اطلعت على الدراسة البحثية التي أصدرها مركز ابن خلدون للعلوم الإنسانية في جامعة قطر، والتي عُنونت بـ: تحولات المشهد الأمني الخليجي بعد الأزمة: مقاربة جيوسياسية، الدراسة موفقة وخاصة في بعض المحاور التي تناولتها، وبالذات شرح أبعاد التوجه الاستراتيجي العسكري الجديد، وهو أهم محور تناولته الدراسة في تقديري.
وهذا المسار لا يعني استباق حدثٍ عسكريٍ بالضرورة، ولكنه ردع سياسي، حققته معادلة اتفاقية الدفاع مع تركيا، التي فُعّلت فور التهديد المفاجئ بالاجتياح العسكري، وفي حلقة حوار دَعت لها المجموعة الاستراتيجية في إسطنبول أوائل الأزمة، حضره عدد من الباحثين الاستراتيجيين والمسؤولين الأتراك، وباحثين عرب.
طرحت تصوراً، عن دور الرسالة الاستراتيجية لتفعيل قرار تواجد القوات التركية، بموجب الاتفاق الدفاعي المشترك، وأن هذا التفعيل والمبادرة، عرقل نهائياً خطط العمل العسكري، لحسابات فصّلناها في كتاب «نكسة حزيران الخليجية»، وبالتالي استفادت أنقرة في حينها دولياً وإقليمياً، كما أن المنطقة سلمت من كارثة أي عمل عسكري، كان من الممكن أن يرتد على كل الخليج والدولة السعودية نفسها، لو استمرت تداعيات هذا الحدث. فسلمت المنطقة، عبر هذا التوازن الذي باشرت عبره واشنطن ذاتها، تعديل موقف الرئيس ترامب من الأزمة، وانهيار الموقف السياسي لدول المحور، الذي يغرق اليوم، بسبب ربطه جريمة اغتيال الشهيد جمال خاشقجي، بقضية صراعه مع قطر، والذي ينعكس عالمياً ضده.
الدراسة التي أعدها الباحث الأكاديمي أ.حمد بن علي المهندي، و د.نايف بن نهار رئيس المركز، وفريق دعم من مركز ابن خلدون، ركزت على أن الدوحة تباشر بمنهجية مطردة، استكمال خطة دفاع مرحلية تعرقل أي تهديد قادم، وبالطبع الدراسة تُشير إلى كارثية تحول التهديد الأمني إلى داخل المجلس الخليجي بدل خارجه، بعد قرار النكسة.
لكن المهم هنا أن الحرب أو المواجهة العسكرية، التي لا نتمناها أبداً، تشكل مثل هذه الصناعة الاستراتيجية الاستباقية رادعاً لها، بسبب حساب الاشتباكات المعقدة التي تفرضها، لصالح سلم المنطقة، أمام النوايا المجنونة التي قد تُحول إلى خطط عسكرية، اتضح أنها كانت تُتداول منذ 1996، وبوشر العزم عليها بقوة في 2017.
وبأمل أن يعود العقل إلى الجسم الخليجي، عبر تقدير الكليات الكبرى للأمن القومي، فهي لن تُحقق دون شراكة شعبية حقيقية تمثل المواطنين، ومجتمع مدني فعّال، يحتاج له كل وطن خليجي، يسير بعقد دستوري جامع، كما أشارت له الدراسة.
الدراسة اعتذرت في المقدمة، عن عدم تغطية بعض الملفات والتي بعضها مهم، ولسنا بصدد التذكير بها، ولكنها اعتنت بتصنيف التوتر مع السعودية، خارج العداء الأيدلوجي التاريخي، وهذا صحيح، وإن كان الأمر مشتبكاً للغاية اليوم، في ظل الحكم السعودي الجديد، فضلا عن تحرير موقف الدولة القومي لمستقبل قطر، مع حركة الإخوان المسلمين، أو الأبعاد المذهبية المتوترة اليوم.
والتي تحتاج له الدوحة عبر منظور سياسي حذر، يتمسك بدعم العدالة وبالمشتركات الإسلامية الكبرى، وحق التعبد والبلاغ لكل طيفها الوطني، بما في ذلك السلفية الاجتماعية التي تمثل القاعدة الشعبية الأكبر في قطر، وتشجيع الفكر الإسلامي على استعادة العقل النهضوي، واعتماد الدوحة للمنهج القيمي الحضاري الإسلامي العابر للصراعات المذهبية، الذي بدا أن وزارة الثقافة في قطر باشرت اهتماماً لافتاً به.
بقي أن نشير هنا، بعد الإشادة بالدراسة، أن أؤكد الحاجة إلى إنشاء مركز دراسات قطري، عبر فريقه المنتخب، من أكاديمي وباحثي قطر، لوضع تصورات الاستراتيجية الفكرية، ذات العلاقة المباشرة بديموغرافية المنطقة والأمن الكلّي.
فالفكر اليوم لمواطني قطر، ولشركائهم في الخليج العربي، يحتاج بالضرورة لوضعه في مسار الاستراتيجيات الأمنية والسياسية، ومؤكد أن قطر، في ظل هذا النجاح والتضامن الشعبي الكبير، يعنيها تحرير هذا المسار، عبر فريق قطري لا ينقطع ولا يستغني، عن المراكز الثلاثة القائمة بل يستفيد منها، ويتكامل معها، ومع النخبة المميزة من الأشقاء العرب.بقلم: مهنا الحبيل
وهذا المسار لا يعني استباق حدثٍ عسكريٍ بالضرورة، ولكنه ردع سياسي، حققته معادلة اتفاقية الدفاع مع تركيا، التي فُعّلت فور التهديد المفاجئ بالاجتياح العسكري، وفي حلقة حوار دَعت لها المجموعة الاستراتيجية في إسطنبول أوائل الأزمة، حضره عدد من الباحثين الاستراتيجيين والمسؤولين الأتراك، وباحثين عرب.
طرحت تصوراً، عن دور الرسالة الاستراتيجية لتفعيل قرار تواجد القوات التركية، بموجب الاتفاق الدفاعي المشترك، وأن هذا التفعيل والمبادرة، عرقل نهائياً خطط العمل العسكري، لحسابات فصّلناها في كتاب «نكسة حزيران الخليجية»، وبالتالي استفادت أنقرة في حينها دولياً وإقليمياً، كما أن المنطقة سلمت من كارثة أي عمل عسكري، كان من الممكن أن يرتد على كل الخليج والدولة السعودية نفسها، لو استمرت تداعيات هذا الحدث. فسلمت المنطقة، عبر هذا التوازن الذي باشرت عبره واشنطن ذاتها، تعديل موقف الرئيس ترامب من الأزمة، وانهيار الموقف السياسي لدول المحور، الذي يغرق اليوم، بسبب ربطه جريمة اغتيال الشهيد جمال خاشقجي، بقضية صراعه مع قطر، والذي ينعكس عالمياً ضده.
الدراسة التي أعدها الباحث الأكاديمي أ.حمد بن علي المهندي، و د.نايف بن نهار رئيس المركز، وفريق دعم من مركز ابن خلدون، ركزت على أن الدوحة تباشر بمنهجية مطردة، استكمال خطة دفاع مرحلية تعرقل أي تهديد قادم، وبالطبع الدراسة تُشير إلى كارثية تحول التهديد الأمني إلى داخل المجلس الخليجي بدل خارجه، بعد قرار النكسة.
لكن المهم هنا أن الحرب أو المواجهة العسكرية، التي لا نتمناها أبداً، تشكل مثل هذه الصناعة الاستراتيجية الاستباقية رادعاً لها، بسبب حساب الاشتباكات المعقدة التي تفرضها، لصالح سلم المنطقة، أمام النوايا المجنونة التي قد تُحول إلى خطط عسكرية، اتضح أنها كانت تُتداول منذ 1996، وبوشر العزم عليها بقوة في 2017.
وبأمل أن يعود العقل إلى الجسم الخليجي، عبر تقدير الكليات الكبرى للأمن القومي، فهي لن تُحقق دون شراكة شعبية حقيقية تمثل المواطنين، ومجتمع مدني فعّال، يحتاج له كل وطن خليجي، يسير بعقد دستوري جامع، كما أشارت له الدراسة.
الدراسة اعتذرت في المقدمة، عن عدم تغطية بعض الملفات والتي بعضها مهم، ولسنا بصدد التذكير بها، ولكنها اعتنت بتصنيف التوتر مع السعودية، خارج العداء الأيدلوجي التاريخي، وهذا صحيح، وإن كان الأمر مشتبكاً للغاية اليوم، في ظل الحكم السعودي الجديد، فضلا عن تحرير موقف الدولة القومي لمستقبل قطر، مع حركة الإخوان المسلمين، أو الأبعاد المذهبية المتوترة اليوم.
والتي تحتاج له الدوحة عبر منظور سياسي حذر، يتمسك بدعم العدالة وبالمشتركات الإسلامية الكبرى، وحق التعبد والبلاغ لكل طيفها الوطني، بما في ذلك السلفية الاجتماعية التي تمثل القاعدة الشعبية الأكبر في قطر، وتشجيع الفكر الإسلامي على استعادة العقل النهضوي، واعتماد الدوحة للمنهج القيمي الحضاري الإسلامي العابر للصراعات المذهبية، الذي بدا أن وزارة الثقافة في قطر باشرت اهتماماً لافتاً به.
بقي أن نشير هنا، بعد الإشادة بالدراسة، أن أؤكد الحاجة إلى إنشاء مركز دراسات قطري، عبر فريقه المنتخب، من أكاديمي وباحثي قطر، لوضع تصورات الاستراتيجية الفكرية، ذات العلاقة المباشرة بديموغرافية المنطقة والأمن الكلّي.
فالفكر اليوم لمواطني قطر، ولشركائهم في الخليج العربي، يحتاج بالضرورة لوضعه في مسار الاستراتيجيات الأمنية والسياسية، ومؤكد أن قطر، في ظل هذا النجاح والتضامن الشعبي الكبير، يعنيها تحرير هذا المسار، عبر فريق قطري لا ينقطع ولا يستغني، عن المراكز الثلاثة القائمة بل يستفيد منها، ويتكامل معها، ومع النخبة المميزة من الأشقاء العرب.بقلم: مهنا الحبيل