+ A
A -
إن مصطلح الحياد في الموقف، الذي كان يُقرن بسياسة الكويت وعُمان عند مطلع الأزمة، لم يكن توصيفاً دقيقاً لحقيقة ذلك الموقف، غير أن المصادر الإعلامية والتصريحات الدبلوماسية، كانت تستخدم هذا المصطلح، لأسباب تجنب الحساسية والحملات العدائية المباشرة، التي كانت تنطلق من دول المحور الخليجي، في أول الأزمة ولا تزال بعض رياحها قائمة.
ولذلك حرصت الدولتان، على توسيع استخدام هذا المصطلح، لتجنب تدهور العلاقات في فورة الاشتباك، والسماح لجهود الدولتين في الانتقال إلى موقع الوساطة، الذي باشرته الكويت مبكراً، ودعمتها عمان، خاصةً في قمة الرياض الأخيرة، حين اعتبر فهد بن محمود، رئيس الوفد العماني، إلى قمة الرياض، أن كلمة أمير الكويت هي كلمة تمثل عمان.
وهي القمة التي بدأت فيها، رسائل الرد غير المباشر على الخطاب المتطرف لدول المحور، والذي لا يزال اليوم قائماً في أبو ظبي، من خلال الصورة المجنونة، التي مورست في كأس آسيا مؤخراً، مع أي رمز أو حضور إنساني لدولة قطر أو مجتمعها.
الأمر الآخر الذي دفع الدولتين لترك مصطلح الحياد، هو الاستقطاب في داخل شارعها الوطني، بين التعاطف مع قطر وموقف دول المحور، والذي تأثر بالطبع بالتوظيف الضخم، الذي ضغطت عبره دول المحور، لجذب الشارع في الكويت وفي عمان لصالحها، وقد فشلت بالجملة، وكان تأثيرها في عمان محدوداً، أما الكويت فكان هناك دفع لانقسام اجتماعي حاد، تركت له الدولة مساحة، وتم احتواؤه بصورة تدريجية، وإن بقي الاستقطاب في بعض المؤسسات والشخصيات.
غير أن الموقف العملي من الدولتين كان واضحاً، أنه يرفض الحصار، بل يرفض القرار ذاته، وتشجيع التضامن الشعبي مع مظلمة قطر، كان برضا وارتياح الحكم في عُمان وفي الكويت، وهو ما أطلق حملة عنيفة ضدهما من دول المحور، ركزت عليها الرياض وأبوظبي، ثم بدأت الرياح تتغيّر وشعرت العاصمتان، أن استعداء الكويت وعُمان، يُعزز فشل مشروع حصار قطر وإسقاطها سياسياً، بعد فشل مشروع الاجتياح.
أما اليوم فالرسالة اختلفت، وبدت العاصمتان أكثر صراحةً، وشفافيةً، كما أن موقف الرياض قد تغيّر نسبياً، وحرصت على احترام وساطة الشيخ صباح، والتحرك العماني، الذي أخرج اللواء الزياني مرافقاً، في زيارة الوزير العماني يوسف بن علوي بن عبد الله للدوحة، كموقف اعتذاري لشراكة الزياني في استهداف قطر، عبر صمته رغم موقعه كأمين عام لمجلس التعاون، عن محاولة إسقاط أحد أعضائه والتخطيط لاجتياحه.
وفي ظل تطور هذا الموقف، والتنسيق في الوساطة، بعث الشيخ صباح برسالة للعاهل السعودي، بعد استقبال حافل للشيخ تميم أمير دولة قطر، والذي جاء ضمن تكريس العلاقة الحميمية المتزايدة بين الدوحة والكويت، ويُلاحظ هنا أن غلواء التوتر، التي اجتاحت أبو ظبي من الغضب المُحبَط لنجاحات قطر، والذي ظهر بصورة جلية في توتره من الفوز الرياضي، افترق بعض الشيء عن الموقف السعودي.
نعم هناك سفاهات مستمرة من مغردي تويتر، وبعض التغطيات الصحفية، لكن الرياض حالياً، باتت أكثر حذراً من خسارة الكويت، أو التورط في ملفات قانونية، بعد قضية الشهيد جمال خاشقجي، وملفات التصعيد المضطربة مع قطر، والتي ممكن أن تُصعّد دولياً في أي وقت، وبالذات إعلان العزم على الاجتياح القبلي، وتبنيه من مواقع ذات صفة رسمية.
ولسنا هنا نرجح انفراج من عدمه، لكننا نشير إلى بقاء الوساطة الكويتية، ودخول التجربة العمانية المخضرمة ذات الثقة الدولية معها، في تنسيق قوي وتفاعل يتزايد اليوم، وهو مؤشر بأن طول النفس العماني المعتاد، والمتابعة الكويتية، ستنتهي إلى محطة تغيير في سياق تاريخ الأزمة.
فهل هذا المؤشر السعودي، هو دلالي لشيء من التصحيح، لدى ولي العهد السعودي في السياسة الخارجية، خاصة مع قطر التي تلاعبت بملفه فيها أبو ظبي وورطته، أم أن الأمر مجرد تهدئة لجولة تيه أخرى، كما هو ملف الاعتقال المتوحش ضد المجتمع السعودي.بقلم: مهنا الحبيل
ولذلك حرصت الدولتان، على توسيع استخدام هذا المصطلح، لتجنب تدهور العلاقات في فورة الاشتباك، والسماح لجهود الدولتين في الانتقال إلى موقع الوساطة، الذي باشرته الكويت مبكراً، ودعمتها عمان، خاصةً في قمة الرياض الأخيرة، حين اعتبر فهد بن محمود، رئيس الوفد العماني، إلى قمة الرياض، أن كلمة أمير الكويت هي كلمة تمثل عمان.
وهي القمة التي بدأت فيها، رسائل الرد غير المباشر على الخطاب المتطرف لدول المحور، والذي لا يزال اليوم قائماً في أبو ظبي، من خلال الصورة المجنونة، التي مورست في كأس آسيا مؤخراً، مع أي رمز أو حضور إنساني لدولة قطر أو مجتمعها.
الأمر الآخر الذي دفع الدولتين لترك مصطلح الحياد، هو الاستقطاب في داخل شارعها الوطني، بين التعاطف مع قطر وموقف دول المحور، والذي تأثر بالطبع بالتوظيف الضخم، الذي ضغطت عبره دول المحور، لجذب الشارع في الكويت وفي عمان لصالحها، وقد فشلت بالجملة، وكان تأثيرها في عمان محدوداً، أما الكويت فكان هناك دفع لانقسام اجتماعي حاد، تركت له الدولة مساحة، وتم احتواؤه بصورة تدريجية، وإن بقي الاستقطاب في بعض المؤسسات والشخصيات.
غير أن الموقف العملي من الدولتين كان واضحاً، أنه يرفض الحصار، بل يرفض القرار ذاته، وتشجيع التضامن الشعبي مع مظلمة قطر، كان برضا وارتياح الحكم في عُمان وفي الكويت، وهو ما أطلق حملة عنيفة ضدهما من دول المحور، ركزت عليها الرياض وأبوظبي، ثم بدأت الرياح تتغيّر وشعرت العاصمتان، أن استعداء الكويت وعُمان، يُعزز فشل مشروع حصار قطر وإسقاطها سياسياً، بعد فشل مشروع الاجتياح.
أما اليوم فالرسالة اختلفت، وبدت العاصمتان أكثر صراحةً، وشفافيةً، كما أن موقف الرياض قد تغيّر نسبياً، وحرصت على احترام وساطة الشيخ صباح، والتحرك العماني، الذي أخرج اللواء الزياني مرافقاً، في زيارة الوزير العماني يوسف بن علوي بن عبد الله للدوحة، كموقف اعتذاري لشراكة الزياني في استهداف قطر، عبر صمته رغم موقعه كأمين عام لمجلس التعاون، عن محاولة إسقاط أحد أعضائه والتخطيط لاجتياحه.
وفي ظل تطور هذا الموقف، والتنسيق في الوساطة، بعث الشيخ صباح برسالة للعاهل السعودي، بعد استقبال حافل للشيخ تميم أمير دولة قطر، والذي جاء ضمن تكريس العلاقة الحميمية المتزايدة بين الدوحة والكويت، ويُلاحظ هنا أن غلواء التوتر، التي اجتاحت أبو ظبي من الغضب المُحبَط لنجاحات قطر، والذي ظهر بصورة جلية في توتره من الفوز الرياضي، افترق بعض الشيء عن الموقف السعودي.
نعم هناك سفاهات مستمرة من مغردي تويتر، وبعض التغطيات الصحفية، لكن الرياض حالياً، باتت أكثر حذراً من خسارة الكويت، أو التورط في ملفات قانونية، بعد قضية الشهيد جمال خاشقجي، وملفات التصعيد المضطربة مع قطر، والتي ممكن أن تُصعّد دولياً في أي وقت، وبالذات إعلان العزم على الاجتياح القبلي، وتبنيه من مواقع ذات صفة رسمية.
ولسنا هنا نرجح انفراج من عدمه، لكننا نشير إلى بقاء الوساطة الكويتية، ودخول التجربة العمانية المخضرمة ذات الثقة الدولية معها، في تنسيق قوي وتفاعل يتزايد اليوم، وهو مؤشر بأن طول النفس العماني المعتاد، والمتابعة الكويتية، ستنتهي إلى محطة تغيير في سياق تاريخ الأزمة.
فهل هذا المؤشر السعودي، هو دلالي لشيء من التصحيح، لدى ولي العهد السعودي في السياسة الخارجية، خاصة مع قطر التي تلاعبت بملفه فيها أبو ظبي وورطته، أم أن الأمر مجرد تهدئة لجولة تيه أخرى، كما هو ملف الاعتقال المتوحش ضد المجتمع السعودي.بقلم: مهنا الحبيل