+ A
A -

بداية.. لست مفتيا، وهذه ليست فتوى ملزمة لأحد، إنها مجرد وجهة نظر، أنا أحمل قلما لا سوطا! ولكني لا أستغرب ظاهرة أن يفتي في النوازل عوام المسلمين، لأن أهل الفتوى قد تركوا الساحة شاغرة، فقد شغلهم دم الحيض ودم النفاس عن دماء أطفال غزة! وانتفخت أوداجهم وهم يخوضون معركة زكاة الفطر، فريق يقول لفريق: تخرج طعاما أيها المبتدعة! فيرد الفريق الآخر: خذوا روح النص ومصلحة الفقير أيها المتحجرون! وأهل غزة قد بدت عظام صدورهم من الجوع لم تطلهم الفتاوى، ولم يأخذوا شيئا من معاركهم! طبعا لا يوجد في ديننا تفصيل تافه، ديننا عظيم كله، ولكن يوجد أناس تافهون ليس لديهم فقه الأولويات، أو أنهم لا يفتون إلا في المجالات التي يسمح لهم أن يفتوا فيها! ورحم الله العز بن عبد السّلام حين قال: من نزل بأرض تفشى فيها الزنى فحدث النّاس عن الربا فقد خان الله ورسوله!

على أية حال، ومهما يكن من أمر، غزة ما زالت تذبح، ورمضان على بعد خطوات من الرحيل، فالحمد لله الذي بلغنا إياه، وأسأله برحمته أن يجعلنا جميعا من العتقاء، وما من رمضان إلا ويعقبه عيد، والعيد من شعائر الله سبحانه، وتعظيم شعائر الله تعالى من تقوى القلوب! ولكن هذه الشعائر، برأيي، تنقسم إلى قسمين: ما لا يترك بأي حال إذا قدر على القيام به، كصلاة العيد يقوم بها أهل غزة القادرون عليها كغيرهم من بلاد المسلمين الآمنة، جعل الله تعالى كل بلادنا آمنة.

وهناك طقوس مندوبة، هي في الأصل داخلة في تعظيم شعائر الله، كاللباس الجديد، وتقديم الحلوى، والتزاور، وإظهار الفرحة، والمسلم مأجور حين يقوم بها!

ولكن هذا المندوب، برأيي، يجب أن يترك لأجل ما يحدث في غزة، وإلا فكيف يستقيم حديث النبي صلى الله عليه وسلم أننا كالجسد الواحد إذا أصيب منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر؟!

فأي تداع هذا في أن نزين مجالسنا وإخواننا في الخيام قد هدمت بيوتهم!

وأي تداع هذا في أن نلبس أطفالنا ثيابا جديدة وننشر صورهم وإخواننا لا يجدون لأولادهم اللقمة!

وأي تداع هذا في أن نقدم الحلوى ضيافة وإخواننا تسفك دماؤهم!

أعيد وأكرر، لست أحرم ولا أحلل، وإنما أجد أنه من قلة المروءة إن كان من المقرر أن أقيم عرسا وحدث في بيت جاري مأتم أن أمضي في عرسي، فأرقص وأفرح على مرأى منه وهو يندب فقد أحبابه!

بالنسبة لي أنا لست بخير لأن غزة ليست كذلك!

أخجل أن أمد يدي لقطعة حلوى، أو أقدمها لأحد!

طقوسي هذا العيد ستقتصر على الصلاة فقط، وضيافتي في منزلي القهوة السادة فقط، تقبل الله طاعاتكم جميعا، ومنَّ على غزة بنصر وفرج قريب!

copy short url   نسخ
08/04/2024
480