غانم المفتاح..
اسم أشهر من نارٍ على علم، فتىً استبق شبابه مبكراً، فكان الحديث عنه في كل رواق أهل الخليج العربي، ثم انتقل إلى العرب ثم العالم، كانت البصمة واضحة والإرادة فوق الوصف، فكان غانم من سادة الأصحاء في زمن الإعاقة العربي، ورائداً للنهضة الفردية التي تقود المجتمع، في ذروة مأزقنا العربي الأخلاقي قبل السياسي.
لكن القصة اليوم ليست عن غانم، بل عن المؤسسة التربوية التي رعته منذ أن كان جنيناً في أحشائها، عن كلمة والده التاريخية وتشجيعه لقرار الأم الشجاعة، (نحن قدما غانم إن لم تُكتب له أقدام)، فكانت المفارقة الكبرى، أن الوطن العربي الكئيب بفشله، شكل له غانم قدماً قوية لعله ينهض من إعاقته الفكرية.
في حفل تي دي اكس الأخير الذي أقيم في الدوحة، خرج غانم بمشهدٍ جديد، بروح قوية أخرى، بعطاء مختلف، بثقة يتقاطر منها الإيمان، كان رائداً.. بل كان فيلسوفا، نعم أنا جاد كل الجدية كان غانم يملك فلسفته المختلفة، يخطب بكل حيوية في هذا العالم، لا ليستعطفهم لقصة ابتلائه، وإن بقيَ لها لحن حزينٌ في الأعماق استودعه عند الله، سمعته بصوته ووجدانه.
وهو يُغني لأمه بلحن عراقي، يعرفه كل ساحل الخليج، بعد خروجه من إحدى العمليات الجراحية الصعبة، وما أكثرها، ولله المحمدة الكبرى يرددها غانم في كل حين، أي أن غانم أيها السادة، له حَزن وله ألم ولكنه تجاوزه، لأجل انتصار رحلة الإنسان، والخلاص من إعاقة الأذهان، فحوّل هذا الابتلاء إلى كرامة ربانية، سُجلت باسمه واسم بلده في الضمير العالمي.
كان غانم مولهاً متبتلا خاشعاً، أمام حق الأمومة المقدس، لكنها أمومة اسطورية، وإن ظلت الأم كل أم، على مدى التاريخ هي رمز العطاء فالرحمة تولد تحت ظل المرأة، أدهشني غانم بان قلبه الذي يُمطر لوالديه، ويطوف حول أمّه، يصيغ إعلان التحدي أمام المرض أمام الإعاقة في لحن كِفاحي، نعم أيها السادة إنه الكفاح، كيف استقبلت أم غانم صرخة غانم في الدنيا، كيف حوّلت كل إطار إعاقة وصعوبة واجهتها من المجتمع، ثم من المدرسة من ذهنية الأعراف، إلى سكة مُعبدة لغانم، كلا ليست لغانم وحسب، ولكن لقصة العالم والمعاقين الأصحاء، نعم إنهم الأصحاء.
في فلسفة غانم بعد جوهري ملائكي، إنه قصة هذه المرأة المؤمنة بالله المحتجبة بردائها، المتزينة بمفاهيم إسلامها، المُعبأة وجداناً وروحاً، بأسرار النفس المطمئنة بالله، الراضية في هداه، المستمطرة من فضله، رغم كل الصعوبات المعقدة، وقد يقول قائل إن غانم ولد في بيئة متاح لها، أن تجد فرصا مادية أفضل، وأن هناك من لا يجد ذلك هذا صحيح.
غير أن القصة التي تلاها غانم عن والدته، تحدثكم بنبأ عظيم، فلم يكن هناك جمهور لغانم ولا منصات، حين وُلد وحين اختط على ذراعيه رحلة الاقدام الناجحة، منذ عتبة المنزل الأولى، كانت هيَ ووالده فقط، أذابوا صعوبات الحياة، والأكثر تحديا وتعقيداً هو صعوبة اقناع المجتمع، بأن يفسح الطريق للمعاقين الأصحاء، لكي يرشدوه، ويذكرّوه بهدى الله للبشرية، أخلاقكم يا أيها الناس، وإرادتكم هي المدخل لبركتكم، فانفضوا غبار الكسل، والإعاقة من أذهانكم.
مهدت والدة غانم للمجتمع الذي عَبَر من خلاله غانم، خطوات التعليم، فنجحت في تحويل ثقافته، كشركاء تقبلّوا تجربة غانم، من إدارة المدرسة إلى مجتمع أولياء الأمور، وظلت أماً وسكرتيرة وراعية وحضناً قلبيا لا حدود له، يقول للعالم، إنني بإيماني اللدني خضت هذه التجربة، دمعي كان سكة طريقٍ سعى فيها قرة عيني، ليكون شريكاً في دعوة التقدم لوعي العالم، للرعاية بكل أفراده ليفسح الطريق لهم.
ولتشجيعهم للتخلص من ذهنية الإعاقة، التي تحاصرنا ليس مع القوي بالله غانم، ولكن مع كل شبابنا وبناتنا، وثقافتنا التي تنزف عربياً، فتَحتَ أزمة أخلاقه لم تفقه اسلامها فشوهته ببعض الوعاظ، ولم تعرف معنى التكامل التقدمي بين الروح والجسد، ففرّت من الإيمان، وفاتها نعيمه القلبي ووحيه الوجداني، الذي يحملنا باسم الله إلى نجاح الحياة، وحياة النجاح الأزلية، المجد لكِ يا أم غانم والمجد لأبي غانم، والمجد لك يا حبيبي غانم أستاذاً، في كرسي الفلسفة الإسلامية للنهضة الإنسانية، باسم قطر وباسم رسالة الحق الخالدة.بقلم: مهنا الحبيل
اسم أشهر من نارٍ على علم، فتىً استبق شبابه مبكراً، فكان الحديث عنه في كل رواق أهل الخليج العربي، ثم انتقل إلى العرب ثم العالم، كانت البصمة واضحة والإرادة فوق الوصف، فكان غانم من سادة الأصحاء في زمن الإعاقة العربي، ورائداً للنهضة الفردية التي تقود المجتمع، في ذروة مأزقنا العربي الأخلاقي قبل السياسي.
لكن القصة اليوم ليست عن غانم، بل عن المؤسسة التربوية التي رعته منذ أن كان جنيناً في أحشائها، عن كلمة والده التاريخية وتشجيعه لقرار الأم الشجاعة، (نحن قدما غانم إن لم تُكتب له أقدام)، فكانت المفارقة الكبرى، أن الوطن العربي الكئيب بفشله، شكل له غانم قدماً قوية لعله ينهض من إعاقته الفكرية.
في حفل تي دي اكس الأخير الذي أقيم في الدوحة، خرج غانم بمشهدٍ جديد، بروح قوية أخرى، بعطاء مختلف، بثقة يتقاطر منها الإيمان، كان رائداً.. بل كان فيلسوفا، نعم أنا جاد كل الجدية كان غانم يملك فلسفته المختلفة، يخطب بكل حيوية في هذا العالم، لا ليستعطفهم لقصة ابتلائه، وإن بقيَ لها لحن حزينٌ في الأعماق استودعه عند الله، سمعته بصوته ووجدانه.
وهو يُغني لأمه بلحن عراقي، يعرفه كل ساحل الخليج، بعد خروجه من إحدى العمليات الجراحية الصعبة، وما أكثرها، ولله المحمدة الكبرى يرددها غانم في كل حين، أي أن غانم أيها السادة، له حَزن وله ألم ولكنه تجاوزه، لأجل انتصار رحلة الإنسان، والخلاص من إعاقة الأذهان، فحوّل هذا الابتلاء إلى كرامة ربانية، سُجلت باسمه واسم بلده في الضمير العالمي.
كان غانم مولهاً متبتلا خاشعاً، أمام حق الأمومة المقدس، لكنها أمومة اسطورية، وإن ظلت الأم كل أم، على مدى التاريخ هي رمز العطاء فالرحمة تولد تحت ظل المرأة، أدهشني غانم بان قلبه الذي يُمطر لوالديه، ويطوف حول أمّه، يصيغ إعلان التحدي أمام المرض أمام الإعاقة في لحن كِفاحي، نعم أيها السادة إنه الكفاح، كيف استقبلت أم غانم صرخة غانم في الدنيا، كيف حوّلت كل إطار إعاقة وصعوبة واجهتها من المجتمع، ثم من المدرسة من ذهنية الأعراف، إلى سكة مُعبدة لغانم، كلا ليست لغانم وحسب، ولكن لقصة العالم والمعاقين الأصحاء، نعم إنهم الأصحاء.
في فلسفة غانم بعد جوهري ملائكي، إنه قصة هذه المرأة المؤمنة بالله المحتجبة بردائها، المتزينة بمفاهيم إسلامها، المُعبأة وجداناً وروحاً، بأسرار النفس المطمئنة بالله، الراضية في هداه، المستمطرة من فضله، رغم كل الصعوبات المعقدة، وقد يقول قائل إن غانم ولد في بيئة متاح لها، أن تجد فرصا مادية أفضل، وأن هناك من لا يجد ذلك هذا صحيح.
غير أن القصة التي تلاها غانم عن والدته، تحدثكم بنبأ عظيم، فلم يكن هناك جمهور لغانم ولا منصات، حين وُلد وحين اختط على ذراعيه رحلة الاقدام الناجحة، منذ عتبة المنزل الأولى، كانت هيَ ووالده فقط، أذابوا صعوبات الحياة، والأكثر تحديا وتعقيداً هو صعوبة اقناع المجتمع، بأن يفسح الطريق للمعاقين الأصحاء، لكي يرشدوه، ويذكرّوه بهدى الله للبشرية، أخلاقكم يا أيها الناس، وإرادتكم هي المدخل لبركتكم، فانفضوا غبار الكسل، والإعاقة من أذهانكم.
مهدت والدة غانم للمجتمع الذي عَبَر من خلاله غانم، خطوات التعليم، فنجحت في تحويل ثقافته، كشركاء تقبلّوا تجربة غانم، من إدارة المدرسة إلى مجتمع أولياء الأمور، وظلت أماً وسكرتيرة وراعية وحضناً قلبيا لا حدود له، يقول للعالم، إنني بإيماني اللدني خضت هذه التجربة، دمعي كان سكة طريقٍ سعى فيها قرة عيني، ليكون شريكاً في دعوة التقدم لوعي العالم، للرعاية بكل أفراده ليفسح الطريق لهم.
ولتشجيعهم للتخلص من ذهنية الإعاقة، التي تحاصرنا ليس مع القوي بالله غانم، ولكن مع كل شبابنا وبناتنا، وثقافتنا التي تنزف عربياً، فتَحتَ أزمة أخلاقه لم تفقه اسلامها فشوهته ببعض الوعاظ، ولم تعرف معنى التكامل التقدمي بين الروح والجسد، ففرّت من الإيمان، وفاتها نعيمه القلبي ووحيه الوجداني، الذي يحملنا باسم الله إلى نجاح الحياة، وحياة النجاح الأزلية، المجد لكِ يا أم غانم والمجد لأبي غانم، والمجد لك يا حبيبي غانم أستاذاً، في كرسي الفلسفة الإسلامية للنهضة الإنسانية، باسم قطر وباسم رسالة الحق الخالدة.بقلم: مهنا الحبيل