية في سبيل تشويه صورة قطر عربيا ودوليا.بقلم: محمد هنيد
لم يمكن لعاقل أن يتوقع ما حدث في المنطقة الخليجية خلال السنوات الأخيرة وتحديدا منذ ما يفوق السنة.. اليوم فقد تحول الخليج إلى ساحة مفتوحة للنزاعات والفتن وكثير من المؤامرات والدسائس. اليوم يكاد المشهد المشحون ينحصر في ما تحيكه الغرف المظلمة من خطط وجرائم لعل أكثرها بشاعة تلك التي ارتكبت في القنصلية السعودية بإسطنبول وراح ضحيتها الكاتب الشهير جمال خاشقجي. قبلها كان حصار قطر الفاشل وقبلها كان التآمر على ثورات الشعوب واحتلال اليمن وقتل الآلاف من المدنيين والأطفال.
لم يعرف الخليج العربي أزمة في الأداء السياسي كالأزمة التي يعرفها اليوم ولم تختبر هذه المنطقة عوامل التصدع الداخلي كتلك التي تختبرها اليوم وهي عوامل تهدد بفتح المنطقة كلها على مستقبل مجهول. هذا الوضع الكارثي إنما يعود في أصل نشأته إلى المراهقة السياسية التي تطبع الممارسة السياسية للسلطة داخليا وخارجيا في منطقة الخليج وفي جوارها الإقليمي المباشر. فالتصريحات العلنية وتضارب المواقف والتصريح بالموقف ثم بنقيضه والبحث عن انتصارات كاذبة هنا وهناك كلها مؤشرات على التخبط الكبير الذي تعاني منه المؤسسة السياسية الخليجية.
لكن من جهة أخرى تمثل الدول الخليجية الخزان الأساسي للثروة في المنطقة العربية كلها خاصة من الموارد النفطية والغازية التي لم ينجح أصحابها إلا نادرا في تحويلها إلى رافعة تنموية أو لصياغة قاعدة صناعية أو تكنولوجية علمية تُغني المنطقة عن النزيف الكبير في الواردات الصناعية والتكنولوجية. بل إنّ الأمرّ من ذلك هو أن هذه الثروة قد استعملت ضد ما يجب أن تستعمل له أي أنها كانت عامل دعم للفوضى بدل أن تكون عامل دعم للنهضة وللتنمية ولتقوية الاقتصاد واستنهاض طاقات المجتمع. أعظم من ذلك وأخطر هو أن تستعمل أكبر الدول الخليجية وأثراها كل طاقتها وثروتها ومواردها من أجل إفشال نموذج خليجي آخر ناجح مثلما رأينا ذلك في حصار قطر وحجم الأموال التي صرفت من قبل الإمارات والسعودية في سبيل تشويه صورة قطر عربيا ودوليا.بقلم: محمد هنيد