+ A
A -
في مطعم الفندق الفخيم في انتاليا دخلت ثلاث فتيات يرتدين البكيني.. كانت لي النظرة الأولى ثم أغلقت عيني إلى أن رأيت أم محمد بوقارها في عباءة تغطي الرأس حتى أخمص القدمين.. وقلت الحمد لله على الإسلام.. فقال لي مرافقي.. الحمد لله على الإيمان.. قلت أنت أعرابي فقل الحمد لله على الإسلام.. كما أمر الله سبحانه وتعالي في سورة الحجرات «قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ? قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَ?كِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ? وَإِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ? إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (14) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ? أُولَ?ئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ»
نعم الصادقون..
ولكن هل صدق إيمان كل من جاؤوا بعد محمد صلوات الله وسلامه عليه.. وهل من قتل عمر بن الخطاب مؤمن وهل من قتل عثمان بن عفان مؤمن ومن قتل علي بن أبي طالب مؤمن ومن قتل الحسن والحسين مؤمن.. ومن قتل بني أمية وطاردهم مؤمن.. والقتل الذي يرتكبه أناس يصلون في المساجد ثم يخرجون إلى الشوارع ليمارسوا القتل في بغداد والفلوجة وفي دمشق وفي حماة وحل والرقة والزبداني هل هؤلاء مؤمنون حقا وهل صدق إيمانهم..
لقد بات جائزا بين المسلمين قتل المسلم لأخيه المسلم.. ولو أنهم وصلوا إلى درجة الإيمان لما أقدم مؤمن على قتل مؤمن، لكن في هذا الإيمان شك..
جاءت سورة الحجرات.. وذكرى ميلاد عبدالرحمن الداخل حلت أمس.. وهو الأموي الوحيد الذي نجا من بني العباس وفر من دمشق إلى الفرات إلى إفريقيا إلى المغرب إلى إسبانيا ليقيم الدولة الأموية الثانية.. والقتل يتبعه القتل وشلال الدم مستمر إلى اليوم ولا أحد يلتفت إلى شريعتنا وعقيدتنا التي حرمت دم المؤمن ودم المسلم.. فهل نعمل كمسلمين بقول سبحانه وتعالى بأن نقاتل الطائفة التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر..
فإن مِن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله: قتل مسلم بغير حق، وقد قال تعالى: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً».
وعن أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ، إِلَّا مَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، أَوْ مُؤْمِنٌ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا).
وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبَي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَوْ أَنَّ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لَأَكَبَّهُمْ اللَّهُ فِي النَّارِ).
وعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَنْ يَزَالَ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِنْ دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَاماً).
أليس هناك من يتعظ..
بقلم : سمير البرغوثي